الرسم العثمانيوَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِى الْأَرْضِ لَافْتَدَتْ بِهِۦ ۗ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ ۖ وَقُضِىَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ ۚ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَوۡ اَنَّ لِكُلِّ نَفۡسٍ ظَلَمَتۡ مَا فِى الۡاَرۡضِ لَافۡتَدَتۡ بِهٖؕ وَاَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَاَوُا الۡعَذَابَۚ وَقُضِىَ بَيۡنَهُمۡ بِالۡقِسۡطِ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
ولو أن لكل نفس أشركت وكفرت بالله جميع ما في الأرض، وأمكنها أن تجعله فداء لها من ذلك العذاب لافتدت به، وأخفى الذين ظلموا حسرتهم حين أبصروا عذاب الله واقعا بهم جميعًا، وقضى الله عز وجل بينهم بالعدل، وهم لا يُظلَمون؛ لأن الله تعالى لا يعاقب أحدا إلا بذنبه.
ثم أخبر تعالى أنه إذا قامت القيامة يود الكافر لو افتدى من عذاب الله بملء الأرض ذهبا "وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط" أي بالحق "وهم لا يظلمون".
قوله تعالى ولو أن لكل نفس ظلمت ما في الأرض لافتدت به وأسروا الندامة لما رأوا العذاب وقضي بينهم بالقسط وهم لا يظلمونقوله تعالى ولو أن لكل نفس ظلمت أي أشركت وكفرت ما في الأرض أي ملكا لافتدت به أي من عذاب الله ، يعني ولا يقبل منها ; كما قال ; إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ولو افتدى به وقد تقدمقوله تعالى وأسروا الندامة أي أخفوها ; يعني رؤساءهم ، أي أخفوا ندامتهم عن أتباعهم . وقيل ; أسروا أظهروا ، والكلمة من الأضداد ، ويدل عليه أن الآخرة ليست دار تجلد وتصبر . وقيل ; وجدوا ألم الحسرة في قلوبهم ; لأن الندامة لا يمكن إظهارها . قال كثير ;فأسررت الندامة يوم نادى برد جمال غاضرة المناديوذكر المبرد فيه وجها ثالثا ; أنه بدت بالندامة أسرة وجوههم ، وهي تكاسير الجبهة ، واحدها سرار . والندامة ; الحسرة لوقوع شيء أو فوت شيء ، وأصلها اللزوم ; ومنه النديم لأنه يلازم المجالس . وفلان نادم سادم . والسدم اللهج بالشيء . وندم وتندم بالشيء أي اهتم به . قال الجوهري ; السدم " بالتحريك " الندم والحزن ; وقد سدم بالكسر أي اهتم وحزن ورجل نادم سادم ، وندمان سدمان ; وقيل ; هو إتباع . وما له هم ولا سدم إلا ذلك . وقيل ; الندم مقلوب الدمن ، والدمن اللزوم ; ومنه فلان مدمن الخمر . والدمن ; ما اجتمع في الدار وتلبد من الأبوال والأبعار ; سمي به للزومه . والدمنة ; الحقد الملازم للصدر ، والجمع دمن . وقد دمنت قلوبهم بالكسر ; يقال ; دمنت على فلان أي ضغنت .وقضي بينهم بالقسط أي بين الرؤساء والسفل بالعدل وهم لا يظلمون .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ مَا فِي الأَرْضِ لافْتَدَتْ بِهِ وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (54)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ولو أن لكل نفس كفرت بالله ، و " ظلمها " ، في هذا الموضع، عبادتُها غيرَ من يستحق عبادته، (1) وتركها طاعة من يجب عليها طاعته ، (ما في الأرض) ، من قليل أو كثير ، (لافتدت به) ، يقول; لافتدت بذلك كلِّه من عذاب الله إذا عاينته (2) ، وقوله; (وأسروا الندامة لما رأوا العذاب) ، يقول; وأخفتْ رؤساء هؤلاء المشركين من وضعائهم وسفلتهم الندامةَ حين أبصرُوا عذاب الله قد أحاط بهم، وأيقنوا أنه واقع بهم ، ( وقضي بينهم بالقسط)، يقول; وقضى الله يومئذ بين الأتباع والرؤساء منهم بالعدل (3) ، (وهم لا يظلمون)، وذلك أنه لا يعاقب أحدًا منهم إلا بجريرته ، ولا يأخذه بذنب أحدٍ، ولا يعذِّب إلا من قد أعذر إليه في الدنيا وأنذر وتابع عليه الحجج.------------------------الهوامش ;(1) في المطبوعة ; " من يستحق عبادة " ، غير ما في المخطوطة .(2) انظر تفسير " الافتداء " فيما سلف من فهارس اللغة ( فدى ) .(3) انظر تفسير " القسط " فيما سلف ص ; 99 ، تعليق ; 1، والمراجع هناك .
{و} إذا كانت القيامة فـ {لَوْ أَنَّ لِكُلِّ نَفْسٍ ظَلَمَتْ} بالكفر والمعاصي جميع {مَا فِي الْأَرْضِ} من ذهب وفضة وغيرهما، لتفتدي به من عذاب الله {لَافْتَدَتْ بِهِ} ولما نفعها ذلك، وإنما النفع والضر والثواب والعقاب، على الأعمال الصالحة والسيئة. {وَأَسَرُّوا} [أي] الذين ظلموا {النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ} ندموا على ما قدموا، ولات حين مناص، {وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ} أي: العدل التام الذي لا ظلم ولا جور فيه بوجه من الوجوه.
(الواو) استئنافيّة
(لو) شرط غير جازم
(أنّ) حرف مشبّه بالفعل- ناسخ-
(لكلّ) جارّ ومجرور خبر مقدّم
(نفس) مضاف إليه مجرور
(ظلمت) فعل ماض.. و (التاء) للتأنيث، والفاعل هي أي كلّ نفس
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب اسم أنّ مؤخّر
(في الأرض) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف صلة ما.
والمصدر المؤوّلـ (أنّ لكلّ ... ما في الأرض) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي ثبت وجود..(اللام) واقعة في جواب لو (افتدت) مثل ظلمت
(الباء) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (افتدت) ،
(الواو) عاطفة
(أسرّوا) فعل ماض وفاعله
(الندامة) مفعول به منصوبـ (لمّا) ظرف بمعنى حين فيه معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بالجواب المقدّر
(رأوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين.. والواو فاعلـ (العذاب) مفعول به منصوبـ (الواو) عاطفة
(قضي ... لا يظلمون) مرّ إعرابها .
جملة: «
(ثبت) امتلاك ما في الأرض» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «ظلمت ... » في محلّ جرّ نعت لنفس.
وجملة: «افتدت» لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «أسرّوا ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة .
وجملة: «رأوا ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.. وجواب الشرط محذوف دلّ عليه ما قبله.
وجملة: «قضي بينهم ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «هم لا يظلمون» في محلّ نصب حال.
وجملة: «لا يظلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
- القرآن الكريم - يونس١٠ :٥٤
Yunus10:54