الرسم العثمانيأَوْ كَظُلُمٰتٍ فِى بَحْرٍ لُّجِّىٍّ يَغْشٰىهُ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِۦ مَوْجٌ مِّن فَوْقِهِۦ سَحَابٌ ۚ ظُلُمٰتٌۢ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَآ أَخْرَجَ يَدَهُۥ لَمْ يَكَدْ يَرٰىهَا ۗ وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُۥ نُورًا فَمَا لَهُۥ مِن نُّورٍ
الـرسـم الإمـلائـياَوۡ كَظُلُمٰتٍ فِىۡ بَحۡرٍ لُّـجّـِىٍّ يَّغۡشٰٮهُ مَوۡجٌ مِّنۡ فَوۡقِهٖ مَوۡجٌ مِّنۡ فَوۡقِهٖ سَحَابٌؕ ظُلُمٰتٌۢ بَعۡضُهَا فَوۡقَ بَعۡضٍؕ اِذَاۤ اَخۡرَجَ يَدَهٗ لَمۡ يَكَدۡ يَرٰٮهَاؕ وَمَنۡ لَّمۡ يَجۡعَلِ اللّٰهُ لَهٗ نُوۡرًا فَمَا لَهٗ مِنۡ نُّوۡرٍ
تفسير ميسر:
أو تكون أعمالهم مثل ظلمات في بحر عميق يعلوه موج، من فوق الموج موج آخر، ومِن فوقه سحاب كثيف، ظلمات شديدة بعضها فوق بعض، إذا أخرج الناظر يده لم يقارب رؤيتها من شدة الظلمات، فالكفار تراكمت عليهم ظلمات الشرك والضلال وفساد الأعمال. ومن لم يجعل الله له نورًا من كتابه وسنة نبيه يهتدي به فما له مِن هاد.
قال قتادة; "لجي" هو العميق "يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها" أي لم يقارب رؤيتها من شدة الظلام فهذا مثل قلب الكافر الجاهل البسيط المقلد الذي لا يعرف حال من يقوده ولا يدري أين يذهب بل كما يقال في المثل للجاهل أين تذهب؟ قال معهم قيل; فإلى أين يذهبون؟ قال; لا أدري؟ وقال العوفي عن ابن عباس رضي الله عنه "يغشاه موج" الآية يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر وهي كقوله "ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم" الآية وكقوله "أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة" الآية وقال أبي بن كعب في قوله تعالى "ظلمات بعضها فوق بعض" فهو يتقلب في خمسة من الظلم فكلامه ظلمة وعمله ظلمة ومدخله ظلمة ومخرجه ظلمة ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات إلى النار وقال السدي والربيع بن أنس نحو ذلك أيضا وقوله تعالى "ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور" أي من لم يهده الله فهو هالك جاهل حائر بائر كافر كقوله "من يضلل الله فلا هادي له" وهذا في مقابلة ما قال في مثل المؤمنين "يهدي الله لنوره من يشاء" فنسأل الله العظيم أن يجعل في قلوبنا نورأ وعن أيماننا نورا وعن شمائلنا نورا وأن يعظم لنا نورا.
قوله تعالى ; أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نورقوله تعالى ; أو كظلمات في بحر لجي ضرب تعالى مثلا آخر للكفار أي أعمالهم كسراب بقيعة أو كظلمات . قال الزجاج ; إن شئت مثل بالسراب ، وإن شئت مثل بالظلمات ف ( أو ) للإباحة حسبما تقدم من القول في ( أو كصيب ) . وقالالجرجاني ; الآية الأولى في ذكر أعمال الكفار ، والثانية في ذكر كفرهم ونسق الكفر على أعمالهم لأن الكفر أيضا من أعمالهم وقد قال تعالى ; يخرجهم من الظلمات إلى النور أي من الكفر إلى الإيمان ، وقال أبو علي ; أو كظلمات أو كذي ظلمات ؛ ودل على هذا المضاف قوله تعالى ; إذا أخرج يده فالكناية تعود إلى المضاف المحذوف . قال القشيري ; فعند الزجاج التمثيل وقع لأعمال الكفار ، وعند الجرجاني لكفر الكافر ، وعند أبي علي للكافر . وقال ابن عباس في رواية ; هذا مثل قلب الكافر . في بحر لجي قيل ; هو منسوب اللجة ، وهو الذي لا يدرك قعره . واللجة معظم الماء ، والجمع لجج . والتج البحر إذا تلاطمت أمواجه ؛ [ ص; 264 ] ومنه ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; من ركب البحر إذا التج فقد برئت منه الذمة . والتج الأمر إذا عظم واختلط . وقوله تعالى ; ( حسبته لجة ) أي ما له عمق . ولججت السفينة أي خاضت اللجة ( بضم اللام ) . فأما اللجة ( بفتح اللام ) فأصوات الناس يقول ; سمعت لجة الناس ؛ أي أصواتهم وصخبهم . قال أبو النجم ;في لجة أمسك فلانا عن فلوالتجت الأصوات أي اختلطت وعظمت . يغشاه موج أي يعلو ذلك البحر اللجي موج . من فوقه موج أي من فوق الموج موج ، ومن فوق هذا الموج الثاني سحاب ؛ فيجتمع خوف الموج وخوف الريح وخوف السحاب . وقيل ; المعنى يغشاه موج من بعده موج ؛ فيكون المعنى ; الموج يتبع بعضه بعضا حتى كأن بعضه فوق بعض ، وهو أخوف ما يكون إذا توالى موجه وتقارب ، ومن فوق هذا الموج سحاب . وهو أعظم للخوف من وجهين ; أحدهما ; أنه قد غطى النجوم التي يهتدى بها . الثاني ; الريح التي تنشأ مع السحاب والمطر الذي ينزل منه . ظلمات بعضها فوق بعض قرأ ابن محيصن ، والبزي ، عن ابن كثير ( سحاب ظلمات ) بالإضافة والخفض . قنبل ( سحاب ) منونا ( ظلمات ) بالجر والتنوين . الباقون بالرفع والتنوين . قال المهدوي ; من قرأ ( من فوقه سحاب ظلمات ) بالإضافة فلأن السحاب يرتفع وقت هذه الظلمات فأضيف إليها ؛ كما يقال ; سحاب رحمة ، إذا ارتفع في وقت المطر . ومن قرأ ( سحاب ظلمات ) جر ( ظلمات ) على التأكيد ل ( ظلمات ) الأولى أو البدل منها . و ( سحاب ) ابتداء ، و ( من فوقه ) الخبر . ومن قرأ ( سحاب ظلمات ) فظلمات خبر ابتداء محذوف ؛ التقدير ; هي ظلمات أو هذه ظلمات . قال ابن الأنباري ; من فوقه موج غير تام ؛ لأن قوله ; من فوقه سحاب صلة للموج ، والوقف على قوله ; من فوقه سحاب حسن ، ثم تبتدئ ظلمات بعضها فوق بعض على معنى هي ظلمات بعضها فوق بعض . وروي عن أهل مكة أنهم قرءوا ( ظلمات ) على معنى أو كظلمات ظلمات بعضها فوق بعض ؛ فعلى هذا المذهب لا يحسن الوقف على السحاب . ثم قيل ; المراد بهذه الظلمات ظلمة السحاب ، وظلمة الموج ، وظلمة الليل ، وظلمة البحر ؛ فلا يبصر من كان في هذه الظلمات شيئا ولا كوكبا . وقيل ; المراد بالظلمات الشدائد ؛ أي شدائد بعضها فوق بعض . وقيل ; أراد بالظلمات أعمال الكافر ، وبالبحر اللجي قلبه ، وبالموج فوق الموج ما يغشى قلبه من الجهل ، والشك ، والحيرة ، وبالسحاب الرين ، والختم ، والطبع على قلبه . روي معناه عن ابن عباس وغيره ؛ أي لا يبصر بقلبه [ ص; 265 ] نور الإيمان ، كما أن صاحب الظلمات في البحر إذا أخرج يده لم يكد يراها . وقال أبي بن كعب ; الكافر يتقلب في خمس من الظلمات ; كلامه ظلمة ، وعمله ظلمة ، ومدخله ظلمة ، ومخرجه ظلمة ، ومصيره يوم القيامة إلى الظلمات في النار وبئس المصير . إذا أخرج يده يعني الناظر . لم يكد يراها أي من شدة الظلمات . قال الزجاج ، وأبو عبيدة ; المعنى لم يرها ولم يكد ؛ وهو معنى قول الحسن . ومعنى لم يكد لم يطمع أن يراها . وقال الفراء ; كاد صلة ، أي لم يرها ؛ كما تقول ; ما كدت أعرفه . وقال المبرد ; يعني لم يرها إلا من بعد الجهد ؛ كما تقول ; ما كدت أراك من الظلمة ، وقد رآه بعد يأس وشدة . وقيل ; معناه قرب من الرؤية ، ولم ير كما يقال ; كاد العروس يكون أميرا وكاد النعام يطير ، وكاد المنتعل يكون راكبا . النحاس ; وأصح الأقوال في هذا أن المعنى لم يقارب رؤيتها ، فإذا لم يقارب رؤيتها فلم يرها رؤية بعيدة ولا قريبة . ومن لم يجعل الله له نورا نورا يهتدي به حين أظلمت عليه الأمور . وقال ابن عباس ; أي من لم يجعل الله له دينا فما له من دين ، ومن لم يجعل الله له نورا يمشي به يوم القيامة لم يهتد إلى الجنة ؛ كقوله تعالى ; ويجعل لكم نورا تمشون به . وقال الزجاج ; ذلك في الدنيا والمعنى ; من لم يهده الله لم يهتد . وقال مقاتل بن سليمان ; نزلت في عتبة بن ربيعة ، كان يلتمس الدين في الجاهلية ، ولبس المسوح ، ثم كفر في الإسلام . الماوردي ; في شيبة بن ربيعة ، وكان يترهب في الجاهلية ويلبس الصوف ويطلب الدين ، فكفر في الإسلام .