نَذِيرًا لِّلْبَشَرِ
نَذِيۡرًا لِّلۡبَشَرِۙ
تفسير ميسر:
ليس الأمر كما ذكروا من التكذيب للرسول فيما جاء به، أقسم الله سبحانه بالقمر، وبالليل إذ ولى وذهب، وبالصبح إذا أضاء وانكشف. إن النار لإحدى العظائم؛ إنذارًا وتخويفًا للناس، لمن أراد منكم أن يتقرَّب إلى ربه بفعل الطاعات، أو يتأخر بفعل المعاصي.
أي لمن شاء أن يقبل النذارة ويهتدي للحق.
نذيرا للبشر يريد النار ; أي أن هذه النار الموصوفة نذيرا للبشر فهو نصب على الحال من المضمر في إنها قاله الزجاج . وذكر ; لأن معناه معنى العذاب ، أو أراد ذات إنذار على معنى النسب ; كقولهم ; امرأة طالق وطاهر .وقال الخليل ; النذير ; مصدر كالنكير ، ولذلك يوصف به المؤنث . وقال الحسن ; والله ما أنذر الخلائق بشيء أدهى منها . وقيل ; المراد بالنذير محمد - صلى الله عليه وسلم - ; أي قم نذيرا للبشر ، أي مخوفا لهم ف " نذيرا " حال من قم في أول السورة حين قال ; قم فأنذر قال أبو علي الفارسي وابن زيد ، وروي عن ابن عباس وأنكره الفراء . ابن الأنباري ; وقال بعض المفسرين معناه يا أيها المدثر قم نذيرا للبشر .[ ص; 79 ] وهذا قبيح ; لأن الكلام قد طال فيما بينهما .وقيل ; هو من صفة الله تعالى . روى أبو معاوية الضرير ; حدثنا إسماعيل بن سميع عن أبي رزين نذيرا للبشر قال ; يقول الله - عز وجل - ; أنا لكم منها نذير فاتقوها .و ( نذيرا ) على هذا نصب على الحال ; أي وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة منذرا بذلك البشر . وقيل ; هو حال من ( هو ) في قوله تعالى ; وما يعلم جنود ربك إلا هو . وقيل ; هو في موضع المصدر ، كأنه قال ; إنذارا للبشر . قال الفراء ; يجوز أن يكون النذير بمعنى الإنذار ، أي أنذر إنذارا ; فهو كقوله تعالى ; فستعلمون كيف نذير أي إنذاري ; فعلى هذا يكون راجعا إلى أول السورة ; أي قم فأنذر أي إنذارا . وقيل ; هو منصوب بإضمار فعل . وقرأ ابن أبي عبلة ( نذير ) بالرفع على إضمار هو . وقيل ; أي إن القرآن نذير للبشر ، لما تضمنه من الوعد والوعيد .
واختلف أهل التأويل في معنى قوله; ( نَذِيرًا لِلْبَشَرِ )، وما الموصوف بذلك، فقال بعضهم; عُنِيَ بذلك النار، وقالوا; هي صفة للهاء التي في قوله ( إنها ) وقالوا; هي النذير، فعلى قول هؤلاء النذير نصب على القطع من إحدى الكبر؛ لأن إحدى &; 24-34 &; الكبر معرفة، وقوله; ( نَذِيرًا ) نكرة، والكلام قد يحسُن الوقوف عليه دونه.* ذكر من قال ذلك;حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قال; قال الحسن; والله ما أُنذر الناسُ بشيء أدهى منها، أو بداهية هي أدهى منها.وقال آخرون; بل ذلك من صفة الله تعالى، وهو خبر من الله عن نفسه، أنه نذير لخلقه، وعلى هذا القول يجب أن يكون نصب قوله ( نَذِيرًا ) على الخروج من جملة الكلام المتقدم، فيكون معنى الكلام; وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة نذيرا للبشر، يعني; إنذارا لهم؛ فيكون قوله ( نَذِيرًا ) بمعنى إنذارا لهم؛ كما قال; فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ بمعنى إنذاري؛ ويكون أيضا بمعنى; إنها لإحدى الكُبَرِ؛ صيرنا ذلك كذلك نذيرا، فيكون قوله; ( إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ ) مؤدّيا عن معنى صيرنا ذلك كذلك، وهذا المعنى قصد من قال ذلك إن شاء الله.* ذكر من قال ذلك;حدثني أبو السائب، قال; ثنا أبو معاوية، عن إسماعيل، عن أبي رزين ( إِنَّهَا لإحْدَى الْكُبَرِ ) قال; جهنم ( نَذِيرًا لِلْبَشَرِ ) يقول الله; أنا لكم منها نذير فاتقوها.وقال آخرون; بل ذلك من صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا; نصب نذيرا على الحال مما في قوله " قم "، وقالوا; معنى الكلام; قم نذيرا للبشر فأنذر.* ذكر من قال ذلك;
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة