الرسم العثمانيمَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُوا مَسٰجِدَ اللَّهِ شٰهِدِينَ عَلٰىٓ أَنفُسِهِم بِالْكُفْرِ ۚ أُولٰٓئِكَ حَبِطَتْ أَعْمٰلُهُمْ وَفِى النَّارِ هُمْ خٰلِدُونَ
الـرسـم الإمـلائـيمَا كَانَ لِلۡمُشۡرِكِيۡنَ اَنۡ يَّعۡمُرُوۡا مَسٰجِدَ اللّٰهِ شٰهِدِيۡنَ عَلٰٓى اَنۡفُسِهِمۡ بِالـكُفۡرِؕ اُولٰۤٮِٕكَ حَبِطَتۡ اَعۡمَالُهُمۡ ۖۚ وَ فِى النَّارِ هُمۡ خٰلِدُوۡنَ
تفسير ميسر:
ليس من شأن المشركين إعمار بيوت الله، وهم يعلنون كفرهم بالله ويجعلون له شركاء. هؤلاء المشركون بطلت أعمالهم يوم القيامة، ومصيرهم الخلود في النار.
يقول تعالى; ما ينبغي للمشركين بالله أن يعمروا مساجد الله التي بنيت على اسمه وحده لا شريك له ومن قرأ مسجد الله فأراد به المسجد الحرام أشرف المساجد في الأرض الذي بني من أول يوم على عبادة الله وحده لا شريك له وأسسه خليل الرحمن هذا وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر أي بحالهم. وقال لهم كما قال السدي; لو سألت النصراني ما دينك؟ لقال نصراني ولو سألت اليهودي ما دينك لقال يهودي والصابئي لقال صابئ والمشرك لقال مشرك " أولئك حبطت أعمالهم " أي بشركهم " وفي النار هم خالدون " وقال تعالى " ومالهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياؤه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون ".
قوله تعالى ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدونقوله تعالى ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله الجملة من أن يعمروا في موضع رفع اسم كان . شاهدين على الحال . واختلف العلماء في تأويل هذه الآية ، فقيل ; أراد ليس لهم الحج بعد ما نودي فيهم بالمنع عن المسجد الحرام ، وكانت أمور البيت كالسدانة والسقاية والرفادة إلى المشركين ، فبين أنهم ليسوا أهلا لذلك ، بل أهله المؤمنون . وقيل ; إن العباس لما أسر وعير بالكفر وقطيعة الرحم قال ; تذكرون مساوئنا ولا تذكرون محاسننا . فقال علي ; ألكم محاسن ؟ قال ; نعم إنا لنعمر المسجد الحرام ونحجب الكعبة ونسقي الحاج ونفك العاني ، فنزلت هذه الآية ردا عليه . فيجب إذا على المسلمين تولي أحكام المساجد ومنع المشركين من دخولها . وقراءة العامة يعمر بفتح الياء وضم الميم ، من عمر يعمر . وقرأ ابن السميقع بضم الياء وكسر الميم أي يجعلوه عامرا أو يعينوا على عمارته . وقرئ ( مسجد الله ) على التوحيد أي المسجد الحرام . وهي قراءة ابن عباس وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وابن كثير وأبي عمرو وابن محيصن ويعقوب . والباقون مساجد على التعميم . وهو اختيار أبي عبيد ؛ لأنه أعم وقال ; والخاص يدخل تحت العام . وقد يحتمل أن يراد بقراءة الجمع المسجد الحرام خاصة . وهذا جائز فيما كان من أسماء الجنس ، كما يقال ; فلان يركب الخيل وإن لم يركب إلا فرسا . والقراءة مساجد أصوب ؛ لأنه يحتمل المعنيين . وقد أجمعوا على قراءة قوله ; إنما يعمر مساجد الله على [ ص; 27 ] الجمع ، قاله النحاس . وقال الحسن ; إنما قال ( مساجد ) وهو المسجد الحرام ؛ لأنه قبلة المساجد كلها وإمامها .شاهدين على أنفسهم بالكفر قيل ; أراد وهم شاهدون فلما طرح ( وهم ) نصب . قال ابن عباس ; شهادتهم على أنفسهم بالكفر سجودهم لأصنامهم ، وإقرارهم أنها مخلوقة . وقال السدي ; شهادتهم بالكفر هو أن النصراني تقول له ; ما دينك ؟ فيقول نصراني ، واليهودي فيقول يهودي والصابئ فيقول صابئ . ويقال للمشرك ما دينك فيقول مشرك .أولئك حبطت أعمالهم وفي النار هم خالدون تقدم معناه .
القول في تأويل قوله ; مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ما ينبغي للمشركين أن يعمروا مساجد الله وهم شاهدون على أنفسهم بالكفر. يقول; إن المساجد إنما تعمر لعبادة الله فيها، لا للكفر به, فمن كان بالله كافرًا، فليس من شأنه أن يعمُرَ مساجد الله.* * *وأما شهادتهم على أنفسهم بالكفر, فإنها كما;-16552- حدثني محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط, عن السدي قوله; (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله شاهدين على أنفسهم بالكفر)، يقول; ما ينبغي لهم أن يعمروها. وأما(شاهدين على أنفسهم بالكفر)، فإن النصراني يسأل; ما أنت؟ فيقول; نصراني = واليهودي, فيقول; يهودي = والصابئ, فيقول; صابئ = والمشرك يقول إذا سألته; ما دينك؟ فيقول; مشرك ! لم يكن ليقوله أحدٌ إلا العرب.16553- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو العنقزي, عن أسباط, عن السدي; (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)، قال; يقول; ما كان ينبغي لهم أن يعمروها.16554- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا عمرو, عن أسباط, عن السدي; (شاهدين على أنفسهم بالكفر)، قال; النصراني يقال له; ما أنت؟ فيقول; نصراني = واليهودي يقال له; ما أنت؟ فيقول; يهودي = والصابئ يقال له; ما أنت؟ فيقول; صابئ.* * *وقوله; (أولئك حبطت أعمالهم)، يقول; بطلت وذهبت أجورها, لأنها لم تكن لله بل كانت للشيطان (15) =(وفي النار هم خالدون)، يقول; ماكثون فيها أبدًا, لا أحياءً ولا أمواتًا. (16)* * *واختلفت القرأة في قراءة قوله; (ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله)، فقرأ ذلك عامة قرأة أهل المدينة والكوفة; ( مساجد الله ) ، على الجماع. (17)* * *وقرأ ذلك بعض المكيين والبصريين; (مَسْجِدَ اللهِ)، على التوحيد, بمعنى المسجد الحرام.* * *قال أبو جعفر; وهم جميعًا مجمعون على قراءة قوله; (18) إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ ، على الجماع, لأنه إذا قرئ كذلك، احتمل معنى الواحد والجماع, لأن العرب قد تذهب بالواحد إلى الجماع، وبالجماع إلى الواحد, كقولهم; " عليه ثوب أخلاق ". (19)-----------------------الهوامش ;(15) انظر تفسير " حبط " فيما سلف 113 ; 116 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .(16) انظر تفسير " الخلود " فيما سلف من فهارس اللغة ( خلد ) .(17) في المطبوعة ; " على الجمع " ، وأثبت ما في المخطوطة ، في هذا الموضوع ما يليه جميعا .(18) يعني أبو جعفر أن جميع القرأة مجمعون على قراءة الآية التالية ; " إنما يعمر مساجد الله " ، على الجماع ، بلا خلاف بينهم في ذلك ولذلك زدت تمام الآية ، وكان في المطبوعة والمخطوطة ; " مساجد الله " ، دون ; " إنما يعمر " .(19) انظر معاني القرآن للفراء 1 ; 426 ، 427 .
(ما) حرف نفي(كان) فعل ماض ناقص- ناسخ-
(للمشركين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يعمروا) مضارع منصوب وعلامة النصب حذف النون ... والواو فاعلـ (مساجد) مفعول به منصوبـ (الله) مضاف إليه مجرور
(شاهدين) حال منصوبة من فاعل يعمروا، وعلامة النصب الياء
(على أنفس) جارّ ومجرور متعلّق بـ (شاهدين) و (هم) ضمير مضاف إليه
(بالكفر) جارّ ومجرور متعلّق بـ (شاهدين) .
والمصدر المؤوّلـ (أن يعمروا) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
(أولئك) اسم إشارة مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ.. و (الكاف) حرف خطابـ (حبطت) فعل ماض. و (التاء) للتأنيث
(أعمال) فاعل مرفوع و (هم) مثل الأولـ (الواو) عاطفة
(في النار) جارّ ومجرور متعلّق بـ (خالدون) ،
(هم) ضمير منفصل في محلّ رفع مبتدأ
(خالدون) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
وجملة: «ما كان للمشركين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعمروا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «أولئك حبطت ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «حبطت أعمالهم» في محلّ رفع خبر المبتدأ أولئك.
وجملة: «هم خالدون» في محلّ رفع معطوفة على جملة حبطت أعمالهم.
- القرآن الكريم - التوبة٩ :١٧
At-Taubah9:17