الرسم العثمانيثُمَّ جَعَلْنٰكَ عَلٰى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَآءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيثُمَّ جَعَلۡنٰكَ عَلٰى شَرِيۡعَةٍ مِّنَ الۡاَمۡرِ فَاتَّبِعۡهَا وَلَا تَتَّبِعۡ اَهۡوَآءَ الَّذِيۡنَ لَا يَعۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
ثم جعلناك -أيها الرسول- على منهاج واضح من أمر الدين، فاتبع الشريعة التي جعلناك عليها، ولا تتبع أهواء الجاهلين بشرع الله الذين لا يعلمون الحق. وفي الآية دلالة عظيمة على كمال هذا الدين وشرفه، ووجوب الانقياد لحكمه، وعدم الميل إلى أهواء الكفرة والملحدين.
ولهذا قال جل وعلا ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون أي اتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين.
قوله تعالى ; ثم جعلناك على شريعة من الأمر فاتبعها ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون .فيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; ثم جعلناك على شريعة من الأمر الشريعة في اللغة ; المذهب والملة . ويقال لمشرعة الماء - وهي مورد الشاربة - ; شريعة . ومنه الشارع لأنه طريق إلى المقصد . فالشريعة ; ما شرع الله لعباده من الدين ، والجمع ; الشرائع . والشرائع في الدين ; المذاهب التي شرعها الله لخلقه . فمعنى ; جعلناك على شريعة من الأمر أي ; على منهاج واضح من أمر الدين يشرع بك إلى الحق . وقال ابن عباس ; على شريعة أي ; على هدى من الأمر . قتادة ; الشريعة ; الأمر والنهي والحدود والفرائض . مقاتل ; البينة ; لأنها طريق إلى الحق . الكلبي ; السنة ; لأنه يستن بطريقة من قبله من الأنبياء . ابن زيد ; الدين ; لأنه طريق النجاة . قال ابن العربي ; والأمر يرد في اللغة بمعنيين ; أحدهما ; بمعنى الشأن كقوله ; فاتبعوا أمر فرعون وما أمر فرعون برشيد . والثاني ; أحد أقسام الكلام الذي يقابله النهي . وكلاهما يصح أن يكون مرادا هاهنا ، وتقديره ; ثم جعلناك على طريقة من الدين وهي ملة الإسلام ، كما قال تعالى ; ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين .ولا خلاف أن الله تعالى لم يغاير بين الشرائع في التوحيد والمكارم والمصالح ، وإنما خالف بينهما في الفروع حسبما علمه سبحانه .الثاني ; قال ابن العربي ; ظن بعض من يتكلم في العلم أن هذه الآية دليل على أن شرع من قبلنا ليس بشرع لنا ; لأن الله تعالى أفرد النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته في هذه الآية بشريعة ، ولا ننكر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته منفردان بشريعة ، وإنما الخلاف فيما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه من شرع من قبلنا في معرض المدح والثناء هل يلزم اتباعه أم لا .قوله تعالى ; ولا تتبع أهواء الذين لا يعلمون يعني المشركين . وقال ابن عباس ; قريظة والنضير . وعنه ; نزلت لما دعته قريش إلى دين آبائه .
القول في تأويل قوله تعالى ; ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (18)يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; ثم جعلناك يا محمد من بعد الذي آتينا بني إسرائيل, الذين وصفت لك صفتهم ( عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ ) يقول; على طريقة وسنة ومنهاج من أمرنا الذي أمرنا به من قبلك من رسلنا( فاتَّبِعْها ) يقول; فاتبع تلك الشريعة التي جعلناها لك ( وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) يقول; ولا تتبع ما دعاك إليه الجاهلون بالله, الذين لا يعرفون الحقّ من الباطل, فتعمل به, فتهلك إن عملت به.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثني أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا ) قال; يقول على هدى من الأمر وبيِّنة.حدثنا بشر, قال; ثنا يزيد, قال; ثنا سعيد, عن قتادة, قوله ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ فَاتَّبِعْهَا ) والشريعة; الفرائض والحدود والأمر والنهي فاتبعها( وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ).حدثني يونس, قال; أخبرنا ابن وهب, قال; قال ابن زيد في قوله ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الأمْرِ ) قال; الشريعة; الدين. وقرأ شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قال; فنوح أوّلهم وأنت آخرهم.
أي: ثم شرعنا لك شريعة كاملة تدعو إلى كل خير وتنهى عن كل شر من أمرنا الشرعي { فَاتَّبِعْهَا } فإن في اتباعها السعادة الأبدية والصلاح والفلاح، { وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } أي: الذين تكون أهويتهم غير تابعة للعلم ولا ماشية خلفه، وهم كل من خالف شريعة الرسول صلى الله عليه وسلم هواه وإرادته فإنه من أهواء الذين لا يعلمون.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الجاثية٤٥ :١٨
Al-Jasiyah45:18