الرسم العثمانيلَّا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلٰمًا ۖ وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا
الـرسـم الإمـلائـيلَّا يَسۡمَعُوۡنَ فِيۡهَا لَـغۡوًا اِلَّا سَلٰمًاؕ وَلَهُمۡ رِزۡقُهُمۡ فِيۡهَا بُكۡرَةً وَّعَشِيًّا
تفسير ميسر:
لا يسمع أهل الجنة فيها كلامًا باطلا لكن يسمعون سلاما تحية لهم، ولهم رزقهم فيها من الطعام والشراب دائمًا، كلما شاؤوا بكرة وعشيًا.
وقوله "لا يسمعون فيها لغوا" أي هذه الجنات ليس فيها كلام ساقط تافه لا معنى له كما قد يوجد في الدنيا وقوله "إلا سلاما" استثناء منقطع كقوله "لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما إلا قيلا سلاما سلاما" وقوله "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" أي في مثل وقت البكرات ووقت العشيات لا أن هناك ليلا ونهارا ولكنهم في أوقات تتعاقب يعرفون مضيها بأضواء وأنوار كما قال الإمام أحمد; حدثنا عبدالرزاق حدثنا معمر عن همام عن أبي هريرة قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " أول زمرة تلج الجنة صورهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون فيها ولا يتمخطون فيها ولا يتغوطون آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألوة ورشحهم المسك ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقها من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب رجل واحد يسبحون الله بكرة وعشيا " أخرجاه في الصحيحين من حديث معمر به وقال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثنا الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الشهداء على بارق نهر بباب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا " تفرد به أحمد من هذا الوجه وقال الضحاك عن ابن عباس "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" قال مقادير الليل والنهار وقال ابن جرير حدثنا علي بن سهل حدثنا الوليد بن مسلم قال سألت زهير بن محمد عن قول الله تعالى "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" قال; ليس في الجنة ليل هم في نور أبدا ولهم مقدار الليل والنهار يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وبفتح الأبواب وبهذا الإسناد عن الوليد بن مسلم عن خليد عن الحسن البصري وذكر أبواب الجنة فقال أبواب يرى ظاهرها من باطنها فتكلم وتكلم فنفهم انفتحي انغلقي فتفعل وقال قتادة في قوله "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" فيها ساعتان بكرة وعشي ليس ثم ليل ولا نهار وإنما هو ضوء ونور. وقال مجاهد ليس بكرة ولا عشي ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا وقال الحسن وقتادة وغيرهما كانت العرب الأنعم فيهم من يتغدى ويتعشى فنزل القرآن على ما في أنفسهم من النعيم فقال تعالى "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" وقال ابن مهدي عن حماد بن زيد عن هشام عن الحسن "ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا" قال; البكور يرد على العشي والعشي يرد على البكور ليس فيها ليل وقال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا سليمان بن منصور بن عمار حدثنى أبي حدثني محمد بن زياد قاضي أهل شماط عن عبدالله بن حدير عن أبي سلمة بن عبدالرحمن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ما من غداة من غدوات الجنة وكل الجنة غدوات إلا أنه يزف إلى ولي الله فيها زوجة من الحور العين أدناهن التي خلقت من الزعفران " قال أبو محمد هذا حديث غريب منكر.
لا يسمعون فيها لغوا أي في الجنة . واللغو معناه الباطل من الكلام والفحش منه والفضول وما لا ينتفع به . ومنه الحديث إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة أنصت والإمام يخطب فقد لغوت ويروى ( لغيت ) وهي لغة أبي هريرة كما قال الشاعر [ رؤبة ] ;ورب أسراب حجيج كظم عن اللغا ورفث التكلمقال ابن عباس ; اللغو كل ما لم يكن فيه ذكر الله تعالى ؛ أي كلامهم في الجنة حمد الله وتسبيحه . إلا سلاما أي لكن يسمعون سلاما فهو من الاستثناء المنقطع ، يعني ; سلام [ ص; 51 ] بعضهم على بعض ، وسلام الملك عليهم ، قاله مقاتل وغيره . والسلام اسم جامع للخير ؛ والمعنى أنهم لا يسمعون فيها إلا ما يحبون . قوله تعالى ; ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا أي لهم ما يشتهون من المطاعم والمشارب بكرة وعشيا ؛ أي قدر هذين الوقتين ؛ إذ لا بكرة ثم ولا عشيا ؛ كقوله تعالى ; غدوها شهر ورواحها شهر أي قدر شهر ؛ قال معناه ابن عباس وابن جريج وغيرهما ، وقيل ; عرفهم اعتدال أحوال أهل الجنة ؛ وكان أهنأ النعمة عند العرب التمكين من المطعم والمشرب بكرة وعشيا . قال يحيى بن أبي كثير وقتادة ; كانت العرب في زمانها من وجد غداء وعشاء معا فذلك هو الناعم ؛ فنزلت . وقيل ; أي رزقهم فيها غير منقطع ، كما قال ; لا مقطوعة ولا ممنوعة وهو كما تقول ; أنا أصبح وأمسي في ذكرك ، أي ذكري لك دائم . ويحتمل أن تكون البكرة قبل تشاغلهم بلذاتهم ، والعشي بعد فراغهم من لذاتهم ؛ لأنه يتخللها فترات انتقال من حال إلى حال . وهذا يرجع إلى القول الأول . وروى الزبير بن بكار عن إسماعيل بن أبي أويس ، قال ; قال مالك بن أنس طعام المؤمنين في اليوم مرتان وتلا قول الله - عز وجل - ; ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا ثم قال ; وعوض الله - عز وجل - المؤمنين في الصيام السحور بدلا من الغداء ليقووا به على عبادة ربهم . وقيل ; إنما ذكر ذلك لأن صفة الغداء وهيئته ؛ عن صفة العشاء وهيئته ؛ وهذا لا يعرفه إلا الملوك وكذلك يكون في الجنة رزق الغداء غير رزق العشاء تتلون عليهم النعم ليزدادوا تنعما وغبطة . وخرج الترمذي الحكيم في ( نوادر الأصول ) من حديث أبان عن الحسن وأبي قلابة قالا قال رجل يا رسول الله هل في الجنة من ليل ؟ قال وما هيجك على هذا قال سمعت الله تعالى يذكر في الكتاب ; ولهم رزقهم فيها بكرة وعشيا فقلت ; الليل بين البكرة والعشي وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; ليس هناك ليل إنما هو ضوء ونور يرد الغدو على الرواح والرواح على الغدو وتأتيهم طرف الهدايا من الله تعالى لمواقيت الصلاة التي كانوا يصلون فيها في الدنيا وتسلم عليهم الملائكة وهذا في غاية البيان لمعنى الآية وقد ذكرناه في كتاب ( التذكرة ) وقال العلماء ليس في الجنة ليل ولا نهار وإنما هم في نور أبدا إنما يعرفون مقدار الليل من النهار بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ذكره أبو الفرج الجوزي والمهدوي وغيرهما .
