الرسم العثمانيإِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفٰحِشَةُ فِى الَّذِينَ ءَامَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِى الدُّنْيَا وَالْءَاخِرَةِ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّ الَّذِيۡنَ يُحِبُّوۡنَ اَنۡ تَشِيۡعَ الۡفَاحِشَةُ فِى الَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا لَهُمۡ عَذَابٌ اَلِيۡمٌۙ فِى الدُّنۡيَا وَالۡاٰخِرَةِؕ وَاللّٰهُ يَعۡلَمُ وَاَنۡـتُمۡ لَا تَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
إن الذين يحبون شيوع الفاحشة في المسلمين من قَذْف بالزنى أو أي قول سيِّئ لهم عذاب أليم في الدنيا بإقامة الحد عليهم، وغيره من البلايا الدنيوية، ولهم في الآخرة عذاب النار إن لم يتوبوا، والله- وحده- يعلم كذبهم، ويعلم مصالح عباده، وعواقب الأمور، وأنتم لا تعلمون ذلك.
هذا تأديب ثالث لمن سمع شيئا من الكلام السيء فقام بذهنه شيء منه وتكلم فلا يكثر منه ولا يشيعه ويذيعه فقد قال تعالى "إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم" أي يختارون ظهور الكلام عنهم بالقبيح "لهم عذاب أليم في الدنيا" أي بالحد وفي الآخرة بالعذاب الأليم "والله يعلم وأنتم لا تعلمون" أي فردوا الأمور إليه ترشدوا وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن بكير حدثنا ميمون بن موسى المرئي حدثنا محمد ابن عباد المخزومي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتي يفضحه في بيته".
قوله تعالى ; إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة أي تفشو ؛ يقال ; شاع الشيء شيوعا وشيعا وشيعانا وشيعوعة ؛ أي ظهر وتفرق . في الذين آمنوا أي في المحصنين والمحصنات . والمراد بهذا اللفظ العام عائشة ، وصفوان - رضي الله عنهما - . والفاحشة ; الفعل القبيح المفرط القبح . وقيل ; الفاحشة في هذه الآية القول السيئ . لهم عذاب أليم في الدنيا أي الحد . وفي الآخرة عذاب النار ؛ أي للمنافقين ، فهو مخصوص . وقد بينا أن الحد للمؤمنين كفارة . وقال الطبري ; معناه إن مات مصرا غير تائب .قوله تعالى ; والله يعلم أي يعلم مقدار عظم هذا الذنب والمجازاة عليه ويعلم كل شيء . وأنتم لا تعلمون روي من حديث أبي الدرداء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ; ( أيما رجل شد عضد امرئ من الناس في خصومة لا علم له بها فهو في سخط الله حتى ينزع عنها . وأيما رجل قال بشفاعته دون حد من حدود الله أن يقام فقد عاند الله حقا وأقدم على سخطه وعليه لعنة الله تتابع إلى يوم القيامة . وأيما رجل أشاع على رجل مسلم كلمة وهو منها بريء يرى أن يشينه بها في الدنيا كان حقا على الله تعالى أن يرميه بها في النار - ثم تلا مصداقه من كتاب الله تعالى ; إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا الآية .
يقول تعالى ذكره; إن الذين يحبون أن يذيع الزنا في الذين صدّقوا بالله ورسوله ويظهر ذلك فيهم، ( لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) يقول; لهم عذاب وجيع في الدنيا، بالحدّ الذي جعله الله حدّا لرامي المحصَناتِ والمحصنين إذا رموهم بذلك، وفي الآخرة عذاب جهنم إن مات مصرّا على ذلك غير تائب. كما حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، قوله; ( يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ) قال; تظهر في شأن عائشة.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) قال; الخبيث عبد الله بن أُبي ابن سلول، المنافق، الذي أشاع على عائشة ما أشاع عليها من الفرية، ( لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ).حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، قوله; ( أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ ) قال; تظهر; يتحدّث عن شأن عائشة.وقوله; ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ) يقول تعالى ذكره; والله يعلم كذب الذين جاءوا بالإفك من صدقهم، وأنتم أيها الناس لا تعلمون ذلك، لأنكم لا تعلمون الغيب، وإنما يعلم ذلك علام الغيوب. يقول; فلا تَرْووا ما لا علم لكم به من الإفك على أهل الإيمان بالله، ولا سيما على حلائل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتهلكوا.
{ إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ } أي: الأمور الشنيعة المستقبحة المستعظمة، فيحبون أن تشتهر الفاحشة { فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } أي: موجع للقلب والبدن، وذلك لغشه لإخوانه المسلمين، ومحبة الشر لهم، وجراءته على أعراضهم، فإذا كان هذا الوعيد، لمجرد محبة أن تشيع الفاحشة، واستحلاء ذلك بالقلب، فكيف بما هو أعظم من ذلك، من إظهاره، ونقله؟\" وسواء كانت الفاحشة، صادرة أو غير صادرة. وكل هذا من رحمة الله بعباده المؤمنين، وصيانة أعراضهم، كما صان دماءهم وأموالهم، وأمرهم بما يقتضي المصافاة، وأن يحب أحدهم لأخيه ما يحب لنفسه، ويكره له ما يكره لنفسه. { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } فلذلك علمكم، وبين لكم ما تجهلونه.
(في الذين) متعلّق بـ (تشيع) ،
(لهم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ
(عذاب) ،
(في الدنيا) متعلّق بـ (عذاب) ،
(الواو) استئنافيّة والثانية عاطفة
(لا) نافية..
والمصدر المؤوّلـ (أن تشيع ... ) في محلّ نصب مفعول به.
جملة: «إنّ الذين ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يحبّون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «تشيع ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «لهم عذاب ... » في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «الله يعلم ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يعلم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الله) .
وجملة: «أنتم لا تعلمون ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الله يعلم.
وجملة: «لا تعلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أنتم) .
20-
(الواو) عاطفة
(لولا فضل.. رحيم) مرّ إعراب نظيرها مفردات وجملا.
- القرآن الكريم - النور٢٤ :١٩
An-Nur24:19