الرسم العثمانيسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى
الـرسـم الإمـلائـيسَبِّحِ اسۡمَ رَبِّكَ الۡاَعۡلَىۙ
تفسير ميسر:
نَزِّه اسم ربك الأعلى عن الشريك والنقائص تنزيهًا يليق بعظمته سبحانه، الذي خلق المخلوقات، فأتقن خلقها، وأحسنه، والذي قدَّر جميع المقدرات، فهدى كل خلق إلى ما يناسبه، والذي أنبت الكلأ الأخضر، فجعله بعد ذلك هشيمًا جافًا متغيرًا.
سورة الأعلي; الدليل على ذلك ما رواه البخاري حدثنا عبدان أخبرني أبي عن شعبة عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب قال أول من قدم علينا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم فجعلا يقرئاننا القرآن ثم جاء عمار وبلال وسعد ثم جاء عمر بن الخطاب في عشرين ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء فما جاء حتى قرأت سبح اسم ربك الأعلى في سور مثلها. وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن ثوير بن أبي فاخته عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة سبح اسم ربك الأعلى تفرد به أحمد وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ "هلا صليت ب"سبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشي" ".وقال الإمام أحمد حدثنا سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن أبيه عن النعمان بن بشير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في العيدين ب"سبح اسم ربك الأعلي" و"هل أتاك حديث الغاشية" وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعا. هكذا وقع في مسند الإمام أحمد إسناد هذا الحديث وقد رواه مسلم في صحيحه وأبو داود والترمذي والنسائي من حديث أبو عوانه وجرير وشعبة ثلاثتهم عن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير به قال الترمذي وكذا رواه الثوري ومسعر عن إبراهيم قال ورواه سفيان بن عيينه عن إبراهيم عن أبيه عن حبيب بن سالم عن أبيه عن النعمان ولا يعرف لحبيب رواية عن أبيه وقد رواه ابن ماجه عن محمد بن الصباح عن سفيان بن عيينة عن إبراهيم بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن النعمان به كما رواه الجماعة فالله أعلم ولفظ مسلم وأهل السنن كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة ب"سبح اسم رب الأعلى" و"هل أتاك حديث الغاشية" وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما. وقد روى الإمام أحمد في مسنده من حديث أبي بن كعب وعبدالله بن عباس وعبدالرحمن بن أبزى وعائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر ب"سبح اسم ربك الأعلى" و"قل يا أيها الكافرون" و"قل هو الله أحد" زادت عائشة والمعوذتين. وهكذا روي هذا الحديث من طريق جابر وأبي أمامة صدي بن عجلان وعبدالله بن مسعود وعمران بن حصين وعلي ابن أبي طالب رضي الله عنهم ولولا خشية الإطالة لأوردنا ما تيسر لنا من أسانيد ذلك ومتونه ولكن في الإرشاد بهذا الاختصار كفاية والله أعلم. قال الإمام أحمد حدثنا أبو عبدالرحمن حدثنا موسى يعني ابن أيوب الغافقي حدثنا عمي إياس بن عامر سمعت عقبة بن عامر الجهني لما نزلت "فسبح باسم ربك العظيم" قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "اجعلوها في ركوعكم" فلما نزلت "سبح اسم ربك الأعلى" قال "اجعلوها في سجودكم" ورواه أبو داود وابن ماجه من حديث ابن المبارك عن موسى بن أيوب به. وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا "قرأ سبح اسم ربك الأعلى" قال "سبحان ربي الأعلى" وهكذا رواه أبو داود عن زهير بن حرب عن وكيع به قال وخولف فيه وكيع رواه أبو وكيع وشعبة عن أبي إسحاق عن سعيد عن ابن عباس موقوفا وقال الثوري عن السدي عن عبد خير قال سمعت عليا قرأ "سبح اسم ربك الأعلى" فقال سبحان ربي الأعلى. وقال ابن جرير حدثنا ابن حميد حدثنا حكام عن عنبسة عن أبي إسحاق الهمداني أن ابن عباس كان إذا قرأ "سبح اسم ربك الأعلى" يقول سبحان ربي الأعلى وإذا قرأ "لا أقسم بيوم القيامة" فأتى على آخرها "أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى" يقول سبحانك وبلى وقال قتادة "سبح اسم ربك الأعلى" ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال سبحان ربي الأعلى.
سورة الأعلىمكية في قول الجمهور .وقال الضحاك ; مدنية . وهي تسع عشرة آية .بسم الله الرحمن الرحيمسبح اسم ربك الأعلى يستحب للقارئ إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى أن يقول عقبه ; سبحان ربي الأعلى ; قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - وقاله جماعة من الصحابة والتابعين على ما يأتي .وروى جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال ; " إن لله تعالى ملكا يقال له حزقائيل ، له ثمانية عشر ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح مسيرة خمسمائة عام ، فخطر له خاطر هل تقدر أن تبصر العرش جميعه ؟ فزاده الله أجنحة مثلها ، فكان له ستة وثلاثون ألف جناح ، ما بين الجناح إلى الجناح خمسمائة عام . ثم أوحى الله إليه ; أيها الملك ، أن طر ، فطار مقدار عشرين ألف سنة فلم يبلغ رأس قائمة من قوائم العرش . ثم ضاعف الله له في الأجنحة والقوة ، وأمره أن يطير ، فطار مقدار ثلاثين ألف سنة أخرى ، فلم يصل أيضا فأوحى الله إليه أيها الملك ، لو طرت إلى نفخ الصور مع أجنحتك وقوتك لم تبلغ ساق عرشي . فقال الملك ; سبحان ربي الأعلى " فأنزل الله تعالى ; سبح اسم ربك الأعلى . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; " اجعلوها في سجودكم " . ذكره الثعلبي في ( كتاب العرائس ) له . وقال ابن عباس والسدي ; معنى سبح اسم ربك الأعلى أي عظم ربك الأعلى . والاسم صلة ، قصد بها تعظيم المسمى كما قال لبيد ;إلى الحول ثم اسم السلام عليكما [ ومن يبك حولا كاملا فقد اعتذر ][ ص; 14 ] وقيل ; نزه ربك عن السوء ، وعما يقول فيه الملحدون . وذكر الطبري أن المعنى نزه اسم ربك عن أن تسمي به أحدا سواه . وقيل ; نزه تسمية ربك وذكرك إياه ، أن تذكره إلا وأنت خاشع معظم ، ولذكره محترم . وجعلوا الاسم بمعنى التسمية ، والأولى أن يكون الاسم هو المسمى .روى نافع عن ابن عمر قال ; لا تقل علا اسم الله فإن اسم الله هو الأعلى . وروى أبو صالح عن ابن عباس ; صل بأمر ربك الأعلى . قال ; وهو أن تقول سبحان ربي الأعلى . وروي عن علي - رضي الله عنه - وابن عباس وابن عمرو وابن الزبير وأبي موسى وعبد الله بن مسعود - رضي الله عنهم - أنهم كانوا إذا افتتحوا قراءة هذه السورة قالوا ; سبحان ربي الأعلى امتثالا لأمره في ابتدائها . فيختار الاقتداء بهم في قراءتهم لا أن سبحان ربي الأعلى من القرآن كما قاله بعض أهل الزيغ . وقيل ; إنها في قراءة أبي ; سبحان ربي الأعلى . وكان ابن عمر يقرؤها كذلك . وفي الحديث ; كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا قرأها قال ; " سبحان ربي الأعلى " .قال أبو بكر الأنباري ; حدثني محمد بن شهريار ، قال ; حدثنا حسين بن الأسود ، قال ; حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد قال ; حدثنا عيسى بن عمر ، عن أبيه ، قال ; قرأ علي بن أبي طالب - عليه السلام - في الصلاة سبح اسم ربك الأعلى ، ثم قال ; سبحان ربي الأعلى فلما انقضت الصلاة قيل له ; يا أمير المؤمنين ، أتزيد هذا في القرآن ؟ قال ; ما هو ؟ قالوا ; سبحان ربي الأعلى . قال ; لا ، إنما أمرنا بشيء فقلته ، وعن عقبة بن عامر الجهني قال ; لما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; " اجعلوها في سجودكم " . وهذا كله يدل على أن الاسم هو المسمى ; لأنهم لم يقولوا ; سبحان اسم ربك الأعلى . وقيل ; إن أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل - عليه السلام - . وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل ; " يا جبريل أخبرني بثواب من قال ; سبحان ربي الأعلى في صلاته أو في غير صلاته " . فقال ; " يا محمد ، ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده ، إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا ، ويقول الله تعالى ; صدق عبدي ، أنا فوق كل شيء ، وليس فوقي شيء ، اشهدوا يا ملائكتي أني قد غفرت له ، وأدخلته الجنة فإذا مات زاره ميكائيل كل [ ص; 15 ] يوم ، فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه ، فأوقفه بين يدي الله تعالى ، فيقول ; يا رب شفعني فيه ، فيقول قد شفعتك فيه ، فاذهب به إلى الجنة " . وقال الحسن ; سبح اسم ربك الأعلى أي صل لربك الأعلى . وقل ; أي صل بأسماء الله ، لا كما يصلي المشركون بالمكاء والتصدية . وقيل ; ارفع صوتك بذكر ربك . قال جرير ;قبح الإله وجوه تغلب كلما سبح الحجيج وكبروا تكبيرا
