الرسم العثمانيحَتّٰىٓ إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِى عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِندَهَا قَوْمًا ۗ قُلْنَا يٰذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّآ أَن تُعَذِّبَ وَإِمَّآ أَن تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا
الـرسـم الإمـلائـيحَتّٰٓى اِذَا بَلَغَ مَغۡرِبَ الشَّمۡسِ وَجَدَهَا تَغۡرُبُ فِىۡ عَيۡنٍ حَمِئَةٍ وَّوَجَدَ عِنۡدَهَا قَوۡمًا ؕ قُلۡنَا يٰذَا الۡقَرۡنَيۡنِ اِمَّاۤ اَنۡ تُعَذِّبَ وَاِمَّاۤ اَنۡ تَتَّخِذَ فِيۡهِمۡ حُسۡنًا
تفسير ميسر:
حتى إذا وصل ذو القرنين إلى مغرب الشمس وجدها في مرأى العين كأنها تغرب في عين حارة ذات طين أسود، ووجد عند مغربها قومًا. قلنا; يا ذا القرنين إما أن تعذبهم بالقتل أو غيره، إن لم يقروا بتوحيد الله، وإما أن تحسن إليهم، فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد.
وقوله; " حتى إذا بلغ مغرب الشمس " أي فسلك طريقًا حتى وصل إلى أقصى ما يسلك فيه من الأرض من ناحية المغرب وهو مغرب الأرض وأما الوصول إلى مغرب الشمس من السماء فمتعذر وما يذكره أصحاب القصص والأخبار من أنه سار في الأرضى مدة والشمس تغرب من ورائه فشيء لا حقيقة له وأكثر ذلك من خرافات أهل الكتاب واختلاف زنادقتهم وكذبهم وقوله; " وجدها تغرب في عين حمئة " أي رأى الشمس في منظره تغرب في البحر المحيط وهذا شأن كل من انتهى إلى ساحله يراها كأنها تغرب فيه وهي لا تفارق الفلك الرابع الذي هي مثبتة فيه لا تفارقه والحمئة مشتقة على إحدى القراءتين من الحمأة وهو الطين كما قال تعالى; " إني خالق بشرًا من صلصال من حمإ مسنون " أي طين أملس وقد تقدم بيانه وقال ابن جرير; حدثني يونس أخبرنا ابن وهب أنبأنا نافع بن أبي نعيم سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول كان ابن عباس يقول في عين حمئة ثم فسرها ذات حمأة قال نافع; وسئل عنها كعب الأحبار فقال أنتم أعلم بالقرآن مني ولكن أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء وكذا روى غير واحد عن ابن عباس وبه قال مجاهد وغير واحد; وقال أبو داود الطيالسي; حدثنا محمد بن دينار عن سعد بن أوس عن مصدع عن ابن عباس عن أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه حمئة وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس وجدها تغرب في عين حامية يعني حارة وكذا قال الحسن البصري وقال ابن جرير; والصواب أنهما قراءتان مشهورتان وأيهما قرأ القارئ فهو مصيب قلت ولا منافاة بين معنييهما إذ قد تكون حارة لمجاورتهـا وهج الشمس عند غروبها وملاقاتها الشعاع بلا حامل وحمئة في ماء وطين أسود كما قال كعب الأحبار وغيره وقال ابن جرير حدثنا محمد بن المثنى حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام حدثني مولى لعبد الله بن عمرو عن عبد الله قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت فقال; " في نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض "قلت ورواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون وفي صحة رفع هذا الحديث نظر ولعله من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك والله أعلم وقال ابن أبي حاتم حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا محمد يعني ابن بشر حدثنا عمرو بن ميمون أنبأنا ابن حاضر أن ابن عباس ذكر له أن معاوية بن أبي سفيان قرأ الآية التي في سورة الكهف " تغرب في عين حامية " قال ابن عباس لمعاوية ما نقرؤها إلا حمئة فسأل معاوية عبد الله بن عمرو كيف تقرؤها فقال عبد الله كما قرأتها قال ابن عباس فقلت لمعاوية في بيتي نزل القرآن فأرسل إلى كعب فقال له أين تجد الشمس تغرب في التوراة ؟ فقال له كعب سل أهل العربية فإنهم أعلم بها وأما أنا فإني أجد الشمس تغرب في التوراة في ماء وطين وأشار بيده إلى المغرب قال ابن حاضر لو أني عندك أفدتك بكلام تزداد فيه بصيرة في حمئة قال ابن عباس وإذا ما هو قلت فيما يؤثر من قول تبع فيما ذكر به ذا القرنين في تخلقه بالعلم واتباعه إياه بلغ المشارق والمغارب يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشد فرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذى خلب وثاط حرمد فقال ابن عباس ما الخلب قلت الطين بكلامهم قال فما الثاط قلت الحمأة قال فما الحرمد قلت الأسود قال فدعا ابن عباس رجلا أو غلامًا فقال اكتب ما يقول هذا الرجل وقال سعيد بن جبير بينا ابن عباس يقرأ سورة الكهف فقرأ " وجدها تغرب في عين حمئة " فقال كعب والذي نفس كعب بيده ما سمعت أحدًا يقرؤها كما أنزلت في التوراة غير ابن عباس فإنا نجدها في التوراة تغرب في مدرة سوداء وقال أبو يعلى الموصلي حدثنا إسحاق بن أبي إسرائيل حدثنا هشام بن يوسف قال في تفسير ابن جريج " ووجد عندها قومًا " قال مدينة لها اثنا عشـر ألف باب لولا أصوات أهلها لسمع الناس وجوب الشمس حين تجب وقوله; " ووجد عندها قومًا " أي أُمَّة من الأمم ذكروا أنها كانت أما عظيمة من بني آدم وقوله " قلنا يا ذا القرنين إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنًا " معنى هذا أن الله تعالى مكنه منهم وحكمه فيهم وأظفره بهم وخيره إن شاء قتل وسبى وإن شاء من أو فدى فعرف عدله وإيمانه فيما أبداه عدله وبيانه.
حتى إذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب في عين حمئة قرأ ابن عاصم وعامر وحمزة والكسائي " حامية " أي حارة . الباقون حمئة أي كثيرة الحمأة وهي الطينة السوداء ، تقول ; حمأت البئر حمأ ( بالتسكين ) إذا نزعت حمأتها . وحمئت البئر حمأ ( بالتحريك ) كثرت حمأتها . ويجوز أن تكون " حامية " من الحمأة فخففت الهمزة وقلبت ياء . وقد يجمع بين القراءتين فيقال ; كانت حارة وذات حمأة . وقال عبد الله بن عمرو ; نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الشمس حين غربت ; فقال ; نار الله الحامية لولا ما يزعها من أمر الله لأحرقت ما على الأرض . وقال ابن عباس ; ( أقرأنيها أبي كما أقرأه [ ص; 421 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عين حمئة ; وقال معاوية ; هي " حامية " فقال عبد الله بن عمرو بن العاص ; فأنا مع أمير المؤمنين ; فجعلوا كعبا بينهم حكما وقالوا ; يا كعب كيف تجد هذا في التوراة ؟ فقال ; أجدها تغرب في عين سوداء ، فوافق ابن عباس ) وقال الشاعر وهو تبع اليماني ;قد كان ذو القرنين قبلي مسلما ملكا تدين له الملوك وتسجدبلغ المغارب والمشارق يبتغي أسباب أمر من حكيم مرشدفرأى مغيب الشمس عند غروبها في عين ذي خلب وثأط حرمدالخلب ; الطين ; والثأط ; الحمأة . والحرمد ; الأسود . وقال القفال قال بعض العلماء ; ليس المراد أنه انتهى إلى الشمس مغربا ومشرقا وصل إلى جرمها ومسها ; لأنها تدور مع السماء حول الأرض من غير أن تلتصق بالأرض ، وهي أعظم من أن تدخل في عين من عيون الأرض ، بل هي أكبر من الأرض أضعافا مضاعفة ، بل المراد أنه انتهى إلى آخر العمارة من جهة المغرب ومن جهة المشرق ، فوجدها في رأي العين تغرب في عين حمئة ، كما أنا نشاهدها في الأرض الملساء كأنها تدخل في الأرض ; ولهذا قال ; وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها سترا ولم يرد أنها تطلع عليهم بأن تماسهم وتلاصقهم ، بل أراد أنهم أول من تطلع عليهم . وقال القتبي ; ويجوز أن تكون هذه العين من البحر ، ويجوز أن تكون الشمس تغيب وراءها أو معها أو عندها ، فيقام حرف الصفة مقام صاحبه والله أعلم .ووجد عندها قوما أي عند العين ، أو عند نهاية العين ، وهم أهل جابرس ، ويقال لها بالسريانية ; جرجيسا ; يسكنها قوم من نسل ثمود بقيتهم الذين آمنوا بصالح ; ذكره السهيلي . وقال وهب بن منبه ; ( كان ذو القرنين رجلا من الروم ابن عجوز من عجائزهم ليس لها ولد غيره وكان اسمه الإسكندر ، فلما بلغ وكان عبدا صالحا قال الله - تعالى - ; يا ذا القرنين إني باعثك إلى أمم الأرض وهم أمم مختلفة ألسنتهم ، وهم أمم جميع الأرض ، وهم أصناف ; أمتان بينهما طول الأرض كله ، وأمتان بينهما عرض الأرض كله ، وأمم في وسط الأرض منهم الجن والإنس ويأجوج ومأجوج ; فأما اللتان بينهما طول الأرض فأمة عند مغرب الشمس يقال لها ناسك ، [ ص; 422 ] وأما الأخرى فعند مطلعها ويقال لها منسك . وأما اللتان بينهما عرض الأرض فأمة في قطر الأرض الأيمن يقال لها هاويل ; وأما الأخرى التي في قطر الأرض الأيسر يقال لها تاويل . فقال ذو القرنين ; إلهي قد ندبتني لأمر عظيم لا يقدر قدره إلا أنت ; فأخبرني عن هذه الأمم بأي قوة أكاثرهم ؟ وبأي صبر أقاسيهم ؟ وبأي لسان أناطقهم ؟ فكيف لي بأن أفقه لغتهم وليس عندي قوة ؟ فقال الله - تعالى - ; سأظفرك بما حملتك ; أشرح لك صدرك فتسمع كل شيء ، وأثبت لك فهمك فتفقه كل شيء ، وألبسك الهيبة فلا يروعك شيء ، وأسخر لك النور والظلمة فيكونان جندا من جنودك ، يهديك النور من أمامك ، وتحفظك الظلمة من ورائك ; فلما قيل له ذلك سار بمن اتبعه ، فانطلق إلى الأمة التي عند مغرب الشمس ; لأنها كانت أقرب الأمم منه وهي ناسك ، فوجد جموعا لا يحصيها إلا الله - تعالى - وقوة وبأسا لا يطيقه إلا الله . وألسنة مختلفة ، وأهواء متشتتة فكاثرهم بالظلمة ; فضرب حولهم ثلاث عساكر من جند الظلمة قدر ما أحاط بهم من كل مكان ، حتى جمعتهم في مكان واحد ، ثم دخل عليهم بالنور فدعاهم إلى الله - تعالى - وإلى عبادته ، فمنهم من آمن به ومنهم من كفر وصد عنه ، فأدخل على الذين تولوا الظلمة فغشيتهم من كل مكان ، فدخلت إلى أفواههم وأنوفهم وأعينهم وبيوتهم وغشيتهم من كل مكان ، فتحيروا وماجوا وأشفقوا أن يهلكوا ، فعجوا إلى الله - تعالى - بصوت واحد ; إنا آمنا ; فكشفها عنهم ، وأخذهم عنوة ، ودخلوا في دعوته ، فجند من أهل المغرب أمما عظيمة فجعلهم جندا واحدا ، ثم انطلق بهم يقودهم ، والظلمة تسوقهم وتحرسه من خلفه ، والنور أمامهم يقوده ويدله ، وهو يسير في ناحية الأرض اليمنى يريد الأمة التي في قطر الأرض الأيمن وهي هاويل ، وسخر الله - تعالى - يده وقلبه وعقله ونظره فلا يخطئ إذا عمل عملا ، فإذا أتوا مخاضة أو بحرا بنى سفنا من ألواح صغار مثل النعال فنظمها في ساعة ، ثم جعل فيها جميع من معه من تلك الأمم ، فإذا قطع البحار والأنهار فتقها ودفع إلى كل رجل لوحا فلا يكترث بحمله ، فانتهى إلى هاويل وفعل بهم كفعله بناسك فآمنوا ، ففرغ منهم ، وأخذ جيوشهم وانطلق إلى ناحية الأرض الأخرى حتى انتهى إلى منسك عند مطلع الشمس ، فعمل فيها وجند منها جنودا كفعله في الأولى ، ثم كر مقبلا حتى أخذ ناحية الأرض اليسرى يريد تاويل ، وهي الأمة التي تقابل هاويل بينهما عرض الأرض ، ففعل فيها كفعله فيما قبلها ، ثم عطف إلى الأمم التي في وسط الأرض من الجن الإنس ويأجوج ومأجوج ، فلما كان في بعض الطريق مما يلي منقطع الترك من المشرق قالت له أمة صالحة من الإنس ; يا ذا القرنين إن بين هذين الجبلين خلقا من خلق الله - تعالى - كثيرا ليس لهم عدد ، وليس فيهم مشابهة من الإنس ، وهم أشباه البهائم ; يأكلون العشب ، ويفترسون الدواب والوحش كما تفترسها السباع ، ويأكلون حشرات الأرض كلها من [ ص; 423 ] الحيات والعقارب والوزغ وكل ذي روح مما خلق الله - تعالى - في الأرض ، وليس لله - تعالى - خلق ينمو نماءهم في العام الواحد ، فإن طالت المدة فسيملئون الأرض ، ويجلون أهلها فهل نجعل لك خرجا على أن تجعل بيننا وبينهم سدا ؟ . . . ) وذكر الحديث ; وسيأتي من صفة يأجوج ومأجوج والترك إذ هم نوع منهم ما فيه كفاية .قوله تعالى ; قلنا ياذا القرنين قال القشيري أبو نصر ; إن كان نبيا فهو وحي ، وإن لم يكن نبيا فهو إلهام من الله - تعالى - .إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال إبراهيم بن السري ; خيره بين هذين كما خير محمدا - صلى الله عليه وسلم - فقال ; فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ونحوه . وقال أبو إسحاق الزجاج ; المعنى أن الله - تعالى - خيره بين هذين الحكمين ; قال النحاس ; ورد علي بن سليمان عليه قوله ; لأنه لم يصح أن ذا القرنين نبي فيخاطب بهذا ، فكيف يقول لربه - عز وجل - ; ثم يرد إلى ربه ؟ وكيف يقول ; فسوف نعذبه فيخاطب بالنون ؟ قال ; التقدير ; قلنا يا محمد قالوا يا ذا القرنين . قال أبو جعفر النحاس ; هذا الذي قاله أبو الحسن لا يلزم منه شيء . أما قوله ; قلنا ياذا القرنين فيجوز أن يكون الله - عز وجل - خاطبه على لسان نبي في وقته ، ويجوز أن يكون قال له هذا كما قال لنبيه ; فإما منا بعد وإما فداء ، وأما إشكال فسوف نعذبه ثم يرد إلى ربه فإن تقديره أن الله - تعالى - لما خيره بين القتل في قوله - تعالى - ; إما أن تعذب وبين الاستبقاء في قوله جل وعز ; وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال لأولئك القوم ; أما من ظلم أي من أقام على الكفر منكم .فسوف نعذبه أي بالقتل .ثم يرد إلى ربه أي يوم القيامة .فيعذبه عذابا نكرا أي شديدا في جهنم .وأما من آمن وعمل صالحا أي تاب من الكفر .. قال أحمد بن يحيى ; أن في موضع نصب في إما أن تعذب وإما أن تتخذ فيهم حسنا قال ; ولو رفعت كان صوابا بمعنى فإما هو ، كما قال ;فسيرا فإما حاجة تقضيانها وإما مقيل صالح وصديق
القول في تأويل قوله تعالى ; حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا (86)* يقول تعالى ذكره; ( حَتَّى إِذَا بَلَغَ ) ذو القرنين ( مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) ، فاختلفت القراء في قراءة ذلك، فقرأه بعض قراء المدينة والبصرة ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) بمعنى; أنها تغرب في عين ماء ذات حمأة، وقرأته جماعة من قراء المدينة، وعامَّة قرّاء الكوفة (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) يعني أنها تغرب في عين ماء حارّة.واختلف أهل التأويل في تأويلهم ذلك على نحو اختلاف القرّاء في قراءته.ذكر من قال ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ); حدثنا محمد بن المثنى، قال; ثنا ابن أبى عديّ، عن داود، عن عكرمة، عن ابن عباس ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال; ذات حمأة.حدثنا الحسين بن الجنيد، قال; ثنا سعيد بن سلمة، قال; ثنا إسماعيل بن علية، عن عثمان بن حاضر، قال; سمعت عبد الله بن عباس يقول; قرأ معاوية هذه الآية، فقال ; ( عَيْنٌ حامِيَةٌ ) فقال ابن عباس; إنها عين حمئة، قال; فجعلا كعبا بينهما، قال; فأرسلا إلى كعب الأحبار، فسألاه، فقال كعب; أما الشمس فإنها تغيب في ثأط، فكانت على ما قال ابن عباس، والثأط; الطين.حدثنا يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; ثني نافع بن أبي نعيم، قال; سمعت عبد الرحمن الأعرج يقول; كان ابن عباس يقول ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ) ثم فسرها. ذات حمأة، قال نافع; وسئل عنها كعب، فقال; أنتم أعلم بالقرآن مني، ولكني أجدها في الكتاب تغيب في طينة سوداء.حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَجَدَهَا تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال; هي الحمأة.حدثنا محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال ; ثأط.حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج ، عن ابن جريج، عن مجاهد في قول الله عزّ ذكره ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) قال; ثأطة.قال; وأخبرني عمرو بن دينار، عن عطاء بن أبي رباح، عن ابن عباس، قال; قرأت ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) وقرأ عمرو بن العاص (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ) فأرسلنا إلى كعب. فقال; إنها تغرب في حمأة طينة سوداء.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة ( تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) والحمئة; الحمأة السوداء.حدثنا محمد بن عبد الأعلى، قال; ثنا مروان بن معاوية، عن ورقاء، قال; سمعت سعيد بن جبير، قال; كان ابن عباس يقرأ هذا الحرف ( فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ ) ويقول; حمأة سوداء تغرب فيها الشمس.وقال آخرون; بل هي تغيب في عين حارّة.* ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس (وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ ) يقول; في عين حارّة.حدثنا يعقوب، قال; ثنا ابن علية، عن أبي رجاء، قال; سمعت الحسن يقول (فِي عَيْنٍ حامِيَةٍ ) قال; حارّة.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر ، عن الحسن، في قوله ( فِي عَيْنٍ حَامِيَةٍ ) قال; حارّة، وكذلك قرأها الحسن.والصواب من القول في ذلك عندي أن يقال; إنهما قراءتان مستفيضتان في قراءة الأمصار، ولكل واحدة منهما وجه صحيح ومعنى مفهوم، وكلا وجهيه غير مفسد أحدهما صاحبه، وذلك أنه جائز أن تكون الشمس تغرب في عين حارّة ذات حمأة وطين، فيكون القارئ في عين حامية بصفتها التي هي لها، وهي الحرارة، ويكون القارئ في عين حمئة واصفها بصفتها التي هي بها وهي أنها ذات حمأة وطين. وقد رُوي بكلا صيغتيها اللتين إنهما من صفتيها أخبار.حدثنا محمد بن المثنى ، قال; ثنا يزيد بن هارون، قال; أخبرنا العوّام، قال; ثني مولى لعبد الله بن عمرو، عن عبد الله، قال; " نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الشمس حين غابت، فقال; فِي نارِ اللهِ الحامِيَةِ، فِي نَارِ اللهِ الحَامِيَةِ، لَوْلا ما يَزَعُها مِنْ أمْرِ اللهِ لأحْرَقَتْ ما عَلى الأرْضِ".حدثني الفضل بن داود الواسطي، قال; ثنا أبو داود، قال; ثنا محمد بن دينار، عن سعد بن أوس، عن مصدع، عن ابن عباس، عن أبيّ بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم أقرأه; (حَمِئةٍ).وقوله; ( وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا ) ذكر أن أولئك القوم يقال لهم; ناسك.وقوله; ( قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ ) يقول; إما أن تقتلهم إن هم لم يدخلوا في الإقرار بتوحيد الله، ويذعنوا لك بما تدعوهم إليه من طاعة ربهم ( وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ) يقول; وإما أن تأسرهم فتعلمهم الهدى وتبصرهم الرشاد.
تفسير الآيات من 86 حتى 88 :ـ وهذه الأسباب التي أعطاه الله إياها، لم يخبرنا الله ولا رسوله بها، ولم تتناقلها الأخبار على وجه يفيد العلم، فلهذا، لا يسعنا غير السكوت عنها، وعدم الالتفات لما يذكره النقلة للإسرائيليات ونحوها، ولكننا نعلم بالجملة أنها أسباب قوية كثيرة، داخلية وخارجية، بها صار له جند عظيم، ذو عدد وعدد ونظام، وبه تمكن من قهر الأعداء، ومن تسهيل الوصول إلى مشارق الأرض ومغاربها، وأنحائها، فأعطاه الله، ما بلغ به مغرب الشمس، حتى رأى الشمس في مرأى العين، كأنها تغرب في عين حمئة، أي: سوداء، وهذا هو المعتاد لمن كان بينه وبين أفق الشمس الغربي ماء، رآها تغرب في نفس الماء وإن كانت في غاية الارتفاع، ووجد عندها، أي: عند مغربها قوما. { قُلْنَا يَا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا ْ} أي: إما أن تعذبهم بقتل، أو ضرب، أو أسر ونحوه، وإما أن تحسن إليهم، فخير بين الأمرين، لأن الظاهر أنهم كفار أو فساق، أو فيهم شيء من ذلك، لأنهم لو كانوا مؤمنين غير فساق، لم يرخص في تعذيبهم، فكان عند ذي القرنين من السياسة الشرعية ما استحق به المدح والثناء، لتوفيق الله له لذلك، فقال: سأجعلهم قسمين: { أَمَّا مَنْ ظَلَمَ ْ} بالكفر { فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا ْ} أي: تحصل له العقوبتان، عقوبة الدنيا، وعقوبة الآخرة. { وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى ْ} أي: فله الجنة والحالة الحسنة عند الله جزاء يوم القيامة، { وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا ْ} أي: وسنحسن إليه، ونلطف له بالقول، ونيسر له المعاملة، وهذا يدل على كونه من الملوك الصالحين الأولياء، العادلين العالمين، حيث وافق مرضاة الله في معاملة كل أحد، بما يليق بحاله.
(حتّى) حرف ابتداء
(في عين) متعلّق بـ (تغرب)
،
(الواو) عاطفة
(عندها) ظرف منصوب متعلّق بـ (وجد)
.
(ذا) منادى مضاف منصوب وعلامة النصب الألف
(إمّا) حرف تخيير
،
(فيهم) متعلّق بمحذوف مفعول به ثان لـ (تتّخذ) ، والمفعول الأوّلـ (حسنا) .والمصدر المؤوّلـ (أن تعذّب) في محلّ رفع مبتدأ، والخبر محذوف أي إمّا تعذيبك واقع بهم
والمصدر المؤوّلـ (أن تتّخذ) في محلّ رفع مبتدأ، والخبر محذوف أي اتّخاذك حسنا فيهم واقع بهم .
جملة: «بلغ ... » في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «وجدها ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «تغرب ... » في محلّ نصب حال من المفعول.
وجملة: «وجد
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على جملة وجد
(الأولى) .
وجملة: «قلنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «
(النداء) يا ذا القرنين» في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تعذيبك
(واقع..) » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «اتّخاذك..
(واقع) » لا محلّ لها معطوفة على جواب النداء.
- القرآن الكريم - الكهف١٨ :٨٦
Al-Kahf18:86