الرسم العثمانيقَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ
الـرسـم الإمـلائـيقَدۡ اَفۡلَحَ الۡمُؤۡمِنُوۡنَۙ
تفسير ميسر:
قد فاز المصدِّقون بالله وبرسوله العاملون بشرعه.
قال الإمام أحمد حدثنا عبد الرزاق أخبرني يونس بن سليم قال أملى علي يونس بن يزيد الأيلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الرحمن بن عبد القاري قال سمعت عمر بن الخطاب يقول كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يسمع عند وجهه كدوي النحل فلبثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه وقال " اللهم زدنا ولا تنقصنا وأكرمنا ولا تهنا وأعطنا ولا تحرمنا وآثرنا ولا تؤثر علينا وارض عنا وأرضنا - ثم قال - لقد أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة " ثم قرأ " قد أفلح المؤمنون " حتى ختم العشر ورواه الترمذي في تفسيره والنسائي في الصلاة من حديث عبد الرزاق به وقال الترمذي منكر لا نعرف أحدا رواه غير يونس بن سليم ويونس لا نعرفه وقال النسائي في تفسيره أنبأنا قتيبة بن سعيد حدثنا جعفر عن أبي عمران عن يزيد بن بابنوس قال; قلنا لعائشة أم المؤمنين كيف كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالت; كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فقرأت " قد أفلح المؤمنون - حتى انتهت إلى - والذين هم على صلواتهم يحافظون " قالت هكذا كان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي عن كعب الأحبار ومجاهد وأبي العالية وغيرهم لما خلق الله جنة عدن وغرسها بيده نظر إليها وقال لها تكلمي فقالت " قد أفلح المؤمنون " قال كعب الأحبار لما أعد لهم من الكرامة فيها وقال أبو العالية فأنزل الله ذلك في كتابه وقد روي ذلك عن أبي سعيد الخدري مرفوعا فقال أبو بكر البزار حدثنا محمد بن المثنى حدثنا المغيرة بن مسلمة حدثنا وهيب عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال; خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وغرسها وقال لها تكلمي فقالت " قد أفلح المؤمنون " فدخلتها الملائكة فقالت طوبى لك منزل الملوك ثم قال وحدثنا بشر بن آدم وحدثنا يونس بن عبيدالله العمري حدثنا عدي بن الفضل حدثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " خلق الله الجنة لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها المسك - قال البزار ورأيت في موضع آخر في هذا الحديث - حائط الجنة لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك فقال لها تكلمي فقالت " قد أفلح المؤمنون " فقالت الملائكة طوبى لك منزل الملوك " ثم قال البزار لا نعلم أحدا رفعه إلى عدي بن الفضل وليس هو بالحافظ وهو شيخ متقدم الموت وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني حدثنا أحمد بن علي حدثنا هشام بن خالد حدثنا بقية عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لما خلق الله جنة عدن خلق فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قال لها تكلمي فقالت " قد أفلح المؤمنون " بقية عن الحجازيين ضعيف وقال الطبراني حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة حدثنا منجاب بن الحارث حدثنا حماد بن عيسى العبسي عن إسماعيل السدي عن أبي صالح عن ابن عباس يرفعه " لما خلق الله جنة عدن بيده ودلى فيها ثمارها وشق فيها أنهارها ثم نزل إليها فقال " قد أفلح المؤمنون " قال وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل " وقال أبو بكر بن أبي الدنيا; حدثنا محمد بن المثنى البزار حدثنا محمد بن زياد الكلبي حدثنا يعيش بن حسين عن سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس رضي الله عنه قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خلق الله جنة عدن بيده لبنة من درة بيضاء ولبنة من ياقوتة حمراء ولبنة من زبرجدة خضراء ملاطها المسك وحصباؤها اللؤلؤ وحشيشها الزعفران ثم قال لها انطقي قالت " قد أفلح المؤمنون " فقال الله وعزتي وجلالي لا يجاورني فيك بخيل "ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم " ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون " وقوله تعالى " قد أفلح المؤمنون " أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح وهم المؤمنون المتصفون بهذه الأوصاف.
قوله تعالى ; قد أفلح المؤمنون روى البيهقي من حديث أنس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; لما خلق الله جنة عدن وغرس أشجارها بيده قال لها تكلمي فقالت ; قد أفلح المؤمنون . وروى النسائي ، عن عبد الله بن السائب قال ; حضرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح فصلى في قبل الكعبة ، فخلع نعليه ، فوضعهما عن يساره ، فافتتح سورة المؤمنين ، فلما جاء ذكر موسى أو عيسى عليهما السلام أخذته سعلة فركع . خرجه مسلم بمعناه . وفي الترمذي ، عن [ ص; 96 ] عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال ; كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا أنزل عليه الوحي سمع عند وجهه كدوي النحل ؛ وأنزل عليه يوما فمكثنا ساعة فسري عنه فاستقبل القبلة فرفع يديه وقال ; اللهم زدنا ولا تنقصنا وأرضنا وارض عنا - ثم قال ; أنزل علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة - ثم قرأ - قد أفلح المؤمنون حتى ختم عشر آيات ؛ صححه ابن العربي . وقال النحاس ; معنى من أقامهن من أقام عليهن ولم يخالف ما فيهن ؛ كما تقول ; فلان يقوم بعمله . ثم نزل بعد هذه الآيات فرض الوضوء والحج فدخل معهن . وقرأ طلحة بن مصرف قد أفلح المؤمنون بضم الألف على الفعل المجهول ؛ أي أبقوا في الثواب والخير . وقد مضى في أول ( البقرة ) معنى الفلاح لغة ومعنى ، والحمد لله وحده .
