وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ
وَالتِّيۡنِ وَالزَّيۡتُوۡنِۙ
تفسير ميسر:
أَقْسم الله بالتين والزيتون، وهما من الثمار المشهورة، وأقسم بجبل "طور سيناء" الذي كلَّم الله عليه موسى تكليمًا، وأقسم بهذا البلد الأمين من كل خوف وهو "مكة" مهبط الإسلام. لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة، ثم رددناه إلى النار إن لم يطع الله، ويتبع الرسل، لكن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم أجر عظيم غير مقطوع ولا منقوص.
سورة التين; قال مالك وشعبة عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب; كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في سفره في إحدى الركعتين بالتين والزيتون فما سمعت أحدا أحسن صوتا أو قراءة منه أخرج الجماعة في كتبهم. اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل المراد بالتين مسجد دمشق وقيل هي نفسها وقيل الجبل الذي عندها وقال القرطبي هو مسجد أصحاب الكهف وروى العوفي عن ابن عباس أنه مسجد نوح الذي على الجودي وقال مجاهد هو تينكم هذا "والزيتون" قال كعب الأحبار وقتادة وابن زيد وغيرهم هو مسجد بيت المقدس وقال مجاهد وعكرمة هو هذا الزيتون الذي تعصرون.
تفسير سورة التينمكية في قول الأكثروقال ابن عباس وقتادة ; هي مدنية ، وهي ثماني آياتبسم الله الرحمن الرحيموالتين والزيتونفيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; والتين والزيتون قال ابن عباس والحسن ومجاهد وعكرمة وإبراهيم النخعي وعطاء بن أبي رباح وجابر بن زيد ومقاتل والكلبي ; هو تينكم الذي تأكلون ، وزيتونكم الذي تعصرون منه الزيت قال الله تعالى ; وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصبغ للآكلين . وقال أبو ذر ; أهدي للنبي - صلى الله عليه وسلم - سل تين فقال ; " كلوا " وأكل منه . ثم قال ; " لو قلت إن فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه ; لأن فاكهة الجنة بلا عجم ، فكلوها فإنها تقطع البواسير ، وتنفع من النقرس " . وعن معاذ ; أنه استاك بقضيب زيتون ، وقال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ; " نعم السواك الزيتون من الشجرة المباركة ، يطيب الفم ، ويذهب بالحفر ، وهي سواكي وسواك الأنبياء من قبلي " .وروي عن ابن عباس أيضا ; التين ; مسجد نوح - عليه السلام - الذي بني على الجودي ، والزيتون ; مسجد بيت المقدس . وقال الضحاك ; التين ; المسجد الحرام ، والزيتون المسجد [ ص; 99 ] الأقصى .ابن زيد ; التين ; مسجد دمشق ، والزيتون ; مسجد بيت المقدس . قتادة ; التين ; الجبل الذي عليه دمشق ; والزيتون ; الجبل الذي عليه بيت المقدس . وقال محمد بن كعب ; التين ; مسجد أصحاب الكهف ، والزيتون ; مسجد إيلياء . وقال كعب الأحبار وقتادة أيضا وعكرمة وابن زيد ; التين ; دمشق ، والزيتون ; بيت المقدس . وهذا اختيار الطبري . وقال الفراء ; سمعت رجلا من أهل الشام يقول ; التين ; جبال ما بين حلوان إلى همذان ، والزيتون ; جبال الشام . وقيل ; هما جبلان بالشام ، يقال لهما طور زيتا وطور تينا بالسريانية سميا بذلك ; لأنهما ينبتانهما . وكذا روى أبو مكين عن عكرمة ، قال ; التين والزيتون ; جبلان بالشام . وقال النابغة ;صهب الظلال أتين التين عن عرض يزجين غيما قليلا ماؤه شبماوهذا اسم موضع . ويجوز أن يكون ذلك على حذف مضاف أي ومنابت التين والزيتون . ولكن لا دليل على ذلك من ظاهر التنزيل ، ولا من قول من لا يجوز خلافه قاله النحاس .وأصح هذه الأقوال الأول ; لأنه الحقيقة ، ولا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل . وإنما أقسم الله بالتين ; لأنه كان ستر آدم في الجنة لقوله تعالى ; يخصفان عليهما من ورق الجنة وكان ورق التين . وقيل ; أقسم به ليبين وجه المنة العظمى فيه فإنه جميل المنظر ، طيب المخبر ، نشر الرائحة ، سهل الجني ، على قدر المضغة . وقد أحسن القائل فيه ;انظر إلى التين في الغصون ضحى ممزق الجلد مائل العنقكأنه رب نعمة سلبت فعاد بعد الجديد في الخلقأصغر ما في النهود أكبره لكن ينادى عليه في الطرقوقال آخر ;التين يعدل عندي كل فاكهة إذا انثنى مائلا في غصنه الزاهيمخمش الوجه قد سالت حلاوته كأنه راكع من خشية اللهوأقسم بالزيتون ; لأنه مثل به إبراهيم في قوله تعالى ; يوقد من شجرة مباركة زيتونة . [ ص; 100 ] وهو أكثر أدم أهل الشام والمغرب يصطبغون به ، ويستعملونه في طبيخهم ، ويستصبحون به ، ويداوى به أدواء الجوف والقروح والجراحات ، وفيه منافع كثيرة . وقال - عليه السلام - ; كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة . وقد مضى في سورة ( المؤمنون ) القول فيه .الثالثة ; قال ابن العربي ولامتنان البارئ سبحانه ، وتعظيم المنة في التين ، وأنه مقتات مدخر فلذلك قلنا بوجوب الزكاة فيه . وإنما فر كثير من العلماء من التصريح بوجوب الزكاة فيه ، تقية جور الولاة فإنهم يتحاملون في الأموال الزكاتية ، فيأخذونها مغرما ، حسب ما أنذر به الصادق - صلى الله عليه وسلم - فكره العلماء أن يجعلوا لهم سبيلا إلى مال آخر يتشططون فيه ، ولكن ينبغي للمرء أن يخرج عن نعمة ربه ، بأداء حقه . وقد قال الشافعي لهذه العلة وغيرها ; لا زكاة في الزيتون . والصحيح وجوب الزكاة فيهما .
