يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقٰتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذٰى كَالَّذِى يُنفِقُ مَالَهُۥ رِئَآءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْءَاخِرِ ۖ فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُۥ وَابِلٌ فَتَرَكَهُۥ صَلْدًا ۖ لَّا يَقْدِرُونَ عَلٰى شَىْءٍ مِّمَّا كَسَبُوا ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكٰفِرِينَ
يٰۤـاَيُّهَا الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا لَا تُبۡطِلُوۡا صَدَقٰتِكُمۡ بِالۡمَنِّ وَالۡاَذٰىۙ كَالَّذِىۡ يُنۡفِقُ مَالَهٗ رِئَآءَ النَّاسِ وَلَا يُؤۡمِنُ بِاللّٰهِ وَالۡيَوۡمِ الۡاٰخِرِؕ فَمَثَلُهٗ كَمَثَلِ صَفۡوَانٍ عَلَيۡهِ تُرَابٌ فَاَصَابَهٗ وَابِلٌ فَتَرَكَهٗ صَلۡدًا ؕ لَا يَقۡدِرُوۡنَ عَلٰى شَىۡءٍ مِّمَّا كَسَبُوۡا ؕ وَاللّٰهُ لَا يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الۡـكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
يا من آمنتم بالله واليوم الآخر لا تُذْهِبُوا ثواب ما تتصدقون به بالمنِّ والأذى، فهذا شبيه بالذي يخرج ماله ليراه الناس، فيُثنوا عليه، وهو لا يؤمن بالله ولا يوقن باليوم الآخر، فمثل ذلك مثل حجر أملس عليه تراب هطل عليه مطر غزير فأزاح عنه التراب، فتركه أملس لا شيء عليه، فكذلك هؤلاء المراؤون تضمحلُّ أعمالهم عند الله، ولا يجدون شيئًا من الثواب على ما أنفقوه. والله لا يوفق الكافرين لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها.
وقد روى النسائي عن مالك بن سعد عن عمه روح بن عبادة عن عتاب بن بشير عن خصيف الجراري عن مجاهد عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا عاق لوالديه ولا منان وقد رواه ابن أبي حاتم عن الحسن بن المنهال عن محمد بن عبدالله بن عصار الموصلي عن عتاب عن خصيف عن مجاهد عن ابن عباس ورواه النسائي من حديث عبد الكريم بن مالك الحوري عن مجاهد قوله وقد روي عن مجاهد عن أبي سعيد وعن مجاهد عن أبي هريرة نحوه ولهذا قال الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى" فأخبر أن الصدقة تبطل بما يتبعها من المن والأذى فما بقي ثواب الصدقة بخطيئة المن والأذى ثم قال تعالى "كالذي ينفق ماله رئاء الناس" أي لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كما تبطل صدقة من راءى بها الناس فأظهر لهم أنه يريد وجه الله وإنما قصده مدح الناس له أو شهرته بالصفات الجميلة ليشكر بين الناس أو يقال إنه كريم ونحو ذلك من المقاصد الدنيوية مع قطع نظره عن معاملة الله تعالى ابتغاء مرضاته وجزيل ثوابه ولهذا قال "ولا يؤمن بالله واليوم الآخر" ثم ضرب تعالى مثل ذلك المرائي بإنفاقه قال الضحاك; والذي يتبع نفقته منا أو أذى فقال "فمثله كمثل صفوان" وهو جمع صفوانة فمنهم من يقول الصفوان يستعمل مفردا. أيضا وهو الصفا وهو الصخر الأملس "عليه تراب فأصابه وابل" هو المطر الشديد "فتركه صلدا" أي فترك الوابل ذلك الصفوان صلدا أي أملس يابسا أي لا شيء عليه من ذلك التراب بل قد ذهب كله أي وكذلك أعمال المرائين تذهب وتضمحل عند الله وإن ظهر لهم أعمال فيما يرى الناس كالتراب ولهذا قال "لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين".
