الرسم العثمانيوَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنٰمَكُم بَعْدَ أَن تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَ تَاللّٰهِ لَاَكِيۡدَنَّ اَصۡنَامَكُمۡ بَعۡدَ اَنۡ تُوَلُّوۡا مُدۡبِرِيۡنَ
تفسير ميسر:
وتالله لأمكرنَّ بأصنامكم وأكسِّرها بعد أن تتولَّوا عنها ذاهبين.
ثم أقسم الخليل قسما أسمعه بعض قومه ليكيدن أصنامهم أي ليحرضن على أذاهم وتكسيرهم بعد أن يولوا مدبرين أي إلى عيدهم وكان لهم عيد يخرجون إليه قال السدي; لما اقترب وقت ذلك العيد قال أبوه يا بني لو خرجت معنا إلى عيدك لأعجبك ديننا فخرج معهم فلما كان ببعض الطريق ألقى نفسه إلى الأرض وقال إني سقيم فجعلوا يمرون عليه وهو صريع فيقولون; مه فيقول إني سقيم فلما جاز عامتهم وبقي ضعفاؤهم قال " تالله لأكيدن أصنامكم " فسمعه أولئك وقال ابن إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله قال; لما خرج قوم إبراهيم إلى عيدهم مروا عليه فقالوا يا إبراهيم ألا تخرج معنا؟ قال إني سقيم وقد كان بالأمس قال " تالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين " فسمعه ناس منهم.
قوله تعالى ; وتالله لأكيدن أصنامكم أخبر أنه لم يكتف بالمحاجة باللسان بل كسر أصنامهم فعل واثق بالله تعالى ، موطن نفسه على مقاساة المكروه في الذب عن الدين . والتاء في تالله تختص في القسم باسم الله وحده ، والواو تختص بكل مظهر ، والباء بكل مضمر ومظهر . قال الشاعر ; [ هو مالك بن خالد الخناعي الهذلي ] ;تالله يبقى على الأيام ذو حيد بمشمخر به الظيان والآس[ ص; 205 ] وقال ابن عباس ; أي وحرمة الله لأكيدن أصنامكم ، أي لأمكرن بها . والكيد المكر . كاده يكيده كيدا ومكيدة ، وكذلك المكايدة ؛ وربما سمي الحرب كيدا ؛ يقال ; غزا فلان فلم يلق كيدا ، وكل شيء تعالجه فأنت تكيده . بعد أن تولوا مدبرين أي منطلقين ذاهبين . وكان لهم في كل سنة عيد يجتمعون فيه ، فقالوا لإبراهيم ; لو خرجت معنا إلى عيدنا أعجبك ديننا - روي ذلك عن ابن مسعود على ما يأتي بيانه في ( والصافات ) - فقال إبراهيم في نفسه ; وتالله لأكيدن أصنامكم . قال مجاهد وقتادة ; إنما قال ذلك إبراهيم في سر من قومه ، ولم يسمعه إلا رجل . واحد وهو الذي أفشاه عليه والواحد يخبر عنه بخبر الجمع إذا كان ما أخبر به مما يرضى به غيره ومثله يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل . وقيل ; إنما قاله بعد خروج القوم ، ولم يبق منهم إلا الضعفاء فهم الذين سمعوه . وكان إبراهيم احتال في التخلف عنهم بقوله ; إني سقيم أي ضعيف عن الحركة .
ذكر أن إبراهيم صلوات الله عليه حلف بهذه اليمين في سرّ من قومه وخفاء، وأنه لم يسمع ذلك منه إلا الذي أفشاه عليه حين قالوا. من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين، فقالوا; سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم.*ذكر من قال ذلك; حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء جميعا، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد، في قوله ( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ) قال; قول إبراهيم حين استتبعه قومه إلى عيد لهم فأبى وقال; إني سقيم، فسمع منه وعيد أصنامهم رجل منهم استأخر، وهو الذي يقول سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ .حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن مجاهد، مثله.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة، قوله ( وَتَاللَّهِ لأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ) قال; نرى أنه قال ذلك حيث لم يسمعوه بعد أن تولَّوا مدبرين.
ولما بين أن أصنامهم ليس لها من التدبير شيء أراد أن يريهم بالفعل عجزها وعدم انتصارها وليكيد كيدا يحصل به إقرارهم بذلك فلهذا قال: { وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ ْ} أي أكسرها على وجه الكيد { بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ ْ} عنها إلى عيد من أعيادهم
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الأنبياء٢١ :٥٧
Al-Anbiya'21:57