الرسم العثمانيأُولٰٓئِكَ يُسٰرِعُونَ فِى الْخَيْرٰتِ وَهُمْ لَهَا سٰبِقُونَ
الـرسـم الإمـلائـياُولٰٓٮِٕكَ يُسَارِعُوۡنَ فِىۡ الۡخَيۡـرٰتِ وَهُمۡ لَهَا سٰبِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
أولئك المجتهدون في الطاعة، دأبهم المسارعة إلى كل عمل صالح، وهم إلى الخيرات سابقون.
" أولئك يسارعون في الخيرات " وقال الترمذي وروى هذا الحديث من حديث عبد الرحمن بن سعيد عن أبي حازم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وهكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والحسن البصري في تفسير هذه الآية وقد قرأ آخرون هذه الآية " والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " أي يفعلون ما يفعلون وهم خائفون وروي هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها كذلك قال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا صخر بن جويرية حدثنا إسماعيل المكي حدثنا أبو خلف مولى بني جمح أنه دخل مع عبيد بن عمير على عائشة رضي الله عنها فقالت مرحبا بأبي عاصم ما يمنعك أن تزورنا أو تلم بنا؟ فقال أخشى أن أملل فقالت; ما كنت لتفعل؟ قال جئت لأسألك عن آية من كتاب الله عز وجل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها؟ قالت أَيَّةُ آيةٍ؟ قال " الذين يؤتون ما آتوا " " والذين يأتون ما أتوا " فقالت أيتهما أحب إليك ؟ فقلت والذي نفسي بيده لأحدهما أحب إلي من الدنيا جميعا أو الدنيا وما فيها قالت وما هي ؟ فقلت " الذين يأتون ما أتوا " فقالت أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها وكذلك أنزلت ولكن الهجاء حرف. فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف والمعنى على القراءة الأولى وهي قراءة الجمهور السبعة وغيرهم أظهر لأنه قال " أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون " فجعلهم من السابقين ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك أن لا يكونوا من السابقين بل من المقتصدين أو المقصرين والله أعلم.
قوله تعالى ; أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقونقوله تعالى ; أولئك يسارعون في الخيرات أي في الطاعات ، كي ينالوا بذلك أعلى الدرجات والغرفات . وقرئ ( يسرعون ) في الخيرات ، أي يكونوا سراعا إليها . ويسارعون على معنى يسابقون من سابقهم إليها ؛ فالمفعول محذوف . قال الزجاج ; يسارعون أبلغ من يسرعون .وهم لها سابقون أحسن ما قيل فيه ; أنهم يسبقون إلى أوقاتها . ودل بهذا أن الصلاة في أول الوقت أفضل ؛ كما تقدم في ( البقرة ) وكل من تقدم في شيء فهو سابق إليه ، وكل من تأخر عنه فقد سبقه وفاته ؛ فاللام في لها على هذا القول بمعنى إلى ؛ كما قال بأن ربك أوحى لها أي أوحى إليها . وأنشد سيبويه [ للأعشى ] ;تجانف عن جو اليمامة ناقتي وما قصدت من أهلها لسوائكاوعن ابن عباس في معنى وهم لها سابقون سبقت لهم من الله السعادة ؛ فلذلك سارعوا في الخيرات . وقيل ; المعنى وهم من أجل الخيرات سابقون .
وقوله; ( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ) يقول تعالى ذكره; هؤلاء الذين هذه الصفات صفاتهم، يبادرون في الأعمال الصالحة ، ويطلبون الزلفة عند الله بطاعته.كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ ).قال; والخيرات; المخافة والوجل والإيمان، والكفّ عن الشرك بالله، فذلك المسابقة إلى هذه الخيرات،قوله; ( وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) كان بعضهم يقول; معناه سبقت لهم من الله السعادة، فذلك سبوقهم الخيرات التي يعملونها.*ذكر من قال ذلك;حدثني عليّ، قال; ثنا عبد الله، قال، ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، قوله; ( وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ ) يقول; سبقت لهم السعادة.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( وهم لها سَابِقُونَ ) ، فتلك الخيرات.وكان بعضهم يتأوّل ذلك بمعنى; وهم إليها سابقون. وتأوّله آخرون; وهم من أجلها سابقون.وأولى الأقوال في ذلك عندي بالصواب القول الذي قاله ابن عباس، من أنه سبقت لهم من الله السعادة قبل مسارعتهم في الخيرات، ولما سبق لهم من ذلك سارعوا فيها.وإنما قلت ذلك أولى التأويلين بالكلام; لأن ذلك أظهر معنييه، وأنه لا حاجة بنا إذا وجهنا تأويل الكلام إلى ذلك، إلى تحويل معنى " اللام " التي في قوله; ( لَهَا سَابِقُونَ ) إلى غير معناها الأغلب عليها.
{ أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ } أي: في ميدان التسارع في أفعال الخير، همهم ما يقربهم إلى الله، وإرادتهم مصروفة فيما ينجي من عذابه، فكل خير سمعوا به، أو سنحت لهم الفرصة إليه، انتهزوه وبادروه، قد نظروا إلى أولياء الله وأصفيائه، أمامهم، ويمنة، ويسرة، يسارعون في كل خير، وينافسون في الزلفى عند ربهم، فنافسوهم. ولما كان السابق لغيره المسارع قد يسبق لجده وتشميره، وقد لا يسبق لتقصيره، أخبر تعالى أن هؤلاء من القسم السابقين فقال: { وَهُمْ لَهَا } أي: للخيرات { سَابِقُونَ } قد بلغوا ذروتها، وتباروا هم والرعيل الأول، ومع هذا، قد سبقت لهم من الله سابقة السعادة، أنهم سابقون.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - المؤمنون٢٣ :٦١
Al-Mu'minun23:61