القول في تأويل قوله جل جلاله وتقدست أسماؤه; وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1)اختلف أهل التأويل في تأويل قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) فقال بعضهم; عُنِي بالتين; التين الذي يؤكل، والزيتون; الزيتون الذي يُعْصر.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا روح، قال; ثنا عوف، عن الحسن، في قول الله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; تينكم هذا الذي يؤكل، وزيتونكم هذا الذي يُعْصر.حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال; ثنا المعتمر بن سليمان، قال; سمعت الحكم يحدّث، عن عكرِمة، قال; التين; هو التين، والزيتون; الذي تأكلون.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا يحيى بن واضح، قال; ثنا الحسين، عن يزيد، عن عكرِمة ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; تينكم وزيتونكم.حدثني يعقوب، قال; ثنا ابن عُلَيَّة، عن أبي رجاء، قال; سُئِل عكرِمة عن قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; التين تينكم هذا، والزيتون; زيتونكم هذا.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا مؤمل، قال; ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; التين الذي يؤكل، والزيتون; الذي يعصر.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا عبد الرحمن، قال; ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران؛ وحدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، جميعا عن سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، مثله.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قول الله ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; الفاكهة التي تأكل الناس.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن سلام بن سليم، عن خصيف، عن مجاهد ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; هو تينكم وزيتونكم.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا مؤمل، قال; ثنا سفيان، عن حماد، عن إبراهيم، في قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; التين الذي يؤكل، والزيتون الذي يُعصر.حدثنا بن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن الكلبيّ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) هو الذي ترون.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتَادة، قال; قال الحسن، فى قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) ; التين تينكم، والزيتون زيتونكم هذا.وقال آخرون; التين; مسجد دمشق، والزيتون; بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك;حدثنا ابن بشار، قال; ثنا رَوْح، قال; ثنا عوف، عن يزيد أبي عبد الله، عن كعب أنه قال في قول الله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; التين; مسجد دمشق، والزيتون; بيت المقدس.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( وَالتِّينِ ) قال; الجبل الذي عليه دمشق ( وَالزَّيْتُونَ ) ; الذي عليه بيت المقدس.حدثنا بشر، قال; ثنا يزد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) ذُكر لنا أن التين الجبل الذي عليه دمشق، والزيتون; الذي عليه بيت المقدس.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، وسألته عن قول الله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) قال; التين; مسجد دمشق، والزيتون، مسجد إيلياء.حدثنا أبو كُرَيب، قال; ثنا وكيع، عن أبي بكر، عن عكرِمة ( وَالتِّينِ &; 24-503 &; وَالزَّيْتُونِ ) قال; هما جبلان.وقال آخرون; التين; مسجد نوح، والزيتون; مسجد بيت المقدس.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ ) يعني مسجد نوح الذي بني على الجوديّ، والزيتون; بيت المقدس؛ قال; ويقال; التين والزيتون وطور سينين; ثلاثة مساجد بالشام.والصواب من القول في ذلك عندنا; قول من قال; التين; هو التين الذي يُؤكل، والزيتون; هو الزيتون الذي يُعصر منه الزيت، لأن ذلك هو المعروف عند العرب، ولا يُعرف جبل يسمى تينا، ولا جبل يقال له زيتون، إلا أن يقول قائل; أقسم ربنا جلّ ثناؤه بالتين والزيتون. والمراد من الكلام; القسم بمنابت التين، ومنابت الزيتون، فيكون ذلك مذهبا، وإن لم يكن على صحة ذلك أنه كذلك دلالة في ظاهر التنـزيل، ولا من قول من لا يجوّز خلافه، لأن دمشق بها منابت التين، وبيت المقدس منابت الزيتون.
(التين) هو التين المعروف، وكذلك { الزَّيْتُونَ } أقسم بهاتين الشجرتين، لكثرة منافع شجرهما وثمرهما، ولأن سلطانهما في أرض الشام، محل نبوة عيسى ابن مريم عليه السلام.
الإعراب: (والتين) متعلّق بفعل محذوف تقديره أقسم
(هذا) اسم إشارة في محلّ جرّ معطوف على التين،
(البلد) بدل من اسم الإشارة- أو عطف بيان عليه- مجرور
(اللام) لام القسم
(قد) حرف تحقيق
(في أحسن) متعلّق بحال من الإنسان
(ثم) للعطف
(أسفل) حال منصوبة من ضمير الغائبـ (في رددناه) .جملة: «
(أقسم) بالتين ... » لا محلّ لها ابتدائيّة. وجملة: «خلقنا ... » لا محلّ لها جواب القسم. وجملة: «رددناه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب القسم.