الرسم العثمانيوَيَقُولُونَ لَوْلَآ أُنزِلَ عَلَيْهِ ءَايَةٌ مِّن رَّبِّهِۦ ۖ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانتَظِرُوٓا إِنِّى مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَيَقُوۡلُوۡنَ لَوۡلَاۤ اُنۡزِلَ عَلَيۡهِ اٰيَةٌ مِّنۡ رَّبِّهٖ ۚ فَقُلۡ اِنَّمَا الۡغَيۡبُ لِلّٰهِ فَانْتَظِرُوۡا ۚ اِنِّىۡ مَعَكُمۡ مِّنَ الۡمُنۡتَظِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
ويقول هؤلاء الكفرة المعاندون; هلاَّ أُنزل على محمد علم ودليل، وآية حسية من ربه نعلم بها أنه على حق فيما يقول، فقل لهم -أيها الرسول-; لا يعلم الغيب أحد إلا الله، فإن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، فانتظروا -أيها القوم- قضاء الله بيننا وبينكم بتعجيل عقوبته للمبطل منا، ونصرة صاحب الحق، إني منتظر ذلك.
أي ويقول هؤلاء الكفرة المكذبون المعاندون; لولا أنزل على محمد آية من ربه يعنون كما أعطى الله ثمود الناقة أو أن يحول لهم الصفا ذهبا أو يزيح عنهم جبال مكة ويجعل مكانها بساتين وأنهارا أو نحو ذلك مما الله عليه قادر ولكنه حكيم في أفعاله وأقواله كما قال تعالى; "تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا بل كذبوا بالساعة وأعتدنا لمن كذب بالساعة سعيرا" وكقوله "وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون" الآية. يقول تعالى; إن سنتي في خلقي أني إذا آتيتهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عاجلتهم بالعقوبة. ولهذا لما خير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين إعطائهم ما سألوا فإن آمنوا وإلا عذبوا وبين إنظارهم اختار إنظارهم كما حلم عنهم غير مرة رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ولهذا قال تعالى إرشادا لنبيه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم إلى الجواب عما سألوا "فقل إنما الغيب للّه" أي الأمر كله للّه وهو يعلم العواقب في الأمور "فانتظروا إنى معكم من المنتظرين" أي إن كنتم لا تؤمنون حتى تشاهدوا ما سألتم فانتظروا حكم الله في وفيكم. هذا مع أنهم قد شاهدوا من آياته صلي الله عليه وسلم أعظم مما سألوا حين أشار بحضرتهم إلى القمر ليلة إبداره فانشق اثنتين فرقة من وراء الجبل وفرقة من دونه. وهذا أعظم من سائر الآيات الأرضية مما سألوا وما لم يسألوا ولو علم الله منهم أنهم سألوا ذلك استرشادا وتثبيتا لأجابهم ولكن علم أنهم إنما يسألون عنادا وتعنتا فتركهم فيما رابهم وعلم أنهم لا يؤمن منهم أحد كقوله تعالى "إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية" الآية وقوله تعالى "ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى وحشرنا عليهم كل شيء قبلا ما كانوا ليؤمنوا إلا أن يشاء الله" الآية ولما فيهم من المكابرة كقوله تعالى "ولو فتحنا عليهم بابا من السماء" الآية وقوله تعالى "وإن يروا كسفا من السماء ساقطا" الآية وقال تعالى "ولو نزلنا عليك كتابا في قرطاس فلمسوه بأيديهم لقال الذين كفروا إن هذا إلا سحر مبين" فمثل هؤلاء أقل من أن يجابوا إلى ما سألوه لأنه لا فائده في جوابهم لأنه دائر على تعنتهم وعنادهم لكثرة فجورهم وفسادهم ولهذا قال "فانتظروا إني معكم من المنتظرين".
قوله تعالى ويقولون لولا أنزل عليه آية من ربه فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين يريد أهل مكة ; أي هلا أنزل عليه آية ، أي معجزة غير هذه المعجزة ، فيجعل لنا الجبال [ ص; 237 ] ذهبا ويكون له بيت من زخرف ، ويحيي لنا من مات من آبائنا . وقال الضحاك ; عصا كعصا موسى .فقل إنما الغيب لله أي قل يا محمد إن نزول الآية غيب . فانتظروا أي تربصوا . إني معكم من المنتظرين لنزولها . وقيل ; انتظروا قضاء الله بيننا بإظهار المحق على المبطل .
القول في تأويل قوله ; وَيَقُولُونَ لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (20)قال أبو جعفر ; يقول تعالى ذكره; ويقول هؤلاء المشركون; هلا أنـزل على محمد آيةٌ من ربه (30) ، يقول; عَلَمٌ ودليلٌ نعلم به أن محمدًا محق فيما يقول؟ (31) قال الله له; (فقل) يا محمد (إنما الغيب لله) ، أي ; لا يُعلم أحدٌ يفعل ذلك إلا هو جل ثناؤه، لأنه لا يعلم الغيب ، وهو السرُّ والخفيّ من الأمور (32) ، إلا الله ، فانتظروا أيها القوم ، قضاءَ الله بيننا ، بتعجيل عقوبته للمبطل منا ، وإظهاره المحقَّ عليه، إني معكم ممن ينتظر ذلك. ففعل ذلك جل ثناؤه فقضى بينهم وبينه بأن قتلهم يوم بدرٍ بالسيف.* * *الهوامش;(30) انظر تفسير " لولا " فيما سلف من فهارس مباحث العربية والنحو وغيرها .(31) انظر تفسير " آية " فيما سلف من فهارس اللغة ( أيى ) .(32) انظر تفسير " الغيب " فيما سلف من فهارس اللغة ( غيب ) .
{وَيَقُولُونَ} أي: المكذبون المتعنتون، {لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ} يعنون: آيات الاقتراح التي يعينونها كقولهم: {لَوْلَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيرًا} الآيات. وكقولهم: {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا} الآيات. {فَقُلْ} لهم إذا طلبوا منك آية {إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ} أي: هو المحيط علما بأحوال العباد، فيدبرهم بما يقتضيه علمه فيهم وحكمته البديعة، وليس لأحد تدبير في حكم ولا دليل، ولا غاية ولا تعليل. {فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ} أي: كل ينتظر بصاحبه ما هو أهل له، فانظروا لمن تكون العاقبة.
(الواو) عاطفة
(يقولون) مثل يختلفون ،
(لولا) حرف تحضيض بمعنى هلّا
(أنزل) فعل ماض مبنيّ للمجهولـ (على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنزل) ،
(آية) نائب الفاعل مرفوع
(من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أنزل) ، و (الهاء) مضاف إليه
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(الغيب) مبتدأ مرفوع
(لله) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر المبتدأ
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدّر آخر
(انتظروا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعلـ (إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ- و (الياء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(مع) ظرف منصوب متعلّق بالمنتظرين ، و (كم) ضمير مضاف إليه
(من المنتظرين) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر إنّ، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «يقولون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة يعبدون .
وجملة: «لولا أنزل.. آية» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «قل ... » جواب شرط مقدّر أي إن يقولوا هذا القول فقل..
وجملة: «الغيب لله» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «انتظروا....» في محلّ جزم جواب شرط مقدّر أي إن لم تؤمنوا فانتظروا..
وجملة: «إنّي.. من المنتظرين» لا محلّ لها في حكم التعليل.
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٢٠
Yunus10:20