وَالَّيْلِ إِذَا عَسْعَسَ
وَالَّيۡلِ اِذَا عَسۡعَسَ
تفسير ميسر:
أقسم الله تعالى بالنجوم المختفية أنوارها نهارًا، الجارية والمستترة في أبراجها، والليل إذا أقبل بظلامه، والصبح إذا ظهر ضياؤه، إن القرآن لَتبليغ رسول كريم- هو جبريل عليه السلام-، ذِي قوة في تنفيذ ما يؤمر به، صاحبِ مكانة رفيعة عند الله، تطيعه الملائكة، مؤتمن على الوحي الذي ينزل به.
فيه قولان "أحدهما" إقباله بظلامه قال مجاهد أظلم وقال سعيد ابن جبير إذا نشأ وقال الحسن البصري إذا غشي الناس وكذا قال عطية العوفي وقال علي بن أبي طلحة والعوفي عن ابن عباس "إذا عسعس" إذا أدبر وكذا قال مجاهد وقتادة والضحاك وكذا قال زيد بن أسلم وابنه عبدالرحمن "إذا عسعس" أي إذا ذهب فتولى وقال أبو داود الطيالسي حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري سمع أبا عبدالرحمن السلمي قال; خرج علينا علي رضي الله عنه حين ثوب المثوب بصلاة الصبح فقال; أين السائلون عن الوتر "والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس" هذا حين أدبر حسن وقد اختار ابن جرير أن المراد بقوله "إذا عسعس" إذا أدبر قال لقوله "والصبح إذا تنفس" أي أضاء واستشهد بقول الشاعر أيضا; حتي إذا الصبح له تنفسـا وانجاب عنها ليلها وعسعسا أي أدبر وعندي أن المراد بقوله "إذا عسعس" إذا أقبل وإن كان يصح استعماله في الأدبار أيضا لكن الإقبال ههنا أنسب كأنه أقسم بالليل وظلامه إذا أقبل وبالفجر وضيائه إذا أشرق كما قال تعالى "والليل إذا يغشي والنهار إذا تجلى" وقال تعالى "والضحي والليل إذا سجي" وقال تعالى "فالق الإصباح وجعل الليل سكنا" وغير ذلك من الآيات وقال كثير من علماء الأصول إن لفظة عسعس تستعمل في الإقبال والإدبار على وجه الاشتراك فعلى هذا يصح أن يراد كل منهما والله أعلم. قال ابن جرير وكان بعض أهل المعرفة بكلام العرب يزعم أن عسعس دنا من أوله وأظلم وقال الفراء كان أبو البلاد النحوي ينشد بيتا; عسعس حتى لو يشا أدنى كان له من ضوئه مقبس يريد لو يشاء إذ دنا أدغم الذال في الدال قال الفراء وكانوا يزعمون أن هذا البيت مصنوع.