الرسم العثمانييٰٓأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ۖ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُۥ ۚ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِى الْقَوْمَ الْكٰفِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـييٰۤـاَيُّهَا الرَّسُوۡلُ بَلِّغۡ مَاۤ اُنۡزِلَ اِلَيۡكَ مِنۡ رَّبِّكَ ؕ وَاِنۡ لَّمۡ تَفۡعَلۡ فَمَا بَلَّغۡتَ رِسٰلَـتَهٗ ؕ وَاللّٰهُ يَعۡصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ؕ اِنَّ اللّٰهَ لَا يَهۡدِى الۡقَوۡمَ الۡـكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
يا أيها الرسول بلِّغ وحي الله الذي أنزِل إليك من ربك، وإن قصَّرت في البلاغ فَكَتَمْتَ منه شيئًا، فإنك لم تُبَلِّغ رسالة ربِّك، وقد بلَّغ صلى الله عليه وسلم رسالة ربه كاملة، فمن زعم أنه كتم شيئًا مما أنزِل عليه، فقد أعظم على الله ورسوله الفرية. والله تعالى حافظك وناصرك على أعدائك، فليس عليك إلا البلاغ. إن الله لا يوفق للرشد مَن حاد عن سبيل الحق، وجحد ما جئت به من عند الله.
يقول تعالى مخاطبا عبده ورسوله محمدا - صلى الله عليه وسلم - باسم الرساله وآمرا له بإبلاغ جميع ما أرسله الله به وقد امتثل عليه أفضل الصلاة والسلام ذلك وقام به أتم القيام قال البخاري عند تفسير هذه الآية حدثنا محمد بن موسى حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة- رضي الله عنها- قالت; من حدثك أن محمدا كتم شيئا مما أنزل الله عليه فقد كذب وهو يقول" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك" الآية هكذا رواه هاهنا مختصرا وقد أخرجه في مواضع من صحيحه مطولا وكذا رواه مسلم في كتاب الإيمان والترمذي والنسائي فى كتاب التفسير من سننهما من طرق عن عامر الشعبي عن مسروق بن الأجدع عنها- رضي الله عنها- وفي الصحيحين عنها أيضا أنها قالت; لو كان محمد - صلى الله عليه وسلم - كاتما شيئا من القرآن لكتم هذه الآية" وتخفى في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه" وقال ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن منصور الرمادي حدثنا سعيد بن سليمان حدثنا عباد عن هارون بن عنترة عن أبيه قال كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال له إن ناسا يأتونا فيخبرونا أن عندكم شيئا لم يبده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للناس فقال ابن عباس ألم تعلم أن الله تعالى قال" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك" والله ما ورثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سوداء في بيضاء. وهذا إسناد جيد وهكذا في صحيح البخاري من رواية أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوداني قال; قلت لعلي بن أبي طالب - رضي الله عنه - هـل عندكم شيء من الوحي مما ليس في القرآن فقال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهما يعطيه الله رجلا في القرآن وما في هذه الصحيفة قلت وما في هذه الصحيفة قال العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر. وقال البخاري - رضي الله عنه - قال الزهري من الله الرسالة وعلى الرسول البلاغ وعلينا التسليم وقد شهدت له أمته بإبلاغ الرسالة وأداء الأمانة واستنطقهم بذلك فى أعظم المحافل في خطبته يوم حجة الوداع وقد كان هناك من أصحابه نحو من أربعين ألفا كما ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال في خطبته يومئذ;"ياأيها الناس إنكم مسئولون عني فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت فجعل يرفع أصبعه إلى السماء منكسها إليهم ويقول اللهم هل بلغت" قال الإمام أحمد حدثنا ابن نمير حدثنا فضيل يعني ابن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس قال; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع;" يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا; يوم حرام قال أي بلد هذا؟ قالوا; بلد حرام قال فأي شهر هذا؟ قالوا; شهر حرام قال فإن أموالكم ودماءكم وأعرضاكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا ثم أعادها مرارا ثم رفع أصبعه إلى السماء قال اللهم هل بلغت" مرارا قال يقول ابن عباس والله لوصية إلى ربه عز وجل ثم قال;" ألا فليبلغ الشاهد الغائب لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض" وقد روى البخاري عن علي بن المديني عن يحيى بن سعيد عن فضيل بن غزوان به نحوه قوله تعالى " وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" يعني وإن لم تؤد إلى الناس ما أرسلتك به فما بلغت رسالته أي وقد علم ما يترتب على ذلك لو وقع وقال علي بن أبي طلحة; عن ابن عباس" وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" يعني إن كتمت آية مما أنزل إليك من ربك لم تبلغ رسالته قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا قبيصة بن عقبة حدثنا سفيان عن رجل عن مجاهد قال لما نزلت" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك" قال يا رب كيف أصنع وأنا وحدي يجتمعون علي فنزلت "وإن لم تفعل فما بلغت رسالته" ورواه ابن جرير من طريق سفيان وهو الثوري به وقوله تعالى " والله يعصمك من الناس" أي بلغ أنت رسالتي وأنا حافظك وناصرك ومؤيدك على أعدائك ومظفرك بهم فلا تخف ولا تحزن فلن يصل أحد منهم إليك بسوء يؤذيك وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل نزول هذه الآية يحرس كما قال الإمام أحمد حدثنا يزيد حدثنا يحيى قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث أن عائشة- رضي الله عنها- كانت تحدث أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- سهر ذات ليلة وهي إلى جنبه قالت; فقلت ما شأنك يا رسول الله قال ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة قالت فبينا أنا على ذلك إذ سمعت صوت السلاح فقال من هذا فقال أنا سعد بن مالك فقال ما جاء بك قال جئت لأحرسك يا رسول الله قالت فسمعت غطيط رسول- الله صلى الله عليه وسلم- في نومه أخرجاه في الصحيحين من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري به وفي لفظ سهر رسول الله- صلى الله عليه وسلم- ذات ليلة مقدمه المدينة يعني على أثر هجرته بعد دخوله بعائشة- رضي الله عنها- وكان ذلك في سنة ثنتين منها وقال ابن أبي حاتم حدثنا إبراهيم بن مرزوق البصري نزيل مصر حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا الحرث بن عبيد- يعني أبا قدامة- عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يحرس حتى نزلت هذه الآية" والله يعصمك من الناس- قالت فأخرج النبي- صلى الله عليه وسلم- رأسه من القبة وقال;" يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله عز وجل" وهكذا رواه الترمذي عن عبد بن حميد وعن نصر بن علي الجهضمي كلاهما عن مسلم بن إبراهيم به ثم قال وهذا حديث غريب وهكذا رواه ابن جرير والحاكم في مستدركه من طرق مسلم بن إبراهيم ثم قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه وكذا رواه سعيد ابن منصور عن الحارث بن عبيد أن قدامة الأيادي عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة به ثم قال الترمذي وقد روى بعضهم هذا عن الجريري عن ابن شقيق قال كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يحرس حتى نزلت هذه الآية ولم يذكر عائشة قلت هكذا رواه ابن جرير من طريق إسماعيل بن علية وابن مردويه من طريق وهيب كلاهما عن الجريري عن عبد الله بن شقيق مرسلا وقد روى هذا مرسلا عن سعيد بن جبير ومحمد بن كعب القرظي رواهما ابن جرير والربيع بن أنس رواه ابن مردويه ثم قال حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا أحمد بن رشدين المصري حدثنا خالد بن عبد السلام الصدفي حدثنا الفضل بن المختار عن عبد الله بن موهب عن عصمة بن مالك الخطمي قال كنا نحرس رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بالليل حتى نزلت" والله يعصمك من الناس" فترك الحرس حدثنا سليمان بن أحمد حدثنا حمد بن محمد بن حمد -أبو نصر الكاتب البغدادي- حدثنا كردوس بن محمد الواسطي حدثنا يعلى بن عبد الرحمن عن فضيل بن مرزوق عن عطية عن أبي سعيد الخدري قال; كان العباس عم رسول الله- صلى الله عليه وسلم- فيمن يحرسه فلما نزلت هذه الآية" والله يعصمك من الناس ترك رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الحرس حدثنا علي بن أبي حامد المديني حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد حدثنا محمد بن مفضل بن إبراهيم الأشعري حدثنا أبي حدثنا محمد بن معاوية بن عمار حدثنا أبي قال سمعت أبا الزبير المكي يحدث عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- إذا خرج بعث معه أبو طالب من يكلؤه حتى نزلت" والله يعصمك من الناس" فذهب ليبعث معه فقال يا عم إن الله قد عصمني لا حاجة لي إلى من تبعث وهذا حديث غريب وفيه نكارة فإن هذه الآية مدنية وهذا الحديث يقتضي أنها مكية ثم قال حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن يحيى حدثنا أبو كريب حدثنا عبد الحميد الجماني عن النضر عن عكرمة عن ابن عباس قال; كان رسول الله- صلى الله