الرسم العثمانيوَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُم بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِى الْأَمْوٰلِ وَالْأَوْلٰدِ وَعِدْهُمْ ۚ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطٰنُ إِلَّا غُرُورًا
الـرسـم الإمـلائـيوَاسۡتَفۡزِزۡ مَنِ اسۡتَطَعۡتَ مِنۡهُمۡ بِصَوۡتِكَ وَاَجۡلِبۡ عَلَيۡهِمۡ بِخَيۡلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكۡهُمۡ فِى الۡاَمۡوَالِ وَالۡاَوۡلَادِ وَعِدۡهُمۡ ؕ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيۡطٰنُ اِلَّا غُرُوۡرًا
تفسير ميسر:
واستَخْفِف كل مَن تستطيع استخفافه منهم بدعوتك إياه إلى معصيتي، واجمع عليهم كل ما تقدر عليه مِن جنودك من كل راكب وراجل، واجعل لنفسك شِرْكة في أموالهم بأن يكسبوها من الحرام، وشِرْكة في الأولاد بتزيين الزنى والمعاصي، ومخالفة أوامر الله حتى يكثر الفجور والفساد، وعِدْ أتباعك مِن ذرية آدم الوعود الكاذبة، فكل وعود الشيطان باطلة وغرور.
وقوله تعالى "واستفزز من استطعت منهم بصوتك" قيل هو الغناء قال مجاهد باللهو والغناء أي استخفهم بذلك وقال ابن عباس في قوله "واستفزز من استطعت منهم بصوتك" قال كل داع دعا إلى معصية الله عز وجل وقال قتادة واختاره ابن جرير وقوله تعالى "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" يقول واحمل عليهم بجنودك خيالتهم ورجلتهم فإن الرجل جمع راجل كما أن الركب جمع راكب وصحب جمع صاحب ومعناه تسلط عليهم بكل ما تقدر عليه وهذا أمر قدري كقوله تعالى "ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزا" أي تزعجهم إلى المعاصي إزعاجا وتسوقهم إليها سوقا وقال ابن عباس ومجاهد في قوله "وأجلب عليهم بخيلك ورجلك" قال كل راكب وماش في معصية الله وقال قتادة; إن له خيلا ورجالا من الجن والإنس وهم الذين يطيعونه تقول العرب أجلب فلان على فلان إذا صاح عليه ومنه نهى في المسابقة عن الجلب والجنب ومنه اشتقاق الجلبة وهي ارتفاع الأصوات وقوله تعالى "وشاركهم في الأموال والأولاد" قال ابن عباس ومجاهد; هو ما أمرهم به من إنفاق الأموال في معاصي الله تعالى وقال عطاء; هو الربا وقال الحسن; هو جمعها من خبيث وإنفاقها في حرام وكذا قال قتادة وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنهما أما مشاركته إياهم في أموالهم فهو ما حرموه من أنعامهم يعني من البحائر والسوائب ونحوها وكذا قال الضحاك وقتادة وقال ابن جرير والأولى أن يقال إن الآية تعم ذلك كله وقوله "والأولاد" قال العوفي عن ابن عباس ومجاهد والضحاك يعني أولاد الزنا وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس هو ما كانوا قتلوه من أولادهم سفها بغير علم وقال قتادة عن الحسن البصري; قد والله شاركهم في الأموال والأولاد مجسوا وهودوا ونصروا وصبغوا غير صبغة الإسلام وجزءوا من أمواله جزءا للشيطان وكذا قال قتادة سواء وقال أبو صالح عن ابن عباس هو تسميتهم أولادهم عبدالحارث وعبد شمس وعبد فلان. قال ابن جرير وأولى الأقوال بالصواب أن يقال كل مولود ولدته أنثى عصى الله فيه بتسميته بما يكرهه الله أو بإدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله أو بالزنا بأمه أو بقتله أو وأده أو غير ذلك من الأمور التي يعصي الله بفعله به أو فيه فقد دخل في مشاركة إبليس فيه من ولد ذلك الولد له أو منه لأن الله لم يخصص بقوله "وشاركهم في الأموال والأولاد" معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى فكل ما عصي الله فيه أو به أو أطيع الشيطان فيه أو به فهو مشاركة وهذا الذي قاله متجه وكل من السلف رحمهم الله فسر بعض المشاركة فقد ثبت في صحيح مسلم عن عياض بن حماد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يقول الله عز وجل إني خلقت عبادي حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم" وفي الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لو أن أحدهم إذا أراد أن يأتي أهله قال بسم الله اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا فإنه إن يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره الشيطان أبدا" وقوله تعالى "وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا" كما أخبر تعالى عن إبليس أنه يقول إذا حصحص الحق يوم يقضى بالحق "إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم" الآية.
قوله تعالى ; واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورافيه ست مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; واستفزز أي استزل واستخف . وأصله القطع ، ومنه تفزز الثوب إذا انقطع . والمعنى استزله بقطعك إياه عن الحق . واستفزه الخوف أي استخفه . وقعد مستوفزا أي غير مطمئن . واستفزز أمر تعجيز ، أي أنت لا تقدر على إضلال أحد ، وليس لك على أحد سلطان فافعل ما شئت .الثانية ; بصوتك وصوته كل داع يدعو إلى معصية الله - تعالى - ; عن ابن عباس . مجاهد ; الغناء والمزامير واللهو . الضحاك ; صوت المزمار . وكان آدم - عليه السلام - أسكن أولاد هابيل أعلى الجبل ، وولد قابيل أسفله ، وفيهم بنات حسان ، فزمر اللعين فلم يتمالكوا أن انحدروا فزنوا ذكره الغزنوي . وقيل ; بصوتك بوسوستك .الثالثة ; قوله تعالى ; وأجلب عليهم بخيلك ورجلك أصل الإجلاب السوق بجلبة من السائق ; يقال ; أجلب إجلابا . والجلب والجلبة ; الأصوات ; تقول منه ; جلبوا بالتشديد . وجلب الشيء يجلبه ويجلبه جلبا وجلبا . وجلبت الشيء إلى نفسي واجتلبته بمعنى . وأجلب على العدو إجلابا ; أي جمع عليهم . فالمعنى أجمع عليهم كل ما تقدر عليه من مكايدك وقال أكثر المفسرين ; يريد كل راكب وماش في معصية الله - تعالى - . وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة ; إن له خيلا ورجلا من الجن والإنس . فما كان من راكب وماش يقاتل في معصية الله فهو من خيل إبليس ورجالته . وروى سعيد بن جبير ومجاهد عن ابن عباس قال ; كل خيل سارت في معصية الله ، وكل رجل مشت في معصية الله ، وكل مال أصيب من حرام ، وكل ولد بغية فهو للشيطان . والرجل جمع راجل ; مثل صحب وصاحب . وقرأ حفص ورجلك بكسر الجيم وهما لغتان ; يقال ; رجل ورجل بمعنى راجل . وقرأ عكرمة وقتادة " ورجالك " على الجمع .الرابعة ; وشاركهم في الأموال والأولاد أي اجعل لنفسك شركة في ذلك . فشركته في الأموال إنفاقها في معصية الله ; قاله الحسن . وقيل ; هي التي أصابوها من غير حلها ; قاله [ ص; 260 ] مجاهد . ابن عباس ; ما كانوا يحرمونه من البحيرة والسائبة والوصيلة والحام . وقاله قتادة . الضحاك ; ما كانوا يذبحونه لآلهتهم . والأولاد قيل ; هم أولاد الزنا ، قاله مجاهد والضحاك وعبد الله بن عباس . وعنه أيضا هو ما قتلوا من أولادهم وأتوا فيهم من الجرائم . وعنه أيضا ; هو تسميتهم عبد الحارث وعبد العزى وعبد اللات وعبد الشمس ونحوه . وقيل ; هو صبغة أولادهم في الكفر حتى هودوهم ونصروهم ، كصنع النصارى بأولادهم بالغمس في الماء الذي لهم ; قال قتادة . وقول خامس - روي عن مجاهد قال ; إذا جامع الرجل ولم يسم انطوى الجان على إحليله فجامع معه ، فذلك قوله - تعالى - ; لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان وسيأتي . وروى من حديث عائشة قالت قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; إن فيكم مغربين قلت ; يا رسول الله ، وما المغربون ؟ قال ; الذين يشترك فيهم الجن . رواه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول . قال الهروي ; سموا مغربين لأنه دخل فيهم عرق غريب . قال الترمذي الحكيم ; فللجن مساماة بابن آدم في الأمور والاختلاط ; فمنهم من يتزوج فيهم ، وكانت بلقيس ملكة سبأ أحد أبويها من الجن . وسيأتي بيانه إن شاء الله - تعالى - .الخامسة ; قوله تعالى ; وعدهم أي منهم الأماني الكاذبة ، وأنه لا قيامة ولا حساب ، وأنه إن كان حساب وجنة ونار فأنتم أولى بالجنة من غيركم . يقويه قوله - تعالى - ; يعدهم ويمنيهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا أي باطلا . وقيل وعدهم أي عدهم النصرة على من أرادهم بسوء . وهذا الأمر للشيطان تهدد ووعيد له . وقيل ; استخفاف به وبمن اتبعه .