فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقٰدِرُونَ
فَقَدَرۡنَا ۖ فَنِعۡمَ الۡقٰدِرُوۡنَ
تفسير ميسر:
ألم نخلقكم- يا معشر الكفار- من ماء ضعيف حقير وهو النطفة، فجعلنا هذا الماء في مكان حصين، وهو رحم المرأة، إلى وقت محدود ومعلوم عند الله تعالى؟ فقدرنا على خلقه وتصويره وإخراجه، فنعم القادرون نحن.
لا يوجد تفسير لهذه الأية
فقدرنا وقرأ نافع والكسائي ( فقدرنا ) بالتشديد . وخفف الباقون ، وهما لغتان بمعنى . قاله الكسائي والفراء والقتبي . قال القتبي ; قدرنا بمعنى قدرنا مشددة ; كما تقول ; قدرت كذا وقدرته ; ومنه قول النبي - صلى الله عليه سلم - في الهلال ; إذا غم عليكم فاقدروا له أي قدروا له المسير والمنازل .وقال محمد بن الجهم عن الفراء ; ( فقدرنا ) قال ; وذكر تشديدها عن علي - رضي الله عنه - ، وتخفيفها ، قال ; ولا يبعد أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا ; لأن العرب تقول ; قدر عليه الموت وقدر ; قال الله تعالى ; نحن قدرنا بينكم الموت قرئ بالتخفيف ، والتشديد ، وقدر عليه رزقه وقدر . قال ; واحتج الذين خففوا فقالوا ; لو كانت كذلك لكانت فنعم المقدرون . قال الفراء ; وتجمع العرب بين اللغتين ; قال الله تعالى ; فمهل الكافرين أمهلهم رويدا قال الأعشى ;وأنكرتني وما كان الذي نكرت من الحوادث إلا الشيب والصلعاوروي عن عكرمة فقدرنا مخففة من القدرة ، وهو اختيار أبي عبيد وأبي حاتم والكسائي لقوله ; فنعم القادرون ومن شدد فهو من التقدير ، أي فقدرنا الشقي والسعيد فنعم المقدرون . رواه ابن مسعود عن النبي - صلى الله عليه وسلم - . وقيل ; المعنى قدرنا قصيرا أو طويلا . ونحوه عن ابن عباس ; قدرنا ملكنا . المهدوي ; وهذا التفسير أشبه بقراءة التخفيف .قلت ; هو صحيح فإن عكرمة هو الذي قرأ فقدرنا مخففا قال ; معناه فملكنا فنعم [ ص; 140 ] المالكون ، فأفادت الكلمتان معنيين متغايرين ; أي قدرنا وقت الولادة وأحوال النطفة في التنقيل من حالة إلى حالة حتى صارت بشرا سويا ، أو الشقي والسعيد ، أو الطويل والقصير ، كله على قراءة التشديد . وقيل ; هما بمعنى كما ذكرنا .
( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة ( فَقَدَّرْنا ) بالتشديد. وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة والبصرة بالتخفيف.والصواب من القول في ذلك أنهما قراءتان معروفتان، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وإن كنت أوثر التخفيف لقوله; ( فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) إذ كانت العرب قد تجمع بين اللغتين، كما قال; فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا فجمع بين التشديد والتخفيف، كما قال الأعشى;وأنْكَـرَتْنِي ومـا كـانَ الَّـذِي نَكِـرَتْمِـنَ الْحَـوَادِثِ إلا الشَّـيْبَ والصَّلعَـا (1)وقد يجوز أن يكون المعنى في التشديد والتخفيف واحدا. فإنه محكيّ عن العرب، قُدِر عليه الموت، وقُدِّر - بالتخفيف والتشديد.وعني بقوله; ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) ما حدثنا به ابن حميد، قال; ثنا مهران، عن ابن المبارك غن جويبر، عن الضحاك ( فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ ) قال; فملكنا فنعم المالكون.
{ فَقَدَرْنَا } أي: قدرنا ودبرنا ذلك الجنين، في تلك الظلمات، ونقلناه من النطفة إلى العلقة، إلى المضغة، إلى أن جعله الله جسدا، ثم نفخ فيه الروح، ومنهم من يموت قبل ذلك.{ فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ } [يعني بذلك نفسه المقدسة] حيث كان قدرا تابعا للحكمة، موافق للحمد .
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة