الرسم العثمانيقَالَ اخْسَـُٔوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ
الـرسـم الإمـلائـيقَالَ اخۡسَـُٔـوۡا فِيۡهَا وَلَا تُكَلِّمُوۡنِ
تفسير ميسر:
قال الله عز وجل لهم; امكثوا في النار أذلاء ولا تخاطبوني. فانقطع عند ذلك دعاؤهم ورجاؤهم.
هذا جواب من الله تعالى للكفار إذا سألوا الخروج من النار والرجعة إلى هذه الدار. يقول " اخسئوا فيها " أي امكثوا فيها صاغرين مهانين أذلاء " ولا تكلمون " أي لا تعودوا إلى سؤالكم هذا فإنه لا جواب لكم عندي. قال العوفي عن ابن عباس; " اخسئوا فيها ولا تكلمون " قال هذا قول الرحمن حين انقطع كلامهم منه. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا عبدة بن سليمان المروزي حدثنا عبدالله بن المبارك عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أبي أيوب عن عبدالله بن عمرو قال; إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ثم يرد عليهم إنكم ماكثون قال هانت دعوتهم والله على مالك ورب مالك ثم يدعون ربهم فيقولون " ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " قال فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين ثم يرد عليهم " اخسئوا فيها ولا تكلمون " قال فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة واحدة وما هو إلا الزفير والشهيق في نار جهنم قال فتشبهت أصواتهم بأصوات الحمير أولها زفير وآخرها شهيق وقال ابن أبي حاتم أيضا حدثنا أحمد بن سنان حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا سفيان عن سلمة بن كهيل حدثنا أبو الزعراء قال; قال عبدالله بن مسعود إذا أراد الله تعالى أن لا يخرج منهم أحدا يعني من جهنم غير وجوههم وألوانهم فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيقول يا رب فيقول الله من عرف أحدا فليخرجه فيجيء الرجل من المؤمنين فينظر فلا يعرف أحدا فيناديه الرجل يا فلان أنا فلان فيقول ما أعرفك قال فعند ذلك يقولون " ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون " فعند ذلك يقول الله تعالى " اخسئوا فيها ولا تكلمون " فإذا قال ذلك أطبقت عليهم النار فلا يخرج منهم أحد ثم قال تعالى مذكرا لهم بذنوبهم في الدنيا وما كانوا يستهزئون بعباده المؤمنين وأوليائه.
اخسئوا فيها ولا تكلمون أي ابعدوا في جهنم ؛ كما يقال للكلب ; اخسأ ؛ أي ابعد . خسأت الكلب خسئا طردته . وخسأ الكلب بنفسه خسوءا ، [ ص; 142 ] يتعدى ولا يتعدى . وانخسأ الكلب أيضا . وذكر ابن المبارك قال ; حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة يذكره عن أبي أيوب ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال ; إن أهل جهنم يدعون مالكا فلا يجيبهم أربعين عاما ، ثم يرد عليهم ; إنكم ماكثون . قال ; هانت والله دعوتهم على مالك ورب مالك . قال ; ثم يدعون ربهم فيقولون ; ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين . ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون . قال ; فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين . قال ; ثم يرد عليهم اخسئوا فيها قال ; فوالله ما نبس القوم بعدها بكلمة ، وما هو إلا الزفير والشهيق من نار جهنم فشبه أصواتهم بصوت الحمير ، أولها زفير وآخرها شهيق . خرجه الترمذي مرفوعا بمعناه من حديث أبي الدرداء . وقال قتادة ; صوت الكفار في النار كصوت الحمار ، أوله زفير وآخره شهيق . وقال ابن عباس ; يصير لهم نباح كنباح الكلاب . وقال محمد بن كعب القرظي ; بلغني أو ذكر لي أن أهل النار استغاثوا بالخزنة . . . الخبر بطوله ، ذكره ابن المبارك ، وقد ذكرناه بكماله في التذكرة ، وفي آخره ; ثم مكث عنهم ما شاء الله ، ثم ناداهم ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون قال ; فلما سمعوا صوته قالوا الآن يرحمنا ربنا فقالوا عند ذلك ربنا غلبت علينا شقوتنا أي الكتاب الذي كتب علينا وكنا قوما ضالين ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون فقال عند ذلك اخسئوا فيها ولا تكلمون فانقطع عند ذلك الدعاء والرجاء ، وأقبل بعضهم على بعض ينبح بعضهم في وجوه بعض ، وأطبقت عليهم .
