الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ۚ هَلْ مِنْ خٰلِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالْأَرْضِ ۚ لَآ إِلٰهَ إِلَّا هُوَ ۖ فَأَنّٰى تُؤْفَكُونَ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤاَيُّهَا النَّاسُ اذۡكُرُوۡا نِعۡمَتَ اللّٰهِ عَلَيۡكُمۡؕ هَلۡ مِنۡ خَالِـقٍ غَيۡرُ اللّٰهِ يَرۡزُقُكُمۡ مِّنَ السَّمَآءِ وَالۡاَرۡضِؕ لَاۤ اِلٰهَ اِلَّا هُوَۖ فَاَنّٰى تُؤۡفَكُوۡنَ
تفسير ميسر:
يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم، فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر، ومن الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك. لا إله إلا هو وحده لا شريك له، فكيف تُصْرَفون عن توحيده وعبادته؟
ينبه تعالى عباده ويرشدهم إلى الاستدلال على توحيده في إفراد العبادة له كما أنه المستقل بالخلق والرزق فكذلك فليفرد بالعبادة ولا يشرك به غيره من الأصنام والأنداد والأوثان ولهذا قال تعالى; "لا إله إلا هو فأنى تؤفكون" أي فكيف تؤفكون بعد هذا البيان ووضوح هذا البرهان وأنتم بعد هذا تعبدون الأنداد والأوثان والله أعلم.
قوله تعالى ; يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون .قوله تعالى ; يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم معنى هذا الذكر الشكر . هل من خالق غير الله يجوز في غير الرفع والنصب والخفض ، فالرفع من وجهين ; أحدهما ; بمعنى هل من خالق إلا الله ; بمعنى ما خالق إلا الله . والوجه الثاني ; أن يكون نعتا على الموضع ; لأن المعنى ; هل خالق غير الله ، و ( من ) زائدة . والنصب على الاستثناء . والخفض على اللفظ . قال حميد الطويل ; قلت للحسن ; من خلق الشر ؟ فقال سبحان الله ! هل من خالق غير الله جل وعز ، خلق الخير والشر . وقرأ حمزة والكسائي ; ( هل من خالق غير الله ) بالخفض . الباقون بالرفع . ( يرزقكم من السماء ) أي المطر . ( والأرض ) أي [ ص; 289 ] النبات . لا إله إلا هو فأنى تؤفكون من الأفك ( بالفتح ) وهو الصرف ; يقال ; ما أفكك عن كذا ، أي ما صرفك عنه . وقيل ; من الإفك ( بالكسر ) وهو الكذب ، ويرجع هذا أيضا إلى ما تقدم ; لأنه قول مصروف عن الصدق والصواب ، أي من أين يقع لكم التكذيب بتوحيد الله . والآية حجة على القدرية لأنه نفى خالقا غير الله وهم يثبتون معه خالقين ، على ما تقدم في غير موضع .
القول في تأويل قوله تعالى ; يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ لا إِلَهَ إِلا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (3)يقول تعالى ذكره للمشركين به من قوم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من قريش; (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ) التي أنعمها(عَلَيْكُمْ) بفتحه لكم من خيراته ما فتح وبسطه لكم من العيش ما بسط وفكروا فانظروا هل من خالق سوى فاطر السماوات والأرض الذي بيده مفاتيح أرزاقكم ومغالقها(يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) فتعبدوه دونه (لا إله إلا هو ) يقول; لا معبود تنبغي له العبادة إلا الذي فطر السماوات والأرض القادر على كل شيء، الذي بيده مفاتح الأشياء وخزائنها، ومغالق ذلك كله، فلا تعبدوا أيها الناس شيئًا سواه، فإنه لا يقدر على نفعكم وضركم سواه، فله فأخلصوا العبادة وإياه فأفردوا بالألوهة (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول; فأي وجه عن خالقكم ورازقكم الذي بيده نفعكم وضركم تصرفون.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) يقول الرجل; إنه ليوفك عني كذا وكذا. وقد بينت معنى الإفك، وتأويل قوله (تُؤْفَكُونَ) فيما مضى بشواهده المغنية عن تكريره.
يأمر تعالى، جميع الناس أن يذكروا نعمته عليهم، وهذا شامل لذكرها بالقلب اعترافا، وباللسان ثناء، وبالجوارح انقيادا، فإن ذكر نعمه تعالى داع لشكره، ثم نبههم على أصول النعم، وهي الخلق والرزق، فقال: { هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ } ولما كان من المعلوم أنه ليس أحد يخلق ويرزق إلا اللّه، نتج من ذلك، أن كان ذلك دليلا على ألوهيته وعبوديته، ولهذا قال: { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ } أي: تصرفون عن عبادة الخالق الرازق لعبادة المخلوق المرزوق.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - فاطر٣٥ :٣
Fatir35:3