فَأَتْبَعَ سَبَبًا
فَاَ تۡبَعَ سَبَبًا
تفسير ميسر:
فأخذ بتلك الأسباب والطرق بجد واجتهاد.
قال ابن عباس " فأتبع سببًا " يعني بالسبب المنزل وقال مجاهد فأتبع سببًا منزلا وطريقًا ما بين المشرق والمغرب وفي رواية عن مجاهد " سببًا " قال طرفي الأرض وقال قتادة أي أتبع منازل الأرض ومعالمها وقال الضحاك " فأتبع سببًا " أي المنازل وقال سعيد بن جبير في قوله; " فأتبع سببًا " قال علمًا وهكذا قال عكرمة وعبيد بن يعلى والسدي وقال مطر; معالم وآثار كانت قبل ذلك.
فأتبع سببا قرأ ابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي فأتبع سببا مقطوعة الألف وقرأ أهل المدينة وأبو عمرو " فاتبع سببا " بوصلها ; أي اتبع سببا من الأسباب التي أوتيها . قال الأخفش ; تبعته وأتبعته بمعنى ; مثل ردفته وأردفته ، ومنه قوله - تعالى - ; إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب ومنه الإتباع في الكلام مثل حسن بسن وقبيح شقيح . قال النحاس ; واختار أبو عبيد قراءة أهل الكوفة قال ; لأنها من السير ، وحكى هو والأصمعي أنه يقال ; تبعه واتبعه إذا سار ولم يلحقه ، وأتبعه إذا لحقه ; قال أبو عبيد ; ومثله فأتبعوهم مشرقين قال النحاس ; وهذا التفريق وإن كان الأصمعي قد حكاه لا يقبل إلا بعلة أو دليل . وقوله - عز وجل - ; فأتبعوهم مشرقين ليس في الحديث أنهم لحقوهم ، وإنما الحديث ; لما خرج موسى - عليه السلام - وأصحابه من البحر وحصل فرعون وأصحابه انطبق عليهم البحر والحق في هذا أن تبع واتبع وأتبع لغات بمعنى واحد ، وهي بمعنى السير ، فقد يجوز أن يكون معه لحاق وألا يكون .
القول في تأويل قوله ; ( فَأَتْبَعَ سَبَبًا ) اختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة ، فاتبع بوصل الألف، وتشديد التاء، بمعنى; سلك وسار، من قول القائل; اتَّبعت أثر فلان; إذا قفوته ؛ وسرت وراءه. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( فَأَتْبَعَ) بهمز الألف، وتخفيف التاء، بمعنى لحق.وأولى القراءتين في ذلك بالصواب; قراءة من قرأه ( فَاتَّبَعَ) بوصل الألف، وتشديد التاء، لأن ذلك خبر من الله تعالى ذكره عن مسير ذي القرنين في الأرض التي مكن له فيها، لا عن لحاقه السبب، وبذلك جاء تأويل أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثنا محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( فَاتَّبَعَ سَبَبا ) يعني بالسبب ، المنـزل.حدثنا محمد بن عمرو، قال ; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى ، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله; (سَبَبا) قال; منـزلا وطريقا ما بين المشرق والمغرب.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جريج ، عن مجاهد، نحوه.حدثني محمد بن عمارة الأسدي، قال; ثنا عبيد الله بن موسى، قال; أخبرنا إسرائيل، عن أبي يحيى، عن مجاهد ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال; طريقا في الأرض.حدثنا بشر، قال; يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( فاتَّبَعَ سَبَبا ); اتبع منازل الأرض ومعالمها.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال; هذه الآن سبب الطرق (1) كما قال فرعون يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ * أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ قال; طرق السماوات.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال ; أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله; ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال; منازل الأرض.حُدثت عن الحسين، قال; سمعت أبا معاذ يقول; أخبرنا عبيد، قال; سمعت الضحاك يقول، في قوله ( فاتَّبَعَ سَبَبا ) قال; المنازل.--------------------------------------------------------------------------------الهوامش;(1) عبارة الدر ; هذه الآن الطرق ، ثم قال ; والشيء يكون اسمه واحدا ، وهو متفرق في المعنى .
تفسير الآيتين 84 و 85 :ـ{ إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ ْ} أي: ملكه الله تعالى، ومكنه من النفوذ في أقطار الأرض، وانقيادهم له. { وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا فَأَتْبَعَ سَبَبًا ْ} أي: أعطاه الله من الأسباب الموصلة له لما وصل إليه، ما به يستعين على قهر البلدان، وسهولة الوصول إلى أقاصي العمران، وعمل بتلك الأسباب التي أعطاه الله إياها، أي: استعملها على وجهها، فليس كل من عنده شيء من الأسباب يسلكه، ولا كل أحد يكون قادرا على السبب، فإذا اجتمع القدرة على السبب الحقيقي والعمل به، حصل المقصود، وإن عدما أو أحدهما لم يحصل.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة