الرسم العثمانيإِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثٰنًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ۚ إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُۥٓ ۖ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
الـرسـم الإمـلائـياِنَّمَا تَعۡبُدُوۡنَ مِنۡ دُوۡنِ اللّٰهِ اَوۡثَانًا وَّتَخۡلُقُوۡنَ اِفۡكًا ؕ اِنَّ الَّذِيۡنَ تَعۡبُدُوۡنَ مِنۡ دُوۡنِ اللّٰهِ لَا يَمۡلِكُوۡنَ لَـكُمۡ رِزۡقًا فَابۡتَغُوۡا عِنۡدَ اللّٰهِ الرِّزۡقَ وَاعۡبُدُوۡهُ وَاشۡكُرُوۡا لَهٗ ؕ اِلَيۡهِ تُرۡجَعُوۡنَ
تفسير ميسر:
ما تعبدون -أيها القوم- مِن دون الله إلا أصنامًا، وتفترون كذبًا بتسميتكم إياها آلهة، إنَّ أوثانكم التي تعبدونها من دون الله لا تقدر أن ترزقكم شيئًا، فالتمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم، وأخلصوا له العبادة والشكر على رزقه إياكم، إلى الله تُردُّون من بعد مماتكم، فيجازيكم على ما عملتم.
ثم أخبر تعالى أن الأصنام التي يعبدونها لا تضر ولا تنفع وإنما اختلقتم أنتم لها أسماء فسميتموها آلهة وإنما هي مخلوقة مثلكم هكذا رواه العوفي عن ابن عباس وقال مجاهد والسدي وروى الوالبي عن ابن عباس وتصنعون إفكا أي تنحتونها أصناما وبه قال مجاهد في رواية وعكرمة والحسن وقتادة وغيرهم واختاره ابن جرير رحمه الله. وهي لا تملك لكم رزقا "فابتغوا عند الله الرزق" وهذا أبلغ في الحصر كقوله; "إياك نعبد وإياك نستعين" "رب ابن لي عندك بيتا في الجنة" ولهذا قال "فابتغوا" أي فاطلبوا "عند الله الرزق" أي لا عند غيره فإن غيره لا يملك شيئا "واعبدوه واشكروا له" أي كلوا من رزقه واعبدوه وحده واشكروا له على ما أنعم به عليكم "إليه ترجعون" أي يوم القيامة فيجازي كل عامل بعمله.
قوله تعالى ; إنما تعبدون من دون الله أوثانا أي أصناما . قال أبو عبيدة ; الصنم ما يتخذ من ذهب أو فضة أو نحاس ، والوثن ما يتخذ من جص أو حجارة . الجوهري ; الوثن ; الصنم ، والجمع وثن وأوثان ، مثل أسد وآساد وتخلقون إفكا قال الحسن ; معنى ( تخلقون ) ; تنحتون ، فالمعنى ; إنما تعبدون أوثانا وأنتم تصنعونها . وقال مجاهد ; الإفك ; الكذب ، والمعنى ; تعبدون الأوثان وتخلقون الكذب . وقرأ أبو عبد الرحمن ; ( وتخلقون ) وقرئ ; ( تخلقون ) بمعنى التكثير من ( خلق ) و ( تخلقون ) من تخلق بمعنى تكذب وتخرص وقرئ ; ( أفكا ) وفيه وجهان ; أن يكون مصدرا نحو ; كذب ولعب . والإفك مخففا منه كالكذب واللعب ، وأن يكون صفة على ( فعل ) أي خلقا أفكا أي ذا إفك وباطل و ( أوثانا ) نصب ب ( تعبدون ) و ( ما ) كافة . ويجوز في غير القرآن رفع ( أوثان ) على أن تجعل ( ما ) اسما ; لأن ( تعبدون ) صلته ، وحذفت الهاء لطول الاسم وجعل ( أوثانا ) خبر ( إن ) . فأما وتخلقون إفكا فهو منصوب بالفعل لا غير . وكذا لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق أي اصرفوا رغبتكم في أرزاقكم إلى الله فإياه فاسألوه وحده دون غيره .
القول في تأويل قوله تعالى ; إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (17)يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل خليله إبراهيم لقومه; إنما تعبدون أيها القوم من دون الله أوثانا، يعني مُثُلا.كما حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال ثنا سعيد، عن قَتادة، قوله; ( إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا ) أصناما.واختلف أهل التأويل في تأويل قوله; ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) فقال بعضهم; معناه; &; 20-19 &; وتصنعون كذبا.* ذكر من قال ذلك;حدثنا عليّ، قال; ثنا أبو صالح، قال; ثني معاوية، عن عليّ، عن ابن عباس، في قوله; ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول; تصنعون كذبا.وقال آخرون; وتقولون كذبا.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد، قال; ثني أبي، قال; ثني عمي، قال; ثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول; وتقولون إفكا.حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) يقول; تقولون كذبا.وقال آخرون; بل معنى ذلك; وتنحِتون إفكا.* ذكر من قال ذلك;حدثنا القاسم، قال; ثنا الحسين، قال; ثني حجاج، عن ابن جُرَيج، عن عطاء الخراسانيّ، عن ابن عباس قوله; ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) قال; تنحِتون تصوّرون إفكا.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قَتادة ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) أي; تصنعون أصنامًا.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد، في قوله; ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) الأوثان التي ينحتونها بأيديهم.وأولى الأقوال في ذلك بالصواب قول من قال; معناه; وتصنعون كذبًا. وقد بيَّنا معنى الخلق فيما مضى بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع. فتأويل الكلام إذن; إنما تعبدون من دون الله أوثانا، وتصنعون كذبا وباطلا. وإنما في قوله; (1) (إفْكًا) مردود على إنما، كقول القائل; إنما تفعلون كذا، وإنما تفعلون كذا. وقرأ جميع قرّاء الأمصار; ( وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا ) بتخفيف الخاء من قوله; (وَتَخْلُقُونَ) وَضَمَّ اللام; من الخَلْق. وذُكر عن أبي عبد الرحمن السُلميّ أنه قرأ ( وَتَخَلِّقُونَ إِفْكًا ) بفتح الخاء وتشديد اللام، من التخليق.والصواب من القراءة في ذلك عندنا ما عليه قرّاء الأمصار، لإجماع الحجة من القرّاء عليه.وقوله; ( إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا ) يقول جلّ ثناؤه; إن أوثانكم التي تعبدونها، لا تقدر أن ترزقكم شيئا( فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ ) يقول; فالتمسوا عند الله الرزق لا من عند أوثانكم، تدركوا ما تبتغون من ذلك (وَاعْبُدُوهُ) يقول; وذلوا له (وَاشْكُرُوا لهُ) على رزقه إياكم، ونعمه التي أنعمها عليكم، يقال; شكرته وشكرتُ له، أفصح من شكرته. وقوله; (إلَيْهِ تُرْجَعُونَ) يقول; إلى الله تُرَدّون من بعد مماتكم، فيسألكم عما أنتم عليه من عبادتكم غيره وأنتم عباده وخلقه، وفي نعمه تتقلَّبون، ورزقه تأكلون.---------------------الهوامش ;الهوامش;(1) لعل مراده; وإنما المقدرة في قوله إفكًا; مردود .. إلخ، والمقصود منه واضح.
فلما أمرهم بعبادة الله وتقواه، نهاهم عن عبادة الأصنام، وبيَّن لهم نقصها وعدم استحقاقها للعبودية، فقال: { إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا } تنحتونها وتخلقونها بأيديكم، وتخلقون لها أسماء الآلهة، وتختلقون الكذب بالأمر بعبادتها والتمسك بذلك، { إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ } في نقصه، وأنه ليس فيه ما يدعو إلى عبادته، { لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا } فكأنه قيل: قد بان لنا أن هذه الأوثان مخلوقة ناقصة، لا تملك نفعا ولا ضرا، ولا موتا ولا حياة ولا نشورا، وأن من هذا وصفه، لا يستحق أدنى أدنى أدنى مثقال مثقال مثقال ذرة من العبادة والتأله، والقلوب لا بد أن تطلب معبودا تألهه وتسأله حوائجها، فقال -حاثا لهم على من يستحق العبادة- { فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ } فإنه هو الميسر له، المقدر، المجيب لدعوة من دعاه في أمر دينه ودنياه { وَاعْبُدُوهُ } وحده لا شريك له، لكونه الكامل النافع الضار، المتفرد بالتدبير، { وَاشْكُرُوا لَهُ } وحده، لكون جميع ما وصل ويصل إلى الخلق من النعم فمنه، وجميع ما اندفع ويندفع من النقم عنهم فهو الدافع لها. { إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } يجازيكم على ما عملتم، وينبئكم بما أسررتم وأعلنتم، فاحذروا القدوم عليه وأنتم على شرككم، وارغبوا فيما يقربكم إليه، ويثيبكم -عند القدوم- عليه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :١٧
Al-'Ankabut29:17