قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُۥ وَأَهْلَهُۥ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِۦ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِۦ وَإِنَّا لَصٰدِقُونَ
قَالُوۡا تَقَاسَمُوۡا بِاللّٰهِ لَـنُبَيِّتَـنَّهٗ وَ اَهۡلَهٗ ثُمَّ لَـنَقُوۡلَنَّ لِوَلِيِّهٖ مَا شَهِدۡنَا مَهۡلِكَ اَهۡلِهٖ وَاِنَّا لَصٰدِقُوۡنَ
تفسير ميسر:
قال هؤلاء التسعة بعضهم لبعض; تقاسموا بالله بأن يحلف كل واحد للآخرين; لنأتينَّ صالحًا بغتة في الليل فنقتله ونقتل أهله، ثم لنقولَنَّ لوليِّ الدم مِن قرابته; ما حضرنا قتلهم، وإنا لصادقون فيما قلناه.
أي تحالفوا وتبايعوا على قتل نبي الله صالح عليه السلام من لقيه ليلا غيلة فكادهم الله وجعل الدائرة عليهم قال مجاهد تقاسموا وتحالفوا على هلاكه فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعين.
قوله تعالى ; قالوا تقاسموا بالله لنبيتنه وأهله يجوز أن يكون ( تقاسموا ) فعلا مستقبلا وهو أمر ; أي قال بعضهم لبعض احلفوا . ويجوز أن يكون ماضيا في معنى الحال كأنه قال ; قالوا متقاسمين بالله ; ودليل هذا التأويل قراءة عبد الله ; ( يفسدون في الأرض ولا يصلحون تقاسموا بالله ) وليس فيها قالوا . ( لنبيتنه وأهله ثم لنقولن لوليه ) قراءة العامة بالنون فيهما واختاره أبو حاتم . وقرأ حمزة والكسائي ; بالتاء فيهما وضم التاء واللام على الخطاب أي أنهم تخاطبوا بذلك ; واختاره أبو عبيد . وقرأ مجاهد وحميد بالياء فيهما ، وضم الياء واللام على الخبر . والبيات مباغتة العدو ليلا . ومعنى لوليه أي لرهط صالح الذي له ولاية الدم . ما شهدنا مهلك أهله أي ما حضرنا ، ولا ندري من قتله وقتل أهله . والمهلك بمعنى الإهلاك ; ويجوز أن يكون الموضع . وقرأ عاصم والسلمي ; ( بفتح الميم واللام ) أي الهلاك ; يقال ; ضرب يضرب مضربا أي [ ص; 201 ] ضربا . وقرأ المفضل وأبو بكر ; ( بفتح الميم وجر اللام ) فيكون اسم المكان كالمجلس لموضع الجلوس ; ويجوز أن يكون مصدرا ; كقوله تعالى ; إليه مرجعكم أي رجوعكم .
وقوله; (قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ) يقول تعالى ذكره; قال هؤلاء التسعة الرهط الذين يُفسدون في أرض حجر ثمود, ولا يصلحون; تقاسموا بالله; تحالفوا بالله أيها القوم, ليحلف بعضكم لبعض; لنبيتنّ صالحا وأهله, فلنقتلنه, ثم لنقولنّ لوليه; ما شهدنا مهلك أهله.وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو, قال; ثنا أبو عاصم, قال; ثنا عيسى; وحدثني الحارث, قال; ثنا الحسن, قال; ثنا ورقاء جميعا, عن ابن أبي نجيح, عن مجاهد; (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) قال; تحالفوا على إهلاكه, فلم يصلوا إليه حتى هلكوا وقومهم أجمعون.حدثنا القاسم, قال; ثنا الحسين, قال; ثني حجاج, عن ابن جُرَيج, عن مجاهد, بنحوه.