الرسم العثمانيوَلَوْ أَنَّآ أَهْلَكْنٰهُم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِۦ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلَآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ ءَايٰتِكَ مِن قَبْلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخْزٰى
الـرسـم الإمـلائـيوَلَوۡ اَنَّاۤ اَهۡلَكۡنٰهُمۡ بِعَذَابٍ مِّنۡ قَبۡلِهٖ لَـقَالُوۡا رَبَّنَا لَوۡلَاۤ اَرۡسَلۡتَ اِلَـيۡنَا رَسُوۡلًا فَنَتَّبِعَ اٰيٰتِكَ مِنۡ قَبۡلِ اَنۡ نَّذِلَّ وَنَخۡزٰى
تفسير ميسر:
ولو أنَّا أهلكنا هؤلاء المكذبين بعذاب من قبل أن نرسل إليهم رسولا وننزل عليهم كتابًا لقالوا; ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا من عندك، فنصدقه، ونتبع آياتك وشرعك، مِن قبل أن نَذلَّ ونَخزى بعذابك.
قال تعالى "ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا" أي لو أنا أهلكنا هؤلاء المكذبين قبل أن نرسل إليهم هذا الرسول الكريم وننزل عليهم هذا الكتاب العظيم لكانوا قالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا قبل أن تهلكنا حتى نؤمن به ونتبعه كما قال فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى يبين تعالى أن هؤلاء المكذبين متعنتون معاندون لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم كما قال تعالى وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون - إلى قوله - بما كانوا يصدفون وقال وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم الآية وقال وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليؤمنن بها الآيتين.
قوله تعالى ; ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله أي من قبل بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - ونزول القرآن لقالوا أي يوم القيامة ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا أي هلا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى وقرئ ( نذل ونخزى ) على ما لم يسم فاعله . وروى أبو سعيد الخدري قال ; قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الهالك في الفترة والمعتوه والمولود قال ; ( يقول الهالك في الفترة لم يأتني كتاب ولا رسول ثم تلا ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا الآية ويقول المعتوه ; رب لم تجعل لي عقلا أعقل به خيرا ولا شرا ويقول المولود ; رب لم أدرك العمل ، فترفع لهم نار فيقول لهم ردوها وادخلوها قال فيردها أو يدخلها من كان في علم الله سعيدا لو أدرك العمل ويمسك عنها من كان في علم الله شقيا لو أدرك العمل فيقول الله تبارك وتعالى إياي عصيتم فكيف رسلي لو أتتكم ) . ويروى موقوفا عن أبي سعيد قوله فيه نظر وقد بيناه في كتاب ( التذكرة ) وبه احتج من قال ; إن [ ص; 176 ] الأطفال وغيرهم يمتحنون في الآخرة . فنتبع نصب بجواب التخصيص . آياتك يريد ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من قبل أن نذل أي في العذاب ونخزى في جهنم ؛ قاله ابن عباس . وقيل ; من قبل أن نذل في الدنيا بالعذاب ونخزى في الآخرة بعذابها .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْنَاهُمْ بِعَذَابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقَالُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى (134)يقول تعالى ذكره; ولو أنا أهلكنا هؤلاء المشركين الذين يكذبون بهذا القرآن من قبل أن ننـزله عليهم، ومن قبل أن نبعث داعيا يدعوهم إلى ما فرضنا عليهم فيه بعذاب ننـزله بهم بكفرهم بالله، لقالوا يوم القيامة، إذ وردوا علينا، فأردنا عقابهم; ربنا هلا أرسلت إلينا رسولا يدعونا إلى طاعتك، فنتبع آياتك; يقول; فنتبع حجتك وأدلتك وما تنـزله عليه من أمرك ونهيك من قبل أن نذلّ بتعذيبك إيانا ونخزى به.كما حدثني الفضل بن إسحاق، قال; ثنا أبو قتيبة سلم بن قتيبة، عن فضيل عن مرزوق، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد الخُدريّ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال ; " يَحْتَجُّ عَلى اللهِ يَوْمَ القيامَةِ ثَلاثَةٌ; الهَالِكُ فِي الفَتْرَةِ، والمَغْلُوبُ على عَقْلِه، والصَّبيُّ الصَّغيرُ، فَيَقُولُ المَغْلُوبُ عَلى عَقْلِهِ; لَمْ تَجْعَلْ لي عَقْلا أنْتَفِع بِهِ، وَيَقُولُ الهَالِكُ فِي الفتْرَةِ; لَمْ يأْتِني رَسُولٌ وَلا نَبيٌّ، ولَوْ أتانِي لَكَ رَسُولٌ أوْ نَبيّ لكُنْتُ أطْوَعَ خَلْقِكَ لَكَ وقرأ; ( لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا ) ويَقُولُ الصَّبِيُّ الصَّغِيرُ; كَنْتُ صَغِيرًا لا أعْقِلُ قال; فَتُرْفَعُ لَهُمْ نارٌ وَيُقالُ لَهُمْ; رِدُوها قال; فَيرِدُها مَنْ كَانَ فِي علْمِ اللهِ أنَّه سَعيدٌ، وَيَتَلَكَّأُ عَنْها مَنْ كانَ فِي عِلْمِ اللهِ أنَّهُ شَقِيّ، فَيَقُولُ; إيَّايَ عَصَيْتُمْ، فَكَيْفَ بِرُسُلي لَوْ أتَتْكُمْ؟ ".
تفسير الآيات من 133 الى 135 :ـأي: قال المكذبون للرسول صلى الله عليه وسلم: هلا يأتينا بآية من ربه؟ يعنون آيات الاقتراح كقولهم: { وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعًا* أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهَارَ خِلَالَهَا تَفْجِيرًا* أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفًا أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا } وهذا تعنت منهم وعناد وظلم، فإنهم، هم والرسول، بشر عبيد لله، فلا يليق منهم الاقتراح بحسب أهوائهم، وإنما الذي ينزلها ويختار منها ما يختار بحسب حكمته، هو الله. ولأن قولهم: { لَوْلَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ } يقتضي أنه لم يأتهم بآية على صدقه، ولا بينة على حقه، وهذا كذب وافتراء، فإنه أتى من المعجزات الباهرات، والآيات القاهرات، ما يحصل ببعضه المقصود، ولهذا قال: { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ } إن كانوا صادقين في قولهم، وأنهم يطلبون الحق بدليله، { بَيِّنَةُ مَا فِي الصُّحُفِ الْأُولَى } أي: هذا القرآن العظيم، المصدق لما في الصحف الأولى، من التوراة والإنجيل، والكتب السابقة المطابق لها، المخبر بما أخبرت به، وتصديقه أيضا مذكور فيها، ومبشر بالرسول بها، وهذا كقوله تعالى: { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } فالآيات تنفع المؤمنين، ويزداد بها إيمانهم وإيقانهم، وأما المعرضون عنها المعارضون لها، فلا يؤمنون بها، ولا ينتفعون بها، { إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ* وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ } وإنما الفائدة في سوقها إليهم ومخاطبتهم بها، لتقوم عليهم حجة الله، ولئلا يقولوا حين ينزل بهم العذاب: { لَوْلَا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولًا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزَى } بالعقوبة، فها قد جاءكم رسولي ومعه آياتي وبراهيني، فإن كنتم كما تقولون، فصدقوه. قل يا محمد مخاطبا للمكذبين لك الذين يقولون تربصوا به ريب المنون { قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ } فتربصوا بي الموت، وأنا أتربص بكم العذاب { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ } أي: الظفر أو الشهادة { وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَنْ يُصِيبَكُمُ اللَّهُ بِعَذَابٍ مِنْ عِنْدِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا } { فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ } أي: المستقيم، { وَمَنِ اهْتَدَى } بسلوكه، أنا أم أنتم؟ فإن صاحبه هو الفائز الراشد، الناجي المفلح، ومن حاد عنه خاسر خائب معذب، وقد علم أن الرسول هو الذي بهذه الحالة، وأعداؤه بخلافه، والله أعلم.
(الواو) استئنافيّة
(لو) حرف شرط غير جازم
(بعذاب) متعلّق بـ (أهلكناهم) ،
(من قبله) متعلّق بـ (أهلكناهم) .
والمصدر المؤوّلـ (أنّا أهلكناهم..) في محلّ رفع فاعل لفعل محذوف تقديره ثبت أي: ثبت إهلاكنا لهم.
(اللام) رابطة لجواب لو (لولا) للتحضيض
(إلينا) متعلّق بـ (أرسلت) ،
(الفاء) فاء السببيّة
(نتّبع) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد الفاء، والفاعل نحن، وعلامة النصب في(آياتك) الكسرة
(من قبل) متعلّق بـ (نتّبع) .
والمصدر المؤوّلـ (أن نتّبع) في محلّ رفع معطوف على مصدر مأخوذ من التحضيض المتقدّم أي: ليكن إرسال منك فاتّباع لآياتك منّا.
والمصدر المؤوّلـ (أن نذلّ..) في محلّ جرّ مضاف إليه.
جملة: «
(ثبت) إهلاكنا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أهلكناهم ... » في محلّ رفع خبر أنّ.
وجملة: «قالوا ... » لا محلّ لها جواب شرط غير جازم.
وجملة: «النداء وجوابه ... » في محلّ نصب مقول القول.وجملة: «لولا أرسلت ... » لا محلّ لها جواب النداء.
وجملة: «نتّبع ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «نذلّ ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) الظاهر.
وجملة: «نخزى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة نذلّ.
135-
(كلّ) مبتدأ مرفوع ،
(الفاء) عاطفة لربط المسبّب بالسببـ (الفاء) الثانية تعليليّة و (السين) حرف استقبالـ (من) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به ،
(أصحاب) خبر لمبتدأ محذوف تقديره هم
(من) الثاني مثل الأول ومعطوف عليه .
وجملة: «قل ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «كلّ متربّص ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «تربّصوا ... » معطوفة على جملة مقدّرة مستأنفة مسبّبة عما قبلها أي: تنبّهوا فتربّصوا..
وجملة: «ستعلمون ... » لا محلّ لها تعليليّة.
وجملة: «
(هم) أصحاب ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) .
وجملة: «اهتدى ... » لا محلّ لها صلة الموصول الثاني.
- القرآن الكريم - طه٢٠ :١٣٤
Taha20:134