الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لِيَسْتَـْٔذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمٰنُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلٰثَ مَرّٰتٍ ۚ مِّن قَبْلِ صَلٰوةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنۢ بَعْدِ صَلٰوةِ الْعِشَآءِ ۚ ثَلٰثُ عَوْرٰتٍ لَّكُمْ ۚ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌۢ بَعْدَهُنَّ ۚ طَوّٰفُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلٰى بَعْضٍ ۚ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْءَايٰتِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا لِيَسۡتَـاْذِنۡكُمُ الَّذِيۡنَ مَلَكَتۡ اَيۡمَانُكُمۡ وَالَّذِيۡنَ لَمۡ يَـبۡلُغُوا الۡحُـلُمَ مِنۡكُمۡ ثَلٰثَ مَرّٰتٍؕ مِنۡ قَبۡلِ صَلٰوةِ الۡفَجۡرِ وَحِيۡنَ تَضَعُوۡنَ ثِيَابَكُمۡ مِّنَ الظَّهِيۡرَةِ وَمِنۡۢ بَعۡدِ صَلٰوةِ الۡعِشَآءِ ؕ ثَلٰثُ عَوۡرٰتٍ لَّـكُمۡ ؕ لَـيۡسَ عَلَيۡكُمۡ وَ لَا عَلَيۡهِمۡ جُنَاحٌۢ بَعۡدَهُنَّ ؕ طَوّٰفُوۡنَ عَلَيۡكُمۡ بَعۡضُكُمۡ عَلٰى بَعۡضٍ ؕ كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللّٰهُ لَـكُمُ الۡاٰيٰتِ ؕ وَاللّٰهُ عَلِيۡمٌ حَكِيۡمٌ
تفسير ميسر:
يا أيها الذين صدَّقوا الله ورسوله وعملوا بشرعه مُروا عبيدكم وإماءكم، والأطفال الأحرار دون سن الاحتلام أن يستأذنوا عند الدخول عليكم في أوقات عوراتكم الثلاثة; من قبل صلاة الفجر؛ لأنه وقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب اليقظة، ووقت خلع الثياب للقيلولة في الظهيرة، ومن بعد صلاة العشاء؛ لأنه وقت للنوم، وهذه الأوقات الثلاثة عورات لكم، يقل فيها التستر، أما فيما سواها فلا حرج إذا دخلوا بغير إذن؛ لحاجتهم في الدخول عليكم، طوافون عليكم للخدمة، وكما بيَّن الله لكم أحكام الاستئذان يبيِّن لكم آياته وأحكامه وحججه وشرائع دينه. والله عليم بما يصلح خلقه، حكيم في تدبيره أمورهم.
هذه الآيات الكريمة اشتملت على استئذان الأقارب بعضهم على بعض وما تقدم في أول السورة فهو استئذان0 الأجانب بعضهما على بعض فأمر الله تعالى المؤمنين أن يستأذنهم خدمهم مما ملكت أيمانهم وأطفالهم الذين لم يبلغوا الحلم منهم في ثلاثه أحوال "الأول" من قبل صلاة الغداة لأن الناس إذ ذاك يكونون نياما في فرشهم "وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة" أي في وقت القيلولة لأن الإنسان قد يضع ثيابه في تلك الحال مع أهله "ومن بعد صلاة العشاء" لأنه وقت النوم فيؤمر الخدم والأطفال أن لا يهجموا على أهل البيت في هذه الأحوال لما يخشى أن يكون الرجل على أهله أو نحو ذلك من الأعمال ولهذا قال "ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن" أي إذا دخلوا في حال غير هذه الأحوال فلا جناح عليكم في تمكينكم إياهم ولا عليهم إن رأوا شيئا من غير تلك الأحوال لأنه قد أذن لهم في الهجوم ولأنهم طوافون عليكم أي في الخدمة وغير ذلك. ويغتفر في الطوافين ما لا يغتفر في غيرهم ولهذا روى الإمام مالك وأحمد بن حنبل وأهل السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الهرة; "إنها ليست بنجسة إنها من الطوافين عليكم أو والطوافات" ولما كانت هذه الآية محكمة ولم تنسخ بشيء وكان عمل الناس بها قليلا جدا أنكر عبدالله بن عباس ذلك على الناس كما قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا يحيى بن عبدالله بن بكير حدثني عبدالله بن لهيعة حدثني عطاء بن دينار عن سعيد بن جبير قال; قال ابن عباس ترك الناس ثلاث آيات فلم يعملوا بهن "يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم" إلى آخر الآية والآية التي في سورة النساء "وإذا حضر القسمة أولوا القربي" الآية والآية التي في الحجرات "إن أكرمكم عند الله أتقاكم" وفي لفظ له أيضا من حديث إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف عن عمرو بن دينار عن عطاء ابن أبي رباح عن ابن عباس قال; غلب الشيطان الناس على ثلاث آيات فلم يعملوا بهن "يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم" إلى آخر الآية وروى أبو داود حدثنا ابن الصباح وابن سفيان وابن عبدة وهذا حديثه أخبرنا سفيان عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول; لم يؤمن بها أكثر الناس; آية الإذن وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي قال أبو داود وكذلك رواه عطاء عن ابن عباس يأمر به وقال الثوري عن موسى بن أبي عائشة سألت الشعبي "ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم" قال; لم تنسخ قلت فإن الناس لا يعملون بها فقال; الله المستعان وقال ابن أبي حاتم حدثنا الربيع بن سليمان حدثنا ابن وهب أخبرنا سليمان بن بلال عن عمرو ابن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلين سألاه عن الاستئذان في الثلاث عورات التي أمر الله بها في القرآن فقال ابن عباس; "إن الله ستير يحب الستر كان الناس ليس لهم سطور على أبوابهم ولا حجال في بيوتهم فربما فاجأ الرجل خادمه أو ولده أو يتيمه في حجره وهو على أهله فأمرهم الله أن يستأذنوا في تلك العورات التي سمى الله ثم جاء الله بعد بالستور فبسط الله عليهم الرزق فاتخذوا الستور واتخذوا الحجال فرأى الناس أن ذلك قد كفاهم من الاستئذان الذي أمروا به" وهذا إسناد صحيح إلى ابن عباس ورواه أبو داود عن القعنبي عن الدراوردي عن عمرو بن أبي عمرو به; وقال السدي كان أناس من الصحابة رضي الله عنهم يحبون أن يواقعوا نساءهم في هذه الساعات ليغتسلوا ثم يخرجوا إلى الصلاة فأمرهم الله أن يأمروا المملوكين والغلمان أن لا يدخلوا عليهم في تلك الساعات إلا بإذن وقال مقاتل بن حيان; بلغنا والله أعلم أن رجلا من الأنصار وامرأته أسماء بنت مرثد صنعا للنبي صلى الله عليه وسلم طعاما فجعل الناس يدخلون بغير إذن; فقالت أسماء يا رسول الله ما أقبح هذا إنه ليدخل على المرأة وزوجها وهما في ثوب واحد غلامهما بغير إذن فأنزل الله في ذلك "يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم" إلى آخرها ومما يدل على أنها محكمة لم تنسخ قوله "كذلك يبين الله لكم الآيات والله حكيم عليم".