قوله تعالى ; ياأيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرينفيه ثلاث مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; بالمن والأذى قد تقدم معناه وعبر تعالى عن عدم القبول وحرمان الثواب بالإبطال ، والمراد الصدقة التي يمن بها ويؤذي ، لا غيرها . والعقيدة أن السيئات لا تبطل الحسنات ولا تحبطها ، فالمن والأذى في صدقة لا يبطل صدقة غيرها .قال جمهور العلماء في هذه الآية ; إن الصدقة التي يعلم الله من صاحبها أنه يمن أو يؤذي بها فإنها لا تقبل . وقيل ; بل قد جعل الله للملك عليها أمارة فهو لا يكتبها ، وهذا حسن . والعرب تقول لما يمن به ; يد سوداء . ولما يعطى عن غير مسألة ; يد بيضاء . ولما يعطى عن مسألة ; يد خضراء . وقال بعض البلغاء ; من من بمعروفه سقط شكره ، ومن أعجب بعمله حبط أجره . وقال بعض الشعراء ;وصاحب سلفت منه إلي يد أبطأ عليه مكافاتي فعاداني لما تيقن أن الدهر حاربنيأبدى الندامة فيما كان أولانيوقال آخر ;أفسدت بالمن ما أسديت من حسن ليس الكريم إذا أسدى بمنانوقال أبو بكر الوراق فأحسن ;أحسن من كل حسن في كل وقت وزمنصنيعة مربوبة خالية من المنن[ ص; 284 ] وسمع ابن سيرين رجلا يقول لرجل ; فعلت إليك وفعلت فقال له ; اسكت فلا خير في المعروف إذا أحصي . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ; إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر - ثم تلا - لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى .الثانية ; قال علماؤنا رحمة الله عليهم ; كره مالك لهذه الآية أن يعطي الرجل صدقته الواجبة أقاربه لئلا يعتاض منهم الحمد والثناء ، ويظهر منته عليهم ويكافئوه عليها فلا تخلص لوجه الله تعالى . واستحب أن يعطيها الأجانب ، واستحب أيضا أن يولي غيره تفريقها إذا لم يكن الإمام عدلا ، لئلا تحبط بالمن والأذى والشكر والثناء والمكافأة بالخدمة من المعطى . وهذا بخلاف صدقة التطوع السر ؛ لأن ثوابها إذا حبط سلم من الوعيد وصار في حكم من لم يفعل ، والواجب إذا حبط ثوابه توجه الوعيد عليه لكونه في حكم من لم يفعل .الثالثة ; قوله تعالى ; كالذي ينفق ماله رئاء الناس الكاف في موضع نصب ، أي إبطال " كالذي " فهي نعت للمصدر المحذوف . ويجوز أن تكون موضع الحال . مثل الله تعالى الذي يمن ويؤذي بصدقته بالذي ينفق ماله رئاء الناس لا لوجه الله تعالى ، وبالكافر الذي ينفق ليقال جواد وليثنى عليه بأنواع الثناء . ثم مثل هذا المنفق أيضا بصفوان عليه تراب فيظنه الظان أرضا منبتة طيبة ، فإذا أصابه وابل من المطر أذهب عنه التراب وبقي صلدا ، فكذلك هذا المرائي . فالمن والأذى والرياء تكشف عن النية في الآخرة فتبطل الصدقة كما يكشف الوابل عن الصفوان ، وهو الحجر الكبير الأملس . وقيل ; المراد بالآية إبطال الفضل دون الثواب ، فالقاصد بنفقته الرياء غير مثاب كالكافر ؛ لأنه لم يقصد به وجه الله تعالى فيستحق الثواب . وخالف صاحب المن والأذى القاصد وجه الله المستحق ثوابه - وإن كرر عطاءه - وأبطل فضله . وقد قيل ; إنما يبطل من ثواب صدقته من وقت منه وإيذائه ، وما قبل ذلك يكتب له ويضاعف ، فإذا من وآذى انقطع التضعيف ؛ لأن الصدقة تربى لصاحبها حتى تكون أعظم من الجبل ، فإذا خرجت من يد صاحبها خالصة على الوجه المشروع ضوعفت ، فإذا جاء المن بها والأذى وقف بها هناك وانقطع زيادة التضعيف عنها ، والقول الأول أظهر والله أعلم . والصفوان جمع واحده صفوانة ، قاله الأخفش . قال ; وقال بعضهم ; صفوان واحد ، مثل حجر . وقال الكسائي ; صفوان واحد وجمعه صفوان وصفي وصفي ، وأنكره المبرد وقال ; إنما صفي جمع صفا كقفا وقفي ، ومن هذا المعنى الصفواء والصفا ، وقد تقدم . وقرأ سعيد بن المسيب والزهري " صفوان " بتحريك الفاء ، وهي لغة . وحكى قطرب ( صفوان ) . قال النحاس ; صفوان وصفوان يجوز أن يكون جمعا ويجوز أن يكون واحدا ، إلا أن الأولى به أن يكون واحدا لقوله عز وجل ; [ ص; 285 ] عليه تراب فأصابه وابل وإن كان يجوز تذكير الجمع إلا أن الشيء لا يخرج عن بابه إلا بدليل قاطع ، فأما ما حكاه الكسائي في الجمع فليس بصحيح على حقيقة النظر ، ولكن ( صفوان ) جمع صفا ، وصفا بمعنى صفوان ، ونظيره ورل وورلان وأخ وإخوان وكرا وكروان ، كما قال الشاعر ;لنا يوم وللكروان يوم تطير البائسات ولا نطيروالضعيف في العربية ( كروان ) جمع ( كروان ) ، وصفي وصفي جمع صفا مثل عصا . والوابل ; المطر الشديد . وقد وبلت السماء تبل ، والأرض موبولة . قال الأخفش ; ومنه قوله تعالى ; أخذناه أخذا وبيلا ؛ أي شديدا . وضرب وبيل ، وعذاب وبيل أي شديد . والصلد ; الأملس من الحجارة . قال الكسائي ; صلد يصلد صلدا بتحريك اللام فهو صلد بالإسكان ، وهو كل ما لا ينبت شيئا ، ومنه جبين أصلد ، وأنشد الأصمعي لرؤبة ;براق أصلاد الجبين الأجلهقال النقاش ; الأصلد الأجرد بلغة هذيل .ومعنى لا يقدرون يعني المرائي والكافر والمان على شيء أي على الانتفاع بثواب شيء من إنفاقهم وهو كسبهم عند حاجتهم إليه ، إذا كان لغير الله فعبر عن النفقة بالكسب ؛ لأنهم قصدوا بها الكسب . وقيل ; ضرب هذا مثلا للمرائي في إبطال ثوابه ولصاحب المن والأذى في إبطال فضله ، ذكره الماوردي .
القول في تأويل قوله ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِقال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; ( يا أيها الذين آمنوا )، صدّقوا الله ورسوله =( لا تبطلوا صدقاتكم ), يقول; لا تبطلوا أجورَ صدَقاتكم بالمنّ والأذى, كما أبطل كفر الذي ينفق ماله =( رئاء الناس ), وهو مراءاته إياهم بعمله، وذلك أن ينفق ماله فيما يرى الناسُ في الظاهر أنه يريد الله تعالى ذكره فيحمدونه عليه، وهو غيرُ مريدٍ به الله ولا طالب منه الثواب، (84) . وإنما ينفقه كذلك ظاهرًا &; 5-522 &; ليحمده الناس عليه فيقولوا; " هو سخيّ كريم, وهو رجل صالحٌ" فيحسنوا عليه به الثناء، وهم لا يعلمون ما هو مستبطن من النية في إنفاقه ما أنفق, فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر.* * *وأما قوله; ( ولا يؤمن بالله واليوم الآخر )، فإن معناه; ولا يصدق بوحدانية الله ورُبوبيته, ولا بأنه مبعوث بعد مماته فمجازًى على عمله, فيجعل عمله لوجه الله وطلب ثوابه وما عنده في معاده. وهذه صفة المنافق; وإنما قلنا إنه منافق, لأن المظهرَ كفرَه والمعلنَ شركه، معلوم أنه لا يكون بشيء من أعماله مرائيًا. لأن المرائي هو الذي يرائي الناس بالعمل الذي هو في الظاهر لله، وفي الباطن مريبة سريرةُ عامله، مرادٌه به حمد الناس عليه. (85) . والكافر لا يُخِيلُ على أحدٍ أمرُه أن أفعاله كلها إنما هي للشيطان (86) - إذا كان معلنًا كفرَه - لا لله. ومن كان كذلك، فغير كائن مرائيًا بأعماله.* * *وبنحو ما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;6039 - حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال أبو هانئ الخولاني, عن عمرو بن حريث, قال; إن الرجل يغزو, لا يسرق ولا يزني ولا يَغُلّ, لا يرجع بالكفاف! فقيل له; لم ذاك؟ قال; إن الرجل ليخرج، (87) . فإذا أصابه من &; 5-523 &; بلاءِ الله الذي قد حكم عليه، سبَّ ولعَن إمامَه ولعَن ساعة غزا, وقال; لا أعود لغزوة معه أبدًا! فهذا عليه, وليس له = مثلُ النفقة في سبيل الله يتبعها منٌّ وأذى. فقد ضرب الله مثلها في القرآن; ( يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صَدقاتكم بالمنّ والأذى )، حتى ختم الآية. (88) .* * *القول في تأويل قوله تعالى ; فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; فمثل هذا الذي ينفق ماله رئاء الناس, ولا يؤمن بالله واليوم الآخر = و " الهاء " في قوله; ( فمثله ) عائدة على " الذي" =( كمثل صفوان )، و " الصفوان " واحدٌ وجمعٌ, فمن جعله جمعًا فالواحدة " صفوانة "، (89) . بمنـزلة " تمرة وتمر " و " نخلة ونخل ". ومن جعله واحدًا، جمعه " صِفْوان، وصُفِيّ، وصِفِيّ", (90) . كما قال الشاعر; (91) .* مَوَاقعُ الطَّيْرِ عَلَى الصُّفِيِّ * (92)&; 5-524 &;و " الصفوان " هو " الصفا ", وهي الحجارة الملس.* * *وقوله; ( عليه تراب )، يعني; على الصفوان ترابٌ =( فأصابه ) يعني; أصاب الصفوان =( وابل )، وهو المطر الشديد العظيم, كما قال امرؤ القيس;سَـــاعَةً ثُــمَّ انْتَحَاهَــا وَابِــلٌسَـــاقِطُ الأكْنَــافِ وَاهٍ مُنْهَمِــرُ (93)يقال منه; " وَبلت السماء فهي تَبِل وَبْلا ", وقد; " وُبلت الأرض فهي تُوبَل ".* * *وقوله; ( فتركه صلدًا ) يقول; فترك الوابلُ الصفوانَ صَلدًا.و " الصلد " من الحجارة; الصلب الذي لا شيء عليه من نبات ولا غيره, وهو من الأرَضين ما لا ينبت فيه شيء, وكذلك من الرؤوس, (94) . كما قال رؤبة;لَمَّـــا رَأَتْنِــي خَــلَقَ المُمَــوَّهِبَــرَّاقَ أَصْــلادِ الجَــبِينِ الأجْلَـهِ (95)&; 5-525 &;ومن ذلك يقال للقدر الثخينة البطيئة الغلي; " قِدْرٌ صَلود "," وقد صَلدت تصْلُدُ صُلودًا " , ومنه قول تأبط شرًّا;وَلَسْـتُ بِجِـلْبٍ جِـلْبِ رَعْـدٍ وَقِـرَّةٍوَلا بِصَفًـا صَلْـدٍ عَـنِ الخَـيْرِ أعْزَلِ (96)* * *ثم رجع تعالى ذكره إلى ذكر المنافقين الذين ضرب المثلَ لأعمالهم, فقال; فكذلك أعمالهم بمنـزلة الصَّفوان الذي كان عليه تراب, (97) . فأصابه الوابلُ من المطر, فذهب بما عليه من التراب, فتركه نقيًّا لا تراب عليه ولا شيء = يراهُم المسلمون في الظاهر أنّ لهم أعمالا - كما يُرى التراب على هذا الصفوان - بما يراؤونهم به, فإذا كان يوم القيامة وصاروا إلى الله، اضمحلّ ذلك كله, لأنه لم يكن لله، &; 5-526 &; كما ذهب الوابل من المطر بما كانَ على الصفوان من التراب, فتركه أملسَ لا شيء عليه= فذلك قوله; ( لا يقدرون ), يعني به; الذين ينفقون أموالهم رئاء الناس, ولا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر, يقول; لا يقدرون يوم القيامة على ثواب شيء مما كسبوا في الدنيا, لأنهم لم يعملوا لمعادهم، ولا لطلب ما عند الله في الآخرة, ولكنهم عملوه رئاء الناس وطلبَ حمدهم. وإنما حظهم من أعمالهم، ما أرادوه وطلبوه بها.* * *ثم أخبر تعالى ذكره أنه ( لا يهدي القوم الكافرين ), يقول; لا يسدّدهم لإصابة الحق في نفقاتهم وغيرها، فيوفقهم لها, وهم للباطل عليها مؤثرون, ولكنه يتركهم في ضلالتهم يعمهون (98) .فقال تعالى ذكره للمؤمنين; لا تكونوا كالمنافقين الذين هذا المثل صفةُ أعمالهم, فتبطلوا أجور صدقاتكم بمنِّكم على من تصدقتم بها عليه وأذاكم لهم, كما أبطل أجر نفقة المنافق الذي أنفق ماله رئاء الناس, وهو غير مؤمن بالله واليوم الآخر، عند الله. (99) .* * *وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;6040 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى فقرأ حتى بلغ; (عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا)، فهذا مثل ضربه الله لأعمال الكفار يوم القيامة يقول; لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ, كما ترك هذا المطر الصفاةَ الحجرَ ليس &; 5-527 &; عليه شيء، أنقى ما كان عليه. (100) .6041 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع; لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ إلى قوله; ( والله لا يهدي القوم الكافرين )، هذا مثل ضربه الله لأعمال الكافرين يوم القيامة, يقول; لا يقدرون على شيء مما كسبوا يومئذ, كما ترك هذا المطر الصفا نقيًّا لا شيء عليه.6042 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي; لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى إلى قوله; ( على شيء مما كسبوا ) أما الصفوان الذي عليه تراب، فأصابه المطر فذهب ترابه فتركه صلدًا. فكذلك هذا الذي ينفق ماله رياء الناس، (101) . ذهب الرياءُ بنفقته, كما ذهب هذا المطر بتراب هذا الصفا فتركه نقيًّا, فكذلك تركه الرياء لا يقدر على شيء مما قدم. فقال للمؤمنين; لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى فتبطل كما بطلت صَدقة الرياء.6043 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك, قال; أن لا ينفق الرجل ماله, خير من أن ينفقه ثم يتبعه منًّا وأذى. فضرب الله مثله كمثل كافر أنفق ماله لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر, فضرب الله مثلهما جميعًا; ( كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا ) فكذلك من أنفق ماله ثم أتبعه منًّا وأذى.6044 - حدثني محمد بن سعد, قال; حدثنى أبي, قال; حدثني عمي, قال; حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى إلى ( كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء, وكذلك المنافق يوم القيامة لا يقدر على شيء مما كسب.6045 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, قال; &; 5-528 &; قال ابن جريج في قوله; لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى قال; يمنّ بصدقته ويؤذيه فيها حتى يبطلها.6046 - حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد في قوله; ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلا أَذًى ، فقرأ; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى حتى بلغ; ( لا يقدرون على شيء مما كسبوا ) ثم قال; أترى الوابل يدع من التراب على الصفوان شيئًا؟ فكذلك منُّك وأذاك لم يدع مما أنفقت شيئًا. وقرأ قوله; يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى ، وقرأ; وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ ، فقرأ حتى بلغ; وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ . [البقرة; 270-272]. (102) .* * *القول في تأويل قوله عز وجل ; صَفْوَانٍقد بينا معنى " الصفوان " بما فيه الكفاية, (103) . غير أنا أردنا ذكر من قال مثل قولنا في ذلك من أهل التأويل.6047 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس قوله; ( كمثل صفوان ) كمثل الصفاة.6048 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك; ( كمثل صفوان ) والصفوان; الصفا.6049 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.&; 5-529 &;6050 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي; أما( صفوان ), فهو الحجر الذي يسمى " الصَّفاة ".6051 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, مثله.6052 - حدثني المثنى قال، حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس قوله; ( صفوان ) يعني الحجر.* * *القول في تأويل قوله عز وجل ; فَأَصَابَهُ وَابِلٌقد مضى البيان عنه. (104) . وهذا ذكر من قال قولنا فيه;6053 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن السدي; أما وابل; فمطر شديد.6054 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك; ( فأصابه وابل ) والوابل; المطر الشديد.6055 - حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة, مثله.6056 - حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر, عن أبيه, عن الربيع, مثله.* * *القول في تأويل قوله عز وجل ; فَتَرَكَهُ صَلْدًا* ذكر من قال نحو ما قلنا في ذلك;6057 - حدثني موسى قال، حدثنا عمرو قال، حدثنا أسباط, عن &; 5-530 &; السدي; ( فتركه صلدًا ) يقول نقيًّا.6058 - حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي, قال; حدثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس; ( فتركه صلدًا ) قال; تركها نقية ليس عليها شيء.6059- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج, قال; قال ابن جريج, قال ابن عباس قوله; ( فتركه صلدًا ) قال; ليس عليه شيء.6060 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق, قال حدثنا، أبو زهير, عن جويبر, عن الضحاك; ( صلدًا) فتركه جردًا.6061 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال; خبرنا معمر, عن قتادة; (، فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء.6062 - حدثني المثنى قال; حدثنا أبو صالح قال، حدثني معاوية, عن علي, عن ابن عباس; ( فتركه صلدًا ) ليس عليه شيء.* * *------------------------الهوامش ;(84) في المخطوطة والمطبوعة ; "وهو مريد به غير الله" ، وهو سهو من الناسخ ، والسياق يقتضي أن تقدم"غير" ، وهو نص المعنى .(85) في المطبوعة ; "وفي الباطن عامله مراده به حمد الناس عليه" ، وهو تصرف من الطابع ، وفي المخطوطة ; "وفي الباطن مربيه عامله مراد به حمد الناس عليه" ، وهي غير مفهومة المعنى ، وبين أنه قد سقط منها"سريرة" من قوله"مربية سريرة عامله" ، وهو إشارة إلى ما مر في تفسيره قبل من قوله ; "فلا يدرون ما هو عليه من التكذيب بالله تعالى ذكره واليوم الآخر" . فاستظهرت أن الصواب زيادة"سريرة" ، لتتفق مع معاني ما قال أبو جعفر رحمه الله .(86) أخال عليه الأمر يخيل ; أشكل عليه واستبهم . وسياق الجملة بعد ذلك ; "إنما هي للشيطان لا لله" .(87) في المطبوعة ; "قال ; فإن الرجل" ، وفي المخطوطة ; "فإن إن الرجل" تصحيف والصواب ما أثبت .(88) الأثر ; 6039 -"أبو هانئ الخولاني" ; هو ; حميد بن هانئ المصري من ثفات التابعين ، روى عن عمرو بن حريث وغيره . وروى عنه الليث وابن لهيعة وابن وهب وغيرهم من أهل مصر مات سنة 142 . و"عمرو بن حريث" ، هو الذي يروي عنه أهل الشام ، وهو غير"عمرو بن حريث بن عمرو بن عثمان المخزومي الكوفي . وانظر ترجمته في التهذيب 8 ; 18 .(89) في المطبوعة ; "واحد وجمع ، فمن جعله جمعا" ، وأثبت ما في المخطوطة .(90) انظر ما سلف في تفسير"الصفا" 3 ; 224 ، 225 ، وقوله ; جمعه صفوان" يعنى ; بكسر الصاد وسكون الفاء ، وهو قول الكسائي ، وقد تعقبوه وخطئوه في شاذ مذهبه . انظر القرطبي 3 ; 313 ، وتفسير أبي حيان 2 ; 302 ، ومن أجل ذلك أسقطه أصحاب اللغة من كتبهم .(91) هو الأخيل الطائي .(92) سلف شرح هذا البيت وتخريجه 3 ; 224 ، وسقط ذكر هذا الموضع في التخريج السالف فأثبته هناك .(93) ديوانه ; 90 ، وطبقات فحول الشعراء ; 79 ، وغيرهما كثير . وهو من أبيات روائع ، في صفة المطر والسيل أولها ;دِيَمــةٌ هَطْــلاَءُ فِيهَــا وَطَــفٌطَبَــقَ الأَرْضِ تَحَــرَّي, وَتَــدِرّْثم قال بعد قليل ; "ساعة" أي فعلت ذلك ساعة ، "ثم انتحاها" أي قصدها ، والضمير فيه إلى"الشجراء" في بيت سباق . و"ساقط الأكناف" ، قد دنا من الأرض دنوًّا شديدًا ، كأن نواحيه تتهدم على الشجراء . "منهمر" ; متتابع متدفق . واقرأ تمام ذلك في شرح الطبقات .(94) هذا البيان عن معاني"صلد" ، لا تصيبه في كثير من كتب اللغة .(95) ديوانه ; 165 من قصيدة مضى الاستشهاد بأبيات منها في 1 ; 123 ، 309 ، 310 /2 ; 222 ، والضمير في"رأتني" إلى صحابته التي ذكرها في أول الشعر و"خلق" ; بال . و"المموه" يقال ; ; وجه مموه" أي مزين بماء الشباب ، ترقرق شبابه وحسنه . وقوله"خلق المموه" ، بحذف"الوجه" الموصوف بذلك . يقول ; قد بلي شبابي وأخلق . "أصلاد الجبين" ، يعني أن جبينه قد زال شعره ، فهو يبرق كأنه صفاة ملساء لا نبات عليها . و"الأجله" . الأنزع الذي انحسر شعره عن جانبي جبهته ومقدم جبينه ، وذلك كله بعد أن كان كما وصف نفسه ;* بَعْــدَ غُـدَانِيِّ الشَّـبَابِ الأَبْلَـهِ *فاستنكرته صاحبته ، بعد ما كان بينه وبينها في شبابه ما كان ، وليت شعري ماذا كان يبغي رؤبة منها ، وقد صار إلى المصير الذي وصف نفسه! ! .(96) اللسان (جلب) (عزل) ، وغيرهما . ولم أجد القصيدة ، ولكني وجدت منها أبياتًا متفرقة ورواية اللسان والمطبوعة وغيرهما ;وَلَسْـتُ بِجِـلْبٍ جِـلْبِ رِيـحٍ وَقِـرَّةٍوَلاَ بِصَفًـا صَلْـدٍ عَـنِ الخَـيْرِ مَعْزِلِولكنه في المطبوعة واللسان أيضًا"جلب ليل" ، والظاهر أن المطبوعة نقلت البيت من اللسان (جلب) دون إشارة إلى ما كان في المخطوطة ، ولكنى أثبت رواية المخطوطة ، فإنها لا تغير وهي سليمة المعاني .الجلب (بكسر الجيم أو ضمها وسكون اللام) ; هو السحاب المعترض تراه كأنه جبل ، ويقال أيضًا ; هو السحاب الرقيق الذي لا ماء فيه . ورواية الطبري في المخطوطة تقتضي المعنى الأول ; والقرة (بكسر القاف) والقر (بضمها) ; البرد الشديد ، يقول ; لست امرءًا خاليا من الخير ، بل مطيفًا بالأذى ، كهذا السحاب المخيل المتراكم ، مخيف برعده ، ويلذغ ببرده ، ولا غيث معه . أما رواية اللسان وغيره ، فشرحها على معنى السحاب الرقيق جيد . وقوله ; "أعزل" من"عزل الشيء يعزله" إذا نحاه جانبًا وأبعده ، كما سموا الزمل المنقطع المنفرد المنعزل"أعزل" ، فهو من صميم مادة اللغة ، وإن لم يأتوا عليه في كتب اللغة بشاهد . وهذا شاهده بلا شك . أما قوله في الرواية الأخرى"معزل" فهو بمعنى ذلك أيضًا ; معتزل عن الخير ، أو معزول عنه . وهو مصدر ميمي من ذلك ، جاء صفة ، كما قالوا ; "رجل عدل" ، وكما قالوا"فلان شاهد مقنع" أي رضا يقنع به ، مصدر ميمي من"قنع" ، وهذا بيان لا تجده في كتب اللغة فقيده واحفظه .(97) في المخطوطة ; "عليه ثواب" ، وهو تصحيف غث ، ولكنه دليل على شدة إهمال الناسخ وعجلته .(98) في المخطوطة ; "ولكنه تركهم" ، والصواب ما في المخطوطة .(99) في المخطوطة ; "واليوم عند الله" سقط منه "الآخر" ، وهو دليل على ما أسلفت من عجلته .(100) في المطبوعة ; "أنقى ما كان" ، حذف"عليه" ، كأنه استنكرها ، وهي معرقة في الصواب .أي ; أنقى ما كان عليه من النقاء .(101) في المطبوعة ; "فكذا هذا الذي ينفق" ، لا أدرى لم غير ما في المخطوطة .(102) ما في المخطوطة والمطبوعة ; "وما أنفقتم من خير فلأنفسكم" ، وهو خطأ ظاهر ، والصواب أنه يعني آيات سورة البقرة التي بينتها كما أثبتها .(103) انظر ما سلف قريبًا ص ; 523 ، 524 والمراجع في التعليق عليه .(104) انظر ما سلف قريبا ص ; 524 .
ينهى عباده تعالى لطفا بهم ورحمة عن إبطال صدقاتهم بالمن والأذى ففيه أن المن والأذى يبطل الصدقة، ويستدل بهذا على أن الأعمال السيئة تبطل الأعمال الحسنة، كما قال تعالى: { ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون } فكما أن الحسنات يذهبن السيئات فالسيئات تبطل ما قابلها من الحسنات، وفي هذه الآية مع قوله تعالى { ولا تبطلوا أعمالكم } حث على تكميل الأعمال وحفظها من كل ما يفسدها لئلا يضيع العمل سدى، وقوله: { كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر } أي: أنتم وإن قصدتم بذلك وجه الله في ابتداء الأمر، فإن المنة والأذى مبطلان لأعمالكم، فتصير أعمالكم بمنزلة الذي يعمل لمراءاة الناس ولا يريد به الله والدار الآخرة، فهذا لا شك أن عمله من أصله مردود، لأن شرط العمل أن يكون لله وحده وهذا في الحقيقة عمل للناس لا لله، فأعماله باطلة وسعيه غير مشكور، فمثله المطابق لحاله { كمثل صفوان } وهو الحجر الأملس الشديد { عليه تراب فأصابه وابل } أي: مطر غزير { فتركه صلدا } أي: ليس عليه شيء من التراب، فكذلك حال هذا المرائي، قلبه غليظ قاس بمنزلة الصفوان، وصدقته ونحوها من أعماله بمنزلة التراب الذي على الصفوان، إذا رآه الجاهل بحاله ظن أنه أرض زكية قابلة للنبات، فإذا انكشفت حقيقة حاله زال ذلك التراب وتبين أن عمله بمنزلة السراب، وأن قلبه غير صالح لنبات الزرع وزكائه عليه، بل الرياء الذي فيه والإرادات الخبيثة تمنع من انتفاعه بشيء من عمله، فلهذا { لا يقدرون على شيء } من أعمالهم التي اكتسبوها، لأنهم وضعوها في غير موضعها وجعلوها لمخلوق مثلهم، لا يملك لهم ضررا ولا نفعا وانصرفوا عن عبادة من تنفعهم عبادته، فصرف الله قلوبهم عن الهداية، فلهذا قال: { والله لا يهدي القوم الكافرين }
(يا) أداة نداء
(أيّ) منادى نكرة مقصودة مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب و (ها) حرف تنبيه
(الذين) موصول مبنيّ على الفتح في محلّ نصب بدل من أيّ
(آمنوا) فعل ماض.. والواو فاعلـ (لا) ناهية
(تبطلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون.. والواو فاعلـ (صدقات) مفعول به منصوب وعلامة النصب الكسرة و (كم) ضمير مضاف إليه
(بالمنّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تبطلوا) والباء سببيّة
(الواو) عاطفة
(الأذى) معطوف على المنّ مجرور مثله وعلامة الجرّ الكسرة المقدّرة
(الكاف) حرف جرّ ،
(الذي) اسم موصول في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف مفعول مطلق ،
(ينفق) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (مال) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(رئاء) مفعول لأجله منصوب ،
(الناس) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(لا) نافية
(يؤمن) مضارع مرفوع والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (بالله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يؤمن) ،
(الواو) عاطفة
(اليوم) معطوف على لفظ الجلالة مجرور مثله
(الآخر) نعت لليوم مجرور مثله
(الفاء) تعليليّة
(مثل) مبتدأ مرفوع و (الهاء) مضاف إليه
(كمثل) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر
(صفوان) مضاف إليه مجرور
(على) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(تراب) مبتدأ مؤخر مرفوع
(الفاء) عاطفة
(أصاب) فعل ماض و (الهاء) مفعول به
(وابل) فاعل مرفوع
(الفاء) عاطفة
(تركه) مثل أصابه والفاعل هو الوابلـ (صلدا) مفعول به ثان منصوبـ (لا) نافية
(يقدرون) مضارع مرفوع.. والواو فاعلـ (على شيء) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يقدرون) ،
(من) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف نعت لشيء
(كسبوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعلـ (الواو) استئنافيّة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(لا) نافية
(يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (القوم) مفعول به منصوبـ (الكافرين) نعت للقوم منصوب مثله وعلامة النصب الياءجملة «يأيها الذين..» لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «آمنوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) وجملة: «لا تبطلوا» لا محلّ لها جواب النداء
(استئنافيّة) وجملة: «ينفق ماله» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) الثاني وجملة: «لا يؤمن ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة الثانيةوجملة: «مثله كمثل صفوان» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّةوجملة: «عليه تراب» في محلّ جرّ نعت لصفوان وجملة: «أصابه وابل» في محلّ جرّ معطوفة على جملة عليه تراب وجملة: «تركه صلدا» في محلّ جرّ معطوفة على جملة أصابه وابل وجملة: «لا يقدرون» لا محلّ لها استئنافيّةوجملة: «كسبوا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) وجملة: «الله لا يهدي..» لا محلّ لها استئنافيّةوجملة: «لا يهدي القوم..» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الله)