الرسم العثمانيوَقُل لِّعِبَادِى يَقُولُوا الَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطٰنَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطٰنَ كَانَ لِلْإِنسٰنِ عَدُوًّا مُّبِينًا
الـرسـم الإمـلائـيوَقُلْ لِّعِبَادِىۡ يَقُوۡلُوا الَّتِىۡ هِىَ اَحۡسَنُؕ اِنَّ الشَّيۡطٰنَ يَنۡزَغُ بَيۡنَهُمۡؕ اِنَّ الشَّيۡطٰنَ كَانَ لِلۡاِنۡسَانِ عَدُوًّا مُّبِيۡنًا
تفسير ميسر:
وقل لعبادي المؤمنين يقولوا في تخاطبهم وتحاورهم الكلام الحسن الطيب؛ فإنهم إن لم يفعلوا ذلك ألقى الشيطان بينهم العداوة والفساد والخصام. إن الشيطان كان للإنسان عدوًا ظاهر العداوة.
يأمر تبارك وتعالى عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمر عباد الله المؤمنين أن يقولوا في مخاطباتهم ومحاوراتهم الكلام الأحسن والكلمة الطيبة فإنهم إن لم يفعلوا ذلك نزغ الشيطان بينهم وأخرج الكلام إلى الفعال ووقع الشر والمخاصمة والمقاتلة فإنه عدو لآدم وذريته من حين امتنع من السجود لآدم وعداوته ظاهرة بينة ولهذا نهى أن يشير الرجل إلى أخيه المسلم بحديدة فإن الشيطان ينزغ في يده أي فربما أصابه بها. وقال الإمام أحمد حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يشيرن أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان أن ينزغ في يده فيقع في حفرة من النار" أخرجاه من حديث عبدالرزاق. وقال الإمام أحمد; حدثنا عفان حدثنا حماد أنبأنا علي بن زيد عن الحسن قال حدثني رجل من بني سليط قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في رفلة من الناس فسمعته يقول "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى ههنا" قال حماد وقال بيده إلى صدره "وما تواد رجلان في الله ففرق بينهما إلا حدث يحدثه أحدهما والمحدث شر والمحدث شر والمحدث شر".
قوله تعالى ; وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن إن الشيطان ينزغ بينهم إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبيناقوله تعالى ; وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن تقدم إعرابه . والآية نزلت في عمر بن الخطاب . وذلك أن رجلا من العرب شتمه ، وسبه عمر وهم بقتله ، فكادت تثير فتنة فأنزل الله - تعالى - فيه ; وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ذكره الثعلبي والماوردي وابن عطية والواحدي . وقيل ; نزلت لما قال المسلمون ; إيذن لنا يا رسول الله في قتالهم فقد طال إيذاؤهم إيانا ، فقال ; لم أومر بعد بالقتال فأنزل الله - تعالى - ; وقل لعبادي يقولوا التي هي أحسن ; قاله الكلبي . وقيل ; المعنى قل لعبادي الذين اعترفوا بأني خالقهم وهم يعبدون الأصنام ، يقولوا التي هي أحسن من كلمة التوحيد والإقرار بالنبوة . وقيل ; المعنى وقل لعبادي المؤمنين إذا جادلوا الكفار في التوحيد ، أن يقولوا الكلمة التي هي أحسن . كما قال ; ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم . وقال الحسن ; هو أن يقول للكافر إذا تشطط ; هداك الله ! يرحمك الله ! وهذا قبل أن أمروا بالجهاد . وقيل ; المعنى قل لهم يأمروا بما أمر الله به وينهوا عما نهى الله عنه ; وعلى هذا تكون الآية عامة في المؤمن والكافر ، أي قل للجميع . والله أعلم . وقالت طائفة ; أمر الله - تعالى - في هذه الآية المؤمنين فيما بينهم خاصة ، بحسن الأدب وإلانة القول ، وخفض الجناح وإطراح نزغات الشيطان ; وقد قال - صلى الله عليه وسلم - ; وكونوا عباد الله إخوانا . وهذا أحسن ، وتكون الآية محكمة .إن الشيطان ينزغ بينهم أي بالفساد وإلقاء العداوة والإغواء . وقد تقدم في آخر [ الأعراف ] [ ويوسف ] . يقال ; نزغ بيننا أي أفسد ; قاله اليزيدي . وقال غيره ; النزغ الإغراء .إن الشيطان كان للإنسان عدوا مبينا أي شديد العداوة . وقد تقدم في [ البقرة ] . وفي الخبر ( أن قوما جلسوا يذكرون الله ، - عز وجل - فجاء الشيطان ليقطع مجلسهم فمنعته الملائكة فجاء إلى قوم جلسوا قريبا منهم لا يذكرون الله فحرش بينهم فتخاصموا وتواثبوا فقال هؤلاء [ ص; 250 ] الذاكرون قوموا بنا نصلح بين إخواننا فقاموا وقطعوا مجلسهم وفرح بذلك الشيطان ) . فهذا من بعض عداوته .
وقوله ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) يقول تعالى ذكره لنبيّه محمد صلى الله عليه وسلم;وقل يا محمد لعبادي يقل بعضهم لبعض التي هي أحسن من المحاورة والمخاطبة.كما حدثنا خلاد بن أسلم، قال; ثنا النضر ، قال; أخبرنا المبارك، عن الحسن في هذه الآية ( وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ) قال; التي هي أحسن، لا يقول له مثل قوله يقول له; يرحمك الله يغفر الله لك.وقوله ( إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنـزغُ بَيْنَهُمْ ) يقول; إن الشيطان يسوء محاورة بعضهم بعضا ينـزغ بينهم، يقول; يفسد بينهم، يهيج بينهم الشر ( إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلإنْسَانِ عَدُوًّا مُبِينًا ) يقول; إن الشيطان كان لآدم وذرّيته عدوّا، قد أبان لهم عداوته بما أظهر لآدم من الحسد، وغروره إياه حتى أخرجه من الجنة.
وهذا من لطفه بعباده حيث أمرهم بأحسن الأخلاق والأعمال والأقوال الموجبة للسعادة في الدنيا والآخرة فقال: { وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } وهذا أمر بكل كلام يقرب إلى الله من قراءة وذكر وعلم وأمر بمعروف ونهي عن منكر وكلام حسن لطيف مع الخلق على اختلاف مراتبهم ومنازلهم، وأنه إذا دار الأمر بين أمرين حسنين فإنه يأمر بإيثار أحسنهما إن لم يمكن الجمع بينهما. والقول الحسن داع لكل خلق جميل وعمل صالح فإن من ملك لسانه ملك جميع أمره. وقوله: { إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ } أي: يسعى بين العباد بما يفسد عليهم دينهم ودنياهم. فدواء هذا أن لا يطيعوه في الأقوال غير الحسنة التي يدعوهم إليها، وأن يلينوا فيما بينهم لينقمع الشيطان الذي ينزغ بينهم فإنه عدوهم الحقيقي الذي ينبغي لهم أن يحاربوه فإنه يدعوهم { ليكونوا من أصحاب السعير } وأما إخوانهم فإنهم وإن نزغ الشيطان فيما بينهم وسعى في العداوة فإن الحزم كل الحزم السعي في ضد عدوهم وأن يقمعوا أنفسهم الأمارة بالسوء التي يدخل الشيطان من قبلها فبذلك يطيعون ربهم ويستقيم أمرهم ويهدون لرشدهم.
(الواو) استئنافيّة
(قل) فعل أمر، والفاعل أنت
(لعبادي) جارّ ومجرور متعلّق بـ (قل) ، وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة على ما قبل الياء، و (الياء) ضمير مضاف إليه
(يقولوا) مضارع مجزوم جواب الطلب، وعلامة الجزم حذف النون.. و (الواو) فاعلـ (التي) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به ،
(هي) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(أحسن) خبر مرفوع
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الشيطان) اسم إنّ منصوبـ (ينزغ) مضارع مرفوع، والفاعل هو (بينهم) ظرف منصوب متعلّق بـ ((ينزغ) ،
(هم) ضمير مضاف إليه
(إنّ الشيطان) مثل الأولى
(كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو (للإنسان) جارّ ومجرور متعلّق بـ (عدوّا) خبر كان منصوبـ (مبينا) نعت لـ (عدوّا) منصوب.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «يقولوا ... » لا محلّ لها جواب شرط مقدّر غير مقترنة بالفاء أي: إن تطلب منهم يقولوا ... ومقول القول لـ (قل) محذوف أي ما تريد قوله.وجملة: «هي أحسن ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (التي) وجملة: «إنّ الشيطان ينزغ ... » لا محلّ لها تعليل لـ (يقولوا) وجملة: «ينزغ ... » في محلّ رفع خبر إنّ وجملة: «إنّ الشيطان كان ... » لا محلّ لها تعليل لـ (ينزغ) وجملة: «كان للإنسان ... » في محلّ رفع خبر إنّ الثاني.
- القرآن الكريم - الإسراء١٧ :٥٣
Al-Isra'17:53