الرسم العثمانيمِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
الـرسـم الإمـلائـيمِنَ الۡجِنَّةِ وَالنَّاسِ
تفسير ميسر:
وقوله تعالى "من الجنة والناس" هل هو تفصيل لقوله "الذي يوسوس في صدور الناس" من شياطين الإنس والجن كما قال تعالى "وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا". وكما قال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا المسعودي حدثنا أبو عمرو الدمشقي حدثنا عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال "يا أبا ذر هل صليت؟" قلت لا قال "قم فصل" قال فقمت فصليت ثم جلست فقال "يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الإنس والجن" قال; فقلت يا رسول الله وللإنس شياطين؟ قال "نعم" قال; فقلت يا رسول الله الصلاة؟ قال "خير موضوع من شاء أقل ومن شاء أكثر" قلت يا رسول الله فالصوم؟ قال "فرض مجزئ وعند الله مزيد" قلت يا رسول الله فالصدقة؟ قال "أضعاف مضاعفة" قلت يا رسول الله فأيها أفضل؟ قال "جهد من مقل أو سر إلى فقير" قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أول؟ قال "آدم" قلت يا رسول الله ونبيا كان؟ قال "نعم نبي مكلم" قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال "ثلثمائة وبضعة عشر جما غفيرا" وقال مرة "خمسة عشر" قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم قال "آية الكرسي "الله لا إله إلا هو الحي القيوم" ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد أخرج هذا الحديث مطولا جدا أبو حاتم بن حبان في صحيحه بطريق آخر ولفظ آخر مطول جدا فالله اعلم. وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبدالله الهمداني عن عبدالله بن شداد عن ابن عباس قال; جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لأحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال; فقال النبي صلى الله عليه وسلم "الله أكبر الله أكبر الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة" ورواه أبو داود والنسائي من حديث منصور زاد النسائي والأعمش كلاهما عن ذر به آخر التفسير. ولله الحمد والمنة والحمد لله رب العالمين.
قوله تعالى ; من الجنة والناس أخبر أن الموسوس قد يكون من الناس . قال الحسن ; هما شيطانان ؛ أما شيطان الجن فيوسوس في صدور الناس ، وأما شيطان الإنس فيأتي علانية . وقال قتادة ; إن من الجن [ ص; 236 ] شياطين ، وإن من الإنس شياطين ؛ فتعوذ بالله من شياطين الإنس والجن .وروي عن أبي ذر أنه قال لرجل ; هل تعوذت بالله من شياطين الإنس ؟ فقال ; أومن الإنس شياطين ؟ قال ; نعم ؛ لقوله تعالى ; وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن . . . الآية . وذهب قوم إلى أن الناس هنا يراد به الجن . سموا ناسا كما سموا رجلا في قوله ; وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن - وقوما ونفرا . فعلى هذا يكون ( والناس ) عطفا على الجنة ، ويكون التكرير لاختلاف اللفظين . وذكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدث ; جاء قوم من الجن فوقفوا . فقيل ; من أنتم ؟ فقالوا ; ناس من الجن . وهو معنى قول الفراء . وقيل ; الوسواس هو الشيطان . وقوله ; من الجنة بيان أنه من الجن والناس معطوف على الوسواس . والمعنى ; قل أعوذ برب الناس من شر الوسواس ، الذي هو من الجنة ، ومن شر الناس . فعلى هذا أمر بأن يستعيذ من شر الإنس والجن . والجنة ; جمع جني ؛ كما يقال ; إنس وإنسي . والهاء لتأنيث الجماعة . وقيل ; إن إبليس يوسوس في صدور الجن ، كما يوسوس في صدور الناس . فعلى هذا يكون في صدور الناس عاما في الجميع . و من الجنة والناس بيان لما يوسوس في صدره . وقيل ; معنى من شر الوسواس أي الوسوسة التي تكون من الجنة والناس ، وهو حديث النفس . وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; إن الله - عز وجل - تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم به . رواه أبو هريرة ، أخرجه مسلم . فالله تعالى أعلم بالمراد من ذلك
وقوله; ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) يعني بذلك; الشيطان الوسواس، الذي يوسوس في صدور الناس; جنهم وإنسهم.فإن قال قائل; فالجنّ ناس، فيقال; الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس. قيل; قد سماهم الله في هذا الموضع ناسا، كما سماهم في موضع آخر رجالا فقال; وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فجعل الجنّ رجالا وكذلك جعل منهم ناسا.وقد ذُكر عن بعض العرب أنه قال وهو يحدّث، إذ جاء قوم من الجنّ فوقفوا، فقيل; من أنتم؟ فقالوا; ناس من الجنّ، فجعل منهم ناسا، فكذلك ما في التنـزيل من ذلك..
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه.فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها.وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال: { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } . والحمد لله رب العالمين أولًا وآخرًا، وظاهرًا وباطنًا.ونسأله تعالى أن يتم نعمته، وأن يعفو عنا ذنوبًا لنا حالت بيننا وبين كثير من بركاته، وخطايا وشهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.ونرجوه ونأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده بشر ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولا يقنط من رحمته إلا القوم الضالون.وصلى الله وسلم على رسوله محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، صلاة وسلامًا دائمين متواصلين أبد الأوقات، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.تم تفسير كتاب الله بعونه وحسن توفيقه، على يد جامعه وكاتبه، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله المعروف بابن سعدي، غفر الله له ولوالديه وجميع المسلمين، وذلك في غرة ربيع الأول من سنة أربع وأربعين وثلثمائة وألف من هجرة محمدً صلى الله عليه وسلم تم بحمد الله لاتنسونا من دعوه بظهر الغيب
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الناس١١٤ :٦
An-Nas114:6