وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولٰٓئِكَ هُمُ الْفَآئِزُونَ
وَمَنۡ يُّطِعِ اللّٰهَ وَرَسُوۡلَهٗ وَيَخۡشَ اللّٰهَ وَيَتَّقۡهِ فَاُولٰٓٮِٕكَ هُمُ الۡفَآٮِٕزُوۡنَ
تفسير ميسر:
ومن يطع الله ورسوله في الأمر والنهي، ويَخَفْ عواقب العصيان، ويحْذَر عذاب الله، فهؤلاء هم الفائزون بالنعيم في الجنة.
قال قتادة; يطع الله ورسوله فيما أمراه به وترك ما نهياه عنه ويخش الله فيما مضى من ذنوبه ويتقه فيما يستقبل وقوله "فأولئك هم الفائزون" يعني الذين فازوا بكل خير وأمنوا من كل شر في الدنيا والآخرة.
قوله تعالى ; ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزونقوله تعالى ; ومن يطع الله ورسوله فيما أمر به وحكم . ويخش الله ويتقه قرأ حفص ويتقه بإسكان القاف على نية الجزم ؛ قال الشاعر ;ومن يتق فإن الله معه ورزق الله مؤتاب وغاديوكسرها الباقون ، لأن جزمه بحذف آخره . وأسكن الهاء أبو عمرو ، وأبو بكر . واختلس الكسرة يعقوب ، وقالون ، عن نافع ، والبستي ، عن أبي عمرو ، وحفص . وأشبع كسرة الهاء الباقون .[ ص; 274 ] فأولئك هم الفائزون ذكر أسلم أن عمر بينما هو قائم في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وإذا رجل من دهاقين الروم قائم على رأسه وهو يقول ; أنا أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله . فقال له عمر ; ما شأنك ؟ قال ; أسلمت لله . قال ; هل لهذا سبب ؟ قال ; نعم إني قرأت التوراة والزبور والإنجيل وكثيرا من كتب الأنبياء ، فسمعت أسيرا يقرأ آية من القرآن جمع فيها كل ما في الكتب المتقدمة ، فعلمت أنه من عند الله فأسلمت . قال ; ما هذه الآية ؟ قال قوله تعالى ; ومن يطع الله في الفرائض ورسوله في السنن ويخش الله فيما مضى من عمره ويتقه فيما بقي من عمره ; فأولئك هم الفائزون والفائز من نجا من النار وأدخل الجنة . فقال عمر ; قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; أوتيت جوامع الكلم .
يقول تعالى ذكره; ( وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) فيما أمره ونهاه، ويسلم لحكمهما له وعليه، ويخف عاقبة معصية الله ويحذره، ويتق عذاب الله بطاعته إياه في أمره ونهيه ( فأولئك ) يقول; فالذين يفعلون ذلك ( هُمُ الْفَائِزُونَ ) برضا الله عنهم يَوم القيامة، وأمنهم من عذابه.
ولما ذكر فضل الطاعة في الحكم خصوصا، ذكر فضلها عموما، في جميع الأحوال، فقال: { وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ } فيصدق خبرهما ويمتثل أمرهما، { وَيَخْشَ اللَّهَ } أي: يخافه خوفا مقرونا بمعرفة، فيترك ما نهى عنه، ويكف نفسه عما تهوى، ولهذا قال: { وَيَتَّقْهِ } بترك المحظور، لأن التقوى -عند الإطلاق- يدخل فيها، فعل المأمور، وترك المنهي عنه، وعند اقترانها بالبر أو الطاعة - كما في هذا الموضع - تفسر بتوقي عذاب الله، بترك معاصيه، { فَأُولَئِكَ } الذين جمعوا بين طاعة الله وطاعة رسوله، وخشية الله وتقواه، { هُمُ الْفَائِزُونَ } بنجاتهم من العذاب، لتركهم أسبابه، ووصولهم إلى الثواب، لفعلهم أسبابه، فالفوز محصور فيهم، وأما من لم يتصف بوصفهم، فإنه يفوته من الفوز بحسب ما قصر عنه من هذه الأوصاف الحميدة، واشتملت هذه الآية، على الحق المشترك بين الله وبين رسوله، وهو: الطاعة المستلزمة للإيمان، والحق المختص بالله، وهو: الخشية والتقوى، وبقي الحق الثالث المختص بالرسول، وهو التعزير والتوقير، كما جمع بين الحقوق الثلاثة في سورة الفتح في قوله: { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا }
(الفاء) الأولى استئنافيّة، والثانية رابطة لجواب الشرط- أو تعليليّة-
(إنّما) كافّة ومكفوفة
(عليه) متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(ما) حرف مصدريّ في الموضعين، ونائب الفاعل لفعلـ (حمّل) ضمير يعود على الرسول..
والمصدر المؤوّلـ (ما حمّل..) في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر.
(عليكم ما حمّلتم) مثل عليه ما حمّل،
(الواو) عاطفة، والثانية استئنافيّة
(ما) نافية مهملة
(على الرسول) متعلّق بخبر مقدّم
(إلّا) أداة حصر
(البلاغ) مبتدأ مؤخّر.
جملة: «قل ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «أطيعوا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «أطيعوا
(الثانية) » في محلّ نصب معطوفة على جملة أطيعوا
(الأولى) .وجملة: «تولّوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.. وجواب الشرط مقدّر أي:
فلا ضرر عليه .
وجملة: «عليه ما حمّل ... » لا محلّ لها تعليل للجواب المقدّر .
وجملة: «حمّل ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «عليكم ما حمّلتم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة عليه ما حمّل.
وجملة: «حمّلتم ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) الثاني.
وجملة: «تطيعوه ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة إن تولّوا..
وجملة: «تهتدوا ... » لا محلّ لها جواب الشرط غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «ما على الرسول إلّا البلاغ» لا محلّ لها استئنافيّة .