السادسة ; في الآية ما يدل على تحريم المزامير والغناء واللهو ; لقوله ; واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم على قول مجاهد . وما كان من صوت الشيطان أو فعله وما يستحسنه فواجب التنزه عنه . وروى نافع عن ابن عمر أنه سمع صوت زمارة فوضع أصبعيه في أذنيه ، وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول ; يا نافع ! أتسمع ؟ فأقول نعم ; فمضى حتى قلت له لا ، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال ; رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا . قال علماؤنا ; إذا كان هذا فعلهم في حق صوت لا يخرج عن الاعتدال ، فكيف بغناء أهل هذا الزمان وزمرهم . وسيأتي لهذا مزيد بيان في سورة [ لقمان ] إن شاء الله - تعالى - .
يعني تعالى ذكره بقوله (وَاسْتَفْزِزْ) واستخفف واستجهل، من قولهم; استفزّ فلانا كذا وكذا فهو يستفزّه ( مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ).اختلف أهل التأويل في الصوت الذي عناه جلّ ثناؤه بقوله ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) فقال بعضهم; عنى به; صوت الغناء واللعب.* ذكر من قال ذلك;حدثنا أبو كريب، قال; ثنا ابن إدريس، عن ليث، عن مجاهد، في قوله ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) قال; باللهو والغناء.حدثني أبو السائب، قال; ثنا ابن إدريس، قال; سمعت ليثا يذكر، عن مجاهد، في قوله; ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) قال; اللعب واللهو.وقال آخرون; عنى به ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ ) بدعائك إياه إلى طاعتك ومعصية الله.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) قال; صوته كلّ داع دعا إلى معصية الله.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ) قال; بدعائك.وأولى الأقوال في ذلك بالصحة أن يقال; إن الله تبارك وتعالى قال لإبليس; واستفزز من ذرّية آدم من استطعت أن تستفزّه بصوتك، ولم يخصص من ذلك صوتا دون صوت، فكل صوت كان دعاء إليه وإلى عمله وطاعته، وخلافا للدعاء إلى طاعة الله، فهو داخل في معنى صوته الذي قال الله تبارك وتعالى اسمه له ( وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ ).وقوله ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) يقول; وأجمع عليهم من ركبان جندك ومشاتهم من يجلب عليها بالدعاء إلى طاعتك، والصرف عن طاعتي، يقال منه; أجلب فلان على فلان إجلابا; إذا صاح عليه. والجَلَبة; الصوت، وربما قيل; ما هذا الجَلَب، كما يقال; الغَلَب، والشَّفَقَة والشَّفَق.وبنحو الذي قلنا في ذلك، قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني سلم بن جنادة، قال; ثنا ابن إدريس، قال; سمعت ليثا يذكر عن مجاهد، في قوله ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قال; كلّ راكب وماش في معاصي الله تعالى.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قال; إن له خيلا ورجلا من الجن والإنس، وهم الذين يطيعونه.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قال الرجال; المشاة.حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قال; خيله; كل راكب في معصية الله؛ ورجله; كل راجل في معصية الله.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله ( وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ ) قال; ما كان من راكب يقاتل في معصية الله فهو من خيل إبليس، وما كان من راجل في معصية الله فهو من رجال إبليس، والرجْل; جمع راجل، كما التجْر; جمع تاجر، والصَّحْب; جمع صاحب.وأما قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ ) في الأموال والأولاد فإن أهل التأويل اختلفوا في المشاركة التي عنيت بقوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ ) فقال بعضهم; هو أمره إياهم بإنفاق أموالهم في غير طاعة الله واكتسابهموها من غير حلها.* ذكر من قال ذلك;حدثني أبو السائب، قال; ثنا ابن إدريس، قال; سمعت ليثا يذكر عن مجاهد ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ ) التي أصابوها من غير حلها.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ ) قال; ما أكل من مال بغير طاعة الله.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد، مثله.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا عيسى بن يونس، عن طلحة بن عمرو، عن عطاء بن أبي رَباح، قال; الشرك في أموال الربا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن، في قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ ) قال; قد والله شاركهم في أموالهم، وأعطاهم الله أموالا فأنفقوها في طاعة الشيطان في غير حقّ الله تبارك اسمه، وهو قول قتادة.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد، عن معمر، قال; قال الحسن ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ ) مرهم أن يكسبوها من خبيث، وينفقوها في حرام.حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَولادِ ) قال; كل مال في معصيه الله.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; مشاركته إياهم في الأموال والأولاد، ما زَيَّن لهم فيها من معاصي الله حتى ركبوها.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ ) كلّ ما أنفقوا في غير حقه.وقال آخرون; بل عُنِي بذلك كلّ ما كان من تحريم المشركين ما كانوا يحرّمون من الأنعام كالبحائر والسوائب ونحو ذلك.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمى، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، في قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; الأموال; ما كانوا يحرِّمون من أنعامهم.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثنا عيسى، عن عمران بن سليمان. عن أبي صالح، عن ابن عباس، قال; مشاركته في الأموال أن جعلوا البحيرة والسائبة والوصيلة لغير الله.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ ) فإنه قد فعل ذلك، أما في الأموال، فأمرهم أن يجعلوا بحيرة وسائبة ووصيلة وحاما.قال أبو جعفر; الصواب; حاميا.وقال آخرون; بل عُنِي به ما كان المشركون يذبحونه لآلهتهم.* ذكر من قال ذلك; حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ، قال; ثنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول; ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) يعني ما كانوا يذبحون لآلهتهم.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال; عُنِي بذلك كلّ مال عصى الله فيه بإنفاق في حرام أو اكتساب من حرام، أو ذبح للآلهة، أو تسييب، أو بحر للشيطان، وغير ذلك مما كان معصيا به أو فيه، وذلك أن الله قال ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ ) فكلّ ما أطيع الشيطان فيه من مال وعصى الله فيه، فقد شارك فاعل ذلك فيه إبليس، فلا وجه لخصوص بعض ذلك دون بعض.وقوله (والأوْلاد) اختلف أهل التأويل في صفة شركته بني آدم في أولادهم، فقال بعضهم; شركته إياهم فيهم بزناهم بأمهاتهم.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثنى أبي، قال; ثني عمى، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; أولاد الزنا.حدثني أبو السائب، قال; ثنا ابن إدريس، قال; سمعت ليثا يذكر عن مجاهد ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; أولاد الزنا.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحرث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; أولاد الزنا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال ; ثني حجاج، عن ابن جريج، عن مجاهد قال; أولاد الزنا.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ قال; ثنا عبيد بن سليمان، قال; سمعت الضحاك يقول ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; أولاد الزنا، يعني بذلك أهل الشرك.