الرسم العثمانيادْفَعْ بِالَّتِى هِىَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ۚ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِدۡفَعۡ بِالَّتِىۡ هِىَ اَحۡسَنُ السَّيِّئَةَ ؕ نَحۡنُ اَعۡلَمُ بِمَا يَصِفُوۡنَ
تفسير ميسر:
إذا أساء إليك أعداؤك - أيها الرسول - بالقول أو الفعل فلا تقابلهم بالإساءة، ولكن ادفع إساءتهم بالإحسان منك إليهم، نحن أعلم بما يصفه هؤلاء المشركون من الشرك والتكذيب، وسنجازيهم عليه أسوأ الجزاء.
" ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا " الآية أي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة أو الصفة " إلا الذين صبروا " أي على أذى الناس فعاملوهم بالجميل مع إسدائهم إليهم القبيح " وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم " أي في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى ; ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفونقوله تعالى ; ادفع بالتي هي أحسن السيئة أمر بالصفح ومكارم الأخلاق ؛ فما كان منها لهذه الأمة فيما بينهم فهو محكم باق في الأمة أبدا . وما كان فيها من موادعة الكفار وترك التعرض لهم والصفح عن أمورهم فمنسوخ بالقتال . نحن أعلم بما يصفون أي من الشرك والتكذيب . وهذا يقتضي أنها آية موادعة ، والله تعالى أعلم .
يقول تعالى ذكره لنبيه; ادفع يا محمد بالخلة التي هي أحسن، وذلك الإغضاء والصفح عن جهلة المشركين والصبر على أذاهم، وذلك أمره إياه قبل أمره بحربهم، &; 19-68 &; وعنى بالسيئة; أذى المشركين إياه وتكذيبهم له فيما أتاهم به من عند الله، يقول له تعالى ذكره; اصبر على ما تلقى منهم في ذات الله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله; ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال; أعرض عن أذاهم إياك.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن عبد الكريم الجَزَري، عن مجاهد; ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال; هو السلام، تُسَلِّمُ عليه إذا لقيته.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن عبد الكريم، عن مجاهد، مثله.حدثنا ابن بشار، قال; ثنا هوذة، قال; ثنا عوف، عن الحسن، في قوله; ( ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ ) قال; والله لا يصيبها صاحبها حتى يكظم غيظا، ويصفح عما يكره.وقوله; ( نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ ) يقول تعالى ذكره; نحن أعلم بما يصفون الله به، وينحَلُونه من الأكاذيب والفِرية عليه، وبما يقولون فيك من السوء، ونحن مجازوهم على جميع ذلك، فلا يحزنك ما تسمع منهم من قبيح القول.
هذا من مكارم الأخلاق، التي أمر الله رسوله بها فقال: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ } أي: إذا أساء إليك أعداؤك، بالقول والفعل، فلا تقابلهم بالإساءة، مع أنه يجوز معاقبة المسيء بمثل إساءته، ولكن ادفع إساءتهم إليك بالإحسان منك إليهم، فإن ذلك فضل منك على المسيء، ومن مصالح ذلك، أنه تخف الإساءة عنك، في الحال، وفي المستقبل، وأنه أدعى لجلب المسيء إلى الحق، وأقرب إلى ندمه وأسفه، ورجوعه بالتوبة عما فعل، وليتصف العافي بصفة الإحسان، ويقهر بذلك عدوه الشيطان، وليستوجب الثواب من الرب، قال تعالى: { فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ } وقال تعالى: { ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ* وَمَا يُلَقَّاهَا } أي: ما يوفق لهذا الخلق الجميل { إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ } وقوله: { نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ } أي: بما يقولون من الأقوال المتضمنة للكفر والتكذيب بالحق، قد أحاط علمنا بذلك، وقد حلمنا عنهم، وأمهلناهم، وصبرنا عليهم، والحق لنا، وتكذيبهم لنا، فأنت -يا محمد- ينبغي لك أن تصبر على ما يقولون، وتقابلهم بالإحسان، هذه وظيفة العبد في مقابلة المسيء من البشر، وأما المسيء من الشياطين، فإنه لا يفيد فيه الإحسان، ولا يدعو حزبه إلا ليكونوا من أصحاب السعير، فالوظيفة في مقابلته، أن يسترشد بما أرشد الله إليه رسوله
(بالتي) متعلّق بـ (ادفع) ، والموصول المجرور هو نعت لمنعوت محذوف في الأصل أي الخصلة التي..
(السيّئة) مفعول به عامله ادفع
(ما) حرف مصدريّ .
والمصدر المؤوّلـ (ما يصفون ... ) في محلّ جرّ بالباء متعلّق بـ (أعلم) .
جملة: «ادفع ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «هي أحسن ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (التي) .
وجملة: «نحن أعلم ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يصفون ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٩٦
Al-Mu'minun23:96