الرسم العثمانيالْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمٰنِ ۚ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكٰفِرِينَ عَسِيرًا
الـرسـم الإمـلائـياَلۡمُلۡكُ يَوۡمَٮِٕذِ اۨلۡحَـقُّ لِلرَّحۡمٰنِؕ وَكَانَ يَوۡمًا عَلَى الۡكٰفِرِيۡنَ عَسِيۡرًا
تفسير ميسر:
المُلْك الحق في هذا اليوم للرحمن وحده دون مَن سواه، وكان هذا اليوم صعبًا شديدًا على الكافرين، لما ينالهم من العقاب والعذاب الأليم.
وقوله تعالى; "الملك يومئذ الحق للرحمن" الآية كما قال تعالى; "لمن الملك اليوم لله الواحد القهار" وفي الصحيح أن الله تعالى يطوي السموات بيمينه ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ثم يقول; أنا الملك أنا الديان أين ملوك الأرض ؟ أين الجبارون ؟ أين المتكبرون ؟ وقوله; "وكان يوما على الكافرين عسيرا" أي شديدا صعبا لأنه يوم عدل وقضاء فصل كما قال تعالى; "فذلك يومئذ يوم عسير على الكافرين غير يسير" فهذا حال الكافرين في هذا اليوم وأما المؤمنون فكما قال تعالى; "لا يحزنهم الفزع الأكبر" الآية. وروى الإمام أحمد حدثنا حسين بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال; قيل يا رسول الله يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ما أطول هذا اليوم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا".
قوله تعالى ; الملك يومئذ الحق للرحمن " الملك " مبتدأ و " الحق " صفة له و " للرحمن " الخبر ; لأن الملك الذي يزول وينقطع ليس بملك ; فبطلت يومئذ أملاك المالكين وانقطعت دعاويهم ، وزال كل ملك وملكه . وبقي الملك الحق لله وحده . وكان يوما على الكافرين عسيرا أي لما ينالهم من الأهوال ويلحقهم من الخزي والهوان ، وهو على المؤمنين أخف من صلاة مكتوبة ; على ما تقدم في الحديث . وهذه الآية دالة عليه ; لأنه إذا كان على الكافرين عسيرا فهو على المؤمنين يسير . يقال ; عسر يعسر ، وعسر يعسر .
(الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ) يقول; الملك الحقّ يومئذ خالص للرحمن دون كلّ من سواه, وبطلت الممالك يومئذ سوى ملكه. وقد كان في الدنيا ملوك, فبطل الملك يومئذ سوى ملك الجبار ( وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا ) يقول; وكان يومُ تشقُّق السماء بالغمام يوما على أهل الكفر بالله عسيرا, يعني صعبا شديدا.
تفسير الآيتين 25 و26 يخبر تعالى عن عظمة يوم القيامة وما فيه من الشدة والكروب، ومزعجات القلوب فقال: { وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ } وذلك الغمام الذي ينزل الله فيه، ينزل من فوق السماوات فتنفطر له السماوات وتشقق وتنزل ملائكة كل سماء فيقفون صفا صفا، إما صفا واحدا محيطا بالخلائق، وإما كل سماء يكونون صفا ثم السماء التي تليها صفا وهكذا. القصد أن الملائكة -على كثرتهم وقوتهم- ينزلون محيطين بالخلق مذعنين لأمر ربهم لا يتكلم منهم أحد إلا بإذن من الله، فما ظنك بالآدمي الضعيف خصوصا الذي بارز مالكه بالعظائم، وأقدم على مساخطه ثم قدم عليه بذنوب وخطايا لم يتب منها، فيحكم فيه الملك الحق بالحكم الذي لا يجور ولا يظلم مثقال ذرة ولهذا قال: { وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا } لصعوبته الشديدة وتعسر أموره عليه، بخلاف المؤمن فإنه يسير عليه خفيف الحمل. { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا } وقوله: { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ } أي: يوم القيامة { الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } لا يبقى لأحد من المخلوقين ملك ولا صورة ملك، كما كانوا في الدنيا، بل قد تساوت الملوك ورعاياهم والأحرار والعبيد والأشراف وغيرهم، ومما يرتاح له القلب، وتطمئن به النفس وينشرح له الصدر أن أضاف الملك في يوم القيامة لاسمه \" الرحمن \" الذي وسعت رحمته كل شيء وعمت كل حي وملأت الكائنات وعمرت بها الدنيا والآخرة، وتم بها كل ناقص وزال بها كل نقص، وغلبت الأسماء الدالة عليه الأسماء الدالة على الغضب وسبقت رحمته غضبه وغلبته، فلها السبق والغلبة، وخلق هذا الآدمي الضعيف وشرفه وكرمه ليتم عليه نعمته، وليتغمده برحمته، وقد حضروا في موقف الذل والخضوع والاستكانة بين يديه ينتظرون ما يحكم فيهم وما يجري عليهم وهو أرحم بهم من أنفسهم ووالديهم فما ظنك بما يعاملهم به، ولا يهلك على الله إلا هالك ولا يخرج من رحمته إلا من غلبت عليه الشقاوة وحقت عليه كلمة العذاب.
(يومئذ) متعلّق بالملك فهو مصدر ،
(الحقّ) نعت للملك ،
(للرحمن) متعلّق بخبر المبتدأ
(الواو) عاطفة واسم
(كان) ضمير مستتر يعود على اليوم المتقدّم
(يوما) خبر كان منصوبـ (علىالكافرين) متعلّق بـ (عسيرا) وهو نعت لـ (يوما) منصوب.
وجملة: «الملك ... للرحمن» ... لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «كان يوما ... » لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
- القرآن الكريم - الفرقان٢٥ :٢٦
Al-Furqan25:26