الرسم العثمانيوَلَئِنْ أَذَقْنٰهُ نَعْمَآءَ بَعْدَ ضَرَّآءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّـَٔاتُ عَنِّىٓ ۚ إِنَّهُۥ لَفَرِحٌ فَخُورٌ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَٮِٕنۡ اَذَقۡنٰهُ نَـعۡمَآءَ بَعۡدَ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَـقُوۡلَنَّ ذَهَبَ السَّيِّاٰتُ عَنِّىۡ ؕ اِنَّهٗ لَـفَرِحٌ فَخُوۡرٌۙ
تفسير ميسر:
ولئن بسطنا للإنسان في دنياه ووسَّعنا عليه في رزقه بعد ضيق من العيش، ليقولَنَّ عند ذلك; ذهب الضيق عني وزالت الشدائد، إنه لبَطِر بالنعم، مبالغ في الفخر والتعالي على الناس.
وهكذا إن أصابته نعمة بعد نقمة "ليقولن ذهب السيئات عني" أي يقول ما ينالني بعد هذا ضيم ولا سوء "إنه لفرح فخور" أي فرح بما في يده بطر فخور على غيره.
قوله تعالى ولئن أذقناه نعماء أي صحة ورخاء وسعة في الرزق .بعد ضراء مسته أي بعد ضر وفقر وشدة .ليقولن ذهب السيئات عني أي الخطايا التي تسوء صاحبها من الضر والفقر .إنه لفرح فخور أي يفرح ويفخر بما ناله من السعة وينسى شكر الله عليه ; يقال ; رجل فاخر إذا افتخر - وفخور للمبالغة - قال يعقوب القارئ ; وقرأ بعض أهل المدينة ( لفرح ) بضم الراء كما يقال ; رجل فطن وحذر وندس . ويجوز في كلتا اللغتين الإسكان لثقل الضمة والكسرة .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ (10)قال أبو جعفر; يقول تعالى ذكره; ولئن نحن بسطنا للإنسان في دنياه، ورزقناه رخاءً في عيشه، ووسعنا عليه في رزقه ، وذلك هي النّعم التي قال الله جل ثناؤه; (وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ) (38) ، وقوله; (بعد ضراء مسته) ، يقول; بعد ضيق من العيش كان فيه ، وعسرة كان يعالجها (39) (لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي) ، يقول تعالى ذكره; ليقولن عند ذلك; ذهب الضيق والعسرة عني، وزالت الشدائد والمكاره ، (إنه لفرح فخور) ، يقول تعالى ذكره; إن الإنسان لفرح بالنعم التي يعطاها مسرور بها (40)، (فخور)، يقول; ذو فخر بما نال من السعة في الدنيا ، وما بسط له فيها من العيش، (41) وينسى صُرُوفها ، ونكدَ العَوَائص فيها، (42) ويدع طلب النعيم الذي يبقى ، والسرور الذي يدوم فلا يزول.18005- حدثنا القاسم قال ، حدثنا الحسين قال ، حدثنا حجاج، عن ابن جريج قوله; (ذهب السيئات عني) ، غِرَّةً بالله وجراءة عليه ، (إنه لفرح) ، والله لا يحب الفرحين ، (فخور) ، بعد ما أعطي ، وهو لا يشكر الله.* * *ثم استثنى جل ثناؤه من الإنسان الذي وصفه بهاتين الصفتين; " الذين صبروا وعملوا الصالحات ". وإنما جاز استثناؤهم منه لأن " الإنسان " بمعنى الجنس ومعنى الجمع. وهو كقوله; وَالْعَصْرِ * إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ، [سورة العصر; 1-3]، (43)------------------------الهوامش ;(38) انظر تفسير " النعماء " فيما سلف من فهارس اللغة ( نعم ) .(39) انظر تفسير " المس " فيما سلف ص ; 219 ، تعليق ; 2 ، والمراجع هناك .، وتفسير " الضراء " فيما سلف ص ; 49 ، تعليق ; 1 ، والمراجع هناك .(40) انظر تفسير " فرح " فيما سلف 14 ; 289 .(41) انظر تفسير " فخور " فيما سلف 8 ; 350 .(42) في المطبوعة ; " نكد العوارض " ، غير ما في المخطوطة ، و " العوائص " جمع " عائص " أو " عائصة " ، ومثله " العوصاء " ، وكله معناه ; الشدة والعسر والحاجة .(43) انظر معاني القرآن للفراء في تفسير الآية . ومن هنا سأرجع إلى النسخة المخطوطة من معاني القرآن ، لأن بقية الكتاب لم تطبع بعد . والنسخة التي أرجع إليها هي المخطوطة بدار الكتب المصرية تحت رقم ; ب 24986 ، مصورة عن نسخة مكتبة " بغداد لي وهبي " بالمكتبة السليمانية ، بالآستانة .
تفسير الآيتين 10 و 11 :ـ وأنه إذا أذاقه رحمة من بعد ضراء مسته، أنه يفرح ويبطر، ويظن أنه سيدوم له ذلك الخير، ويقول: { ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ } أي: فرح بما أوتي مما يوافق هوى نفسه، فخور بنعم الله على عباد الله، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس، والتكبر على الخلق، واحتقارهم وازدرائهم، وأي عيب أشد من هذا؟\" وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو، إلا من وفقه الله وأخرجه من هذا الخلق الذميم إلى ضده، وهم الذين صبروا أنفسهم عند الضراء فلم ييأسوا، وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبات. { أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ } لذنوبهم، يزول بها عنهم كل محذور. { وَأَجْرٌ كَبِيرٌ } وهو: الفوز بجنات النعيم، التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - هود١١ :١٠
Hud11:10