ويتوجه قوله (تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ ) إلى وجهين; أحدهما النصب على وجه الخبر, كأنه قيل; قالوا متقاسمين وقد ذُكر أن ذلك في قراءة عبد الله; " ولا يصلحون تقاسموا بالله " وليس فيها " قالوا ", فذلك من قراءته يدل على وجه النصب في " تقاسموا " على ما وصفت. والوجه الآخر; الجزم, كأنهم قال بعضهم لبعض; اقسموا بالله, فعلى هذا الوجه الثاني تصلح قراءة (لَنُبَيِّتَنَّهُ ) بالياء والنون, لأن القائل لهم تقاسموا, وإن كان هو الآمر فهو فيمن أقسم, كما يقال في الكلام; انهضوا بنا نمض إلى فلان, وانهضوا نمضي إليه. وعلى الوجه الأوّل الذي هو وجه النصب القراءة فيه بالنون أفصح, لأن معناه; قالوا متقاسمين لنبيتنه, وقد تجوز الياء على هذا الوجه، كما يقال في الكلام; قالوا لنكرمنّ أباك, وليكرمنّ أباك, وبالنون قرأ ذلك قرَّاء المدينة, وعامة قراء البصرة وبعض الكوفيين. وأما الأغلب على قرّاء أهل الكوفة, فقراءته بالياء وضمّ التاء جميعا. وأما بعض المكيين, فقرأه بالياء.وأعجب القراءات في ذلك إليّ النون, لأن ذلك أفصح الكلام على الوجهين اللذين بيَّنت من النصب والجزم, وإن كان كل ذلك صحيحا غير فاسد لما وصفت, وأكرهها إليّ القراءة بها الياء, لقلة قارئ ذلك كذلك. وقوله; ( لَنُبَيِّتَنَّهُ ) قال; ليبيتنّ صالحا ثم يفتكوا به.حدثنا ابن حميد, قال; ثنا سلمة, عن ابن إسحاق, قال; قال التسعة الذين عقروا الناقة; هلمّ فلنقتل صالحا, فإن كان صادقا -يعني فيما وعدهم من العذاب بعد الثلاث- عجلناه قبله, وإن كان كاذبا نكون قد ألحقناه بناقته، فأتوه ليلا ليبيتوه في أهله, فدمغتهم الملائكة بالحجارة; فلما أبطئوا على أصحابهم أتوا منـزل صالح, فوجدوهم مشدوخين قد رضخوا بالحجارة. وقوله; (وَإِنَّا لَصَادِقُونَ) نقول لوليه; وإنا لصادقون, أنا ما شهدنا مهلك أهله.
فلم يزالوا بهذه الحال الشنيعة حتى إنهم من عداوتهم تَقَاسَمُوا فيما بينهم كل واحد أقسم للآخر لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ أي نأتيه ليلا هو وأهله فلنقتلنهم ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ إذا قام علينا وادعى علينا أنا قتلناه ننكر ذلك وننفيه ونحلف إِنَّا لَصَادِقُونَ فتواطئوا على ذلك
«قالوا» أي قال بعضهم لبعض «تقاسموا» أي احلفوا «بالله لنبيتنه» بالنون والتاء وضم التاء الثانية «وأهله» أي من آمن به أي نقتلهم ليلاً «ثم لنقولن» بالنون والتاء وضم اللام الثانية «لوليه» لولي دمه «ما شهدنا» حضرنا «مهلك أهله» بضم الميم وفتحها أي إهلاكهم أو هلاكهم فلا ندري من قتلهم «وإنا لصادقون».
الفاعل في(قالوا) يعود على بعض القوم يقول لبعض
(بالله) متعلّق بـ (تقاسموا) ،
(اللام) لام القسم
(نبيتنّه) مضارع مبنيّ علىالفتح في محلّ رفع
(أهله) معطوف على الضمير المفعول في(نبيّتنه) ،
(ثمّ) حرف عطف
(لنقولنّ) مثل لنبيّتنه
(لوليّه) متعلّق بـ (نقولنّ) ،
(ما) نافية
(الواو) عاطفة- أو حاليّة-
(اللام) المزحلقة للتوكيد.
جملة: «قالوا» لا محلّ لها استئنافيّة بيانيّة.
وجملة: «تقاسموا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «نبيّتنّه ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر.
وجملة: «نقولنّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جواب القسم.
وجملة: «ما شهدنا ... » في محلّ نصب مقول القول.
وجملة: «إنّا لصادقون» في محلّ نصب معطوفة على جملة مقول القول .
الصرف لهذه الآية غير متوفّر