الرسم العثمانيوَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُم مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ ۚ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ ۚ وَلَا تُقٰتِلُوهُمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتّٰى يُقٰتِلُوكُمْ فِيهِ ۖ فَإِن قٰتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ ۗ كَذٰلِكَ جَزَآءُ الْكٰفِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَاقۡتُلُوۡهُمۡ حَيۡثُ ثَقِفۡتُمُوۡهُمۡ وَاَخۡرِجُوۡهُمۡ مِّنۡ حَيۡثُ اَخۡرَجُوۡكُمۡ وَالۡفِتۡنَةُ اَشَدُّ مِنَ الۡقَتۡلِۚ وَلَا تُقٰتِلُوۡهُمۡ عِنۡدَ الۡمَسۡجِدِ الۡحَـرَامِ حَتّٰى يُقٰتِلُوۡكُمۡ فِيۡهِۚ فَاِنۡ قٰتَلُوۡكُمۡ فَاقۡتُلُوۡهُمۡؕ كَذٰلِكَ جَزَآءُ الۡكٰفِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
واقتلوا الذين يقاتلونكم من المشركين حيث وجدتموهم، وأخرجوهم من المكان الذي أخرجوكم منه وهو "مكة". والفتنة -وهي الكفر والشرك والصد عن الإسلام- أشد من قتلكم إياهم. ولا تبدؤوهم بالقتال عند المسجد الحرام تعظيمًا لحرماته حتى يبدؤوكم بالقتال فيه، فإن قاتلوكم في المسجد الحرام فاقتلوهم فيه. مثل ذلك الجزاء الرادع يكون جزاء الكافرين.
قال أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم" قال هذه أول آية نزلت في القتال بالمدينة فلما نزلت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقاتل من قاتله ويكف عمن كف عنه حتى نزلت سورة براءة وكذا قال عبدالرحمن بن زيد بن أسلم حتى قال هذه منسوخة بقوله; "فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم" وفي هذا نظر لأن قوله "الذين يقاتلونكم" إنما هو تهييج وإغراء بالأعداء الذين همتهم قتال الإسلام وأهله أي كما يقاتلونكم فاقتلوهم أنتم كما قال "وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة" ولهذا قال في هذه الآية "واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم" أي لتكون همتكم منبعثة على قتالهم كما همتهم منبعثة على قتالكم وعلى إخراجهم من بلادهم التي أخرجوكم منها قصاصا. "والفتنة أشد من القتل" قال أبو مالك أي ما أنتم مقيمون عليه أكبر من القتل. وقال; أبو العالية ومجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس في قوله "والفتنة أشد من القتل". يقول الشرك أشد من القتل وقوله "ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام" كما جاء في الصحيحين "إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ولم يحل إلا ساعة من نهار وإنها ساعتي هذه حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يعضد شجره ولا يختلى خلاه فإن أحد ترخص بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا إن الله أذن لرسوله ولم يأذن لكم" يعني بذلك صلوات الله وسلامه عليه قتاله أهله يوم فتح مكة فإنه فتحها عنوة وقتلت رجال منهم عند الخندمة وقيل صلحا لقوله "من أغلق بابه فهو آمن ومن دخل المسجد فهو آمن ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن" وقوله "حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرين" يقول تعالى ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدءوكم بالقتال فيه فلكم حينئذ قتالهم وقتلهم دفعا للصائل كما بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم الحديبية تحت الشجرة على القتال لما تألبت عليه بطون قريش ومن والاهم من أحياء ثقيف والأحابيش عامئذ ثم كف الله القتال بينهم فقال "وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم" وقال "ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما".
قوله تعالى ; واقتلوهم حيث ثقفتموهم وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء الكافرينفيه مسائل ;الأولى ; قوله تعالى ; ثقفتموهم يقال ; ثقف يثقف ثقفا وثقفا ، ورجل ثقف لقف ; إذا كان محكما لما يتناوله من الأمور . وفي هذا دليل على قتل الأسير ، وسيأتي بيان هذا في " الأنفال " إن شاء الله تعالى . وأخرجوهم من حيث أخرجوكم أي مكة . قال الطبري ; الخطاب للمهاجرين والضمير لكفار قريش .[ ص; 327 ] الثانية ; قوله تعالى ; والفتنة أشد من القتل أي الفتنة التي حملوكم عليها وراموا رجوعكم بها إلى الكفر أشد من القتل . قال مجاهد ; أي من أن يقتل المؤمن ، فالقتل أخف عليه من الفتنة ، وقال غيره ; أي شركهم بالله وكفرهم به أعظم جرما وأشد من القتل الذي عيروكم به ، وهذا دليل على أن الآية نزلت في شأن عمرو بن الحضرمي حين قتله واقد بن عبد الله التميمي في آخر يوم من رجب الشهر الحرام ، حسب ما هو مذكور في سرية عبد الله بن جحش ، على ما يأتي بيانه ، قاله الطبري وغيره .الثالثة ; قوله تعالى ; ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه الآية . للعلماء في هذه الآية قولان ; أحدهما ; أنها منسوخة ، والثاني ; أنها محكمة . قال مجاهد ; الآية محكمة ، ولا يجوز قتال أحد في المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل ، وبه قال طاوس ، وهو الذي يقتضيه نص الآية ، وهو الصحيح من القولين ، وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه ، وفي الصحيح عن ابن عباس قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ; إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي ولم يحل لي إلا ساعة من نهار فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة ، وقال قتادة ; الآية منسوخة بقوله تعالى ; فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، وقال مقاتل ; نسخها قوله تعالى ; واقتلوهم حيث ثقفتموهم ثم نسخ هذا قوله ; فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، فيجوز الابتداء بالقتال في الحرم ، ومما احتجوا به أن " براءة " نزلت بعد سورة " البقرة " بسنتين ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر ، فقيل ; إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة ، فقال ; ( اقتلوه ) .وقال ابن خويز منداد ; ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام منسوخة ; لأن الإجماع قد تقرر بأن عدوا لو استولى على مكة وقال ; لأقاتلكم ، وأمنعكم من الحج ولا أبرح من مكة لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتال ، فمكة وغيرها من البلاد سواء . وإنما قيل فيها ; هي حرام [ ص; 328 ] تعظيما لها ، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد يوم الفتح وقال ; احصدهم بالسيف حتى تلقاني على الصفا حتى جاء العباس فقال ; يا رسول الله ، ذهبت قريش ، فلا قريش بعد اليوم . ألا ترى أنه قال في تعظيمها ; ولا يلتقط لقطتها إلا منشد واللقطة بها وبغيرها سواء ، ويجوز أن تكون منسوخة بقوله ; وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة . قال ابن العربي ; حضرت في بيت المقدس - طهره الله - بمدرسة أبي عقبة الحنفي ، والقاضي الزنجاني يلقي علينا الدرس في يوم جمعة ، فبينا نحن كذلك إذ دخل علينا رجل بهي المنظر على ظهره أطمار ، فسلم سلام العلماء وتصدر في صدر المجلس بمدارع الرعاء ، فقال القاضي الزنجاني ; من السيد ؟ فقال ; رجل سلبه الشطار أمس ، وكان مقصدي هذا الحرم المقدس ، وأنا رجل من أهل صاغان من طلبة العلم ، فقال القاضي مبادرا ; سلوه - على العادة في إكرام العلماء بمبادرة سؤالهم - ووقعت القرعة على مسألة الكافر إذا التجأ إلى الحرم هل يقتل أم لا ؟ فأفتى بأنه لا يقتل ، فسئل عن الدليل ، فقال قوله تعالى ; ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه قرئ " ولا تقتلوهم ، ولا تقاتلوهم " فإن قرئ " ولا تقتلوهم " فالمسألة نص ، وإن قرئ " ولا تقاتلوهم " فهو تنبيه ; لأنه إذا نهى عن القتال الذي هو سبب القتل كان دليلا بينا ظاهرا على النهي عن القتل ، فاعترض عليه القاضي منتصرا للشافعي ومالك ، وإن لم ير مذهبهما ، على العادة ، فقال ; هذه الآية منسوخة بقوله تعالى ; فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ، فقال له الصاغاني ; هذا لا يليق بمنصب القاضي وعلمه ، فإن هذه الآية التي اعترضت بها عامة في الأماكن ، والتي احتججت بها خاصة ، ولا يجوز لأحد أن يقول ; إن العام ينسخ الخاص ، فبهت القاضي الزنجاني ، وهذا من بديع الكلام . قال ابن العربي ; فإن لجأ إليه كافر فلا سبيل إليه ، لنص الآية والسنة الثابتة بالنهي عن القتال فيه ، وأما الزاني والقاتل فلا بد من إقامة الحد عليه ، إلا أن يبتدئ الكافر بالقتال فيقتل بنص القرآن .قلت ; وأما ما احتجوا به من قتل ابن خطل وأصحابه فلا حجة فيه ، فإن ذلك كان في [ ص; 329 ] الوقت الذي أحلت له مكة وهي دار حرب وكفر ، وكان له أن يريق دماء من شاء من أهلها في الساعة التي أحل له فيها القتال . فثبت وصح أن القول الأول أصح ، والله أعلم .الرابعة ; قال بعض العلماء ; في هذه الآية دليل على أن الباغي على الإمام بخلاف الكافر ، فالكافر يقتل إذا قاتل بكل حال والباغي إذا قاتل يقاتل بنية الدفع ، ولا يتبع مدبر ولا يجهز على جريح . على ما يأتي بيانه من أحكام الباغين في " الحجرات " إن شاء الله تعالى .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْقال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; واقتلوا أيها المؤمنون الذين يقاتلونكم من المشركين حيث أصبتم مَقاتلهم وأمكنكم قتلهم، وذلك هو معنى قوله; " حيث ثقفتموهم ".* * *ومعنى " الثِّقْفَة " بالأمر (1) الحِذق به والبصر، يقال; " إنه لثَقِفَ لَقفٌ"، إذا كان جيد الحَذر في القتال، بصيرا بمواقع القتل. وأما " التَّثْقيف " فمعنى غير هذا، وهو التقويم.* * *فمعنى; " واقتلوهم حيث ثقفتموهم "، اقتلوهم في أي مكان تمكنتم من قتلهم، وأبصرتم مقاتلهم.* * *&; 3-565 &;وأما قوله; " وأخرجوهم من حيث أخرجوكم " فإنه يُعنى بذلك المهاجرين الذين أخرجوا من ديارهم ومنازلهم بمكة، فقال لهم تعالى ذكره; أخرجوا هؤلاء الذين يقاتلونكم - وقد أخرجوكم من دياركم - من مساكنهم وديارهم كما أخرجوكم منها.* * *القول في تأويل قوله تعالى ; وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِقال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بقوله; " والفتنة أشد من القتل "، والشرك بالله أشدُّ من القتل.* * *وقد بينت فيما مضى أن أصل " الفتنة " الابتلاءُ والاختبار (2)* * *فتأويل الكلام; وابتلاء المؤمن في دينه حتى يرجعَ عنه فيصير مشركا بالله من بعد إسلامه، أشدُّ عليه وأضرُّ من أن يُقتل مقيمًا على دينه متمسكا عليه، مُحقًّا فيه. كما;3096 - حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قول الله; " والفتنة أشدُّ من القتل " قال; ارتداد المؤمن إلى الوَثن أشدُّ عليه من القتل.3097- حدثني المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد مثله.3098 - حدثنا بشر بن معاذ، قال; حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " والفتنة أشدُّ من القتل " يقول; الشرك أشدُّ من القتل.&; 3-566 &;3099- حدثنا الحسن بن يحيى، قال، أخبرنا عبد الرزاق، قال، أخبرنا معمر، عن قتادة مثله.3100- حدثت عن عمار بن الحسن، قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " والفتنة أشدُّ من القتل " يقول; الشرك أشدُّ من القتل.3101 - حدثني المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا أبو زهير، عن جويبر، عن الضحاك; " والفتنة أشدُّ من القتل " قال; الشرك.3102- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين، قال، حدثني حجاج، قال، قال ابن جريج، أخبرني عبد الله بن كثير، عن مجاهد في قوله; " والفتنة أشدُّ من القتل " قال; الفتنة الشركُ.3103- حدثت عن الحسين بن الفرج، قال، سمعت الفضل بن خالد قال، حدثنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك; " والفتنة أشدُّ من القتل " قال; الشرك أشدُّ من القتل.3104- حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال، قال ابن زيد في قوله جل ذكره; " والفتنة أشدُّ من القتل " قال; فتنة الكفر.* * *القول في تأويل قوله تعالى ; وَلا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ (191)قال أبو جعفر; والقَرَأةُ مختلفة في قراءة ذلك.فقرأته عامَّة قراء المدينة ومكة; " ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " بمعنى; ولا تبتدئوا - أيها المؤمنون - &; 3-567 &; المشركين بالقتال عند المسجد الحرام، حتى يبدءوكم به، فإن بدءوكم به هناك عند المسجد الحرَام في الحرم، فاقتلوهم، فإن الله جعل ثَواب الكافرين على كفرهم وأعمالهم السيئة، القتلُ في الدنيا، والخزي الطويل في الآخرة، كما;3105- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " ولا تقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه " كانوا لا يُقاتلون فيه حتى يُبدأوا بالقتال، ثم نسخ بعدُ ذلك فقال; وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ = حتى لا يكون شركٌ = وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ = أن يقال; لا إله إلا الله، عليها قاتل نبيُّ الله، وإليها دعا.3106- حدثني المثنى قال، حدثنا الحجاج بن المنهال قال، حدثنا همام، عن قتادة; " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم "، فأمر الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم أن لا يقاتلهم عند المسجد الحرام إلا أن يبدءوا فيه بقتال، ثم نسخ الله ذلك بقوله; فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة; 5] فأمر الله نبيَّه إذا انقضى الأجل أن يقاتلهم في الحِلِّ والحرَم وعند البيت، حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدا رسولُ الله.3107- حدثت عن عمار بن الحسن قال، حدثنا عبد الله بن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع قوله; " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " فكانوا لا يقاتلونهم فيه، ثم نسخ ذلك بعدُ فقال; قاتلوهم حتى لا تكون فتنة.* * *وقال بعضُهم; هذه آيةٌ محكمة غيرُ منسوخة.* ذكر من قال ذلك;3108- حدثنا المثنى قال، حدثنا أبو حذيفة قال، حدثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " فإن قاتلوكم " في الحرم فَاقتلوهم كذلك جزاءُ الكافرين، &; 3-568 &; لا تقاتل أحدا فيه، فمن عَدا عليك فقاتلك فقاتِله كما يقاتلك.* * *وقرأ ذلك عُظْم قراء الكوفيين; " ولا تَقْتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يَقْتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم " بمعنى; ولا تبدأوهم بقتل حتى يبدأوكم به.* ذكر من قال ذلك;3109 - حدثنا المثنى قال، حدثنا إسحاق قال، حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد، عن أبي حماد، عن حمزة الزيات قال; قلت للأعمش; أرأيت قراءتك; " ولا تَقتلوهم عند المسجد الحرام حتى يَقتلوكم فيه فإن قَتلوكم فاقتلوهم كذلك جَزاءُ الكافرين فإن انتهوا فإن الله غفورٌ رَحيم "، إذا قَتلوهم كيف يقتلونهم؟ قال; إن العرب إذا قُتل منهم رجل قالوا; " قُتلنا "، وإذا ضُرب منهم رجل قالوا; " ضربنا " (3) .* * *قال أبو جعفر; وأولى هاتين القراءتين بالصواب، قراءةُ من قرأ; " ولا تُقاتلوهم عند المسجد الحرامَ حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم " لأن الله تعالى ذكره لم يأمر نبيَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حالٍ = إذا قاتلهم المشركون = بالاستسلام لهم حتى يَقتلوا منهم قتيلا بعد ما أذن لَهُ ولهم بقتالهم، فتكونَ القراءة بالإذن بقتلهم بعد أن يَقتلوا منهم، أولى من القراءة بما اخترنا. وإذا كان ذلك كذلك، فمعلومٌ أنه قد كان تعالى ذكره أذِن لهم بقتالهم إذا كان ابتداء القتال من المشركين قَبل أن يقتلوا منهم قتيلا وبعد أن يقتلوا منهم قتيلا.وقد نسخ الله تعالى ذكره هذه الآية بقوله; وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ ، &; 3-569 &; وقوله; فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ [سورة التوبة; 5] ونحو ذلك من الآيات.* * *وقد ذكرنا بعضَ قول من قال هي منسوخة، وسنذكر قول من حضرنا ذكرُه ممن لم يُذكر.3110 - حدثنا الحسن بن يحيى قال، حدثنا عبد الرزاق، قال; أخبرنا معمر، عن قتادة; " ولا تُقاتلوهم عندَ المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه " قال; نسخها قوله; فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ .3111- حدثني يونس، قال، أخبرنا ابن وهب قال، قال ابن زيد في قوله; " ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يُقاتلوكم فيه " قال; حتى يبدأوكم، كان هذا قد حُرِّم فأحل الله ذلك له، فلم يزل ثابتا حتى أمره الله بقتالهم بعدُ.--------------------الهوامش ;(1) هذا مصدر لم أجده في كتب اللغة ، وكأنه كما ضبطته بكسر الثاء على وزن"حكمة ونشدة" . والذي ذكروه ; "ثقف الشيء ثقفا وثقافا وثقوفة" .(2) انظر ما سلف 2 ; 444 .(3) الخبر ; 3109- عبد الرحمن بن أبي حماد سكين الكوفي ; ترجمه ابن الجزري في طبقات القراء 1 ; 369-370 ، وذكر أنه أخذ القراءة عن حمزة الزيات ، "وهو أحد الذين خلفوه في القيام بالقراءة" .
{ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ } هذا أمر بقتالهم, أينما وجدوا في كل وقت, وفي كل زمان قتال مدافعة, وقتال مهاجمة ثم استثنى من هذا العموم قتالهم { عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } وأنه لا يجوز إلا أن يبدأوا بالقتال, فإنهم يقاتلون جزاء لهم على اعتدائهم، وهذا مستمر في كل وقت, حتى ينتهوا عن كفرهم فيسلموا, فإن الله يتوب عليهم, ولو حصل منهم ما حصل من الكفر بالله, والشرك في المسجد الحرام, وصد الرسول والمؤمنين عنه وهذا من رحمته وكرمه بعباده. ولما كان القتال عند المسجد الحرام, يتوهم أنه مفسدة في هذا البلد الحرام, أخبر تعالى أن المفسدة بالفتنة عنده بالشرك, والصد عن دينه, أشد من مفسدة القتل, فليس عليكم - أيها المسلمون - حرج في قتالهم. ويستدل بهذه الآية على القاعدة المشهورة، وهي: أنه يرتكب أخف المفسدتين, لدفع أعلاهما.
(الواو) عاطفة
(اقتلوا) فعل أمر مبنيّ على حذف النون.. والواو فاعل و (هم) ضمير متّصل مفعول به
(حيث) ظرف مكان مبنيّ على الضمّ في محلّ نصب متعلّق بـ (اقتلوهم) ،
(ثقفتم) فعل ماض وفاعله، و (الواو) حرف إشباع الضمّة في الميم و (هم) ضمير متّصل مفعول به
(الواو) عاطفة
(أخرجوهم) مثل اقتلوهم
(من) حرف جرّ
(حيث) اسم مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (أخرجوهم) ،
(أخرجوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ.. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به
(الواو) اعتراضيّة
(الفتنة) مبتدأ مرفوع
(أشدّ) خبر مرفوع
(من القتل) جارّ ومجرور متعلّق بأشدّ
(الواو) عاطفة
(لا) ناهية جازمة
(تقاتلوا) مضارع مجزوم وعلامة الجزم حذف النون ... والواو فاعل و (هم) ضمير متّصل مفعول به
(عند) ظرف مكان منصوب متعلّق بـ (تقاتلوهم) ،
(المسجد) مضاف إليه مجرور
(الحرام) نعت للمسجد مجرور مثله
(حتّى) حرف غاية وجرّ
(يقاتلوا) مضارع منصوب-
(أن) مضمرة بعد حتّى وعلامة النصب حذف النون.. والواو فاعل و (كم) ضمير مفعول به
(في) حرف جرّ و (الهاء)ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (يقاتلوا) والمصدر المؤوّلـ (أن يقاتلوا) في محلّ جرّ بـ (حتّى) متعلّق بـ (تقاتلوهم)
(الفاء) استئنافيّة
(إن) حرف شرط جازم
(قاتلوا) فعل ماض مبنيّ على الضمّ في محلّ جزم فعل الشرط.. والواو فاعلـ (كم) ضمير مفعول به
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(اقتلوهم) مثل الأول.
(الكاف) حرف جرّ وتشبيه ،
(ذا) اسم إشارة مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم و (اللام) للبعد و (الكاف) خطابـ (جزاء) مبتدأ مؤخّر مرفوع
(الكافرين) مضاف إليه مجرور وعلامة الجرّ الياءجملة: «اقتلوهم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة قاتلوا في سبيل الله وجملة: «ثقفتموهم» في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: «أخرجوهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة اقتلوهم وجملة: «أخرجوكم» في محلّ جرّ مضاف إليه وجملة: «الفتنة أشدّ ... » لا محلّ لها اعتراضيّةوجملة: «لا تقاتلوهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة اقتلوهم حيث ...
وجملة: «يقاتلوكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمروجملة: «إن قاتلوكم» لا محلّ لها استئنافيّة.وجملة: «اقتلوهم» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاءوجملة: «كذلك جزاء الكافرين» لا محلّ لها استئنافيّة تعليليّة
- القرآن الكريم - البقرة٢ :١٩١
Al-Baqarah2:191