الرسم العثمانيبَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ
الـرسـم الإمـلائـيبَلۡ نَحۡنُ مَحۡرُوۡمُوۡنَ
تفسير ميسر:
أفرأيتم الحرث الذي تحرثونه هل أنتم تُنبتونه في الأرض؟ بل نحن نُقِرُّ قراره وننبته في الأرض. لو نشاء لجعلنا ذلك الزرع هشيمًا، لا يُنتفع به في مطعم، فأصبحتم تتعجبون مما نزل بزرعكم، وتقولون; إنا لخاسرون معذَّبون، بل نحن محرومون من الرزق.
ثم فسر ذلك بقوله "إنا لمغرمون بل نحن محرومون" أي لو جعلناه حطاما لظللتم تفكهون في المقالة تنوعون كلامكم فتقولون تارة إنا لمغرمون أي لملقون وقال مجاهد وعكرمة إنا لموقع بنا وقال قتادة معذبون وتاره تقولون بل نحن محرومون وقال مجاهد أيضا إنا لمغرمون ملقون للشر أي بل نحن محارفون قاله قتاده أي لا يثبت لنا مال ولا ينتج لنا ربح وقال مجاهد بل نحن محرومون أي مجدودون يعني لاحظ لنا قال ابن عباس ومجاهد "فظلتم تفكهون" تعجبون وقال مجاهد أيضا فظلتم تفكهون تفجعون وتحزنون على ما فاتكم من زرعكم وهذا يرجع إلى الأول وهو التعجب من السبب الذي من أجله أصيبوا في مالهم وهذا اختيار ابن جرير. وقال عكرمة فظلتم تفكهون تلاومون وقال الحسن وقتادة والسدي فظلتم مفكهون تندمون ومعناه إما على ما أنفقتم أو على ما أسلفتم من الذنوب قال الكسائي تفكه من الأضداد تقول العرب تفكهت بمعنى تنعمت وتفكهت بمعنى حزنت.
بل نحن محرومون أي ; حرمنا ما طلبنا من الريع . والمحروم الممنوع من الرزق . والمحروم ضد المرزوق وهو المحارف في قول قتادة . وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأرض الأنصار فقال ; ما يمنعكم من الحرث قالوا ; الجدوبة ، فقال ; لا تفعلوا فإن الله تعالى يقول ; أنا الزارع إن شئت زرعت بالماء ، وإن شئت زرعت بالريح وإن شئت زرعت بالبذر ثم تلا ; أفرأيتم ما تحرثون أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعونقلت ; وفي هذا الخبر والحديث الذي قبله ما يصحح قول من أدخل الزارع في أسماء الله سبحانه ، وأباه الجمهور من العلماء ، وقد ذكرنا ذلك في ( الكتاب الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى ) .
وقوله; ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) يعني بذلك تعالى ذكره أنهم يقولون; ما هلك زرعنا وأصبنا به من أجل ( إِنَّا لَمُغْرَمُونَ ) ولكنا قوم محرومون، يقول; إنهم غير مجدودين، ليس لهم جًدّ.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى؛ وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعًا، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) قال; حُورِفنا فحرمنا.حدثنا ابن عبد الأعلى، قال; ثنا ابن ثور، عن معمر، عن قتادة في قوله; ( بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ ) قال; أي محارَفون.------------------------الهوامش;(3) البيت لأعشى بني قيس بن ثعلبة. وقد مر الاستشهاد به في الجزء التاسع عشر ص 35 من هذه الطبعة. فراجعه ثمة وأنشده المؤلف هنا عند قوله تعالى "إنا لمغرمون" وقال أبو عبيدة في مجاز القرآن (الورقة 176 -1) معذبون، وأنشد بيت بشر بن أبي خازم;ويــوم النســار ويــوم الجفــار كــان عذابــا وكــان غرامـاوقد مر تفسير هذا البيت في (19 ; 36) من هذه الطبعة، فراجعه ثمة.
ثم تعرفون بعد ذلك من أين أتيتم، وبأي سبب دهيتم، فتقولون: { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } فاحمدوا الله تعالى حيث زرعه الله لكم، ثم أبقاه وكمله لكم، ولم يرسل عليه من الآفات ما به تحرمون نفعه وخيره.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الواقعة٥٦ :٦٧
Al-Waqi'ah56:67