قوله تعالى ; ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض كذلك يبين الله لكم الآيات والله عليم حكيمفيه سبعة مسائل ;الأولى ; قال العلماء ، هذه الآية خاصة والتي قبلها عامة ؛ لأنه قال ; ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ثم خص هنا فقال ; ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم فخص في هذه الآية بعض المستأذنين ، وكذلك أيضا يتأول القول في الأولى في جميع الأوقات عموما . وخص في هذه الآية بعض الأوقات ، فلا يدخل فيها عبد ولا أمة ؛ وغدا كان أو ذا منظر إلا بعد الاستئذان . قال مقاتل ; نزلت في أسماء بنت مرثد ، دخل عليها غلام لها كبير ، فاشتكت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؛ فنزلت عليه الآية . وقيل ; سبب نزولها دخول مدلج على عمر ؛ وسيأتي .الثانية ; اختلف العلماء في المراد بقوله تعالى ; ليستأذنكم على ستة أقوال ;الأول ; أنها منسوخة ، قاله ابن المسيب ، وابن جبير .الثاني ; أنها ندب غير واجبة ؛ قاله أبو قلابة ، قال ; إنما أمروا بهذا نظرا لهم .الثالث ; عنى بها النساء ؛ قاله أبو عبد الرحمن السلمي .[ الرابع ] ; وقال ابن عمر ; هي في الرجال دون النساء . وهو القول الرابع .الخامس ; كان ذلك واجبا ، إذ كانوا لا غلق لهم ولا أبواب ، ولو عاد الحال لعاد الوجوب حكاه المهدوي ، عن ابن عباس .[ ص; 281 ] السادس ; أنها محكمة واجبة ثابتة على الرجال والنساء ؛ وهو قول أكثر أهل العلم ؛ منهم القاسم ، وجابر بن زيد ، والشعبي . وأضعفها قول السلمي لأن ( الذين ) لا يكون للنساء في كلام العرب ، إنما يكون للنساء - اللاتي واللواتي - وقول ابن عمر يستحسنه أهل النظر ، لأن ( الذين ) للرجال في كلام العرب ، وإن كان يجوز أن يدخل معهم النساء فإنما يقع ذلك بدليل ، والكلام على ظاهره ، غير أن في إسناده ليث بن أبي سليم . وأما قول ابن عباس فروى أبو داود ، عن عبيد الله بن أبي يزيد سمع ابن عباس يقول ; آية لم يؤمر بها أكثر الناس آية الاستئذان وإني لآمر جاريتي هذه تستأذن علي . قال أبو داود ; وكذلك رواه عطاء ، عن ابن عباس ( يأمر به ) . وروى عكرمة أن نفرا من أهل العراق قالوا ; يا ابن عباس ، كيف ترى في هذه الآية التي أمرنا فيها بما أمرنا ولا يعمل بها أحد ، قول الله - عز وجل - يا أيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء ثلاث عورات لكم ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم . قال أبو داود ; قرأ القعنبي إلى ( عليم حكيم ) قال ابن عباس ; إن الله حليم رحيم بالمؤمنين يحب الستر ، وكان الناس ليس لبيوتهم ستور ولا حجال ، فربما دخل الخادم ، أو الولد ، أو يتيمة الرجل والرجل على أهله ، فأمرهم الله بالاستئذان في تلك العورات ، فجاءهم الله بالستور والخير ، فلم أر أحدا يعمل بذلك بعد .قلت ; هذا متن حسن ، وهو يرد قول سعيد ، وابن جبير ؛ فإنه ليس فيه دليل على نسخ الآية ، ولكن على أنها كانت على حال ثم زالت ، فإن كان مثل ذلك الحال فحكمها قائم كما كان ، بل حكمها لليوم ثابت في كثير من مساكن المسلمين في البوادي والصحاري ونحوها . وروى وكيع ، عن سفيان ، عن موسى بن أبي عائشة ، عن الشعبي ياأيها الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم قال ; ليست بمنسوخة . قلت ; إن الناس لا يعملون بها ؛ قال ; الله - عز وجل - المستعان .الثالثة ; قال بعض أهل العلم ; إن الاستئذان ثلاثا مأخوذ من قوله تعالى ; يا أيها [ ص; 282 ] الذين آمنوا ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات قال يزيد ; ثلاث دفعات . قال ; فورد القرآن في المماليك والصبيان ، وسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الجميع . قال ابن عبد البر ; ما قاله من هذا وإن كان له وجه فإنه غير معروف عن العلماء في تفسير الآية التي نزع بها ، والذي عليه جمهورهم في قوله ; ثلاث مرات أي في ثلاث أوقات . ويدل على صحة هذا القول ذكره فيها من قبل صلاة الفجر وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء .الرابعة ; أدب الله - عز وجل - عباده في هذه الآية بأن يكون العبيد إذ لا بال لهم ، والأطفال الذين لم يبلغوا الحلم إلا أنهم عقلوا معاني الكشفة ونحوها ، يستأذنون على أهليهم في هذه الأوقات الثلاثة ، وهي الأوقات التي تقتضي عادة الناس الانكشاف فيها ، وملازمة التعري . فما قبل الفجر وقت انتهاء النوم ، ووقت الخروج من ثياب النوم ولبس ثياب النهار . ووقت القائلة وقت التجرد أيضا ، وهي الظهيرة ، لأن النهار يظهر فيها إذا علا شعاعه واشتد حره . وبعد صلاة العشاء وقت التعري للنوم ؛ فالتكشف غالب في هذه الأوقات . يروى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث غلاما من الأنصار يقال له مدلج إلى عمر بن الخطاب ظهيرة ليدعوه ، فوجده نائما قد أغلق عليه الباب ، فدق عليه الغلام الباب فناداه ، ودخل ، فاستيقظ عمر وجلس فانكشف منه شيء ، فقال عمر ; وددت أن الله نهى أبناءنا ، ونساءنا ، وخدمنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذن ؛ ثم انطلق إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوجد هذه الآية قد أنزلت ، فخر ساجدا شكرا لله . وهي مكية .الخامسة ; قوله تعالى ; والذين لم يبلغوا الحلم منكم أي الذين لم يحتلموا من أحراركم ؛ قاله مجاهد . وذكر إسماعيل بن إسحاق كان يقول ; ليستأذنكم الذين لم يبلغوا الحلم مما ملكت أيمانكم ، على التقديم والتأخير ، وأن الآية في الإماء . وقرأ الجمهور بضم اللام ، وسكنها الحسن بن أبي الحسن لثقل الضمة ، وكان أبو عمرو يستحسنها . و ثلاث مرات نصب على الظرف ؛ لأنهم لم يؤمروا بالاستئذان ثلاثا ، إنما أمروا بالاستئذان في ثلاثة مواطن ، والظرفية في ( ثلاث ) بينة ; من قبل صلاة الفجر ، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ، ومن بعد صلاة العشاء . وقد مضى معناه . ولا يجب أن يستأذن ثلاث مرات في كل وقت . ثلاث عورات لكم قرأ جمهور السبعة ثلاث عورات برفع ( ثلاث ) . وقرأ حمزة ، والكسائي ، وأبو بكر ، عن عاصم ( ثلاث ) بالنصب على البدل من الظرف في قوله ; ( ثلاث [ ص; 283 ] مرات ) . قال أبو حاتم ; النصب ضعيف مردود . وقال الفراء ; الرفع أحب إلي . قال ; وإنما اخترت الرفع لأن المعنى ; هذه الخصال ثلاث عورات . والرفع عند الكسائي بالابتداء ، والخبر عنده ما بعده ، ولم يقل بالعائد ، وقال نصا بالابتداء . قال ; والعورات الساعات التي تكون فيها العورة ؛ إلا أنه قرأ بالنصب ، والنصب فيه قولان ; أحدهما ; أنه مردود على قوله ثلاث مرات ؛ ولهذا استبعده الفراء . وقال الزجاج ; المعنى ليستأذنكم أوقات ثلاث عورات ؛ فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه . و ( عورات ) جمع عورة ، وبابه في الصحيح أن يجيء على فعلات ( بفتح العين ) كجفنة وجفنات ، ونحو ذلك ، وسكنوا العين في المعتل كبيضة وبيضات ؛ لأن فتحه داع إلى اعتلاله فلم يفتح لذلك ؛ فأما قول الشاعر ;أبو بيضات رائح متأوب رفيق بمسح المنكبين سبوحفشاذ .السادسة ; قوله تعالى ; ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن أي في الدخول من غير أن يستأذنوا وإن كنتم متبذلين . ( طوافون ) بمعنى هم طوافون . قال الفراء ; كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم . وأجاز الفراء نصب ( طوافين ) لأنه نكرة ، والمضمر في ( عليكم ) معرفة . ولا يجيز البصريون أن يكون حالا من المضمرين اللذين في ( عليكم ) وفي ( بعضكم ) لاختلاف العاملين . ولا يجوز مررت بزيد ، ونزلت على عمرو العاقلين ، على النعت لهما . فمعنى طوافون عليكم أي يطوفون عليكم وتطوفون عليهم ؛ ومنه الحديث في الهرة إنما هي من الطوافين عليكم أو الطوافات . فمنع في الثلاث العورات من دخولهم علينا ؛ لأن حقيقة العورة كل شيء لا مانع دونه ، ومنه قوله ; إن بيوتنا عورة أي سهلة للمدخل ، فبين العلة الموجبة للإذن ، وهي الخلوة في حال العورة ؛ فتعين امتثاله وتعذر نسخه . ثم رفع الجناح بقوله ; ليس عليكم ولا عليهم جناح بعدهن طوافون عليكم بعضكم على بعض [ ص; 284 ] أي يطوف بعضكم على بعض . كذلك يبين الله لكم الآيات الكاف في موضع نصب ؛ أي يبين الله لكم آياته الدالة على متعبداته بيانا مثل ما يبين لكم هذه الأشياء . والله عليم حكيم تقدم .السابعة ; قوله تعالى ; ومن بعد صلاة العشاء يريد العتمة . وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول ; لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم ألا إنها العشاء وهم يعتمون بالإبل . وفي رواية فإنها في كتاب الله العشاء وإنها تعتم بحلاب الإبل . وفي البخاري عن أبي برزة ; كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء . وقال أنس ; أخر النبي - صلى الله عليه وسلم - العشاء . وهذا يدل على العشاء الأولى . وفي الصحيح ; فصلاها ، يعني العصر بين العشاءين المغرب والعشاء . وفي الموطأ وغيره ; ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا . وفي مسلم ، عن جابر بن سمرة قال ; كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي الصلوات نحوا من صلاتكم ، وكان يؤخر العتمة بعد صلاتكم شيئا ، وكان يخف الصلاة . وقال القاضي أبو بكر بن العربي ; وهذه أخبار متعارضة ، لا يعلم منها الأول من الآخر بالتاريخ ، ونهيه - عليه السلام - عن تسمية المغرب عشاء ، وعن تسمية العشاء عتمة ثابت ، فلا مرد له من أقوال الصحابة فضلا عمن عداهم . وقد كان ابن عمر يقول ; من قال صلاة العتمة فقد أثم . وقال ابن القاسم ; قال مالك ; ومن بعد صلاة العشاء فالله سماها صلاة العشاء فأحب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن تسمى بما سماها الله تعالى به ويعلمها الإنسان أهله وولده ، ولا يقال عتمة إلا عند خطاب من لا يفهم وقد قال حسان ;[ ص; 285 ]وكانت لا يزال بها أنيس خلال مروجها نعم وشاءفدع هذا ولكن من لطيف يؤرقني إذا ذهب العشاءوقد قيل ; إن هذا النهي عن اتباع الأعراب في تسميتهم العشاء عتمة ، إنما كان لئلا يعدل بها عما سماها الله تعالى في كتابه إذ قال ; ومن بعد صلاة العشاء ؛ فكأنه نهي إرشاد إلى ما هو الأولى ، وليس على جهة التحريم ، ولا على أن تسميتها العتمة لا يجوز . ألا ترى أنه قد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أطلق عليها ذلك ، وقد أباح تسميتها بذلك أبو بكر ، وعمر - رضي الله عنهما - . وقيل ; إنما نهى عن ذلك تنزيها لهذه العبادة الشريفة الدينية عن أن يطلق عليها ما هو اسم لفعلة دنيوية ، وهي الحلبة التي كانوا يحلبونها في ذلك الوقت ويسمونها العتمة ؛ ويشهد لهذا قوله ; ( فإنها تعتم بحلاب الإبل ) .الثامنة ; روى ابن ماجه في سننه ، حدثنا عثمان بن أبي شيبة ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن عمارة بن غزية ، عن أنس بن مالك ، عن عمر بن الخطاب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقول ; من صلى في جماعة أربعين ليلة لا تفوته الركعة الأولى من صلاة العشاء كتب الله بها عتقا من النار . وفي صحيح مسلم ، عن عثمان بن عفان قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله . وروى الدارقطني في سننه ، عن سبيع ، أو تبيع ، عن كعب قال ; ( من توضأ فأحسن الوضوء وصلى العشاء الآخرة وصلى بعدها أربع ركعات فأتم ركوعهن وسجودهن ويعلم ما يقترئ فيهن كن له بمنزلة ليلة القدر ) .
