لِّلسَّآئِلِ وَالْمَحْرُومِ
لِّلسَّآٮِٕلِ وَالۡمَحۡرُوۡمِ
تفسير ميسر:
إن الإنسان جُبِلَ على الجزع وشدة الحرص، إذا أصابه المكروه والعسر فهو كثير الجزع والأسى، وإذا أصابه الخير واليسر فهو كثير المنع والإمساك، إلا المقيمين للصلاة الذين يحافظون على أدائها في جميع الأوقات، ولا يَشْغَلهم عنها شاغل، والذين في أموالهم نصيب معيَّن فرضه الله عليهم، وهو الزكاة لمن يسألهم المعونة، ولمن يتعفف عن سؤالها، والذين يؤمنون بيوم الحساب والجزاء فيستعدون له بالأعمال الصالحة، والذين هم خائفون من عذاب الله. إن عذاب ربهم لا ينبغي أن يأمنه أحد. والذين هم حافظون لفروجهم عن كل ما حرَّم الله عليهم، إلا على أزواجهم وإمائهم، فإنهم غير مؤاخذين.
" للسائل والمحروم" السائل الذي يسأل الناس لفاقته; قاله ابن عباس وسعيد بن المسيب وغيرهما. "والمحروم" الذي حرم المال. واختلف في تعيينه; فقال ابن عباس وسعيد بن المسيب وغيرهما; المحروم المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم. وقالت عائشة رضي الله عنها; المحروم المحارف الذي لا يتيسر له مكسبه; يقال; رجل محارف بفتح الراء أي محدود محروم, وهو خلاف قولك مبارك. وقد حورف كسب فلان إذا شدد عليه في معاشه كأنه ميل برزقه عنه. وقال قتادة والزهري; المحروم المتعفف الذي لا يسأل الناس شيئا ولا يعلم بحاجته. وقال الحسن ومحمد ابن الحنفية; المحروم الذي يجيء بعد الغنيمة وليس له فيها سهم. روي أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابوا وغنموا فجاء قوم بعد ما فرغوا فنزلت هذه الآية "وفي أموالهم". وقال عكرمة; المحروم الذي لا يبقى له مال. وقال زيد بن أسلم; هو الذي أصيب ثمره أو زرعه أونسل ماشيته. وقال القرظي; المحروم الذي أصابته الجائحة ثم قرأ "إن لمغرمون. بل نحن محرومون" نظيره في قصة أصحاب الجنة حيث قالوا; "بل نحن محرومون" [القلم; 27] وقال أبو قلابة; كان رجل من أهل اليمامة له مال فجاء سيل فذهب بماله, فقال رجل من أصحابه; هذا المحروم فأقسموا له. وقيل; إنه الذي يطلب الدنيا وتدبر عنه. وهو يروى عن ابن عباس أيضا. وقال عبد الرحمن بن حميد; المحروم المملوك. وقيل; إنه الكلب; روي أن عمر بن عبد العزيز كان في طريق مكة, فجاء كلب فانتزع عمر رحمه الله كتف شاة فرمى بها إليه وقال; يقولون إنه المحروم. وقيل; إنه من وجبت نفقته بالفقر من ذوي الأنساب; لأنه قد حرم كسب نفسه حتى وجبت نفقته في مال غيره. وروى ابن وهب عن مالك; أنه الذي يحرم الرزق, وهذا قول حسن; لأنه يعم جميع الأقوال. وقال الشعبي; لي اليوم سبعون سنة منذ أحتلمت أسأل عن المحروم فما أنا اليوم بأعلم مني فيه يومئذ. رواه شعبة عن عاصم الأحول عن الشعبي. وأصله في اللغة الممنوع; من الحرمان وهو المنع. علقمة; ومطعم الغنم يوم الغنم مطعمه أنى توجه والمحروم محروم وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال; (ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلمونا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم فيقول الله تعالى وعزتي وجلالي لأقربنكم ولأبعدنهم) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم" ذكره الثعلبي.