الرسم العثمانيفَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْءَانَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطٰنِ الرَّجِيمِ
الـرسـم الإمـلائـيفَاِذَا قَرَاۡتَ الۡقُرۡاٰنَ فَاسۡتَعِذۡ بِاللّٰهِ مِنَ الشَّيۡطٰنِ الرَّجِيۡمِ
تفسير ميسر:
فإذا أردت -أيها المؤمن- أن تقرأ شيئًا من القرآن فاستعذ بالله مِن شرِّ الشيطان المطرود من رحمة الله قائلا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
هذا أمر من الله تعالى لعباده على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم إذا أرادوا قراءة القرآن أن يستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم وهذا أمر ندب ليس بواجب حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير وغيره من الأئمة وقد قدمنا الأحاديث الواردة في الاستعاذة مبسوطة في أول التفسير ولله الحمد والمنة والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته ويخلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر. ولهذا ذهب الجمهور إلى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة وحكى عن حمزة وأبي حاتم السجستاني أنها تكون بعد التلاوة واحتجا بهذه الآية ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن أبي هريرة أيضا ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعي والصحيح الأول لما تقدم من الأحاديث الدالة على تقدمها على التلاوة والله أعلم.
قوله تعالى ; فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم [ ص; 159 ] فيه مسالة واحدة ; وهي أن هذه الآية متصلة بقوله ; ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء فإذا أخذت في قراءته فاستعذ بالله من أن يعرض لك الشيطان فيصدك عن تدبره والعمل بما فيه ; وليس يريد استعذ بعد القراءة ; بل هو كقولك ; إذا أكلت فقل بسم الله ; أي إذا أردت أن تأكل . وقد روى جبير بن مطعم عن أبيه قال ; سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين افتتح الصلاة قال اللهم إني أعوذ بك من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه . وروى أبو سعيد الخدري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يتعوذ في صلاته قبل القراءة . قال ألكيا الطبري ; ونقل عن بعض السلف التعوذ بعد القراءة مطلقا ، احتجاجا بقوله - تعالى - ; فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم ولا شك أن ظاهر ذلك يقتضي أن تكون الاستعاذة بعد القراءة ; كقوله - تعالى - ; فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا . إلا أن غيره محتمل ، مثل قوله - تعالى - ; وإذا قلتم فاعدلوا وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب وليس المراد به أن يسألها من وراء حجاب بعد سؤال متقدم . ومثله قول القائل ; إذا قلت فاصدق ، وإذا أحرمت فاغتسل ; يعني قبل الإحرام . والمعنى في جميع ذلك ; إذا أردت ذلك ; فكذلك الاستعاذة . وقد تقدم هذا المعنى وتقدم القول في الاستعاذة مستوفى
يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم; وإذا كنت يا محمد قارئًا القرآن، فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. وكان بعض أهل العربية يزعم أنه من المؤخر الذي معناه التقديم. وكان معنى الكلام عنده; وإذا استعذت بالله من الشيطان الرجيم، فاقرأ القرآن ، ولا وجه لما قال من ذلك، لأن ذلك لو كان كذلك لكان متى استعاذ مستعيذ من الشيطان الرجيم لزمه أن يقرأ القرآن، ولكن معناه ما وصفناه ، وليس قوله (فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) بالأمر اللازم، وإنما هو إعلام وندب . وذلك أنه لا خلاف بين الجميع ، أن من قرأ القرآن ولم يستعذ بالله من الشيطان الرجيم . قبل قرأته أو بعدها أنه لم يضيع فرضا واجبا. وكان ابن زيد يقول في ذلك نحو الذي قلنا.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله ( فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ ) قال; فهذا دليل من الله تعالى دلّ عباده عليه.
أي: فإذا أردت القراءة لكتاب الله الذي هو أشرف الكتب وأجلها وفيه صلاح القلوب والعلوم الكثيرة فإن الشيطان أحرص ما يكون على العبد عند شروعه في الأمور الفاضلة، فيسعى في صرفه عن مقاصدها ومعانيها. فالطريق إلى السلامة من شره الالتجاء إلى الله، والاستعاذة به من شره، فيقول القارئ: { أعوذ بالله من الشيطان الرجيم } متدبرا لمعناها، معتمدا بقلبه على الله في صرفه عنه، مجتهدا في دفع وساوسه وأفكاره الرديئة مجتهدا، على السبب الأقوى في دفعه، وهو التحلي بحلية الإيمان والتوكل.
(الفاء) استئنافيّة
(إذا) ظرف للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط في محلّ نصب متعلّق بمضمون الجوابـ (قرأت) فعل ماض وفاعله
(القرآن) مفعول به منصوبـ (الفاء) رابطة لجواب الشرط
(استعذ) فعل أمر، والفاعل أنت
(بالله) جارّ ومجرور متعلّق بـ (استعذ) ،
(من الشيطان) جارّ ومجرور متعلّق بـ (استعذ) ،
(الرّجيم) نعت للشيطان مجرور.
جملة: «قرأت ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «استعذ ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
(إنّ) حرف توكيد ونصب و (الهاء) ضمير في محلّ نصب اسم إنّ
(ليس)فعل ماض ناقص جامد
(اللام) حرف جرّ و (الهاء) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بخبر ليس
(سلطان) اسم ليس مؤخّر مرفوع
(على) حرف جرّ
(الّذين) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (سلطان) فهو بمعنى التسلّط
(آمنوا) فعل ماض وفاعله
(الواو) عاطفة
(على ربّهم) جارّ ومجرور متعلّق بـ (يتوكّلون) ، و (هم) مضاف إليه
(يتوكّلون) مضارع مرفوع.. و (الواو) فاعل.
وجملة: «إنّه ليس له سلطان ... » لا محلّ لها تعليل لمحذوف هو جواب الطلب أي استعذ بالله من الشيطان تكف شرّه.
وجملة: «ليس له سلطان» في محلّ رفع خبر إنّ.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «يتوكّلون» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(سلطانه) مبتدأ مرفوع.. و (الهاء) مضاف إليه
(على الذين) مثل الأول متعلّق بخبر المبتدأ
(يتولّونه) مثل يتوكّلون.. و (الهاء) ضمير مفعول به
(الواو) عاطفة
(الّذين) في محلّ جرّ معطوف على الموصول السابق
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(الباء) حرف جرّ و (الهاء) في محلّ جرّ متعلّق
(مشركون) وهو خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو.
وجملة: «سلطانه على الذين ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يتولّونه....» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) .
وجملة: «هم به مشركون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الّذين) الثاني.
- القرآن الكريم - النحل١٦ :٩٨
An-Nahl16:98