اختلف أهل التأويل في المعنِّي بقوله; ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) فقال بعضهم; عني بذلك; الرجال دون النساء، ونهوا عن أن يدخلوا عليهم في هذه الأوقات الثلاثة، هؤلاء الذين سموا في هذه الآية إلا بإذن.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن عنبسة، عن ليث، عن نافع، عن ابن عمر، قوله; ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قال; هي على الذكور دون الإناث.وقال آخرون; بل عني به الرجال والنساء.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن، في قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قال; هي في الرجال والنساء، يستأذنون على كلّ حال، بالليل والنهار.وأولى القولين في ذلك عندي بالصواب قول من قال; عُني به الذكور والإناث; لأن الله عمّ بقوله; ( الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) جميع أملاك أيماننا، ولم يخصص منهم ذكرا ولا أنثى فذلك على جميع مَنْ عمه ظاهر التنـزيل.فتأويل الكلام; يا أيُّها الذين صدقوا الله ورسوله، ليستأذنكم في الدخول عليكم عبيدكم وإماؤكم، فلا يدخلوا عليكم إلا بإذن منكم لهم.( وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ) يقول; والذين لم يحتلموا من أحراركم ( ثَلاثَ مَرَّاتٍ )، يعني; ثلاث مرات في ثلاثة أوقات، من ساعات ليلكم ونهاركم.كما حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، في قوله; ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قال; عبيدكم المملوكون ( وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ) قال; لم يحتلموا من أحراركم.قال ابن جُرَيج; قال لي عطاء بن أبي رباح; فذلك على كل صغير وصغيرة أن يستأذن، كما قال ( ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ) قالوا; هي العتمة. قلت; فإذا وضعوا ثيابهم بعد العتمة استأذنوا عليهم حتى يصبحوا؟ قال; نعم. قلت لعطاء; هل استئذانهم إلا عند وضع الناس ثيابهم؟ قال; لا.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن صالح بن كيسان ويعقوب بن عتبة وإسماعيل بن محمد، قالوا; لا استئذان على خدم الرجل عليه إلا في العورات الثلاث.حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) يقول; إذا خلا الرجل بأهله بعد صلاة العشاء، فلا يدخل عليه خادم ولا صبيّ إلا بإذن حتى يصلي الغداة، فإذا خلا بأهله عند صلاة الظهر فمثل ذلك.حدثني يونس بن عبد الأعلى، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; أخبرني قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن ثعلبة، عن أبي مالك القرظي; أنه سأل عبد الله بن سويد الحارثي - وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - عن الإذن في العورات الثلاث، فقال; إذا وضعت ثيابي من الظهيرة لم يلج عليّ أحد من الخدم الذي بلغ الحلم، ولا أحد ممن لم يبلغ الحلم من الأحرار إلا بإذن.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن ابن جُرَيج، قال; سمعت عطاء يقول; قال ابن عباس; ثلاث آيات جحدهنّ الناس; الإذن كله، وقال; إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ وقال الناس; أكرمكم أعظمكم بيتا، ونسيت الثالثة.حدثني ابن أبي الشوارب، قال; ثنا يزيد بن زريع، قال; ثنا يونس، عن الحسن، في هذه الآية ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قال; كان الحسن يقول; إذا أبات الرجل خادمه معه فهو إذنه، وإن لم يبته معه استأذن في هذه الساعات.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا يحيى بن سعيد، قال; ثنا سفيان، قال; ثني موسى بن أبي عائشة، عن الشعبي في قوله; ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قال; لم تُنسخ، قلت; إن الناس لا يعملون به ، قال; الله المستعان!قال ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن موسى بن أبي عائشة، عن الشعبي، وسألته عن هذه الآية; ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) قلت; منسوخة هي؟ قال; لا والله ما نُسخت، قلت; إن الناس لا يعملون بها ، قال; الله المستعان!قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا أبو عوانة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير، قال; إن ناسا يقولون نسخت، ولكنها مما يتهاون الناس به.قال; ثنا محمد بن جعفر، قال; ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن سعيد بن جُبير في هذه الآية ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) ... إلى آخر الآية، قال; لا يعمل بها اليوم.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثنا حنظلة، أنه سمع القاسم بن محمد يسأل عن الإذن، فقال; يستأذن عند كلّ عورة، ثم هو طوّاف، يعني الرجل على أمه.حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا عثمان بن عمر، قال; أخبرنا عبد العزيز بن أبي روّاد، قال; أخبرني رجل من أهل الطائف، عن غيلان بن شُرَحبيل، عن عبد الرحمن بن عوف، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; " لا يَغْلِبَنَّكُمْ الأعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلاتِكُمْ، قال الله; ( وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) وإنَّمَا العَتَمَةُ عَتَمَةُ الإبِلِ".وقوله; ( ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة; ( ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) برفع " الثلاث "، بمعنى الخبر عن هذه الأوقات التي ذكرت كأنه عندهم، قيل; هذه الأوقات الثلاثة التي أمرناكم بأن لا يدخل عليكم فيها من ذكرنا إلا بإذن، ثلاث عورات لكم، لأنكم تضعون فيها ثيابكم، وتخلون بأهليكم. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة " ثَلاثَ عَوْرَاتٍ" بنصب الثلاث على الرد على الثلاث الأولى. وكأن معنى الكلام عندهم; ليستأذنكم الذين ملكت أيمانكم، والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرّات، ثلاثَ عورات لكم.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان متقاربتا المعنى، وقد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القراء، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب.وقوله; ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ) يقول تعالى ذكره; ( ليس عليكم ) معشر أرباب البيوت والمساكن، ( ولا عليهم ) يعني; ولا على الذين ملكت أيمانكم من الرجال والنساء، والذين لم يبلغوا الحلم من أولادكم الصغار، حرج ولا إثم بعدهنّ، يعني بعد العورات الثلاث، والهاء والنون في قوله; ( بعدهن ) عائدتان على " الثلاث " من قوله; ( ثَلاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ ) وإنما يعني بذلك أنه لا حرج ولا جناح على الناس أن يدخل عليهم مماليكهم البالغون، وصبيانهم الصغار بغير إذن بعد هذه الأوقات الثلاث اللاتي ذكرهنّ في قوله; ( مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشَاءِ ).وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قال; ثم رخص لهم في الدخول فيما بين ذلك بغير إذن، يعني فيما بين صلاة الغداة إلى الظهر، وبعد الظهر إلى صلاة العشاء، أنه رخص لخادم الرجل والصبيّ أن يدخل عليه منـزله بغير إذن، قال; وهو قوله; ( لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ) فأما من بلغ الحُلم فإنه لا يدخل على الرجل وأهله إلا بإذن على كل حال.وقوله; ( طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ ) رفع الطوّافون بمضمر، وذلك هم . يقول; هؤلاء المماليك والصبيان الصغار هم طوّافون عليكم أيها الناس، ويعني بالطوّافين; أنهم يدخلون ويخرجون على مواليهم وأقربائهم في منازلهم غدوة وعشية بغير إذن يطوفون عليهم، بعضكم على بعض في غير الأوقات الثلاث التي أمرهم أن لا يدخلوا على ساداتهم وأقربائهم فيها إلا بإذن ( كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ ) يقول جلّ ثناؤه; كما بينت لكم أيها الناس أحكام الاستئذان في هذه الآية، كذلك يبين الله لكم جميع أعلامه وأدلته وشرائع دينه ( وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ) يقول; والله ذو علم بما يصلح عباده، حكيم في تدبيره إياهم، وغير ذلك من أموره.