القول في تأويل قوله تعالى ; سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى (1)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله; ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال بعضهم; معناه; عظم ربك الأعلى، لا ربّ أعلى منه وأعظم، وكان بعضهم إذا قرأ ذلك قال; سبحان ربي الأعلى.* ذكر من قال ذلك;حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا هشيم، قال; أخبرنا أبو بشر، عن سعيد بن جُبير، عن ابن عمر أنه كان يقرأ; ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) سبحان ربي الأعلى ( الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى ) قال; وهي في قراءة أُبيّ بن كعب كذلك .حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; سفيان، عن السدي، عن عبد خير، قال; سمعت عليًا رضي الله عنه قرأ; ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) فقال; سبحان ربي الأعلى .حدثنا ابن حميد، قال; ثنا حكام، عن عنبسة، عن أبي إسحاق الهمداني، أن ابن عباس، كان إذا قرأ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) يقول; سبحان ربي الأعلى، وإذا قرأ لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فأتى على آخرها أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى ؟ يقول; سبحانك اللهمّ وبَلَى .حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) ذُكر لنا أن نبيّ الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأها قال; سبحان ربي الأعلَى.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن خارجة، عن داود، عن زياد بن عبد الله، قال; سمعت ابن عباس يقرأ في صلاة المغرب; ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) سبحان ربي الأعلَى .وقال آخرون; بل معنى ذلك; نـزه يا محمد اسم ربك الأعلى، أن تسمي به شيئًا سواه، ينهاه بذلك أن يفعل ما فعل من ذلك المشركون من تسميتهم آلهتهم بعضها اللات وبعضها العزّى.وقال غيرهم; بل معنى ذلك; نـزه الله عما يقول فيه المشركون كما قال; وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ وقالوا; معنى ذلك; سبح ربك الأعلى؛ قالوا; وليس الاسم معنيًا.وقال آخرون; نـزه تسميتك يا محمد ربك الأعلى وذكرك إياه أن تذكره إلا وأنت له خاشع متذلل؛ قالوا; وإنما عُنِي بالاسم; التسمية، ولكن وُضع الاسم مكان المصدر.وقال آخرون; معنى قوله; ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى ) ; صلّ بذكر ربك يا محمد ، يعني بذلك; صلّ وأنت له ذاكر، ومنه وجل خائف.وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال; معناه; نـزه اسم ربك أن تدعو به الآلهة والأوثان، لما ذكرت من الأخبار، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن الصحابة أنهم كانوا إذا قرءوا ذلك قالوا; سبحان ربي الأعلى، فَبَيَّن بذلك أن معناه كان عندهم معلوما; عظم اسم ربك ونـزهه.
يأمر تعالى بتسبيحه المتضمن لذكره وعبادته، والخضوع لجلاله، والاستكانة لعظمته، وأن يكون تسبيحا، يليق بعظمة الله تعالى، بأن تذكر أسماؤه الحسنى العالية على كل اسم بمعناها الحسن العظيم .
(اسم) مفعول به منصوب ،
(الأعلى) نعت لربّك مجرور وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة
(الذي) موصول في محلّ جرّ نعت ثان لربّك، والموصولان الآتيان معطوفان على الأول في محلّ جرّ
(غثاء) مفعول به ثان منصوبـ (أحوى) نعت لغثاء منصوب ..جملة: «سبّح ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «خلق ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «سوّى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلق.
وجملة: «قدّر ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) الثاني.
وجملة: «هدى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قدّر.
وجملة: «أخرج ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) الثالث.
وجملة: «جعله ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة أخرج.
- القرآن الكريم - الأعلى٨٧ :١
Al-A'la87:1