قال أبو جعفر; يعني جلّ ثناؤه بقوله; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) قد أدرك الذين صدّقوا الله ورسوله محمدًا صلى الله عليه وسلم ، وأقرّوا بما جاءهم به من عند الله، وعملوا بما دعاهم إليه مما سمى في هذه الآيات، الخلود في جنَّات ربهم وفازوا بطلبتهم لديه.كما حدثنا الحسن بن يحيى، قال; أخبرنا عبد الرّزاق، عن معمر، عن قتادة، في قوله; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) ثم قال; قال كعب; لم يخلق الله بيده إلا ثلاثة; خلق آدم بيده، وكتب التوراة بيده، وغرس جنة عدن بيده، ثم قال لها; تكلمي! فقالت; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) لما علمت فيها من الكرامة.حدثنا سهل بن موسى الرازيّ، قال; ثنا يحيى بن الضريس، عن عمرو بن أبي قيس، عن عبد العزيز بن رفيع، عن مجاهد، قال; لما غرس الله تبارك وتعالى الجنة، نظر إليها فقال; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ).قال; ثنا حفص بن عمر، عن أبي خلدة، عن أبي العالية، قال; لما خلق الله الجنة قال; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ ) فأنـزل به قرآنا.حدثنا ابن حميد، قال; ثنا جبير، عن عطاء، عن ميسرة، قال; " لم يخلق الله شيئا بيده غير أربعة أشياء; خلق آدم بيده، وكتب الألواح بيده، والتوراة بيده، وغرس عدنًا بيده، ثم قال; ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ )".وقوله; ( الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) يقول تعالى ذكره; الذين هم في صَلاتهم إذا قاموا فيها خاشعون، وخشوعهم فيها تذللهم لله فيها بطاعته، وقيامهم فيها بما أمرهم بالقيام به فيها. وقيل إنها نـزلت من أجل أن القوم كانوا يرفعون أبصارهم فيها إلى السماء قبل نـزولها، فنُهُوا بهذه الآية عن ذلك.*ذكر الرواية بذلك;
هذا تنويه من الله، بذكر عباده المؤمنين، وذكر فلاحهم وسعادتهم، وبأي: شيء وصلوا إلى ذلك، وفي ضمن ذلك، الحث على الاتصاف بصفاتهم، والترغيب فيها. فليزن العبد نفسه وغيره على هذه الآيات، يعرف بذلك ما معه وما مع غيره من الإيمان، زيادة ونقصا، كثرة وقلة، فقوله { قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ } أي: قد فازوا وسعدوا ونجحوا، وأدركوا كل ما يرام المؤمنون الذين آمنوا بالله وصدقوا المرسلين
(قد) حرف تحقيق
(الذين) موصول مبنيّ في محلّ رفع نعت لـ (المؤمنون) ،
(هم) مبتدأ خبره
(خاشعون) ،
(في صلاتهم) متعلّق بالخبر(الواو) عاطفة في المواضع الستة، والموصولات الخمسة
(الذين) في محلّ رفع معطوفة على الموصول الأولـ (عن اللغو) متعلّق بـ (معرضون) الخبر،
(الزكاة) مجرور لفظا منصوب محلّا مفعول به لاسم الفاعل فاعلون، و (اللام) هي لام التقوية ،
(لفروجهم) مثل للزكاة
(إلّا) أداة حصر
(على أزواجهم) متعلّق بـ (حافظون) بتضمينه معنى ممسكين ،
(ما) اسم موصول في محلّ جرّ معطوف على أزواجهم، و (الفاء) في(فإنّهم) تعليليّة و (الفاء) بعدها عاطفة
(من) اسم شرط مبتدأ
(ابتغى) ماض مبنيّ على الفتح المقدّر في محلّ جزم فعل الشرط
(وراء) ظرف منصوب متعلّق بـ (ابتغى) ،
(الفاء) رابطة لجواب الشرط
(هم) ضمير فصل لا محلّ لها ،
(لأماناتهم) مثل للزكاة، فالأمانات مفعول لـ (راعون) ،
(على صلواتهم) متعلّق بـ (يحافظون) ،
(أولئك هم الوارثون) مثل أولئك هم العادون
(الذين) الأخير في محلّ رفع نعت لـ (الوارثون)
(فيها) متعلّق بالخبر
(خالدون) .
جملة: «قد أفلح المؤمنون ... » لا محلّ لها ابتدائيّة.
وجملة: «هم.. خاشعون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الأول.
وجملة: «هم.. معرضون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «هم.. فاعلون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثالث.
وجملة: «هم.. حافظون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الرابع.
وجملة: «ملكت أيمانهم» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الرابع.
وجملة: «إنّهم غير ملومين» لا محلّ لها تعليليّة.وجملة: «من ابتغى ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إنّهم غير ...وجملة: «ابتغى وراء ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) .
وجملة: «أولئك هم العادون» في محلّ جزم جواب الشرط مقترنة بالفاء.
وجملة: «هم العادون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(أولئك) .
وجملة: «هم.. راعون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الخامس.
وجملة: «هم.. يحافظون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) السادس.
وجملة: «يحافظون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
وجملة: «أولئك.. الوارثون» لا محلّ لها استئناف بيانيّ.
وجملة: «يرثون ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) السابع.
وجملة: «هم.. خالدون» في محلّ نصب حال من الفاعل أو المفعول.
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :١
Al-Mu'minun23:1