وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَآءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسٰى رَبِّىٓ أَن يَهْدِيَنِى سَوَآءَ السَّبِيلِ
وَلَـمَّا تَوَجَّهَ تِلۡقَآءَ مَدۡيَنَ قَالَ عَسٰى رَبِّىۡۤ اَنۡ يَّهۡدِيَنِىۡ سَوَآءَ السَّبِيۡلِ
تفسير ميسر:
ولما قصد موسى بلاد "مدين" وخرج من سلطان فرعون قال; عسى ربي أن يرشدني خير طريق إلى "مدين".
"ولما توجه تلقاء مدين" أي أخذ طريقا سالكا مهيعا فرح بذلك "قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل" أي الطريق الأقوم ففعل الله به ذلك وهداه إلى الصراط المستقيم في الدنيا والآخرة فجعل هاديا مهديا.
قوله تعالى ; ولما توجه تلقاء مدين قال عسى ربي أن يهديني سواء السبيل لما خرج موسى عليه السلام فارا بنفسه منفردا خائفا ، لا شيء معه من زاد ولا راحلة ولا حذاء نحو مدين ، للنسب الذي بينه وبينهم ; لأن مدين من ولد إبراهيم ، وموسى من ولد يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ; ورأى حاله وعدم معرفته بالطريق ، وخلوه من زاد وغيره ، أسند أمره إلى الله تعالى بقوله ; عسى ربي أن يهديني سواء السبيل وهذه حالة المضطر .قلت ; روي أنه كان يتقوت ورق الشجر ، وما وصل حتى سقط خف قدميه . قال أبو مالك ; وكان فرعون وجه في طلبه وقال لهم ; اطلبوه في ثنيات الطريق ، فإن موسى لا يعرف [ ص; 246 ] الطريق . فجاءه ملك راكبا فرسا ومعه عنزة ، فقال لموسى اتبعني فاتبعه فهداه إلى الطريق ، فيقال ; إنه أعطاه العنزة فكانت عصاه . ويروى أن عصاه إنما أخذها لرعي الغنم من مدين وهو أكثر وأصح . قال مقاتل والسدي ; إن الله بعث إليه جبريل ; فالله أعلم . وبين مدين ومصر ثمانية أيام ; قال ابن جبير والناس ; وكان ملك مدين لغير فرعون .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ (22)وقوله; ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ) يقول تعالى ذكره; ولما جعل موسى وجهه نحو مدين, ماضيا إليها, شاخصا عن مدينة فرعون, وخارجا عن سلطانه,( قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) وعنى بقوله; " تلقاء " نحو مدين; ويقال; فعل ذلك من تلقاء نفسه, يعني به; من قبل نفسه ويقال; داره تلقاء دار فلان; إذا كانت محاذيتها, ولم يصرف اسم مدين لأنها اسم بلدة معروفة, كذلك تفعل العرب بأسماء البلاد المعروفة; ومنه قول الشاعر;رُهْبَــانُ مَــدْيَنَ لَـوْ رَأَوْكِ تَـنزلُواوَالعُصْـمُ مِـنْ شَـعَفِ العُقُـولِ الفَادِرِ (1)وقوله; ( عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) يقول; عسى ربي أن يبين لي قصد السبيل إلى مدين, وإنما قال ذلك لأنه لم يكن يعرف الطريق إليها.وذُكر أن الله قيض له إذ قال; ( رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) ملَكا سدده الطريق, وعرفه إياه.* ذكر من قال ذلك;حدثنا موسى, قال; ثنا عمرو, قال; ثنا أسباط, عن السدي, قال; لما أخذ موسى في بنيات الطريق جاءه مَلَك على فرس بيده عَنـزة; فلما رآه موسى سجد له من الفَرَق قال; لا تسجد لي ولكن اتبعني, فاتبعه, فهداه نحو مدين، وقال موسى وهو متوجه نحو مدين; ( عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) فانطلق به حتى انتهى به إلى مَدين.حدثنا العباس, قال; أخبرنا يزيد, قال; أخبرنا الأصبغ بن زيد, قال; ثنا القاسم, قال; ثنا سعيد بن جُبَيْر, عن ابن عباس, قال; خرج موسى متوجها نحو مدين, وليس له علم بالطريق إلا حسن ظنه بربه, فإنه قال; ( عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ).حدثنا ابن حميد, قال; ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال; ذُكر لي أنه خرج وهو يقول; ( رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ) فهيأ الله الطريق إلى مَدين, فخرج من مصر بلا زاد ولا حذاء ولا ظهر (2) ولا درهم ولا رغيف, خائفا يترقب, حتى وقع إلى أمة من الناس يسقون بمَدين.حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث المَروزِيّ, قال; ثنا الفضل بن موسى, عن الأعمش, عن المنهال بن عمرو, عن سعيد بن جُبَيْر, قال; خرج موسى من مصر إلى مَدْيَنَ, وبينها وبينها مسيرة ثمان, قال; وكان يقال نحو من الكوفة إلى البصرة, ولم يكن له طعام إلا وَرَق الشجر, وخرج حافيا, فما وصل إليها حتى وقع خفّ قدمه.حدثنا أبو كُرَيب, قال; ثنا عثام, قال; ثنا الأعمش, عن المنهال, عن سعيد, عن ابن عباس, قال; لما خرج موسى من مصر إلى مدين, وبينه وبينها ثمان ليال, كان يقال; نَحوٌ من البصرة إلى الكوفة ثم ذكر نحوه.ومدين كان بها يومئذ قوم شعيب عليه السلام.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قَتادة, قوله; ( وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ ) ومدين; ماء كان عليه قوم شعيب ( قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ).وأما قوله; ( سَوَاءَ السَّبِيلِ ) فإن أهل التأويل اختلفوا في تأويله نحو قولنا فيه.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; ( سَوَاءَ السَّبِيلِ ) قال; الطريق إلى مدين.حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, مثله.قال; ثنا الحسين, قال; ثنا أبو سفيان, عن معمر, عن قَتادة; ( قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) قال; قصد السبيل.حدثنا ابن بشار, قال; ثنا عبد الرحمن, قال; ثنا عَبَّاد بن راشد, عن الحسن; ( عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) قال; الطريق المستقيم.--------------------الهوامش ;(1) البيت لجرير، وقد تقدم الاستشهاد به على الرهبان جمع راهب في (7; 3) من هذا التفسير. واستشهد به هنا على أن مدين ممنوعة من الصرف لأنها علم على بلدة، ففيها العلمية والتأنيث.(2) الظهر; الدابة التي يركب ظهرها، من جمل ونحوه.
{ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ } أي: قاصدا بوجهه مدين، وهو جنوبي فلسطين، حيث لا ملك لفرعون، { قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ } أي: وسط الطريق المختصر، الموصل إليها بسهولة ورفق، فهداه اللّه سواء السبيل، فوصل إلى مدين.
(الواو) استئنافيّة
(لمّا) ظرف بمعنى حين متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب قالـ (تلقاء) ظرف مكان منصوب متعلّقبـ (توجّه) ،
(مدين) مضاف إليه مجرور ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث
(عسى) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(أن) حرف مصدريّ ونصب، والنون في(يهديني) للوقاية
(سواء) مفعول به ثان منصوب.
والمصدر المؤوّلـ (أن يهديني ... ) في محلّ نصب خبر عسى.
جملة الشرط وفعله وجوابه ... لا محلّ لها استئنافيّة..
وجملة: «توجّه ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قال» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «عسى ربّي ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يهديني ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
(23)
(الواو) عاطفة
(لمّا ورد.. وجد) مثل لمّا توجّه ... قالـ (عليه) متعلّق بـ (وجد) ،
(من الناس) متعلّق بنعت لأمة
(من دونهم) متعلّق بـ (وجد) ،
(ما) اسم استفهام مبني في محلّ رفع مبتدأ خبره
(خطبكما)
(لا) نافية
(حتّى) حرف غاية وجرّ
(يصدر) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد حتّى
(الواو) عاطفة ...والمصدر المؤوّلـ (أن يصدر) في محلّ جرّ بـ (حتّى) متعلّق بـ (نسقي) .
وجملة: «ورد ماء ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «وجد ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «يسقون ... » في محلّ نصب نعت لأمة .
وجملة: «وجد
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة وجد
(الأولى) .وجملة: «تذودان ... » في محلّ نصب نعت لامرأتين.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «ما خطبكما ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قالتا ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «لا نسقي ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يصدر الرعاء» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «أبونا شيخ ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة لا نسقي.
(24)
(الفاء) عاطفة
(لهما) متعلّق بـ (سقى) ،
(ثمّ) حرف عطف
(إلى الظلّ) متعلّق بـ (تولّى) ،
(الفاء) عاطفة
(قال ربّ) مرّ إعرابها ،
(ما) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بفقير بتضمينه معنى محتاج، والعائد محذوف
(إليّ) متعلّق بـ (أنزلت) ،
(من خير) متعلّق بحال من العائد المحذوف أي أنزلته من خير ،
(فقير) خبر إنّ.
وجملة: «سقى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قالتا ...وجملة: «تولّى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة سقى ...وجملة: «قال ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة تولّى.
وجملة النداء: «ربّ ... » لا محلّ لها اعتراضيّة للاسترحام.
وجملة: «إنّي ... فقير ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أنزلت ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
(25)
(الفاء) عاطفة
(على استحياء) حال من فاعل تمشي
(اللام) لامالتعليلـ (يجزيك) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام
(ما) حرف مصدريّ
(لنا) متعلّق بـ (سقيت) ...والمصدر المؤوّلـ (أن يجزيك) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (يدعوك) .
والمصدر المؤوّلـ (ما سقيت ... ) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(الفاء) عاطفة
(لمّا جاءه ... قال) مثل لمّا توجّه ... قالـ (عليه) متعلّق بـ (قصّ) ،
(لا) ناهية جازمة
(من القوم) متعلّق بـ (نجوت) ...وجملة: «جاءته إحداهما ... » لا محلّ لها معطوفة على مقدّر مستأنف أي فرجعتا فأخبرتا أباهما ... فقال لإحداهما ادعيه ...فجاءته ...وجملة: «تمش ... » في محلّ نصب حال من فاعل جاءته.
وجملة: «قالت ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «إنّ أبي يدعوك ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «يدعوك ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «يجزيك ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «سقيت ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «جاءه ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «قصّ ... » في محلّ جرّ معطوفة على جملة جاءه.
وجملة: «قال ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «لا تخف ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «نجوت ... » لا محلّ لها تعليليّة ...