حدثنا ابن حميد، قال ; ثنا جرير، عن منصور، عن مجاهد، في قوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; الأولاد; أولاد الزنا.وقال آخرون; عنى بذلك; وأْدُهم أولادَهم وقتلهموهم.* ذكر من قال ذلك;حدثني علي، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; ما قتلوا من أولادهم، وأتوا فيهم الحرام.وقال آخرون; بل عنى بذلك; صبغهم إياهم في الكفر.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، عن الحسن ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; قد والله شاركهم في أموالهم وأولادهم، فمجسوا وهوّدوا ونصروا وصبغوا غير صبغة الإسلام وجزءوا من أموالهم جزءا للشيطان.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا محمد بن ثور، عن معمر، عن قتادة ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; قد فعل ذلك، أما في الأولاد فانهم هوّدوهم ونصَّروهم ومجّسوهم.وقال آخرون; بل عنى بذلك تسميتهم أولادهم عبد الحرث وعبد شمس.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني عيسى بن يونس، عن عمران بن سليمان، عن أبي صالح عن ابن عباس ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) قال; مشاركته إياهم في الأولاد، سموا عبد الحرث وعبد شمس وعبد فلان.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب أن يقال; كل ولد ولدته أنثى عصى الله بتسميته ما يكرهه الله، أو بإدخاله في غير الدين الذي ارتضاه الله، أو بالزنا بأمه، أو قتله ووأده، أو غير ذلك من الأمور التي يخصص بقوله ( وَشَارِكْهُمْ فِي الأمْوَالِ وَالأولادِ ) معنى الشركة فيه بمعنى دون معنى، فكلّ ما عصى الله فيه أو به، وأطيع به الشيطان أو فيه، فهو مشاركة من عصى الله فيه أو به إبليس فيه.وقوله ( وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا ) يقول تعالى ذكره لإبليس; وعد أتباعك من ذرّية آدم، النصرة على من أرادهم بسوء، يقول الله ( وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلا غُرُورًا ) لأنه لا يغني عنهم من عقاب الله إذا نـزل بهم شيئا، فهم من عداته في باطل وخديعة، كما قال لهم عدو الله حين حصحص الحق إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ .
ثم أمره الله أن يفعل كل ما يقدر عليه من إضلالهم فقال: { وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ } ويدخل في هذا كل داع إلى المعصية. { وَأَجْلِبْ عَلَيْهِمْ بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ } ويدخل فيه كل راكب وماش في معصية الله فهو من خيل الشيطان ورجله. والمقصود أن الله ابتلى العباد بهذا العدو المبين الداعي لهم إلى معصية الله بأقواله وأفعاله. { وَشَارِكْهُمْ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَولَادِ } وذلك شامل لكل معصية تعلقت بأموالهم وأولادهم من منع الزكاة والكفارات والحقوق الواجبة، وعدم تأديب الأولاد وتربيتهم على الخير وترك الشر وأخذ الأموال بغير حقها أو وضعها بغير حقها أو استعمال المكاسب الردية. بل ذكر كثير من المفسرين أنه يدخل في مشاركة الشيطان في الأموال والأولاد ترك التسمية عند الطعام والشراب والجماع، وأنه إذا لم يسم الله في ذلك شارك فيه الشيطان كما ورد فيه الحديث.{ وَعِدْهُمْ } الوعود المزخرفة التي لا حقيقة لها ولهذا قال: { وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا } أي: باطلا مضمحلا كأن يزين لهم المعاصي والعقائد الفاسدة ويعدهم عليها الأجر لأنهم يظنون أنهم على الحق، وقال تعالى: { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَاللَّهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلًا
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٦٤
Al-Isra'17:64