أمر المؤمنين أن يستأذنهم مماليكهم، والذين لم يبلغوا الحلم منهم. قد ذكر الله حكمته وأنه ثلاث عورات للمستأذن عليهم، وقت نومهم بالليل بعد العشاء، وعند انتباههم قبل صلاة الفجر، فهذا -في الغالب- أن النائم يستعمل للنوم في الليل ثوبا غير ثوبه المعتاد، وأما نوم النهار، فلما كان في الغالب قليلا، قد ينام فيه العبد بثيابه المعتادة، قيده بقوله: { وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ } أي: للقائلة، وسط النهار. ففي ثلاثة هذه الأحوال، يكون المماليك والأولاد الصغار كغيرهم، لا يمكنون من الدخول إلا بإذن، وأما ما عدا هذه الأحوال الثلاثة فقال: { لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ } أي: ليسوا كغيرهم، فإنهم يحتاج إليهم دائما، فيشق الاستئذان منهم في كل وقت، ولهذا قال: { طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ } أي: يترددون عليكم في قضاء أشغالكم وحوائجكم. { كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ } بيانا مقرونا بحكمته، ليتأكد ويتقوى ويعرف به رحمة شارعه وحكمته، ولهذا قال: { وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ْ} له العلم المحيط بالواجبات والمستحيلات والممكنات، والحكمة التي وضعت كل شيء موضعه، فأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به، وأعطى كل حكم شرعي حكمه اللائق به، ومنه هذه الأحكام التي بينها وبين مآخذها وحسنها.
أيّها) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصبـ (الذين) بدل من أيّ في محلّ نصبـ (اللام) لام الأمر
(الذين) الثاني معطوف على الموصول الأول فاعل يستأذن في محلّ رفع
(منكم) متعلّق بحال من فاعل يبلغوا
(ثلاث) مفعول مطلق نائب عن المصدر فهو عدده ،
(من قبل) متعلّق بـ (يستأذنكم) ،
(حين) ظرف منصوب متعلّق بـ (يستأذنكم) ،
(من الظهيرة) متعلّق بـ (تضعون) ، و (من) إمّا لبيان الجنس أي من وقت الظهيرة أو هي سببيّة أي بسبب حرّ الظهيرة
(من بعد) متعلّق بـ (يستأذنكم) ،
(ثلاث) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هي أو هذه، بحذف مضاف أي: أوقات ثلاث عورات
(لكم) متعلّق بنعت لـ (عورات) ،
(عليكم) متعلّق بخبر ليس
(لا) زائدة لتأكيد النفي(عليهم) مثل الأول ومعطوف عليه
(جناح) اسم ليس مؤخّر مرفوع
(بعدهنّ) ظرف منصوب متعلّق بالاستقرار الذي تعلّق به عليكم وعليهم
(طوّافون) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم
(عليكم) متعلّق بـ (طوّافون)
(بعضكم) مبتدأ خبره الجارّ
(على بعض) ،
(كذلك) متعلّق بمحذوف مفعول مطلق عامله يبيّن
(لكم) متعلّق بـ (يبيّن) ،
(الواو) اعتراضيّة- أو حاليّة-
(حكيم) خبر ثان مرفوع. جملة: «النداء وجوابها ... » لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) . وجملة: «يستأذنكم الذين» لا محلّ لها جواب النداء. وجملة: «ملكت أيمانكم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني. وجملة: «لم يبلغوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثالث. وجملة: «تضعون ... » في محلّ جرّ مضاف إليه. وجملة: «ليس عليكم ... جناح» في محلّ رفع نعت لثلاث.. أو في محلّ جرّ نعت لعورات. وجملة: «
(هي) ثلاث ... » لا محلّ لها استئناف في حيّز النداء. وجملة: «
(هم) طوّافون ... » لا محلّ لها تعليليّة. وجملة: «بعضكم على بعض» لا محلّ لها بدل من جملة هم طوّافون. وجملة: «يبيّن الله ... » لا محلّ لها استئنافيّة. وجملة: «الله عليم ... » لا محلّ لها اعتراضيّة- أو في محلّ نصب حال-
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٥٨
An-Nur24:58