أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفٰىكُم بِالْبَنِينَ
اَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخۡلُقُ بَنٰتٍ وَّاَصۡفٰٮكُمۡ بِالۡبَنِيۡنَ
تفسير ميسر:
بل أتزعمون- أيها الجاهلون- أن ربكم اتخذ مما يخلق بنات وأنتم لا ترضون ذلك لأنفسكم، وخصَّكم بالبنين فجعلهم لكم؟ وفي هذا توبيخ لهم.
وهذا إنكار عليهم غاية الإنكار.
قوله تعالى ; أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين .قوله تعالى ; أم اتخذ مما يخلق بنات الميم صلة ، تقديره أتخذ مما يخلق بنات كما زعمتم أن الملائكة بنات الله ، فلفظه الاستفهام ومعناه التوبيخ . وأصفاكم بالبنين أي اختصكم وأخلصكم بالبنين ، يقال ; أصفيته بكذا ، أي ; آثرته به . وأصفيته الود أخلصته له . وتصافينا تخالصنا . عجب من إضافتهم إلى الله اختيار البنات مع اختيارهم لأنفسهم البنين ، وهو مقدس عن أن يكون له ولد إن توهم جاهل أنه اتخذ لنفسه ولدا فهلا أضاف إليه أرفع الجنسين! ولم جعل هؤلاء لأنفسهم أشرف الجنسين وله الأخس ؟ وهذا كما قال تعالى ; ألكم الذكر وله الأنثى تلك إذا قسمة ضيزى .
وإنما اخترنا القول الذي اخترناه في تأويل ذلك, لأن الله جلّ ثناؤه أتبع ذلك قوله; ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ وَأَصْفَاكُمْ بِالْبَنِينَ ) توبيخًا لهم على قولهم ذلك, فكان معلوما أن توبيخه إياهم بذلك إنما هو عما أخبر عنهم من قيلهم ما قالوا في إضافة البنات إلى الله جلّ ثناؤه.وقوله; ( إِنَّ الإنْسَانَ لَكَفُورٌ مُبِينٌ ) يقول تعالى ذكره; إن الإنسان لذو جحد لنعم ربه التي أنعمها عليه مبين; يقول; يبين كفرانه نعمه عليه, لمن تأمله بفكر قلبه, وتدبر حاله.وقوله; ( أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَنَاتٍ ) يقول جلّ ثناؤه موبخا هؤلاء المشركين الذين وصفوه بأن الملائكة بناته; اتخذ ربكم أيها الجاهلون مما يخلق بنات, وأنتم لا ترضون لأنفسكم, وأصفاكـم بالبنين. يقول; وأخلصكم بالبنين, فجعلهم لكم.
ومنها: أنهم يزعمون أن الملائكة بنات اللّه، ومن المعلوم أن البنات أدون الصنفين، فكيف يكون لله البنات، ويصطفيهم بالبنين، ويفضلهم بها؟! فإذا يكونون أفضل من اللّه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا.
(أم) بمعنى بل، أو بمعنى الهمزة، أو بمعنى بل والهمزة وهي للإنكار ،
(ممّا) متعلّق بـ (اتخذ) وهو في موضع المفعول الثاني
(بنات) مفعول به أوّل منصوب وعلامة النصب الكسرة ملحقّ بجمع المؤنّث
(الواو) عاطفة- أو حالية-
(بالبنين) متعلّق بـ (أصفاكم) ..
وجملة: «اتّخذ ... » في محلّ نصب مقول القول لقول مقدّر أي: أم تقولون اتّخذ ...وجملة: «يخلق ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «أصفاكم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة اتّخذ .