الرسم العثمانييَوْمَ نَطْوِى السَّمَآءَ كَطَىِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ۚ كَمَا بَدَأْنَآ أَوَّلَ خَلْقٍ نُّعِيدُهُۥ ۚ وَعْدًا عَلَيْنَآ ۚ إِنَّا كُنَّا فٰعِلِينَ
الـرسـم الإمـلائـييَوۡمَ نَـطۡوِىۡ السَّمَآءَ كَطَـىِّ السِّجِلِّ لِلۡكُتُبِ ؕ كَمَا بَدَاۡنَاۤ اَوَّلَ خَلۡقٍ نُّعِيۡدُهٗ ؕ وَعۡدًا عَلَيۡنَا ؕ اِنَّا كُنَّا فٰعِلِيۡنَ
تفسير ميسر:
لا يخيفهم الهول العظيم يوم القيامة، بل تبشرهم الملائكة; هذا يومكم الذي وُعِدتُم فيه الكرامة من الله وجزيل الثواب. يوم نطوي السماء كما تُطْوى الصحيفة على ما كُتب فيها، ونبعث فيه الخلق على هيئة خَلْقنا لهم أول مرة كما ولدتهم أمهاتهم، ذلك وعد الله الذي لا يتخلَّف، وَعَدْنا بذلك وعدًا حقًا علينا، إنا كنا فاعلين دائمًا ما نَعِدُ به.
يقول تعالى هذا كائن يوم القيامة " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما قال تعالى " وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون " وقد قال البخاري حدثنا مقدم بن محمد حدثني عمي القاسم بن يحيى عن عبيدالله عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; " إن الله يقبض يوم القيامةالأرضين وتكون السموات بيمينه " انفرد به من هذا الوجه البخاري رحمه الله وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا محمد بن أحمد بن الحجاج الرقي حدثنا محمد بن سلمة عن أبي الواصل عن أبي المليح الأزدي عن أبي الجوزاء الأزدي عن ابن عباس قال; يطوي الله السموات السبع بما فيها من الخليقه والأرضين السبع بما فيها من الخليقة يطوي ذلك كله بيمينه يكون ذلك كله في يده بمنزله خردلة وقوله " كطي السجل للكتب " قيل المراد بالسجل الكتاب وقيل المراد بالسجل ههنا ملك من الملائكة قال ابن أبي حاتم حدثنا على بن الحسين حدثنا محمد بن العلاء حدثنا يحيى بن يمان حدثنا أبو الوفاء الأشجعي عن أبيه عن ابن عمر في قوله تعالى " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب " قال السجل ملك فإذا صعد بالاستغفار قال اكتبها نورا وهكذا رواه ابن جرير عن أبي كريب عن ابن يمان به قال ابن أبي حاتم; وروي عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين أن السجل ملك وقال السدي في هذه الآية السجل ملك موكل بالصحف فإذا مات الإنسان رفع كتابه إلى السجل فطواه ورفعه إلى يوم القيامة وقيل المراد به اسم رجل صحابي كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم الوحي قال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا نصر بن علي الجهضمي حدثنا نوح بن قيس عن عمرو ابن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب " قال السجل هو الرجل قال نوح و أخبرنى يزيد بن كعب هو العوذي عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال; السجـل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم وهكذا رواه أبو داود والنسائي كلاهما عن قتيبة بن سعيد عن نوح بن قيس عن يزيد بن كعب عن عمرو ابن مالك عن أبي الجوزاء عن ابن عباس " قال;. السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم ورواه ابن جرير عن نصر ابن علي الجهضمي كما تقدم ورواه ابن عدي من رواية يحيى بن عمرو بن مالك النكري عن أبيه عن أبي الجوزاء عن ابن عباس قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يسمى السجل وهو قوله " يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب " قال كما يطوي السجل الكتاب كذلك تطوى السماء ثم قال وهو غير محفوظ وقال الخطيب البغدادي في تاريخه أنبأنا أبو بكر البرقاني أنبأنا محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي أنبأنا أحمد بن الحسين الكرخي أن حمدان ابن سعد حدثهم عن عبدالله بن نمير عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال; السجل كاتب للنبي صلى الله عليه وسلم وهذا منكر جدا من حديث نافع عن ابن عمر لا يصح أصلا وكذلك ما تقدم عن ابن عباس من رواية أبي داود وغيره لا يصح أيضا وقد صرح جماعة من الحفاظ بوضعه وإن كان في سنن أبي داود منهم شيخنا الحافظ الكبير أبو الحجاج المزي فسح الله في عمره ونسأ في أجله وختم له بصالح عمله وقد أفردت لهذا الحديث جزءا على حدته ولله الحمد. وقد تصدى الإمام أبو جعفر بن جرير للإنكار على هذا الحديث ورده أتم رد وقال; لا يعرف في الصحابة أحد اسمه السجل وكتاب النبي صلى الله عليه وسلم معروفون وليس فيهم أحد اسمه السجل وصدق رحمه الله في ذلك وهو من أقوى الأدلة على نكارة هذا الحديث وأما من ذكره في أسماء الصحابة فإنما اعتمد على هذا الحديث لا على غيره والله أعلم ; والصحيح عن ابن عباس أن السجل هي الصحيفة قاله علي بن أبي طلحة والعوفي عنه ونص على ذلك مجاهد وقتادة وغير واحد واختاره ابن جرير لأنه المعروف في اللغة فعلى هذا يكون معنى الكلام يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب أي على الكتاب بمعنى المكتوب كقوله " فلما أسلما وتله للجبين " أي على الجبين وله نظائر في اللغة والله أعلم وقوله " كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " يعني هذا كائن لا محالة يوم يعيد الله الخلائق خلقا جديدا كما بدأهم هو القادر على إعادتهم وذلك واجب الوقوع لأنه من جملة وعد الله الذي لا يخلف ولا يبدل وهو القادر على ذلك ولهذا قال " إنا كنا فاعلين " وقال الإمام أحمد حدثنا وكيع أبو جعفر وعبيدة العمى قالوا حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال; قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال " إنكم محشورون إلى الله عز وجل حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين " وذكر تمام الحديث أخرجاه في الصحيحين من حديث شعبة ذكره البخاري عند هذه الآية في كتابه وقد روى ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ذلك وقال العوفي عن ابن عباس في قوله " كما بدأنا أول خلق نعيده " قال; يهلك كل شيء كما كان أول مرة.
قوله تعالى ; يوم نطوي السماء قرأ أبو جعفر بن القعقاع وشيبة بن نصاح والأعرج والزهري تطوى بتاء مضمومة السماء رفعا على ما لم يسم فاعله . مجاهد ( يطوي ) على معنى يطوي الله السماء . الباقون نطوي بنون العظمة . وانتصاب يوم على البدل من الهاء المحذوفة في الصلة ؛ التقدير ; الذي كنتم توعدونه يوم نطوي السماء . أو يكون منصوبا ب ( نعيد ) من قوله ; كما بدأنا أول خلق نعيده . أو بقوله ; لا يحزنهم أي لا يحزنهم الفزع الأكبر في اليوم الذي نطوي فيه السماء . أو على إضمار واذكر ، وأراد بالسماء الجنس ؛ دليله ; والسماوات مطويات بيمينه . ( كطي السجل للكتاب ) قال ابن عباس ومجاهد ; أي كطي الصحيفة على ما فيها ؛ فاللام بمعنى على . وعن ابن عباس أيضا اسم كاتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وليس بالقوي ؛ لأن كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معروفون ليس هذا منهم ، ولا في أصحابه من اسمه السجل . وقال ابن عباس أيضا وابن عمر والسدي ; السجل ملك ، وهو الذي يطوي كتب بني آدم إذا رفعت إليه . ويقال ; إنه في السماء الثالثة ، ترفع إليه أعمال العباد ، يرفعها إليه الحفظة الموكلون بالخلق في كل خميس واثنين ، وكان من أعوانه فيما [ ص; 253 ] ذكروا هاروت وماروت . والسجل الصك ، وهو اسم مشتق من السجالة وهي الكتابة ؛ وأصلها من السجل وهو الدلو ؛ تقول ; ساجلت الرجل إذا نزعت دلوا ونزع دلوا ، ثم استعيرت فسميت المكاتبة والمراجعة مساجلة . وقد سجل الحاكم تسجيلا . وقال الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب ;من يساجلني يساجل ماجدا يملأ الدلو إلى عقد الكربثم بني هذا الاسم على فعل مثل حمر وطمر وبلي . وقرأ أبو زرعة بن عمرو بن جرير ( كطي السجل ) بضم السين والجيم وتشديد اللام . وقرأ الأعمش وطلحة ( كطي السجل ) بفتح السين وإسكان الجيم وتخفيف اللام . قال النحاس ; والمعنى واحد إن شاء الله تعالى . والتمام عند قوله ; للكتاب . والطي في هذه الآية يحتمل معنيين ; أحدهما ; الدرج الذي هو ضد النشر ، قال الله تعالى ; والسماوات مطويات بيمينه . والثاني ; الإخفاء والتعمية والمحو ؛ لأن الله تعالى يمحو ويطمس رسومها ويكدر نجومها .قال الله تعالى ; إذا الشمس كورت وإذا النجوم انكدرت ، وإذا السماء كشطت . للكتاب وتم الكلام . وقراءة الأعمش وحفص وحمزة والكسائي ويحيى وخلف ; للكتب جمعا ثم استأنف الكلام فقال ; كما بدأنا أول خلق نعيده أي نحشرهم حفاة عراة غرلا كما بدئوا في البطون . وروى النسائي عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; يحشر الناس يوم القيامة عراة غرلا ، أول الخلق يكسى يوم القيامة إبراهيم - عليه السلام - - ثم قرأ - كما بدأنا أول خلق نعيده أخرجه مسلم أيضا عن ابن عباس قال ; قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بموعظة فقال ; يا أيها الناس إنكم تحشرون إلى الله حفاة عراة غرلا كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم - عليه السلام - وذكر الحديث . وقد ذكرنا هذا الباب في كتاب ( التذكرة ) مستوفى . وذكر سفيان [ ص; 254 ] الثوري عن سلمة بن كهيل عن أبي الزعراء عن عبد الله بن مسعود قال ; يرسل الله - عز وجل - ماء من تحت العرش كمني الرجال فتنبت منه لحمانهم وجسمانهم كما تنبت الأرض بالثرى . وقرأ كما بدأنا أول خلق نعيده . وقال ابن عباس ; المعنى . نهلك كل شيء ونفنيه كما كان أول مرة ؛ وعلى هذا فالكلام متصل بقوله ; يوم نطوي السماء أي نطويها فنعيدها إلى الهلاك والفناء فلا تكون شيئا . وقيل ; نفني السماء ثم نعيدها مرة أخرى بعد طيها وزوالها ؛ كقوله ; يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات والقول الأول أصح وهو نظير قوله ; ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة وقوله - عز وجل - ; وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة وعدا نصب على المصدر ؛ أي وعدنا وعدا علينا إنجازه والوفاء به أي من البعث والإعادة ففي الكلام حذف . ثم أكد ذلك بقوله جل ثناؤه ; إنا كنا فاعلين قال الزجاج ; معنى إنا كنا فاعلين إنا كنا قادرين على ما نشاء . وقيل إنا كنا فاعلين أي ما وعدناكم وهو كما قال ; كان وعده مفعولا . وقيل ; كان للإخبار بما سبق من قضائه . وقيل ; صلة .
يقول تعالى ذكره; لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ ، (يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ) فيوم صلة من يحزنهم. واختلف أهل التأويل في معنى السجلّ الذي ذكره الله في هذا الموضع فقال بعضهم; هو اسم ملك من الملائكة.ذكر من قال ذلك; حدثنا أبو كريب قال ; ثنا ابن يمان ، قال ; ثنا أبو الوفاء الأشجعيّ ، عن أبيه ، عن ابن عمر ، في قوله ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) قال; السجِلّ; مَلَك ، فإذا صعد بالاستغفار قال; اكتبها نورا.حدثنا ابن بشار ، قال ; ثنا مؤمل ، قال ; ثنا سفيان ، قال; سمع السديّ يقول ، في قوله ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ ) قال; السجلّ; ملك.وقال آخرون; السجلّ; رجل كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.ذكر من قال ذلك; حدثنا نصر بن علي ، قال ; ثنا نوح بن قيس ، قال ; ثنا عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس في هذه الآية ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ ) قال; كان ابن عباس يقول; هو الرجل.قال ; ثنا نوح بن قيس ، قال ; ثنا يزيد بن كعب ، عن عمرو بن مالك ، عن أبي الجوزاء ، عن ابن عباس ، قال; السجل; كاتب كان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم.وقال آخرون; بل هو الصحيفة التي يكتب فيها.ذكر من قال ذلك; حدثني علي ، قال ; ثنا عبد الله ، قال; ثني معاوية ، عن علي ، عن ابن عباس ، قوله ( كطي السجل للكتاب ) يقول; كطي الصحيفة على الكتاب.حدثني محمد بن سعد ، قال; ثني أبي ، قالا ثني عمي ، قال; ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ، قوله ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب ) يقول; كطيّ الصحف.حدثني محمد بن عمرو ، قال ; ثنا أبو عاصم ، قال ; ثنا عيسى وحدثني الحارث ، قال ; ثنا الحسن ، قال ; ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ، قال; السِّجلّ; الصحيفة.حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال; ثني حجاج ، عن ابن جُرَيج ، عن مجاهد ، قوله ( يوم نطوي السماء كطي السجل للكتاب ) قال; السجل; الصحيفة.وأولى الأقوال في ذلك عندنا بالصواب قول من قال; السجل في هذا الموضع الصحيفة ، لأن ذلك هو المعروف في كلام العرب ، ولا يعرف لنبينا صلى الله عليه وسلم كاتب كان اسمه السجلّ ، ولا في الملائكة ملك ذلك اسمه.فإن قال قائل; وكيف نطوي الصحيفة بالكتاب إن كان السجل صحيفة؟ قيل; ليس المعنى كذلك ، وإنما معناه; يوم نطوي السماء كطيّ السجل على ما فيه من الكتاب ، ثم جعل نطوي مصدرا ، فقيل ( كطي السجل للكتاب ) واللام في قوله للكتاب بمعنى على.واختلف القرّاء في قراءة ذلك ، فقرأته عامة قراء الأمصار ، سوى أبي جعفر القارئ( يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ ) بالنون ، وقرأ ذلك أبو جعفر ( يَوْم تُطْوَى السَّماءُ ) بالتاء وضمها ، على وجه ما لم يُسمّ فاعله.والصواب من القراءة في ذلك ما عليه قراء الأمصار ، بالنون ، لإجماع الحجة من القرّاء عليه وشذوذ ما خالفه . وأما السِّجلّ فإنه في قراءة جميعهم بتشديد اللام ، وأما الكتاب ، فإن قرّاء أهل المدينة وبعض أهل الكوفة والبصرة قرءوه بالتوحيد، كطي السجل للكتاب، وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفة ( للْكُتُبِ ) على الجماع.وأولى القراءتين عندنا في ذلك بالصواب; قراءة من قرأه على التوحيد للكتاب ، لما ذكرنا من معناه ، فإن المراد منه; كطيّ السجلّ على ما فيه مكتوب ، فلا وجه إذ كان ذلك معناه لجميع الكتب إلا وجه نتبعه من معروف كلام العرب ، وعند قوله ( كَطَيِّ السِّجِلِّ ) انقضاء الخبر عن صلة قوله لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ ، ثم ابتدأ الخبر عما الله فاعل بخلقه يومئذ فقال تعالى ذكره ( كما بدأنا أول خلق نعيده ).فالكاف التي في قوله (كَما) من صلة نعيد ، تقدّمت قبلها ، ومعنى الكلام; نعيد الخلق عُراة حفاة غُرْلا يوم القيامة ، كما بدأناهم أوّل مرّة في حال خلقناهم في بطون أمَّهاتهم ، على اختلاف من أهل التأويل في تأويل ذلك.وبالذي قلنا في ذلك قال جماعة من أهل التأويل ، وبه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلذلك اخترت القول به على غيره.ذكر من قال ذلك والأثر الذي جاء فيه; حدثني محمد بن عمرو ، قال ; ثنا أبو عاصم ، قال ; ثنا عيسى -وحدثني الحارث ، قال ; ثنا الحسن ، قال ; ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد ( أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) قال; حُفاة عُراة غُرْلا.حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال; ثني حجاج ، عن ابن جريج ، عن مجاهد قوله ( أول خلق نعيده ) قال; حفاة غلفا ، قال ابن جريج أخبرني إبراهيم بن ميسرة ، أنه سمع مجاهدا يقول; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإحدى نسائه; " يَأْتُونَهُ حُفاةً عُرَاةً غُلْفا، فاسْتَتَرتْ بِكُمِّ دِرْعِها ، وقالَتْ وَا سَوأتاهُ" قال ابن جريج; أخبرت أنها عائشة قالت; يا نبيّ الله ، لا يحتشمُ الناس بعضهم بعضا؟ قال; " لكُلّ امْرئٍ يَوْمَئذٍ شَأْنٌ يُغْنِيه ".حدثنا ابن بشار ، قال ; ثنا يحيى بن سعيد ، قال ; ثنا سفيان ، قال; ثني المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال; " يُحْشَرُ النَّاسُ حُفاةً عُرَاةً غُرْلا فَأَوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهيمُ" ثم قرأ ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ ) .حدثنا ابن بشار ، قال ; ثنا إسحاق بن يوسف ، قال ; ثنا سفيان ، عن المغيرة بن النعمان ، عن سعيد بن جُبير ، عن ابن عباس ، قال; " وقام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة ، فذكره نحوه " .حدثنا محمد بن المثنى ، قال ; ثنا محمد بن جعفر ، قال ; ثنا شعبة ، عن المغيرة بن النعمان النخَعيّ ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال; " قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكره نحوه " .حدثنا أبو كريب ، قال ; ثنا وكيع ، عن شعبة ، قال ; ثنا المغيرة بن النعمان النخَعيّ ، عن سعيد بن جُبير ، عن أبن عباس ، نحوه.حدثنا عيسى بن يوسف بن الطباع أبو يحيى ، قال ; ثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال; سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يخطب فقال; " إنكم مُلاقُو اللهِ مُشاةً غُرْلا ".حدثنا أبو كريب ، قال ; ثنا ابن إدريس ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة ، قالت; " دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي عجوز من بني عامر ، فقال; مَنْ هَذه العَجُوزُ يا عائِشةُ؟ فقلت; إحدى خالاتي ، فقالت; ادع الله أن يدخلني الجنة ، فقال; إنّ الجَنَّةَ لا يَدْخُلُها العَجَزةُ ، قالت; فأخذَ العجوز ما أخذها ، فقال; إنّ اللهَ يُنْشِئُهُنَّ خَلْقا غيرَ خَلْقِهِنَّ، ثم قال; يُحْشَرُونَ حُفاةً عُرَاةً غُلْفا ، فقالت; حاش لله من ذلك ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; بَلى إنّ الله قال; ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا ) ... إلى آخر الآية ، فأوَّلُ مَنْ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الله ".حدثني محمد بن عمارة الأسدي ، قال ; ثنا عبيد الله ، قال ; ثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن عطاء ، عن عقبة بن عامر الجهني ، قال; يجمع الناس في صعيد واحد ينفذهم البصر ، ويسمعهم الداعي ، حفاة عراة ، كما خلقوا أول يوم.حدثنا القاسم ، قال ; ثنا الحسين ، قال; ثني عباد بن العوام ، عن هلال بن حبان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; " يحشر الناس يوم القيامة حُفاة عراة مشاة غرلا قلت; يا أبا عبد الله ما الغرل؟ قال; الغلف ، فقال بعض أزواجه; يا رسول الله ، أينظر بعضنا إلى بعض إلى عورته؟ فقال لِكُلّ امْرئٍ يَوْمَئذٍ ما يَشْغَلُهُ عَن النَّظَر إلى عَوْرَة أَخِيهِ" ، قال هلال; قال سعيد بن جبير وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ قال; كيوم ولدته أمه ، يردّ عليه كل شيء انتقص منه مثل يوم وُلد.وقال آخرون; بل معنى ذلك; كما كنا ولا شيء غيرنا قبل أن نخلق شيئا ، كذلك نهلك الأشياء فنعيدها فانية ، حتى لا يكون شيء سوانا.ذكر من قال ذلك; حدثني محمد بن سعد ، قال; ثني أبي ، قال; ثني عمي ، قال; ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس ( كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ ) . . . الآية ، قال; نهلك كل شيء كما كان أوّل مرّة. وقوله ( وَعْدًا عَلَيْنَا ) يقول; وعدناكم ذلك وعدا حقا علينا أن نوفي بما وعدنا ، إنا كنا فاعلي ما وعدناكم من ذلك أيها الناس ، لأنه قد سبق في حكمنا وقضائنا أن نفعله ، على يقين بأن ذلك كائن ، واستعدوا وتأهبوا.
يخبر تعالى أنه يوم القيامة يطوي السماوات - على عظمها واتساعها - كما يطوي الكاتب للسجل أي: الورقة المكتوب فيها، فتنثر نجومها، ويكور شمسها وقمرها، وتزول عن أماكنها { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ } أي: إعادتنا للخلق، مثل ابتدائنا لخلقهم، فكما ابتدأنا خلقهم، ولم يكونوا شيئا، كذلك نعيدهم بعد موتهم. { وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ } ننفذ ما وعدنا، لكمال قدرته، وأنه لا تمتنع منه الأشياء.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :١٠٤
Al-Anbiya'21:104