الرسم العثمانيفَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلٰلًا طَيِّبًا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ
الـرسـم الإمـلائـيفَكُلُوۡا مِمَّا غَنِمۡتُمۡ حَلٰلاً طَيِّبًا ۖ وَّاتَّقُوا اللّٰهَ ؕ اِنَّ اللّٰهَ غَفُوۡرٌ رَّحِيۡمٌ
تفسير ميسر:
فكلوا من الغنائم وفداء الأسرى فهو حلال طيب، وحافظوا على أحكام دين الله وتشريعاته. إن الله غفور لعباده، رحيم بهم.
قال الله تعالى "فكلوا ما غنمتم حلالا طيبا" الآية. وكذا روى العوفي عن ابن عباس وروى مثله عن أبي هريرة وابن مسعود وسعيد بن جبير وعطاء والحسن البصري وقتادة والأعمش أيضا أن المراد "لولا كتاب من الله سبق" لهذه الأمة بإحلال الغنائم وهو اختيار ابن جرير رحمه الله ويستشهد لهذا القول بما أخرجاه في الصحيحين عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد من الأنبياء قبلي نصرت بالرعب مسيرة شهر وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي وأعطيت الشفاعة وكان النبي يبعث إلى قومه وبعثت إلى الناس عامة" وقال الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لم تحل الغنائم لسود الرءوس غيرنا" ولهذا قال تعالى "فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا" الآية. فعند ذلك أخذوا من الأسارى الفداء وقد روى الإمام أبو داود في سننه حدثنا عبدالرحمن بن المبارك العبسي حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا شعبة عن أبي العنبس عن أبي الشعثاء عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل فداء أهل الجاهلية يوم بدر أربعمائة وقد استمر الحكم في الأسرى عند جمهور العلماء أن الإمام مخير فيهم إن شاء قتل كما فعل ببني قريظة وإن شاء فادى بمال كما فعل بأسرى بدر أو بمن أسر من المسلمين كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الجارية وابنتها اللتين كانتا في سبي سلمة بن الأكوع حيث ردهما وأخذ في مقابلتهما من المسلمين الذين كانوا عند المشركين وإن شاء استرق من أسر. هذا مذهب الإمام الشافعي وطائفة من العلماء وفي المسألة خلاف آخر بين الأئمة مقرر في موضعه من كتب الفقه.
قوله تعالى فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا واتقوا الله إن الله غفور رحيم يقتضي ظاهره أن تكون الغنيمة كلها للغانمين ، وأن يكونوا مشتركين فيها على السواء ، إلا أن قوله تعالى ; واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه بين وجوب إخراج الخمس منه وصرفه إلى الوجوه المذكورة . وقد تقدم القول في هذا مستوفى .
القول في تأويل قوله ; فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالا طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره للمؤمنين من أهل بدر; (فكلوا)، أيها المؤمنون =(مما غنمتم)، من أموال المشركين =(حلالا)، بإحلاله لكم =(طيبا واتقوا الله)، يقول; وخافوا الله أن تعودوا، أن تفعلوا في دينكم شيئا بعد هذه من قبل أن يُعْهَد فيه إليكم, كما فعلتم في أخذ الفداء وأكل الغنيمة، وأخذتموهما من قبل أن يحلا لكم =(إن الله غفور رحيم). (61)* * *وهذا من المؤخر الذي معناه التقديم, وتأويل الكلام; (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا),(إن الله غفور رحيم),(واتقوا الله).* * *ويعني بقوله; (إن الله غفور)، لذنوب أهل الإيمان من عباده =(رحيم)، بهم، أن يعاقبهم بعد توبتهم منها.------------------------الهوامش;(61) انظر تفسير ألفاظ الآية فيما سلف من فهارس اللغة .
تفسير الآيتين 68 و69 :ـ {لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ} به القضاء والقدر، أنه قد أحل لكم الغنائم، وأن اللّه رفع عنكم ـ أيها الأمة ـ العذاب {لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} وفي الحديث: (لو نزل عذاب يوم بدر، ما نجا منه إلا عمر) {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا} وهذا من لطفه تعالى بهذه الأمة، أن أحل لها الغنائم ولم يحلها لأمة قبلها. {وَاتَّقُوا اللَّهَ} في جميع أموركم ولازموها، شكرا لنعم اللّه عليكم،. {إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ} يغفر لمن تاب إليه جميع الذنوب،.ويغفر لمن لم يشرك به شيئا جميع المعاصي. {رَحِيمٌ} بكم، حيث أباح لكم الغنائم وجعلها حلالا طيبا.
(الفاء) عاطفة
(كلوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون ... والواو فاعلـ (من) حرف جرّ
(ما) مثل السابق متعلّق ب(كلوا) ،
(غنمتم) مثل أخذتم ،
(حلالا) حال منصوبة من العائد المقدّر
(طيّبا) حال ثانية منصوبة أو نعت لـ (حلالا) منصوب ،
(الواو) عاطفة
(اتّقوا) مثل كلوا
(الله) لفظ الجلالة مفعول به منصوبـ (إنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(الله) لفظ الجلالة اسم إنّ منصوبـ (غفور) خبر مرفوع
(رحيم) خبر ثان مرفوع.
جملة: «كلوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة مقدّرة هي سبب لها أي: قد أبحت لكم الغنائم فكلوا ممّا غنمتم.
وجملة: «غنمتم» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «اتّقوا الله» لا محلّ لها معطوفة على جملة كلوا.
وجملة: «إنّ الله غفور» لا محلّ لها تعليل لقول كلوا ... واتّقوا.
- القرآن الكريم - الأنفال٨ :٦٩
Al-Anfal8:69