يقول تعالى ذكره; لا يسمع هؤلاء الذين يدخلون الجنة فيها لغوا، وهو الهَدْي والباطل من القول والكلام ( إِلا سَلامًا ) وهذا من الاستثناء المنقطع، ومعناه; ولكن يسمعون سلاما، وهو تحية الملائكة إياهم. وقوله ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) يقول; ولهم طعامهم وما يشتهون من المطاعم والمشارب في قدر وقت البُكرة ووقت العشيّ من نهار أيام الدنيا، وإنما يعني أن الذي بين غدائهم وعشائهم في الجنة قدر ما بين غداء أحدنا في الدنيا وعشائه، وكذلك ما بين العشاء والغداء وذلك لأنه لا ليل في الجنة ولا نهار، وذلك كقوله خَلَقَ الأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ و خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ يعني به; من أيام الدنيا.كما حدثنا عليّ بن سهل، قال; ثنا الوليد بن مسلم، قال; سألت زهير بن محمد، عن قول الله; ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) قال; ليس في الجنة ليل، هم في نور أبد، ولهم مقدار الليل والنهار، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب وإغلاق الأبواب، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب، وفتح الأبواب.حدثنا عليّ، قال; ثنا الوليد، عن خليد ، عن الحسن، وذكر أبواب الجنة، فقال; أبواب يُرى ظاهرها من باطنها، فَتكلم وتَكلم، فتهمهم انفتحي انغلقي، فتفعل.حدثني ابن حرب، قال; ثنا موسى بن إسماعيل، قال; ثنا عامر بن يساف، عن يحيى، قال; كانت العرب في زمانهم من وجد منهم عشاء وغداء، فذاك الناعم في أنفسهم، فأنـزل الله ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) ; قدر ما بين غدائكم في الدنيا إلى عشائكم.حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة ، في قوله; ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) قال; كانت العرب إذا أصاب أحدهم الغداء والعشاء عجب له، فأخبرهم الله أن لهم في الجنة بكرة وعشيا، قدر ذلك الغداء والعشاء.حدثنا الحسن، قال; أخبرنا عبد الرزاق، فال; أخبرنا الثوريّ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد، قال; ليس بكرة ولا عشيّ، ولكن يؤتون به على ما كانوا يشتهون في الدنيا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا ) فيها ساعتان بكرة وعشيّ، فإن ذلك لهم ليس ثم ليل، إنما هو ضوء ونور.
{ لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } أي: كلاما لاغيا لا فائدة فيه، ولا ما يؤثم، فلا يسمعون فيها شتما، ولا عيبا، ولا قولا فيه معصية لله، أو قولا مكدرا، { إِلَّا سَلَامًا } أي: إلا الأقوال السالمة من كل عيب، من ذكر لله، وتحية، وكلام سرور، وبشارة، ومطارحة الأحاديث الحسنة بين الإخوان، وسماع خطاب الرحمن، والأصوات الشجية، من الحور والملائكة والولدان، والنغمات المطربة، والألفاظ الرخيمة، لأن الدار، دار السلام، فليس فيها إلا السلام التام في جميع الوجوه. { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي: أرزاقهم من المآكل والمشارب، وأنواع اللذات، مستمرة حيثما طلبوا، وفي أي: وقت رغبوا، ومن تمامها ولذاتها وحسنها، أن تكون في أوقات معلومة.{ بُكْرَةً وَعَشِيًّا } ليعظم وقعها ويتم نفعها
(فيها) متعلّق بـ (يسمعون) ،
(لغوا) مفعول به منصوبـ (إلّا) أداة استثناء
(سلاما) منصوب على الاستثناء المنقطع
(الواو) عاطفة
(لهم) متعلّق بخبر مقدّم
(رزقهم) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(فيها) متعلّق بالخبر المحذوف
(بكرة) ظرف زمان متعلّق بالاستقرار الذي هو خبر. وجملة: «لا يسمعون ... » في محلّ نصب حال من جنّات عدن . وجملة: «لهم رزقهم ... » في محلّ نصب معطوفة على جملة لا يسمعون.
- القرآن الكريم - مريم١٩ :٦٢
Maryam19:62