وقوله; ( قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا ) يقول تعالى ذكره; قال الربّ لهم جلّ ثناؤه مجيبا( اخْسَئُوا فِيهَا ) أي; اقعدوا في النار، يقال منه; خَسَأتْ فلانا أخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءا، وخَسيء هو يخسَأ، وما كان خاسئا، ولقد خَسِيء، ( ولا تُكَلِّمُونِ ) فعند ذلك أيس المساكين من الفرج، ولقد كانوا طامعين فيه.كما حدثنا محمد بن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن بن مَهْديّ، قال; ثنا سفيان، عن سَلمة بن كُهَيل، قال; ثني أبو الزعراء، عن عبد الله، في قصة ذكرها في الشفاعة، قال; فإذا أراد الله ألا يُخْرج منها، يعني من النارأحدا، غير وجوههم وألوانهم، فيجيء الرجل من المؤمنين فيشفع فيهم، فيقول; يا ربّ، فيقول; من عرف أحدا فليخرجه؛ قال; فيجيء الرجل فينظر فلا يعرف أحدا، فيقول; يا فلان يا فلان، فيقول; ما أعرفك. فعند ذلك يقولون; ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) فَيَقُولُ ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) فإذا قالوا ذلك؛ انطبقت عليهم جهنم فلا يخرج منها بشر.حدثنا تميم بن المنتصر، قال; أخبرنا إسحاق، عن شريك، عن الأعمش، عن عمرو بن مُرّة، عن شَهر بن حَوْشب، عن معدي كرب، عن أبي الدَّرْداء، قال; يرسل أو يصبّ على أهل النار الجوع، فيعدل ما هم فيه من العذاب، فيستغيثون، فيغاثون بالضريع، الذي لا يسمن ولا يغني من جوع، فلا يغني ذلك عنهم شيئا فيستغيثون، فيغاثون بطعام ذي غُصّة، فإذا أكلوه نَشِب في حلوقهم، فيذكرون أنهم كانوا في الدنيا يحدرون الغصة بالماء، فيستغيثون، فيرفع إليهم الحميم في كلاليب الحديد، فإذا انتهى إلى وجوههم شوى وجوههم، فإذا شربوه قطع أمعاءهم، قال; فينادون مالكا; لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ ، قال; فيتركهم ألف سنة، ثم يجيبهم; إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ ، قال; فينادون خزنة جهنم; ( ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ * قَالُوا أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا بَلَى قَالُوا فَادْعُوا وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلالٍ ، قال; فيقولون ما نجد أحدا خيرا لنا من ربنا ) ، فينادون ربهم ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) قال; فيقول الله; ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال; فعند ذلك يئسوا من كل خير، فيدعون بالويل والشَّهيق والثُّبور.حدثني محمد بن عُمارة الأسديّ، قال; ثنا عاصم بن يوسف اليربوعي، قال; ثنا قُطْبة بن عبد العزيز الأسديّ، عن الأعمش، عن شمر بن عطية، عن شهر بن حوشب، عن أمّ الدرداء، عن أبي الدرداء، قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " يُلْقَى على أهْلِ النَّارِ الجُوع... " ثم ذكر نحوًا منه.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يعقوب القمي، عن هارون بن عنترة، عن عمرو بن مرّة، قال; يرى أهل النار في كل سبعين عاما ساق مالك، خازن النار، فيقولون; يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ فيجيبهم بكلمة، ثم لا يرونه سبعين عاما فيستغيثون بالخَزَنة، فيقولون لهم; ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْمًا مِنَ الْعَذَابِ فيجيبونهم أَوَ لَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ... الآية. فيقولون; ادعوا ربكم، فليس أحد أرحم من ربكم، فيقولون; ( رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ ) قال; فيجيبهم،; ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) فعند ذلك ييأسُون من كلّ خير، ويأخذون في الشهيق والوَيْل والثُّبور.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال; بلغني أنهم ينادُون مالكا فيقولون; لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ فيسكت عنهم قدر أربعين سنة، ثم يقول; إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ قال; ثم ينادون ربهم، فيسكت عنهم قدر الدنيا مرتين، ثم يقول; ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال; فييأس القوم فلا يتكلمون بعدها كلمة، وكان إنما هو الزفير والشهيق، قال قتادة; صوت الكافر في النار مثل صوت الحمار، أوّله زفير، وآخره شهيق.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة، مثله.حدثنا الحسن، قال; ثنا عبد الله بن عيسى، قال; أخبرني زياد الخراسانيّ، قال; أسنده إلى بعض أهل العلم، فنسيته، في قوله; ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) قال; فيسكتون، قال; فلا يسمع فيها حس إلا كطنين الطَّسْت.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( اخْسَئُوا فِيهَا وَلا تُكَلِّمُونِ ) هذا قول الرحمن عزّ وجلّ، حين انقطع كلامهم منه.
فقال الله جوابا لسؤالهم: { اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ } وهذا القول - نسأله تعالى العافية- أعظم قول على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييب، والتوبيخ، والذل، والخسار، والتأييس من كل خير، والبشرى بكل شر، وهذا الكلام والغضب من الرب الرحيم، أشد عليهم وأبلغ في نكايتهم من عذاب الجحيم
(فيها) متعلّق بـ (اخسؤوا) ،
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة، و (النون) في(تكلّمون) هي نون الوقاية، وحذفت
(ياء) المتكلّم، المفعول به، لفاصلة الآية.
جملة: «قال ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اخسؤوا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «لا تكلّمون ... » في محلّ نصب معطوفة على مقول القول.
109- الضمير في(إنّه) هو ضمير الشأن اسم إنّ
(من عبادي) متعلّق بنعت لـ (فريق) ،
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(لنا) متعلّق بـ (اغفر) ،
(الواو) اعتراضيّة- أو حاليّة-.وجملة: «إنّه كان ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «كان فريق ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يقولون ... » في محلّ نصب خبر كان.
وجملة: «ربّنا آمنّا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «آمنّا ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «اغفر ... » في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي: إن تقبل إيماننا فاغفر لنا .
وجملة: «ارحمنا ... » في محلّ جزم معطوفة على جملة اغفر.
وجملة: «أنت خير ... » لا محلّ لها اعتراضيّة .
110-
(الفاء) عاطفة، و (الواو) في(اتخذتموهم) زائدة إشباع حركة الميم..
و (هم) مفعول به أوّلـ (سخريّا) مفعول به ثان منصوبـ (حتّى) حرف غاية وجرّ
(ذكري) مفعول به ثان منصوب عامله أنسوكم، وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على ما قبل الياء.. و (الياء) مضاف إليه.
والمصدر المؤوّلـ (أن أنسوكم ... ) في محلّ جرّ بـ (حتّى) متعلّق بـ (اتّخذتموهم) .
(الواو) عاطفة
(منهم) متعلّق بـ (تضحكون) .
وجملة: «اتّخذتموهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة يقولون.
وجملة: «أنسوكم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «كنتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أنسوكم.
وجملة: «تضحكون» في محلّ نصب خبر كنتم.111-
(اليوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بـ (جزيتهم) ،
(ما) حرف مصدريّ.
والمصدر المؤوّلـ (ما صبروا ... ) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (جزيتهم) ، و (الباء) سببيّة.
(هم) ضمير مستعار لمحلّ النصب توكيد للضمير اسم أنّ وجملة: «إنّي جزيتهم ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «جزيتهم ... » في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: «صبروا» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّهم هم الفائزون) في محلّ نصب مفعول به ثان عامله جزيتهم .
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :١٠٨
Al-Mu'minun23:108