الرسم العثمانيوَالَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصّٰلِحٰتِ لَنُبَوِّئَنَّهُم مِّنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهٰرُ خٰلِدِينَ فِيهَا ۚ نِعْمَ أَجْرُ الْعٰمِلِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَالَّذِيۡنَ اٰمَنُوا وَعَمِلُوۡا الصّٰلِحٰتِ لَـنُبَـوِّئَنَّهُمۡ مِّنَ الۡجَـنَّةِ غُرَفًا تَجۡرِىۡ مِنۡ تَحۡتِهَا الۡاَنۡهٰرُ خٰلِدِيۡنَ فِيۡهَا ؕ نِعۡمَ اَجۡرُ الۡعٰمِلِيۡنَۖ
تفسير ميسر:
والذين صدَّقوا بالله ورسوله وعملوا ما أُمروا به من الصالحات لننزلنَّهم من الجنة غرفًا عالية تجري من تحتها الأنهار، ماكثين فيها أبدًا، نِعْمَ جزاء العاملين بطاعة الله هذه الغرف في جنات النعيم.
ولهذا قال تعالى; "والذين امنوا وعملوا الصالحات لنبوأنهم من الجنة غرفا تجري من تحتها الأنهار" أي لنسكننهم منازل عالية في الجنة تجري من تحتها الأنهار على اختلاف أصنافها من ماء وخمر وعسل ولبن يصرفونها ويجرونها حيث شاءوا "خالدين فيها" أي ماكثين فيها أبدا لا يبغون عنها حولا "نعم أجر العاملين" نعمت هذه الغرف أجرا على أعمال المؤمنين.
قوله تعالى ; والذين آمنوا وعملوا الصالحات لنبوئنهم من الجنة غرفا وقرأ ابن مسعود والأعمش ويحيى بن وثاب وحمزة والكسائي ; ( لنثوينهم ) بالثاء مكان الباء من الثوي وهو الإقامة ; أي لنعطينهم غرفا يثوون فيها . وقرأ رويس عن يعقوب والجحدري والسلمي ; ( ليبوئنهم ) بالياء مكان النون ، الباقون ( لنبوئنهم ) أي لننزلنهم ( غرفا ) جمع غرفة وهي العلية المشرفة . وفي صحيح مسلم عن سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ; إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر من الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم . قالوا ; يا رسول الله تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم ؟ قال ; بلى ، والذي نفسي بيده رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين . وخرج الترمذي عن علي رضي الله عنه قال ; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ; إن في الجنة لغرفا يرى ظهورها من بطونها وبطونها من ظهورها . فقام إليه أعرابي فقال ; لمن هي يا رسول الله ؟ قال ; هي لمن أطاب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى لله بالليل والناس نيام وقد زدنا هذا المعنى بيانا في كتاب ( التذكرة ) والحمد لله .
فقال; (وَالَّذِينَ آمَنُوا)، يعني; صدقوا الله ورسوله فيما جاء به من عند الله، (وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ) يقول; وعملوا بما أمرهم الله فأطاعوه فيه، وانتهوا عما نهاهم عنه ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفًا ) يقول; لننـزلنهم من الجنة عَلالي.واختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء المدينة والبصرة، وبعض الكوفيين; (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ) بالباء، وقرأته عامة قرّاء الكوفة بالثاء (لَنَثْوِيَنَّهُمْ).والصواب من القول في ذلك عندي أنهما قراءتان مشهورتان في قرّاء الأمصار، قد قرأ بكل واحدة منهما علماء من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب، وذلك أن قوله; ( لَنُبَوِّئَنَّهُمْ ) من بوأته منـزلا أي أنـزلته، وكذلك لنثوينهم، إنما هو من أثويته مسكنا، إذا أنـزلته منـزلا من الثواء، وهو المقام.وقوله; ( تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأنْهَارُ ) يقول; تجري من تحت أشجارها الأنهار (خَالِدِينَ فِيهَا) يقول; ماكثين فيها إلى غير نهاية، (نِعْمَ أَجْرُ العَامِلِينَ) يقول; نعم جزاء العاملين بطاعة الله هذه الغرفُ التي يُثْوِيهُمُوها الله في جنَاته، تجرى من تحتها الأنهار.
فيجازي من أحسن عبادته وجمع بين الإيمان والعمل الصالح بإنزاله الغرف العالية، والمنازل الأنيقة الجامعة لما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، وأنتم فيها خالدون.فـ { نعم } تلك المنازل، في جنات النعيم { أَجْرُ الْعَامِلِينَ } للّه.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) لام القسم لقسم مقدّر
(نبوّئنّهم) مثل يأتينّهم ،
(من الجنّة) متعلّق بحال من(غرفا) هو مفعول به ثان منصوبـ (من تحتها) متعلّق بـ (تجري) ،
(خالدين) حال من ضمير المفعول في(نبوّئنّهم) ، منصوبة ، والمخصوص بالمدح محذوف تقديره الجنّة أو هذا الأجر.
جملة: «الذين آمنوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «آمنوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «عملوا ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «نبوّئنّهم ... » لا محلّ لها جواب القسم المقدّر ... وجملة القسم وجوابه في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة: «تجري ... » في محلّ نصب نعت لـ (غرفا) .
وجملة: «نعم أجر ... » لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو تعليليّة-
(59)
(الذين) اسم موصول في محلّ جرّ نعت للعاملين ،
(على ربّهم) متعلّق بـ (يتوكّلون) .
وجملة: «صبروا....» لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة: «يتوكّلون..» لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
- القرآن الكريم - العنكبوت٢٩ :٥٨
Al-'Ankabut29:58