عليه وسلم- يحرس فكان أبو طالب يرسل إليه كل يوم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزلت عليه هذه الآية" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" قال فأراد عمه أن يرسل معه من يحرسه فقال;" إن الله قد عصمني من الجن والإنس" ورواه الطبراني عن يعقوب بن غيلان العماني عن أبي كريب به. هذا أيضا حديث غريب والصحيح أن هذه الآية منافية بل هي من أواخر ما نزل بها والله أعلم ومن عصمة الله لرسوله حفظه له من أهل مكة وصناديدها وحسادها ومعانديها ومترفيها مع شدة العداوة والبغضة ونصب المحاربة له ليلا ونهارا بما يخلقه الله من الأسباب العظيمة بقدرته وحكمته العظيمة فصانه في ابتداء الرسالة بعمه أبي طالب إذ كان رئيسا مطاعا كبيرا في قريش وخلق الله في قلبه محبة طبيعية لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- لا شرعية ولو كان أسلم لاجترأ عيله كفارها وكبارها ولكن لما كان بينه وبينهم قدر مشترك في الكفر هابوه واحترموه فلما مات عمه أبو طالب نال منه المشركون أذي يسيرا ثم قيض الله له الأنصار فبايعوه على الإسلام وعلى أن يتحول إلى دارهم وهي المدينة فلما صار إليها منعوه من الأحمر والأسود وكلما هم أحد من المشركين وأهل الكتاب بسوء كاده الله ورد كيده عليه كما كاده اليهود بالسحر فحماه الله منهم وأنزل عليه سورتي المعوذتين دواء لذلك الداء ولما سمه اليهود فى ذراع تلك الشاة بخيبر أعلمه الله به وحماه منه ولهذا أشباه كثيرة جدا يطول ذكرها فمن ذلك ما ذكره المفسرون عند هذه الآية الكريمة. قال أبو جعفر بن جرير حدثنا الحرث حدثنا عبد العزيز حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي وغيره قالوا; كان رسول الله إذا نزل منزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة يقيل تحتها فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال من يمنعك مني فقال الله عز وجل فرعدت يد الأعرابي وسقط السيف منه وضرب برأس الشجرة حتى انتثر دماغه فأنزل الله عز وجل" والله يعصمك من الناس" وقال ابن أبى حاتم حدثنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن يحيى بن سعيد القطان حدثنا زيد بن الحباب حدثنا موسى بن عبيدة حدثني زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال لما غزا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- بني أنمار نزل ذات الرقاع بأعلى نخل فبينا هو جالس على رأس بئر قد دلى رجليه فقال الحارث من بني النجار; لأقتلن محمدا فقال أصحابه كيف تقتله قال أقول له أعطني سيفك فإذا أعطانيه قتلته به قال فأتاه فقال يا محمد أعطني سيفك أشيمه فأعطاه إياه فرعدت يده حتى سقط السيف من يده فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم - حال الله بينك وبين ما تريد فأنزل الله عز وجل" يا أيها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس" وهذا حديث غريب من هذا الوجه وقصة غورث بن الحرث مشهورة في الصحيح وقال أبو بكر بن مردويه حدثنا أبو عمرو بن أحمد بن محمد بن إبراهيم حدثنا محمد بن عبد الوهاب حدثنا آدم حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال كنا إذا صحبنا رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في سفر تركنا له أعظم شجرة وأظلها فينزل تحتها فنزل ذات يوم تحت شجرة وعلق سيفه فيها فجاء رجل فأخذه فقال يا محمد من يمنعك مني فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- الله يمنعني منك ضع السيف فوضعه فأنزل الله عز وجل" والله يعصمك من الناس" وكذا رواه أبو حاتم بن حبان في صحيحه عن عبد الله بن محمد عن إسحاق بن إبراهيم عن المؤمل بن إسماعيل عن حماد بن سلمة به وقال الإمام أحمد حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة سمعت أبا إسرائيل يعني الجشمي سمعت جعدة هو ابن خالد بن الصمة الجشمي- رضي الله عنه- قال; سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- ورأى رجلا سمينا فجعل النبي- صلى الله عليه وسلم- يومئ إلى بطنه بيده ويقول لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك قال وأتى النبي- صلى الله عليه وسلم- برجل فقيل هذا أراد أن يقتلك فقال النبي- صلى الله عليه وسلم- لم ترع ولو أردت ذلك لم يسلطك الله علي وقوله" إن الله لا يهدي القوم الكافرين" أي بلغ أنت والله هو الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء قال تعالى" ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء" وقال" فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب".
قوله تعالى ; يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس إن الله لا يهدي القوم الكافرينفيه مسألتان ;الأولى ; قوله تعالى ; يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك قيل ; معناه أظهر التبليغ ; لأنه كان في أول الإسلام يخفيه خوفا من المشركين ، ثم أمر بإظهاره في هذه الآية ، وأعلمه الله أنه يعصمه من الناس ، وكان عمر رضي الله عنه أول من أظهر إسلامه وقال ; لا نعبد الله سرا ; وفي ذلك نزلت ; يا أيها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين فدلت الآية على [ ص; 179 ] رد قول من قال ; إن النبي صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من أمر الدين تقية ، وعلى بطلانه ، وهم الرافضة ، ودلت على أنه صلى الله عليه وسلم لم يسر إلى أحد شيئا من أمر الدين ; لأن المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك ظاهرا ، ولولا هذا ما كان في قوله عز وجل ; وإن لم تفعل فما بلغت رسالته فائدة ، وقيل ; بلغ ما أنزل إليك من ربك في أمر زينب بنت جحش الأسدية رضي الله عنها ، وقيل غير هذا ، والصحيح القول بالعموم ; قال ابن عباس ; المعنى بلغ جميع ما أنزل إليك من ربك ، فإن كتمت شيئا منه فما بلغت رسالته ; وهذا تأديب للنبي صلى الله عليه وسلم ، وتأديب لحملة العلم من أمته ألا يكتموا شيئا من أمر شريعته ، وقد علم الله تعالى من أمر نبيه أنه لا يكتم شيئا من وحيه ; وفي صحيح مسلم عن مسروق عن عائشة أنها قالت ; من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من الوحي فقد كذب ; والله تعالى يقول ; يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته وقبح الله الروافض حيث قالوا ; إنه صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أوحى الله إليه كان بالناس حاجة إليه .الثانية ; قوله تعالى ; والله يعصمك من الناس فيه دليل على نبوته ; لأن الله عز وجل أخبر أنه معصوم ، ومن ضمن سبحانه له العصمة فلا يجوز أن يكون قد ترك شيئا مما أمره الله به ، وسبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم كان نازلا تحت شجرة فجاء أعرابي فاخترط سيفه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ; من يمنعك مني ؟ فقال ; الله ; فذعرت يد الأعرابي وسقط السيف من يده ; وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه ; ذكره المهدوي ، وذكره القاضي عياض في كتاب الشفاء قال ; وقد رويت هذه القصة في الصحيح ، وأن غورث بن الحارث صاحب القصة ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عنه ; فرجع إلى قومه وقال ; جئتكم من عند خير الناس ، وقد تقدم الكلام في هذا المعنى في هذه السورة عند قوله ; إذ هم قوم أن يبسطوا إليكم أيديهم مستوفى ، وفي " النساء " أيضا في ذكر صلاة الخوف ، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال ; غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها ، قال ; وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده فقال لي ; من يمنعك مني - قال - قلت ; الله ثم قال في [ ص; 180 ] الثانية من يمنعك مني - قال - قلت ; الله قال فشام السيف فها هو ذا جالس ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن عباس قال النبي صلى الله عليه وسلم ; لما بعثني الله برسالته ضقت بها ذرعا وعرفت أن من الناس من يكذبني فأنزل الله هذه الآية وكان أبو طالب يرسل كل يوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا من بني هاشم يحرسونه حتى نزل ; والله يعصمك من الناس فقال النبي صلى الله عليه وسلم ; يا عماه إن الله قد عصمني من الجن والإنس فلا أحتاج إلى من يحرسني .قلت ; وهذا يقتضي أن ذلك كان بمكة ، وأن الآية مكية وليس كذلك ، وقد تقدم أن هذه السورة مدنية بإجماع ; ومما يدل على أن هذه الآية مدنية ما رواه مسلم في الصحيح عن عائشة قالت ; سهر رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة ليلة فقال ; ليت رجلا صالحا من أصحابي يحرسني الليلة قالت ; فبينا نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح ; فقال ; من هذا ؟ قال ; سعد بن أبي وقاص فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ; ما جاء بك ؟ فقال ; وقع في نفسي خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه ; فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام ، وفي غير الصحيح قالت ; فبينما نحن كذلك سمعت صوت السلاح ; فقال ; من هذا ؟ فقالوا ; سعد وحذيفة جئنا نحرسك ; فنام صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه ونزلت هذه الآية ; فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من قبة أدم وقال ; انصرفوا أيها الناس فقد عصمني الله .وقرأ أهل المدينة ; " رسالاته " على الجمع ، وأبو عمرو وأهل الكوفة ; " رسالته " على التوحيد ; قال النحاس ; والقراءتان حسنتان والجمع أبين ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه الوحي شيئا فشيئا ثم يبينه ، والإفراد يدل على الكثرة ; فهي كالمصدر والمصدر في أكثر الكلام لا يجمع ولا يثنى لدلالته على نوعه بلفظه كقوله ; وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها . إن الله لا يهدي القوم الكافرين أي ; لا يرشدهم وقد تقدم ، وقيل ; أبلغ أنت فأما الهداية فإلينا . نظيره ما على الرسول إلا البلاغ والله أعلم .
القول في تأويل قوله ; يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67)قال أبو جعفر; وهذا أمر من الله تعالى ذكره نبيَّه محمدًا صلى الله عليه وسلم، (13) بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى من أهل الكتابين الذين قصَّ تعالى ذكره قَصَصهم في هذه السورة، وذكر فيها معايبهم وخُبْثَ أديانهم، واجتراءَهم على ربهم، وتوثُّبهم على أنبيائهم، وتبديلَهم كتابه، وتحريفَهم إياه، ورداءةَ مطاعِمهم ومآكلهم= وسائرِ المشركين غيرِهم، (14) ما أنـزل عليه فيهم من معايبهم، والإزراء عليهم، والتقصير بهم، والتهجين لهم، وما أمرهم به ونهاهم عنه، وأن لا يُشْعر نفسَه حذرًا منهم أن يُصيبوه في نفسه بمكروهٍ ما قام فيهم بأمر الله، (15) ولا جَزعًا من كثرة عددهم وقلّة عدد من معه، وأن لا يتّقى أحدًا في ذات الله، فإن الله تعالى ذكره كافيه كلَّ أحد من خلقه، ودافعٌ عنه مكروهَ كل من يبغي مكروهه. (16) وأعلمه تعالى ذكره أنه إن قصَّر عن إبلاغ شيء مما أنـزل إليه إليهم، فهو في تركه تبليغ ذلك= وإن قلّ ما لم يبلّغ منه= فهو في عظيم ما ركب بذلك من الذَّنب بمنـزلته لو لم يبلِّغ من تنـزيله شيئًا.* * *وبما قلنا في ذلك قال أهل التأويل.ذكر من قال ذلك;12270 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله; " يا أيها الرسول بلِّغ ما أنـزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "، يعني; إن كتمت آية مما أنـزل عليك من ربك، لم تبلِّغ رسالاتي. (17)12271 - حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك "، الآية، أخبر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أنه سيكفيه الناس، ويعصمه منهم، وأمره بالبلاغ. ذكر لنا أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قيل له; لو احتجبت! فقال; والله لأبديَنَّ عَقِبي للناس ما صاحبتهم. (18)12272 - حدثني الحارث بن محمد قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا سفيان الثوري، عن رجل، عن مجاهد قال; لما نـزلت; " بلغ ما أنـزل إليك من ربك "، قال; إنما أنا واحد، كيف أصنع؟ تجَمَّع عليّ الناس! (19) فنـزلت; " وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "، الآية.12273 - حدثنا هناد وابن وكيع قالا حدثنا جرير، عن ثعلبة، عن جعفر، عن سعيد بن جبير قال; لما نـزلت; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس "، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; لا تحرسوني، إنّ ربّي قد عَصَمني. (20)12274 - حدثني يعقوب بن إبراهيم وابن وكيع قالا حدثنا ابن علية، عن الجُريريّ، عن عبد الله بن شقيق; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتقِبه ناسٌ من أصحابه، فلما نـزلت; " والله يعصمك من الناس "، خرج فقال; يا أيها الناس، الحقوا بملاحِقِكم، فإنّ الله قد عصمني من الناس. (21)12275 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن عاصم بن محمد، عن محمد بن كعب القرظي قال; كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحارسه أصحابه، فأنـزل الله تعالى ذكره; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته "، إلى آخرها.12276 - حدثني المثنى قال، حدثنا مسلم بن إبراهيم قال، حدثنا الحارث بن عبيدة أبو قدامة الإيادي قال، حدثنا سعيد الجريري، عن عبد الله بن شقيق، عن عائشة قالت; كان النبي صلى الله عليه وسلم يُحْرَس، حتى نـزلت هذه الآية; " والله يعصمك من الناس "، قالت; فأخرج النبي صلى الله عليه وسلم رأسه من القُبَّة فقال;أيها الناس، انصرفوا، فقد عصمني الله. (22)12277 - حدثنا عمرو بن عبد الحميد قال، حدثنا سفيان، عن عاصم، عن القرظيّ; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يُحْرَس، حتى أنـزل الله; " والله يعصمك من الناس ".* * *واختلف أهل التأويل في السبب الذي من أجله نـزلت هذه الآية.فقال بعضهم; نـزلت بسبب أعرابيّ كان همَّ بقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكفاه الله إياه.ذكر من قال ذلك;12278 - حدثني الحارث قال، حدثنا عبد العزيز قال، حدثنا أبو معشر، عن محمد بن كعب القرظي وغيره قال; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نـزل منـزلا اختار له أصحابه شجرة ظليلة، فيَقِيل تحتها. فأتاه أعرابي فاخترط سيفه ثم قال (23) من يمنعك مني؟ قال; الله! فرُعِدت يد الأعرابيّ وسقط السيف منه، (24) قال; وضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دُماغه، فأنـزل الله; " والله يعصمك من الناس ". (25)* * *وقال آخرون; بل نـزلت لأنه كان يخاف قريشًا، فأومن من ذلك.ذكر من قال ذلك;12279 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج قال; كان النبي صلى الله عليه وسلم يهاب قريشًا، فلما نـزلت; " والله يعصمك من الناس "، استلقى ثم قال;من شاء فليخذلني= مرتين أو ثلاثًا.12280 - حدثنا هناد قال، حدثنا وكيع، عن ابن أبي خالد، عن عامر، عن مسروق قال، قالت عائشة; من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من الوحي فقد كذب! ثم قرأت; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك "، الآية. (26)12281 - حدثنا ابن حميد قال، حدثنا جرير، عن المغيرة، عن الشعبي قال، قالت عائشة; من قال إن محمدًا صلى الله عليه وسلم كتم، فقد كذبَ وأعظم الفرية على الله! قال الله تعالى ذكره; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك " الآية.12282 - حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا ابن علية قال; أخبرنا داود بن أبي هند، عن الشعبي، عن مسروق قال، قالت عائشة; من زعم أنّ محمدًا صلى الله عليه وسلم كتم شيئًا من كتاب الله، فقد أعظم على الله الفرية! والله يقول; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك "، الآية. (27)12283 - حدثني المثنى قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني الليث قال، حدثني خالد، عن سعيد بن أبي هلال، عن محمد بن الجهم، عن مسروق بن الأجدع قال; دخلت على عائشة يومًا فسمعتها تقول; لقد أعظمَ الفرية من قال إنّ محمدًا كتم شيئًا من الوحي! والله يقول; " يا أيها الرسول بلغ ما أنـزل إليك من ربك ". (28)* * *ويعني بقوله; " والله يعصمك من الناس "، يمنعك من أن ينالوك بسوء. وأصله من " عِصَام القربة "، وهو ما تُوكىَ به من سير وخيط، (29)ومنه قول الشاعر; (30)وَقُلْــتُ; عَلَيْكُــمْ مَالِكًـا, إنَّ مَالِكًـاسَـيَعْصِمُكُمُ, إنْ كَانَ فِي النَّاسِ عَاصِمُ (31)يعني; يمنعكم.* * *وأما قوله; " إن الله لا يهدي القوم الكافرين "، فإنه يعني; إن الله لا يوفِّق للرُّشْد من حاد عن سبيل الحق، وجار عن قصد السبيل، وجحد ما جئته به من عند الله، ولم ينته إلى أمر الله وطاعته فيما فرض عليه وأوجبه. (32)-----------------الهوامش ;(13) في المطبوعة; "لنبيه محمد" ، غير ما في المخطوطة على غير طائل.(14) قوله; "وسائر المشركين" مجرور معطوف على قوله; "بإبلاغ هؤلاء اليهود والنصارى ..." ومفعول قوله; "بإبلاغ هؤلاء ..." هو; "ما أنزل عليه فيهم".(15) في المطبوعة; "أن يصيبه في نفسه مكروه" ، غير ما في المخطوطة على غير طائل.(16) في المطبوعة والمخطوطة; "كل من يتقي مكروهه" ، وهو فاسد جدًا ، صوابه ما أثبت.(17) في المطبوعة; "رسالتي" ، غير ما في المخطوطة.(18) قوله; "احتجبت" ، أي; احتجبت عن الناس حتى لا يدرك منه من يبغيه الغوائل. و"العقب" هنا"عقب القدم" ، وهي مؤخرها ، وهي مؤنثة. يعني بذلك; لأظهرن لهم سائرًا بينهم لا أحتجب. وكل من خرج إلى الناس ، فقد بدا لهم عقبه ، وهو يسير بينهم. وهذه كناية حسنة. وقوله; "ما صاحبتهم" ، للتأييد ، كأنه قال; "ما عشت".(19) في المطبوعة; "تجتمع على الناس" ، وأثبت ما في المخطوطة. ومعنى قوله; "تجمع على الناس" ، أي; تألبوا عليه وعادوه من جراء دعوته إلى دين الله. وهذا تعجب.(20) الأثر; 12273-"جرير" ، هو"جرير بن عبد الحميد الضبي" ، مضى مرارًا كثيره.و"ثعلبة" هو"ثعلبة بن سهيل التميمي الطهوي" ، كان متطببًا ، ثقة ، لا بأس به ، مترجم في التهذيب.و"جعفر" هو"جعفر بن أبي المغيرة الخزاعي" ، مضى برقم; 87 ، 617 ، 4347 ، 7269.وهذا خبر مرسل. انظر تفسير ابن كثير 3; 196.(21) الأثر; 12274-"الجريري" ، هو"سعيد بن إياس الجريري" ، مضى برقم; 196.و"عبد الله بن شقيق العقيلي" ، تابعي ثقة ، مضى برقم; 196 ، وهذا الخبر مرسل أيضًا ، وسيأتي موصولا برقم; 12276وقوله; "يعتقبه ناس من أصحابه"; أي يتناوبون حراسته ويتداولونها ، من"العقبة" وهي النوبة ، يقال; "جاءت عقبة فلان" ، أي نوبته.وقوله; "ألحقوا بملاحقكم" ، يأمرهم أن يوافوا أماكنهم التي يرجعون إليها إذا آبوا. ولم أجد هذا التعبير في غير هذا الخبر ، ولا قيده أصحاب غريب الحديث. و"الملاحق" جمع"ملحق" (بفتح الميم وسكون اللام وفتح الحاء); أي الموضع الذي ينزلونه عند مرجعهم.(22) الأثر; 12276-"الحارث بن عبيد الإيادي" ، "أبو قدامة" ، قال أحمد; "مضطرب الحديث" ، وقال ابن معين; "ضعيف" ، وقال أبو حاتم; "ليس بالقوي ، يكتب حديثه ولا يحتج به". وقال ابن حبان; "كان ممن كثر وهمه ، حتى خرج عن جملة من يحتج به إذا انفرد". مترجم في التهذيب. والكبير 1/ 2/ 273.وهذا الخبر رواه الترمذي في كتاب التفسير وقال; "هذا حديث غريب ، وروى بعضهم هذا الحديث عن الجريري ، عن عبد الله بن شقيق ، ولم يذكر فيه عائشة".ورواه الحاكم في المستدرك 2; 313 ، من هذه الطريق نفسها ثم قال; "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ، ولم يخرجاه". ووافقه الذهبي.وكان في المطبوعة; "فإن الله قد عصمني" ، خالف نص المخطوطة لغير شيء. وما في المخطوطة هو المطابق لروايته في الترمذي والمستدرك.(23) "اخترط السيف"; سله من غمده.(24) هكذا جاءت الرواية"فرعدت يد الأعرابي" بالبناء للمجهول ، ولم أجد من"الرعدة" ثلاثيًا"رعد" بالبناء للمجهول ، بل الذي رووه وأطبقوا عليه"أرعد" (بالبناء للمجهول). فإن صح هذا الخبر ، فالثلاثي المبني للمجهول مما يزاد على مادة اللغة.(25) الأثر; 12278- انظر خبر هذا الأعرابي فيما سلف رقم; 11565 ، والتعليق عليه هناك ، وليس فيه أنه ضرب برأسه الشجرة حتى انتثر دماغه.(26) الأثر; 12280-"ابن أبي خالد" ، هو; "إسمعيل بن أبي خالد الأحمسي". وكان في المخطوطة والمطبوعة; "عن أبي خالد" ، وهو خطأ لا شك فيه ، فإن البخاري رواه من طريق وكيع ، عن إسمعيل بن أبي خالد ، عن عامر ، عن مسروق ، مطولا (الفتح 8; 466) ، وليس فيمن روى عنه وكيع هذا الخبر من يسمى"أبا خالد".وهذا الخبر رواه أبو جعفر من أربع طرق ، سيأتي تخريجها بعد.(27) الأثر; 12282- رواه مسلم مطولا في صحيحه ، من طريق إسماعيل بن علية ، عن داود.وهذه الأخبار الثلاثة السالفة ، خبر واحد بأسانيد ثلاثة. رواه البخاري (الفتح 8; 206) من طريق سفيان ، عن إسمعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ، عن مسروق. ثم رواه من هذه الطريق ، ومن طريق أبي عامر العقدي ، عن شعبة ، عن إسمعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي (الفتح 13; 422) ، مختصرا.(28) الأثر; 12283-"الليث" هو"الليث بن سعد" الإمام.و"خالد" ، هو; "خالد بن يزيد الجمحي المصري" ، الفقيه المفتي ، ثقة ، مضى برقم; 3965 ، 5465 ، 9185 ، 9507.و"سعيد بن أبي هلال الليثي المصري" ، ثقة. مضى برقم; 1495 ، 3965 ، 5465.(29) انظر تفسير"عصم" و"عصام" فيما سلف 7; 62 ، 63 ، 70/9; 341.(30) لم أعرف قائله.(31) مجاز القرآن لأبي عبيدة 1; 171. و"عليك" اسم فعل للإغراء ، يقال; "عليك زيدًا" و"عليك بزيد".(32) انظر تفسير"هدى" فيما سلف من فهارس اللغة.
