تفسير ميسر:
(حم) سبق الكلام على الحروف المقطَّعة في أول سورة البقرة.
قد اختلف المفسرون في الحروف المقطعة التي في أوائل السور فمنهم من قال هي مما استأثر الله بعلمه فردوا علمها إلى الله ولم يفسرها حكاه القرطبي في تفسـره عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود رضي الله عنهم أجمعين وقاله عامر الشعبي وسفيان الثوري والربيع بن خيثم واختاره أبو حاتم بن حبان. ومنهم من فسرها واختلف هؤلاء في معناها فقال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم إنما هي أسماء السور. قال العلامة أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري في تفسيره وعليه إطباق الأكثر ونقل عن سيبويه أنه نص عليه ويعتضد لهذا بما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة "الم" السجدة و "هل أتى على الإنسان" وقال سفيان الثوري عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أنه قال; الم وحم والمص وص. فواتح افتتح الله بها القرآن.
اختلف في معناه ; فقال عكرمة ; قال النبي صلى الله عليه وسلم ; ( " حم " اسم من أسماء الله تعالى وهي مفاتيح خزائن ربك ) قال ابن عباس ; " حم " اسم الله الأعظم .وعنه ; " الر " و " حم " و " ن " حروف الرحمن مقطعة .وعنه أيضا ; اسم من أسماء الله تعالى أقسم به .وقال قتادة ; إنه اسم من أسماء القرآن .مجاهد ; فواتح السور .وقال عطاء الخراساني ; الحاء افتتاح اسمه حميد وحنان وحليم وحكيم , والميم افتتاح اسمه ملك ومجيد ومنان ومتكبر ومصور ; يدل عليه ما روى أنس أن أعرابيا سأل النبي صلى الله عليه وسلم ; ما " حم " فإنا لا نعرفها في لساننا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ; ( بدء أسماء وفواتح سور ) وقال الضحاك والكسائي ; معناه قضي ما هو كائن .كأنه أراد الإشارة إلى تهجي " حم " ; لأنها تصير حم بضم الحاء وتشديد الميم ; أي قضي ووقع .وقال كعب بن مالك ; فلما تلاقيناهم ودارت بنا الرحى وليس لأمر حمه الله مدفع وعنه أيضا ; إن المعنى حم أمر الله أي قرب ; كما قال الشاعر ; قد حم يومي فسر قوم قوم بهم غفلة ونوم ومنه سميت الحمى ; لأنها تقرب من المنية .والمعنى المراد قرب نصره لأوليائه , وانتقامه من أعدائه كيوم بدر .وقيل ; حروف هجاء ; قال الجرمي ; ولهذا تقرأ ساكنة الحروف فخرجت مخرج التهجي وإذا سميت سورة بشيء من هذه الحروف أعربت ; فتقول ; قرأت " حم " فتنصب ; قال الشاعر ; يذكرني حاميم والرمح شاجر فهلا تلا حاميم قبل التقدم وقرأ عيسى بن عمر الثقفي ; " حم " بفتح الميم على معنى اقرأ حم أو لالتقاء الساكنين .ابن أبي إسحاق وأبو السمال بكسرها .والإمالة والكسر لالتقاء الساكنين , أو على وجه القسم .وقرأ أبو جعفر بقطع الحاء من الميم .الباقون بالوصل .وكذلك في " حم .عسق " .وقرأ أبو عمرو وأبو بكر وحمزة والكسائي وخلف وابن ذكوان بالإمالة في الحاء .وروي عن أبي عمرو بين اللفظين وهي قراءة نافع وأبي جعفر وشيبة .الباقون بالفتح مشبعا .
القول في تأويل قوله تعالى ; حم (1)قال أبو جعفر; قد تقدم القول منا فيما مضى قبلُ في معنى ( حم ) والقول في هذا الموضع كالقول في ذلك.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - فصلت٤١ :١
Fussilat41:1