قلت ; وكلاهما مات كافرا ، فلا يبعد أن يكونا هما المراد بالآية وغيرهما . وقد قيل ; نزلت في عبد الله بن جحش ، وكان أسلم وهاجر إلى أرض الحبشة ثم تنصر بعد إسلامه . وذكر الثعلبي ; وقال أنس قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; إن الله تعالى خلقني من نور ، وخلق أبا بكر من نوري ، وخلق عمر وعائشة من نور أبي بكر ، وخلق المؤمنين من أمتي من نور عمر ، وخلق المؤمنات من أمتي من نور عائشة ، فمن لم يحبني ، ويحب أبا بكر ، وعمر ، وعائشة فما له من نور . فنزلت ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور .
وهذا مثل آخر ضربه الله لأعمال الكفار، يقول تعالى ذكره; ومثل أعمال هؤلاء الكفار، في أنها عمِلت على خطأ وفساد وضلالة وحيرة من عمالها فيها، وعلى غير هدى، مثَلُ ظلمات في بحر لجِّيّ، ونسب البحر إلى اللجة وصفًا له بأنه عميق كثير الماء، ولجة البحر معظمه ( يَغْشَاهُ مَوْجٌ ) يقول; يغشى البحر موج ( مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) يقول; من فوق الموج موج آخر يغشاه، ( مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ) يقول; من فوق الموج الثاني الذي يغشى الموج الأوّل سحاب، فجعل الظلمات مثلا لأعمالهم، والبحر اللجيّ مثلا لقلب الكافر، يقول; عمل بنية قلب قد غمره الجهل، وتغشَّته الضلال والحيرة، كما يغشى هذا البحر اللجّي موج من فوقه موج من فوقه سحاب، فكذلك قلب هذا الكافر الذي مثل عمله مثل هذه الظلمات، يغشاه الجهل بالله، بأن الله ختم عليه، فلا يعقل عن الله، وعلى سمعه، فلا يسمع مواعظ الله، وجعل على بصره غشاوة فلا يبصر به حجج الله، فتلك ظلمات بعضها فوق بعض (4) .وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثنا أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ) ... إلى قوله; ( مِنْ نُورٍ ) قال; يعني بالظلمات; الأعمال، وبالبحر اللجّي; قلب الإنسان، قال; يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، قال; ظلمات بعضها فوق بعض، يعني بذلك الغشاوة التي على القلب والسمع والبصر، وهو كقوله; خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ ... الآية، وكقوله; أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ ... إلى قوله; أَفَلا تَذَكَّرُونَ .حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قَتادة في قوله; ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ) عميق، وهو مثل ضربه الله للكافر، يعمل في ضلالة وحيرة، قال; ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ).ورُوي عن أُبيّ بن كعب ما حدثني عبد الأعلى بن واصل، قال; ثنا عبيد الله بن موسى قال; أخبرنا أبو جعفر الرازي، عن الربيع، عن أبي العالية، عن أبيّ بن كعب، في قوله; ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ ) ... الآية، قال; ضرب مثلا آخر للكافر، فقال; ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ ) ... الآية، قال; فهو يتقلب في خمس من الظلم; فكلامه ظلمة، وعمله ظلمة، ومدخله ظلمة، ومخرجه ظلمة، ومصيره إلى الظلمات يوم القيامة إلى النار.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن أبي جعفر الرازي، عن أبي الربيع، عن أبي العالية، عن أُبيّ بن كعب، بنحوه.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; ( أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ ) ... إلى قوله; ( ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ ) قال; شرّ بعضه فوق بعض.وقوله; ( إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) يقول; إذا أخرج الناظر يده في هذه الظلمات لم يكد يراها.فإن قال لنا قائل; وكيف قيل; ( لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا ) ، مع شدّة هذه الظلمة التي وصف، وقد علمت أن قول القائل; لم أكد أرى فلانا، إنما هو إثبات منه لنفسه رؤيته بعد جهد وشدّة، ومن دون الظلمات التي وصف في هذه الآية ما لا يرى الناظر يده إذا أخرجها فيه، فكيف فيها؟ قيل في ذلك أقوال نذكرها، ثم نخبر بالصواب من ذلك، أحدها; أن يكون معنى الكلام; إذا أخرج يده رائيا لها لم يكد يراها; أي لم يعرف من أين يراها، فيكون من المقدّم الذي معناه التأخير، ويكون تأويل الكلام على ذلك; إذا أخرج يده لم يقرب أن يراها. والثاني; أن يكون معناه; إذا أخرج يده لم يرها (5) ويكون قوله; ( لَمْ يَكَدْ ) في دخوله في الكلام نظير دخول الظنّ فيما هو يقين من الكلام، كقوله; وَظَنُّوا مَا لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ ونحو ذلك. والثالث; أن يكون قد رآها بعد بطء وجهد، كما يقول القائل لآخر; ما كدت أراك من الظلمة، وقد رآه، ولكن بعد إياس وشدة، وهذا القول الثالث أظهر معاني الكلمة من جهة ما تستعمل العرب أكاد في كلامها، والقول الآخر الذي قلنا إنه يتوجه إلى أنه بمعنى لم يرها، قول أوضح من جهة التفسير، وهو أخفى معانيه. وإنما حسُن ذلك في هذا الموضع، أعني أن يقول; لم يكد يراها مع شدة الظلمة التي ذكر; لأن ذلك مثل لا خبر عن كائن كان.( وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا ) يقول; من لم يرزقه الله إيمانا وهدى من الضلالة ومعرفة بكتابه، ( فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ ); يقول فما له من إيمان وهدى ومعرفة بكتابه.------------------------الهوامش;(4) قال الشوكاني في فتح القدير ( 4; 38 ) ; ومن غرائب التفاسير ; أنه سبحانه وتعالى أراد بالظلمات أعمال الكافر ، وبالبحر اللجى قلبه ، وبالموج ; ما يغشى قلبه من الجهل والشك والحيرة . والسحاب ; الرين والختم والطبع على قلبه . وهذا تفسير هو عن لغة العرب بمكان بعيد 1 هـ .(5) في فتح القدير للشوكاني ( طبعة الحلبي 4 ; 38 ) قال الزجاج وأبو عبيدة ; لم يرها ولم يكد . وقال الفراء ; إن كاد زائدة ، وقال المحقق الرضي في شرحه لكافية ابن الحاجب ( 2 ; 306 ) ; إن نفي القرب من الفعل أبلغ في انتفاء ذلك الفعل ، من نفي الفعل نفسه ؛ فإن ما قربت من الضرب ، آكد في نفي الضرب من ما ضربت . أ هـ .
والمثل الثاني، لبطلان أعمال الكفار { كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ } بعيد قعره، طويل مداه { يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ } ظلمة البحر اللجي، ثم فوقه ظلمة الأمواج المتراكمة، ثم فوق ذلك، ظلمة السحب المدلهمة، ثم فوق ذلك ظلمة الليل البهيم، فاشتدت الظلمة جدا، بحيث أن الكائن في تلك الحال { إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } مع قربها إليه، فكيف بغيرها، كذلك الكفار، تراكمت على قلوبهم الظلمات، ظلمة الطبيعة، التي لا خير فيها، وفوقها ظلمة الكفر، وفوق ذلك، ظلمة الجهل، وفوق ذلك، ظلمة الأعمال الصادرة عما ذكر، فبقوا في الظلمة متحيرين، وفي غمرتهم يعمهون، وعن الصراط المستقيم مدبرين، وفي طرق الغي والضلال يترددون، وهذا لأن الله تعالى خذلهم، فلم يعطهم من نوره، { وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ } لأن نفسه ظالمة جاهلة، فليس فيها من الخير والنور، إلا ما أعطاها مولاها، ومنحها ربها. يحتمل أن هذين المثالين، لأعمال جميع الكفار، كل منهما، منطبق عليها، وعددهما لتعدد الأوصاف، ويحتمل أن كل مثال، لطائفة وفرقة. فالأول، للمتبوعين، والثاني، للتابعين، والله أعلم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - النور٢٤ :٤٠
An-Nur24:40