هذا أمر من الله لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم بأعظم الأوامر وأجلها، وهو التبليغ لما أنزل الله إليه، ويدخل في هذا كل أمر تلقته الأمة عنه صلى الله عليه وسلم من العقائد والأعمال والأقوال، والأحكام الشرعية والمطالب الإلهية. فبلغ صلى الله عليه وسلم أكمل تبليغ، ودعا وأنذر، وبشر ويسر، وعلم الجهال الأميين حتى صاروا من العلماء الربانيين، وبلغ بقوله وفعله وكتبه ورسله. فلم يبق خير إلا دل أمته عليه، ولا شر إلا حذرها عنه، وشهد له بالتبليغ أفاضل الأمة من الصحابة، فمن بعدهم من أئمة الدين ورجال المسلمين. { وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ ْ} أي: لم تبلغ ما أنزل إليك من ربك { فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ ْ} أي: فما امتثلت أمره. { وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ ْ} هذه حماية وعصمة من الله لرسوله من الناس، وأنه ينبغي أن يكون حرصك على التعليم والتبليغ، ولا يثنيك عنه خوف من المخلوقين فإن نواصيهـم بيد الله وقد تكفل بعصمتك، فأنت إنما عليك البلاغ المبين، فمن اهتدى فلنفسه، وأما الكافرون الذين لا قصد لهم إلا اتباع أهوائهم فإن الله لا يهديهم ولا يوفقهم للخير، بسبب كفرهم.
(يأيّها) مرّ إعرابها ،
(الرسول) نعت لأيّ تبعه في الرفع لفظا، أو بدل منه
(بلّغ) فعل أمر والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(ما) اسم موصول مبني في محلّ نصب مفعول به
(أنزل) فعل ماض مبني للمجهول، ونائب الفاعل ضمير مستتر تقديره هو (إلى) حرف جرّ و (الكاف) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (أنزل)
(من ربّ) جارّ ومجرور متعلّق بـ (أنزل) ، و (الكاف) مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(إن) حرفشرط جازم
(لم) حرف نفي(تفعل) مضارع مجزوم فعل الشرط، والفاعل ضمير مستتر تقديره أنت
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(بلّغت) فعل ماض مبني على السكون.. و (التاء) فاعلـ (رسالة) مفعول به منصوب و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(الواو) عاطفة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(يعصم) مضارع مرفوع، و (الكاف) ضمير مفعول به، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (من الناس) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يعصم) ،
(إنّ) حرف مشبّه بالفعلـ (الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (لا) نافية
(يهدي) مضارع مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الياء، والفاعل هو (القوم) مفعول به منصوبـ (الكافرين) نعت للقوم منصوب وعلامة النصب الياء.
جملة «يأيّها الرسول ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «بلّغ ... » : لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة «أنزل إليك» : لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة «لم تفعل....» : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «بلّغت ... » : في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة «الله يعصمك ... » : لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
وجملة «يعصمك ... » : في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الله) .
وجملة «إنّ الله ... » : لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة «لا يهدي ... » : في محلّ رفع خبر إنّ.
- القرآن الكريم - المائدة٥ :٦٧
Al-Ma'idah5:67