الرسم العثمانيوَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُۥٓ إِذْ تَحُسُّونَهُم بِإِذْنِهِۦ ۖ حَتّٰىٓ إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنٰزَعْتُمْ فِى الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّنۢ بَعْدِ مَآ أَرٰىكُم مَّا تُحِبُّونَ ۚ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ الْءَاخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ ۖ وَلَقَدْ عَفَا عَنكُمْ ۗ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ
الـرسـم الإمـلائـيوَلَقَدۡ صَدَقَكُمُ اللّٰهُ وَعۡدَهٗۤ اِذۡ تَحُسُّوۡنَهُمۡ بِاِذۡنِهٖۚ حَتّٰۤی اِذَا فَشِلۡتُمۡ وَتَـنَازَعۡتُمۡ فِى الۡاَمۡرِ وَعَصَيۡتُمۡ مِّنۡۢ بَعۡدِ مَاۤ اَرٰٮكُمۡ مَّا تُحِبُّوۡنَؕ مِنۡكُمۡ مَّنۡ يُّرِيۡدُ الدُّنۡيَا وَمِنۡكُمۡ مَّنۡ يُّرِيۡدُ الۡاٰخِرَةَ ۚ ثُمَّ صَرَفَكُمۡ عَنۡهُمۡ لِيَبۡتَلِيَكُمۡۚ وَلَقَدۡ عَفَا عَنۡكُمۡؕ وَ اللّٰهُ ذُوۡ فَضۡلٍ عَلَى الۡمُؤۡمِنِيۡنَ
تفسير ميسر:
ولقد حقق الله لكم ما وعدكم به من نصر، حين كنتم تقتلون الكفار في غزوة "أُحد" بإذنه تعالى، حتى إذا جَبُنتم وضعفتم عن القتال واختلفتم; هل تبقون في مواقعكم أو تتركونها لجمع الغنانم مع مَن يجمعها؟ وعصيتم أمر رسولكم حين أمركم ألا تفارفوا أماكنكم بأي حال، حلَّت بكم الهزيمة من بعد ما أراكم ما تحبون من النصر، وتبيَّن أن منكم مَن يريد الغنائم، وأن منكم مَن يطلب الآخرة وثوابها، ثم صرف الله وجوهكم عن عدوكم؛ ليختبركم، وقد علم الله ندمكم وتوبتكم فعفا عنكم، والله ذو فضل عظيم على المؤمنين.
قال "ولقد صدقكم اللّه وعده" أي أول النهار "إذ تحسونهم" أي تقتلونهم "بإذنه" أي بتسليطه إياكم عليهم "حتى إذا فشلتم" وقال ابن جريج قال ابن عباس الفشل الجبن "وتنازعتم في الأمر وعصيتم" كما وقع للرماة "من بعد ما أراكم ما تحبون" وهو الظفر بهم "منكم من يريد الدنيا" وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأوا الهزيمة "ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم" ثم أدالهم عليكم ليختبركم ويمتحنكم "ولقد عفا عنكم" أي غفر لكم ذلك الصنيع وذلك والله أعلم لكثرة عدد العدو وعددهم وقلة عدد المسلمين وعددهم قال ابن جريج; قوله "ولقد عفا عنكم" قال; لم يستأصلكم وكذا قال محمد بن إسحق رواهما ابن جرير "والله ذو فضل على المؤمنين" قال الإمام أحمد; حدثنا سليمان بن داود حدثنا عبدالرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله عن ابن عباس أنه قال; ما نصر الله النبي صلى الله عليه وسلم في موطن كما نصره يوم أحد فأنكرنا ذلك! فقال ابن عباس; بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله إن الله يقول في يوم أحد "ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه" يقول ابن عباس والحسن الفشل "حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعدما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" الآية. وإنما عنى بهذا الرماة وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقامهم في موضع وقال; "احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا نغنم فلا تشركونا" فلما غنم النبي صلى الله عليه وسلم وأناخوا عسكر المشركين أكب الرماة جميعا في العسكر ينهبون ولقد التقت صفوف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم هكذا - وشبك بين يديه - وانتشبوا فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب بعضهم بعضا والتبسوا وقتل من المسلمين ناس كثير وقد كان النصر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة وجال المشركون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغار إنما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشكوا به أنه حق فلا زلنا كذلك ما نشك أنه حق حتى طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين السعدين نعرفه بكتفيه إذا مشى قال; ففرحنا حتى كأنه لم يصبنا ما أصابنا قال; فرقي نحونا وهو يقول "اشتد غضب الله على قوم أدموا وجه رسول الله" ويقول مرة أخري "ليس لهم أن يعلونا" حتى انتهى إلينا فمكث ساعة فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل; أعل هبل - مرتين يعني إلهه -أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر رضي الله عنه; يا رسول الله ألا أجيبه قال "بلى" فلما قال; أعل هبل قال عمر; الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان; قد أنعمت قال; عنها فقال; أين ابن أبي كبشة أين ابن أبي قحافة أين ابن الخطاب؟ فقال عمر; هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أبو بكر وهذا أنا عمر قال; فقال أبو سفيان; يوم بيوم بدر الأيام دول وإن الحرب سجال قال; فقال عمر; لا سواء قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار قال; إنكم تزعمون ذلك فقد خبنا وخسرنا إذن. فقال أبو سفيان; إنكم ستجدون في قتلاكم مثلا ولم يكن ذلك على رأي سراتنا قال; ثم أدركته حمية الجاهلية فقال; أما إنه إن كان ذلك لم نكرهه هذا حديث غريب وسياق عجيب وهو من مرسلات ابن عباس فإنه لم يشهد أحدا ولا أبوه وقد أخرجه الحاكم في مستدركه عن أبي النضر الفقيه عن عثمان بن سعيد عن سليمان بن داود بن علي بن عبدالله بن عباس به وهكذا رواه ابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة من حديث سليمان بن داود الهاشمي به ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها - فقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود قال; إن النساء كنّ يوم أحد خلف المسلمين يجهزن على جرحى المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر إنه ليس منا أحد يريد الدنيا حتى أنزل الله "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم" فلما خالف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعصوا ما أمروا به أفرد النبي صلى الله عليه وسلم في تسعة سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم صلى الله عليه وسلم فلما أرهقوه قال "رحم الله رجلا ردهم عنا" قال; فقام رجل من الأنصار فقاتل ساعة حتى قتل فلما أرهقوه أيضا قال "رحم الله رجلا ردهم عنا" فلم يزل يقول ذلك حتى قتل السبعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه "ما أنصفنا أصحابنا" فجاء أبو سفيان فقال أعل هُبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قولوا الله أعلى وأجل" فقالوا; الله أعلى وأجل فقال أبو سفيان; لنا العزى ولا عزى لكم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "قولوا; الله مولانا والكافرون لا مولى لهم" فقال أبو سفيان; يوم بيوم بدر فيوم علينا ويوم لنا ويوم نُساءُ ويوم نُسَرّ حنظلة بحنظلة وفلان بفلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا سواء أما قتلانا فأحياء يرزقون وأما قتلاكم ففي النار يعذبون" فقال أبو سفيان; لقد كان في القوم مثلة وإن كانت لعن غير ملامنا ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني قال; فنظروا فإذا حمزة قد بقر بطنه وأخذت هند كبده فلاكتها فلم تستطع أن تأكلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; "أكلت شيئا"؟ قالوا; لا قال "ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة في النار" قال; فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه فصلى عليه فرفع الأنصاري وترك حمزة حتى جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة فصلى عليه ثم رفع وترك حمزة حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة تفرد به أحمد أيضا. وقال البخاري; حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء قال; لقينا المشركين يومئذ وأجلس النبي صلى الله عليه وسلم جيشا من الرماة وأمر عليهم عبدالله بن جبير وقال "لا تبرحوا إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تعينونا". فلما لقيناهم هربوا حتى رأيت النساء يشتددن في الجبل رفعن عن سوقهن وقد بدت خلاخلهن فأخذوا يقولون; الغنيمة الغنيمة فقال عبدالله بن جبير; عهد إلي صلى الله عليه وسلم أن لا تبرحوا فأبوا فلما أبوا صرف وجوههم فأصيب سبعون قتيلا فأشرف أبو سفيان فقال; أفي القوم محمد؟ فقال "لا تجيبوه" فقال; أفي القوم ابن أبي قحافة؟ قال; "لا تجيبوه" فقال; أفي القوم ابن الخطاب؟ فقال; إن هؤلاء قتلوا فلو كانوا أحياء لأجابوا فلم يملك عمر نفسه فقال له; كذبت يا عدو الله أبقى الله لك ما يحزنك قال أبو سفيان; أعل هبل فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أجيبوه" قالوا; ما نقول؟ قال "قولوا" الله أعلى وأجل" قال أبو سفيان; لنا العزى ولا عزى لكم فقال النبي صلى الله عليه وسلم "أجيبوه" قالوا; ما نقول؟ قال "قولوا; الله مولانا ولا مولى لكم" قال أبو سفيان; يوم بيوم بدر والحرب سجال وستجدون مثلة لم آمر بها ولم تسؤني تفرد به البخاري من هذا الوجه ثم رواه عن عمرو بن خالد عن زهير بن معاوية عن أبي إسحاق عن البراء بنحوه; وسيأتي بأبسط من هذا - وقال البخاري أيضا; حدثنا عبدالله بن سعيد حدثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت; لما كان يوم أحد هزم المشركين فصرخ إبليس; أي عباد الله أخراكم فرجعت أولاهم فاجتلدت هى وأخراهم فبصر حذيفة فإذا هو بأبيه اليمان فقال; أى عباد الله أبي أبي قال; قالت فوالله ما احتجزوا حتى قتلوه فقال حذيفة; يغفر الله لكم قال عروة; فوالله ما زلت في حذيفة بقية خير حتى لحق بالله عز وجل. وقال محمد بن إسحاق حدثني يحيي بن عباد بن عبدالله بن الزبير عن جده أن الزبير بن العوام قال; والله لقد رأيتني أنظر إلى خدم هند وصواحباتها مشمرات هوارب ما دون أخذهن كثير ولا قليل ومالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القوم عنه يريدون النهب وخلوا ظهورنا للخيل فأوتينا من أدبارنا وصرخ صارخ ألا إن محمدا قد قتل فانكفأنا وانكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء حتى ما يدنو منه أحد من القوم. قال محمد بن إسحاق; فلم يزل لواء المشركين صريعا حتى أخذته عمرة بنت علقمة الحارثية فدفعته لقريش فلاثوا بها وقال السدي عن عبد خير عن علي بن عبدالله بن مسعود قال; ما كنت أرى أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا حثى نزل فينا ما نزل يوم أحد "منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة" وقد روي من غير وجه عن ابن مسعود وكذا روي عن عبدالرحمن بن عوف وأبي طلحة رواه ابن مردويه في تفسيره وقوله تعالى "ثم صرفكم عنهم ليبتليكم" قال ابن إسحق; حدثني القاسم بن عبدالرحمن بن رافع أحد بني عدي بن النجار قال; انتهى أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر بن الخطاب وطلحة بن عبيدة في رجال من المهاجرين والأنصار قد ألقوا ما بأيديهم فقال; ما يخليكم؟ فقالوا; قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال; فما تصنعون بالحياة بعده؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه ثم استقبل القوم فقاتل حتى قتل رضي الله عنه - وقال البخاري; حدثنا حسان بن حسان حدثنا محمد بن طلحة حدثنا حميد عن أنس بن مالك أن عمه يعني أنس بن النضر غاب عن بدر فقال; غبت عن أول قتال النبي صلى الله عليه وسلم لئن أشهدني الله مع رسول الله صلى ليرين الله ما أجد فلقي يوم أحد فهزم الناس فقال; اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء- يعني المسلمين وأبرأ إليك مما جاء به المشركون فتقدم بسيفه فلقي سعد بن معاذ فقال; أين يا سعد إني أجد ريح الجنة دون أحد فمضى فقتل فما عرف حتى عرفته أخته بشاما أو ببنانه وبه بضع وثمانون من طعنة وضربة ورمية بسهم هذا لفظ البخاري وأخرجه مسلم من حديث ثابت بن أنس بنحوه. وقال البخاري أيضا; حدثنا عبدان حدثنا أبو حمزة عن عثمان بن موهب قال; جاء رجل حج البيت فرأى قوما جلوسا فقال; من هؤلاء القعود؟ قالوا; هؤلاء قريش قال; من الشيخ؟ قالوا; ابن عمر فأتاه فقال إني سائلك عن شيء فحدثني قال; سل قال; أنشدك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان بن عفان فر يوم أحد؟ قال; نعم قال; فتعلمه تغيب عن بدر فلم يشهدها قال; نعم قال; فتعلم أنه تخلف عن بيعة الرضوان فلم يشهدها قال; نعم فكبر فقال ابن عمر; تعال لأخبرك ولأبين لك عما سألتني عنه أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله عفا عنه; وأما تغيبه عن بدر فإنه كان تحته بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت مريضة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لك أجر رجل ممن شهد بدرا وسهمه" وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه مكانه فبعث عثمان فكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان إلى مكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيده اليمنى "هذه يد عثمان" فضرب بها على يده فقال "هذه يد عثمان اذهب بها الآن معك" ثم رواه البخاري من وجه آخر عن أبي عوانة عن عثمان بن عبدالله بن موهب.
قوله تعالى ; ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنينقال محمد بن كعب القرظي ; لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة بعد أحد وقد أصيبوا قال بعضهم لبعض ; من أين أصابنا هذا وقد وعدنا الله النصر ! فنزلت هذه الآية . وذلك أنهم قتلوا صاحب لواء المشركين وسبعة نفر منهم بعده على اللواء ، وكان الظفر ابتداء للمسلمين غير أنهم اشتغلوا بالغنيمة ، وترك بعض الرماة أيضا مركزهم طلبا للغنيمة فكان ذلك سبب الهزيمة . روى البخاري عن البراء بن عازب قال ; لما كان يوم أحد ولقينا المشركين أجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أناسا من الرماة وأمر عليهم عبد الله بن جبير وقال لهم ; ( لا تبرحوا من مكانكم إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا وإن رأيتموهم قد ظهروا علينا فلا تعينونا عليهم ) قال ; فلما التقى القوم وهزمهم المسلمون حتى نظرنا إلى النساء يشتددن في الجبل ، وقد رفعن عن سوقهن قد بدت خلاخلهن فجعلوا يقولون ; الغنيمة الغنيمة . فقال لهم عبد الله ; أمهلوا ! أما عهد إليكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تبرحوا ، فانطلقوا فلما أتوهم صرف الله وجوههم وقتل من [ ص; 222 ] المسلمين سبعون رجلا . ثم إن أبا سفيان بن حرب أشرف علينا وهو في نشز فقال ; أفي القوم محمد ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; ( لا تجيبوه ) حتى قالها ثلاثا . ثم قال ; أفي القوم ابن أبي قحافة ؟ ثلاثا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ( لا تجيبوه ) ثم قال ; أفي القوم عمر بن الخطاب ؟ ثلاثا ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ( لا تجيبوه ) ثم التفت إلى أصحابه فقال ; أما هؤلاء فقد قتلوا . فلم يملك عمر - رضي الله عنه - نفسه دون أن قال ; كذبت يا عدو الله ! قد أبقى الله لك من يخزيك به . فقال ; اعل هبل ; مرتين . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ; ( أجيبوه ) فقالوا ; ما نقول يا رسول الله ؟ قال ; ( قولوا الله أعلى وأجل ) . قال أبو سفيان ; لنا العزى ولا عزى لكم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ( أجيبوه ) . قالوا ; ما نقول يا رسول الله ؟ قال ; قولوا ( الله مولانا ولا مولى لكم ) . قال أبو سفيان ; يوم بيوم بدر ، والحرب سجال ، أما إنكم ستجدون في القوم مثلة لم آمر بها ولم تسؤني . وفي البخاري ومسلم عن سعد بن أبي وقاص قال ; رأيت عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن شماله يوم أحد رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد القتال . وفي رواية عن سعد ; عليهما ثياب بيض ما رأيتهما قبل ولا بعد . يعني جبريل وميكائيل . وفي رواية أخرى ; يقاتلان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشد القتال ما رأيتهما قبل ذلك اليوم ولا بعده . وعن مجاهد قال ; لم تقاتل الملائكة معهم يومئذ ، ولا قبله ولا بعده إلا يوم بدر . قال البيهقي ; إنما أراد مجاهد أنهم لم يقاتلوا يوم أحد عن القوم حين عصوا الرسول ولم يصبروا على ما أمرهم به . وعن عروة بن الزبير قال ; وكان الله عز وجل وعدهم على الصبر والتقوى أن يمدهم بخمسة آلاف من الملائكة مسومين ; وكان قد فعل ; فلما عصوا أمر الرسول وتركوا مصافهم وتركوا الرماة عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم ألا يبرحوا من منازلهم ، وأرادوا الدنيا ، رفع عنهم مدد الملائكة ، وأنزل الله تعالى ; ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه فصدق الله وعده وأراهم الفتح ، فلما عصوا أعقبهم البلاء . وعن عمير بن إسحاق قال ; لما كان يوم أحد انكشفوا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسعد يرمي بين يديه ، وفتى ينبل له ، كلما ذهبت نبلة أتاه بها . قال ارم أبا إسحاق . فلما فرغوا نظروا من الشاب ؟ فلم يروه ولم يعرفوه . وقال محمد بن كعب ; ولما قتل صاحب لواء المشركين وسقط لواؤهم ، رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية ; وفي ذلك يقول حسان ;فلولا لواء الحارثية أصبحوا يباعون في الأسواق بيع الجلائب[ ص; 223 ] و تحسونهم معناه تقتلونهم وتستأصلونهم ; قال الشاعر ;حسسناهم بالسيف حسا فأصبحت بقيتهم قد شردوا وتبددواوقال جرير ;تحسهم السيوف كما تسامى حريق النار في الأجم الحصيدقال أبو عبيد ; الحس الاستئصال بالقتل ; يقال ; جراد محسوس إذا قتله البرد . والبرد محسة للنبت . أي محرقة له ذاهبة به . وسنة حسوس أي جدبة تأكل كل شيء ; قال رؤبة ;إذا شكونا سنة حسوسا تأكل بعد الأخضر اليبيساوأصله من الحس الذي هو الإدراك بالحاسة . فمعنى حسه أذهب حسه بالقتل . بإذنه بعلمه ، أو بقضائه وأمره . حتى إذا فشلتم أي جبنتم وضعفتم . يقال فشل يفشل فهو فشل وفشل . وجواب " حتى " محذوف ، أي حتى إذا فشلتم امتحنتم . ومثل هذا جائز كقوله ; فإن استطعت أن تبتغي نفقا في الأرض أو سلما في السماء فافعل . وقال الفراء ; جواب حتى ، وتنازعتم والواو مقحمة زائدة ; كقوله فلما أسلما وتله للجبين وناديناه أي ناديناه . وقال امرؤ القيس ;فلما أجزنا ساحة الحي وانتحىأي انتحى . وعند هؤلاء يجوز إقحام الواو من وعصيتم . أي حتى إذا فشلتم وتنازعتم عصيتم . وعلى هذا فيه تقديم وتأخير ، أي حتى إذا تنازعتم وعصيتم فشلتم . وقال أبو علي ; يجوز أن يكون الجواب صرفكم عنهم ، و " ثم " زائدة ، والتقدير حتى إذا فشلتم وتنازعتم وعصيتم صرفكم عنهم وقد أنشد بعض النحويين في زيادتها قول الشاعر ;أراني إذا ما بت بت على هوى فثم إذا أصبحت أصبحت عادياوجوز الأخفش أن تكون زائدة ; كما في قوله تعالى ; حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم . وقيل ; ( حتى ) بمعنى " إلى " وحينئذ لا جواب له ; أي صدقكم الله وعده إلى أن فشلتم ، أي كان ذلك الوعد بشرط الثبات .ومعنى وتنازعتم اختلفتم ; يعني الرماة حين قال بعضهم لبعض ; نلحق الغنائم . وقال بعضهم ; بل نثبت في مكاننا الذي أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بالثبوت فيه .[ ص; 224 ] وعصيتم أي خالفتم أمر الرسول في الثبوت . من بعد ما أراكم ما تحبون يعني من الغلبة التي كانت للمسلمين يوم أحد أول أمرهم ; وذلك حين صرع صاحب لواء المشركين على ما تقدم ، وذلك أنه لما صرع انتشر النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وصاروا كتائب متفرقة فحاسوا العدو ضربا حتى أجهضوهم عن أثقالهم . وحملت خيل المشركين على المسلمين ثلاث مرات كل ذلك تنضح بالنبل فترجع مغلوبة ، وحمل المسلمون فنهكوهم قتلا . فلما أبصر الرماة الخمسون أن الله عز وجل قد فتح لإخوانهم قالوا ; والله ما نجلس ههنا لشيء ، قد أهلك الله العدو وإخواننا في عسكر المشركين . وقال طوائف منهم ; علام نقف وقد هزم الله العدو ؟ فتركوا منازلهم التي عهد إليهم النبي صلي الله عليه وسلم ألا يتركوها ، وتنازعوا وفشلوا وعصوا الرسول فأوجفت الخيل فيهم قتلا . وألفاظ الآية تقتضي التوبيخ لهم ، ووجه التوبيخ لهم أنهم رأوا مبادئ النصر ، فكان الواجب أن يعلموا أن تمام النصر في الثبات لا في الانهزام . ثم بين سبب التنازع . فقال ; منكم من يريد الدنيا يعني الغنيمة . قال ابن مسعود ; ما شعرنا أن أحدا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يريد الدنيا وعرضها حتى كان يوم أحد . ومنكم من يريد الآخرة وهم الذين ثبتوا في مركزهم ، ولم يخالفوا أمر نبيهم - صلى الله عليه وسلم - مع أميرهم عبد الله بن جبير ; فحمل خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل عليه ، وكانا يومئذ كافرين فقتلوه مع من بقي ، رحمهم الله . والعتاب مع من انهزم لا مع من ثبت ، فإن من ثبت فاز بالثواب ، وهذا كما أنه إذا حل بقوم عقوبة عامة فأهل الصلاح والصبيان يهلكون ; ولكن لا يكون ما حل بهم عقوبة ، بل هو سبب المثوبة ، والله أعلم .قوله تعالى ; ثم صرفكم عنهم ليبتليكم أي بعد أن استوليتم عليهم ردكم عنهم بالانهزام . ودل هذا على أن المعصية مخلوقة لله تعالى . وقالت المعتزلة ; المعنى ثم انصرفتم ; فإضافته إلى الله تعالى بإخراجه الرعب من قلوب الكافرين من المسلمين ابتلاء لهم . قال القشيري ; وهذا لا يغنيهم ; لأن إخراج الرعب من قلوب الكافرين حتى يستخفوا بالمسلمين قبيح ولا يجوز عندهم ، أن يقع من الله قبيح ، فلا يبقى لقوله ; ثم صرفكم عنهم معنى . وقيل ; معنى صرفكم عنهم أي لم يكلفكم طلبهم .قوله تعالى ; ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين أي لم يستأصلكم بعد المعصية والمخالفة . والخطاب قيل هو للجميع . وقيل ; هو للرماة الذين خالفوا ما أمروا به ، واختاره النحاس . وقال أكثر المفسرين ; ونظير هذه الآية قوله ; ثم عفونا عنكم . والله ذو فضل على المؤمنين بالعفو والمغفرة . وعن ابن عباس قال ; ما نصر النبي - صلى الله عليه وسلم - في موطن كما نصر يوم أحد ، قال ; وأنكرنا ذلك ، فقال ابن عباس ; بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله عز [ ص; 225 ] وجل ، إن الله عز وجل يقول في يوم أحد ; ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه - يقول ابن عباس ; والحس القتل - حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين وإنما عنى بهذا الرماة . وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أقامهم في موضع ثم قال ; ( احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا ) . فلما غنم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأباحوا عسكر المشركين انكفأت الرماة جميعا فدخلوا في العسكر ينتهبون ، وقد التقت صفوف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فهم هكذا - وشبك أصابع يديه - والتبسوا . فلما أخل الرماة تلك الخلة التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فضرب بعضهم بعضا والتبسوا ، وقتل من المسلمين ناس كثير ، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أول النهار حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة ، وجال المسلمون نحو الجبل ، ولم يبلغوا حيث يقول الناس ; الغار ، إنما كانوا تحت المهراس وصاح الشيطان ; قتل محمد . فلم يشك فيه أنه حق ، فما زلنا كذلك ما نشك أنه قتل حتى طلع علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين ، نعرفه بتكفئه إذا مشى . قال ; ففرحنا حتى كأنا لم يصبنا ما أصابنا . قال ; فرقي نحونا وهو يقول ; ( اشتد غضب الله على قوم دموا وجه نبيهم ) . وقال كعب بن مالك ; أنا كنت أول من عرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسلمين ; عرفته بعينيه من تحت المغفر تزهران فناديت بأعلى صوتي ; يا معشر المسلمين ! أبشروا ، هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أقبل . فأشار إلي أن اسكت .
القول في تأويل قوله ; وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُقال أبو جعفر; يعني بقوله تعالى ذكره; " ولقد صدقكم الله "، أيها المؤمنون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأحُد وعدَه الذي وعدهم على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.و " الوعد " الذي كان وعدَهم على لسانه بأحد، قوله للرماة; " اثبتوا مكانكم ولا تبرحوا، وإن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنا لن نـزال غالبين ما ثبتم مكانكم ". وكان وعدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم النصر يومئذ إن انتهوا إلى أمره، كالذي;-8004- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي قال; لما برز رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين بأحد، أمر الرماة، فقاموا بأصل الجبل في وجوه خيل المشركين وقال; " لا تبرحوا مكانكم إن رأيتمونا قد هزمناهم، فإنا لن نـزال غالبين ما ثبتم مكانكم،" وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير، أخا خوّات بن جبير. ثم إنّ طلحة بن عثمان، صاحب لواء المشركين، قام فقال; يا معشر أصحاب محمد، إنكم تزعمون أن الله يعجِّلنا بسيوفكم إلى النار، ويعجِّلكم بسيوفنا إلى الجنة! فهل منكم أحد يعجِّله الله بسيفي إلى الجنة! أو يعجِّلني بسيفه إلى النار؟ فقام إليه علي بن أبي طالب فقال; والذي نفسي بيده، لا أفارقك حتى يعجِّلك الله بسيفي إلى النار، أو يعجِّلني بسيفك إلى الجنة! فضربه علي فقطع رجلَه، فسقط، فانكشفت عورته، فقال; أنشدك الله والرحم، ابنَ عم! فتركه. &; 7-282 &; فكبّر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال لعليّ أصحابه; ما منعك أن تجهز عليه؟ قال; إنّ ابن عمي ناشدني حين انكشفت عورته، فاستحييت منه.= ثم شد الزبير بن العوام والمقداد بن الأسود على المشركين فهزماهم، وحمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهزموا أبا سفيان. فلما رأى ذلك خالد بن الوليد وهو على خيل المشركين حمل، (10) فرمته الرماة، فانقمع. فلما نظر الرماة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جوف عسكر المشركين ينتهبونه، بادروا الغنيمة، فقال بعضهم; لا نترك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم!. فانطلق عامتهم فلحقوا بالعسكر. فلما رأى خالد قلة الرماة صاح في خيله، ثم حمل فقتل الرماة، ثم حمل على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. فلما رأى المشركون أنّ خيلهم تقاتل، تنادوا فشَدُّوا على المسلمين فهزموهم وقتلوهم. (11) .8005- حدثنا هارون بن إسحاق قال، حدثنا مصعب بن المقدام قال، حدثنا إسرائيل قال، حدثنا أبو إسحاق، عن البراء قال; لما كان يوم أحُد ولقينا المشركين، أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا بإزاء الرماة، وأمَّر عليهم عبد الله بن جبير، أخا خوات بن جبير، وقال لهم; " لا تبرحوا مكانكم، إن رأيتمونا ظهرنا عليهم فلا تبرحوا، وإن رأيتموهم ظهروا علينا فلا تُعينونا ". فلما التقى القوم، هُزم المشركون حتى رأيت النساء قد رفعن عن سوقهن وبدت خلاخلهنّ، فجعلوا يقولون; " الغنيمة، الغنيمة "! قال عبد الله; مهلا! أما علمتم ما عهدَ إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم! فأبوا، فانطلقوا، فلما أتوهم صرف الله وجوههم، فأصيب من المسلمين سبعون قتيلا.8006- حدثنا سفيان بن وكيع قال، حدثنا أبي، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن البراء، بنحوه. (12)8007- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قوله; " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسُّونهم بإذنه "، فإن أبا سفيان أقبل في ثلاث ليال خلون من شوّال حتى نـزل أحدًا، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذَّن في الناس، فاجتمعوا، وأمَّر على الخيل الزبير بن العوام، ومعه يومئذ المقداد بن الأسود الكندي. وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء رجلا من قريش يقال له; مصعب بن عمير. وخرج حمزة بن عبد المطلب بالحسَّر، (13) وبعث حمزة بين يديه. وأقبل خالد بن الوليد على خيل المشركين ومعه عكرمة بن أبي جهل. فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير وقال; " استقبل خالد بن الوليد فكن بإزائه حتى أوذنك ". وأمر بخيل أخرى، فكانوا من جانب آخر، فقال; " لا تبرحوا حتى أوذنكم ". وأقبل أبو سفيان يحمل اللات والعزى، فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزبير أن يحمل، فحمل على خالد بن الوليد فهزمه ومن معه، كما قال; " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحُسُّونهم بإذنه حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبُّون "، وإنّ الله وعد المؤمنين أن ينصرهم وأنه معهم. (14)8008- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق قال، حدثني &; 7-284 &; محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري، ومحمد بن يحيى بن حبان، (15) وعاصم بن عمر بن قتادة، والحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ، وغيرهم من علمائنا -في قصة ذكرها عن أحد- ذكر أن كلهم قد حدَّث ببعضها، وأن حديثهم اجتمع فيما ساق من الحديث، فكان فيما ذكر في ذلك; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نـزل الشعب من أحُد في عُدوة الوادي إلى الجبل، فجعل ظهره وعسكره إلى أحُد، وقال; " لا يقاتلنَّ أحدٌ، حتى نأمره بالقتال ". (16) وقد سرَّحت قريش الظهر والكُراع، (17) في زروع كانت بالصَّمغة من قناة للمسلمين، (18) فقال رجل من الأنصار حين نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القتال; أترعى زروع بني قيلة ولما نُضارِب! (19) وتعبَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتال وهو في سبعمئة رجل، (20) وتعبأت قريش وهم ثلاثة آلاف، (21) ومعهم مائتا فرس قد جَنَبوها، (22) فجعلوا على ميمنة الخيل خالد بن الوليد، وعلى ميسرتها عكرمة بن أبي جهل. وأمرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة عبد الله بن جبير، أخا بني عمرو بن عوف، وهو يومئذ مُعلم بثياب بيض، والرماةُ خمسون رجلا &; 7-285 &; وقال; " انضح عنا الخيل بالنبل، لا يأتونا من خلفنا! إن كانت لنا أو علينا فأثبت مكانك، لا نؤتيَنَّ من قبلك ". (23) فلما التقى الناس ودنا بعضهم من بعض. (24) واقتتلوا، حتى حميت الحرب، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس، وحمزة بن عبد المطلب وعلي بن أبى طالب، في رجال من المسلمين. فأنـزل الله عز وجل نصره وصدقهم وعده، فحسُّوهم بالسيوف حتى كشفوهم، وكانت الهزيمةَ لا شك فيها. (25)8009- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن يحيى بن عبّاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، عن جده قال، قال الزبير; والله لقد رأيتُني أنظر إلى خَدَم هند ابنة عتبة وصواحبها مشمِّرات هوارب، (26) ما دون إحداهن قليلٌ ولا كثير، إذ مالت الرماة إلى العسكر حين كشفنا القومَ عنه يريدون النهب، وخلَّوا ظهورنا للخيل، فأتينا من أدبارنا. وصرخ صارخٌ; " ألا إنّ محمدًا قد قُتل "! فانكفأنا، وأنكفأ علينا القوم بعد أن أصبنا أصحاب اللواء، (27) حتى ما يدنو منه أحدٌ من القوم. (28)8010- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق في قوله; " ولقد صدقكم الله وعده "، أي; لقد وفَيتُ لكم بما وعدتكم من النصر على عدوكم. (29)8011- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله; " ولقد صدقكم الله وعده "، وذلك يوم أحد، قال لهم; " إنكم ستظهرون، فلا أعرِفنَّ ما أصبتم من غنائمهم شيئًا، (30) حتى تفرُغوا "! فتركوا أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم ، وعصوا، ووقعوا في الغنائم، ونسوا عَهْده الذي عَهِده إليهم، وخالفوا إلى غير ما أمرهم به. (31)* * *القول في تأويل قوله ; إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِقال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره بذلك; ولقد وَفَى الله لكم، أيها المؤمنون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بما وعدكم من النصر على عدوكم بأحُد، حين " تحُسُّونهم "، يعني; حين تقتلونهم.* * *يقال منه; " حسَّه يَحُسُّه حسًا "، إذا قتله، (32) كما;-8012- حدثني محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطي قال، حدثنا يعقوب بن عيسى قال، حدثني عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، عن محمد بن عبد العزيز، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف في قوله; " إذ تحُسُّونهم بإذنه "، قال; الحسُّ; القتل. (33)8013- حدثني يونس قال، أخبرنا ابن وهب قال، أخبرنا ابن أبي الزناد، عن أبيه قال; سمعت عبيد الله بن عبد الله يقول في قول الله عز وجل; " إذ تحسُّونهم "، قال; القتل.8014- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا &; 7-288 &; عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد; " إذ تحسونهم بإذنه "، قال; تقتلونهم.* * *8015- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة، قوله; " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم "، أي; قتلا بإذنه.8016- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " إذ تحسونهم "، يقول; إذ تقتلونهم.8017- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " إذ تحسونهم بإذنه "، والحس القتل.8018- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه "، يقول; تقتلونهم.8019- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " إذ تحسونهم " بالسيوف; أي القتل. (34)8020- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن; " إذ تحسونهم بإذنه "، يعني; القتل.8021- حدثني علي بن داود قال، حدثنا عبد الله بن صالح قال، حدثني معاوية، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس; قوله; " إذ تحسونهم بإذنه "، يقول; تقتلونهم.* * *وأما قوله; " بإذنه "، فإنه يعني; بحكمي وقضائي لكم بذلك، وتسليطي إياكم عليهم، (35) كما;-8022- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق; إذ تحسونهم بإذني، وتسليطي أيديكم عليهم، وكفِّي أيديهم عنكم. (36)* * *القول في تأويل قوله ; حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَقال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; " حتى إذا فشلتم "، حتى إذا جبنتم وضعفتم (37) =" وتنازعتم في الأمر "، يقول; واختلفتم في أمر الله، يقول; وعصيتم وخالفتم نبيكم، فتركتم أمره وما عهد إليكم. وإنما يعني بذلك الرماة الذين كان أمرَهم صلى الله عليه وسلم بلزوم مركزهم ومقعدهم من فم الشِّعب بأحُد بإزاء خالد بن الوليد ومن كان معه من فرسان المشركين، الذين ذكرنا قبلُ أمرَهم.= وأما قوله; " من بعد ما أراكم ما تحبون "، فإنه يعني بذلك; من بعد الذي أراكم الله، أيها المؤمنون بمحمد، من النصر والظفر بالمشركين، وذلك هو الهزيمة التي كانوا هزموهم عن نسائهم وأموالهم قبل ترك الرماة مقاعدهم التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعدهم فيها، وقبل خروج خيل المشركين على المومنين من ورائهم.* * *وبنحو الذي قلنا تظاهرت الأخبار عن أهل التأويل.وقد مضى ذكر بعض من قال، وسنذكر قول بعض من لم يذكر قوله فيما مضى.*ذكر من قال ذلك;8023- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة; " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر "، أي اختلفتم في الأمر =" وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "، وذاكم يوم أحد، عهد إليهم نبي الله صلى الله عليه وسلم وأمرَهم بأمر فنسوا العهد، وجاوزوا، (38) وخالفوا ما أمرهم نبي الله صلى الله عليه وسلم، فقذف عليهم عدوَّهم، (39) بعد ما أراهم من عدوهم ما يحبون.8024- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس; أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ناسًا من الناس -يعني; يوم أحُد- فكانوا من ورائهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " كونوا هاهنا، فردّوا وجه من فرَّ منا، (40) وكونوا حرسًا لنا من قِبل ظهورنا ". وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هزم القوم هو وأصحابه، قال الذين كانوا جُعلوا من ورائهم، بعضهم لبعض، (41) لما رأوا النساء مُصْعِدات في الجبل ورأوا الغنائم، &; 7-291 &; قالوا; " انطلقوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدركوا الغنيمة قبل أن تسبقوا إليها "! وقالت طائفة أخرى; " بل نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنثبت مكاننا "! فذلك قوله; مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا ، للذين أرادوا الغنيمة = وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَ ، للذين قالوا; " نطيع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونثبت مكاننا ". فأتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم، فكان فشلا حين تنازعوا بينهم يقول; " وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "، كانوا قد رأوا الفتح والغنيمة.8025- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع; " حتى إذا فشلتم "، يقول; جبنتم عن عدوكم =" وتنازعتم في الأمر "، يقول; اختلفتم =" وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "، وذلك يوم أحد قال لهم; " إنكم ستظهرون، فلا أعرفنَّ ما أصبتم من غنائمهم شيئًا حتى تفرغوا "، (42) فتركوا أمر نبي الله صلى الله عليه وسلم، وعصوا، ووقعوا في الغنائم، ونسوا عهده الذي عهده إليهم، وخالفوا إلى غير ما أمرهم به، فانقذف عليهم عدوهم، (43) من بعد ما أراهم فيهم ما يحبون. (44)8026- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج ، عن ابن جريج; " حتى إذا فشلتم "، قال ابن جريج، قال ابن عباس; الفشَل; الجبن.8027- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون "، من الفتح.8028- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " حتى إذا فشلتم "، أي تخاذلتم (45) =" وتنازعتم في الأمر "، أي; اختلفتم في أمري =" وعصيتم "، أي; تركتم أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم؛ وما عهد إليكم، يعني الرماة=" من بعد ما أراكم ما تحبون "، أي; الفتح لا شك فيه، وهزيمة القوم عن نسائهم وأموالهم. (46)8029- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن المبارك، عن الحسن; " من بعد ما أراكم ما تحبون "، يعني; من الفتح.* * *قال أبو جعفر; وقيل معنى قوله; " حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون " = حتى إذا تنازعتم في الأمر فشلتم وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون = وأنه من المقدم الذي معناه التأخير، (47) وإن " الواو " دخلت في ذلك، ومعناها السقوط، كما يقال، (48) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ [سورة الصافات; 103-104] معناه; ناديناه. وهذا مقول في; ( حَتَّى إِذَا ) وفي فَلَمَّا أَنْ . [لم يأت في غير هذين]. (49) ومنه قول الله عز وجل; حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ ثُمَّ قَالَ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ [سورة الأنبياء; 96-97]. &; 7-293 &; ومعناه; اقترب، (50) كما قال الشاعر; (51)حَـــتَّى إذَا قَمِلَـــتْ بُطُـــونكُمُوَرَأَيْتُــــمُ أَبْنَـــاءَكُمْ شَـــبُّوا (52)وَقَلَبْتُـــمْ ظَهْــرَ المِجَــنِّ لَنَــاإنَّ اللَّئِـــيمَ العَـــاجِزَ الخَـــبُّ (53)* * *القول في تأويل قوله ; مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الآخِرَةَقال أبو جعفر; يعني جل ثناؤه بقوله; " منكم من يريد الدنيا "، الذين تركوا مقعدهم الذي أقعدهم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعب من أحُد لخيل المشركين، ولحقوا بعسكر المسلمين طلب النهب إذ رأوا هزيمة المشركين = ، " ومنكم من يريد الآخرة "، يعني بذلك; الذين ثبتوا من الرماة في مقاعدهم التي &; 7-294 &; أقعدهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، واتبعوا أمره، محافظة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابتغاء ما عند الله من الثواب بذلك من فعلهم والدار الآخرة. كما;-8030- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة "، فالذين انطلقوا يريدون الغنيمة هم أصحاب الدنيا، والذين بقوا وقالوا; " لا نخالف قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "، أرادوا الآخرة.8031- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس مثله.8032 - حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، حدثنا عبيد بن سليمان قال، سمعت الضحاك يقول في قوله; " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة "، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد طائفة من المسلمين، فقال; " كونوا مَسْلحة للناس "، (54) بمنـزلةٍ أمرَهم أن يثبتوا بها، وأمرهم أن لا يبرحوا مكانهم حتى يأذن لهم. فلما لقي نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أبا سفيان ومن معه من المشركين، هزمهم نبي الله صلى الله عليه وسلم! فلما رأى المسلحةُ أن الله عز وجل هزم المشركين، انطلق بعضهم وهم يتنادون; " الغنيمة! الغنيمة! لا تفتكم "! وثبت بعضهم مكانهم، وقالوا; لا نَريم موضعنا حتى يأذن لنا نبي الله صلى الله عليه وسلم!. ففي ذلك نـزل; " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة "، فكان ابن مسعود يقول; ما شعرت أن أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرَضَها، (55) حتى كان يوم أحد.8033- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج قال، قال ابن جريج، قال ابن عباس; لما هزم الله المشركين يوم أحد، قال الرماة; " أدركوا الناس ونبيَّ الله صلى الله عليه وسلم لا يسبقوكم إلى الغنائم، فتكون لهم دونكم "! وقال بعضهم; " لا نَريم حتى يأذن لنا النبي صلى الله عليه وسلم ". فنـزلت; " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة "، قال; ابن جريج، قال ابن مسعود; ما علمنا أن أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرَضَها، حتى كان يومئذ.8034 - حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن المبارك، عن الحسن; " منكم من يريد الدنيا "، هؤلاء الذين يجترون الغنائم (56) =" ومنكم من يريد الآخرة "، الذين يتبعونهم يقتلونهم.8035- حدثنا الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا أسباط، عن السدي عن عبد خير قال; قال عبد الله; ما كنت أرى أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى نـزل فينا يوم أحد; " منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ". (57)8036- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي، عن عبد خير قال، قال ابن مسعود; ما كنت أظن في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أحدًا يريد الدنيا، حتى قال الله ما قال.8037- حدثت عن عمار، عن ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع &; 7-296 &; قال، قال عبد الله بن مسعود لما رآهم وقعوا في الغنائم; ما كنت أحسب أن أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى كان اليوم.8038- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس قال; كان ابن مسعود يقول; ما شعرتُ أن أحدًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان يريد الدنيا وعرَضها، حتى كان يومئذ. (58)8039- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق " منكم من يريد الدنيا "، أي; الذين أرادوا النهب رغبة في الدنيا وتركَ ما أمروا به من الطاعة التي عليها ثواب الآخرة =" ومنكم من يريد الآخرة "، أي; الذي جاهدوا في الله لم يخالفوا إلى ما نهوا عنه لعرض من الدنيا رغبة فيها، (59) رجاء ما عند الله من حسن ثوابه في الآخرة. (60)* * *القول في تأويل قوله ; ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْقال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه; ثم صرفكم، أيها المؤمنون، عن المشركين بعد ما أراكم ما تحبون فيهم وفي أنفسكم، من هزيمتكم إياهم وظهوركم عليهم، فردَّ وجوهكم عنهم لمعصيتكم أمر رسولي، ومخالفتكم طاعته، وإيثاركم الدنيا على الآخرة، &; 7-297 &; - عقوبةً لكم على ما فعلتم،" ليبتليكم "، يقول; ليختبركم، (61) فيتميز المنافق منكم من المخلص الصادق في إيمانه منكم. كما;-8040- حدثنا محمد قال، حدثنا أحمد قال، حدثنا أسباط، عن السدي; ثم ذكر حين مال عليهم خالد بن الوليد; " ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ".8041- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن في قوله; " ثم صرفكم عنهم "، قال; صرف القوم عنهم، فقتل من المسلمين بعدَّة من أسروا يوم بدر، وقُتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وشُجّ في وجهه، وكان يمسح الدم عن وجهه ويقول; " كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيِّهم وهو يدعوهم إلى ربهم "؟ فنـزلت; لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ [سورة آل عمران; 128]، الآية. فقالوا; أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعدنا النصر؟ فأنـزل الله عز وجل; وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إلى قوله; " ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم ".8042- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة عن ابن إسحاق; " ثم صرفكم عنهم ليبتليكم "، أي; صرفكم عنهم ليختبركم، وذلك ببعض ذنوبكم. (62)* * *القول في تأويل قوله ; وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (152)قال أبو جعفر; يعني بقوله جل ثناؤه; " ولقد عفا عنكم "، ولقد عفا الله = أيها المخالفون أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتاركون طاعته فيما تقدم به إليكم من لزوم الموضع الذي أمركم بلزومه = عنكم، فصفح لكم من عقوبة ذنبكم الذي أتيتموه، عما هو أعظم مما عاقبكم به من هزيمة أعدائكم إياكم، وصرفِ وجوهكم عنهم، (63) إذ لم يستأصل جمعكم، كما;-8043- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن مبارك، عن الحسن، في قوله; " ولقد عفا عنكم "، قال; قال الحسن، وصفَّق بيديه; وكيف عفا عنهم، وقد قتل منهم سبعون، وقُتل عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكسرت رباعيته، وشج في وجهه؟ قال; ثم يقول; قال الله عز وجل; " قد عفوت عنكم إذ عصيتموني، أن لا أكون استأصلتكم ". قال; ثم يقول الحسن; هؤلاء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي سبيل الله غضابٌ لله، يقاتلون أعداء الله، نهوا عن شيء فصنعوه، فوالله ما تركوا حتى غُمُّوا بهذا الغم، فأفسق الفاسقين اليوم يَتَجَرْثَمُ كل كبيرة، (64) ويركب كل داهية، ويسحب عليها ثيابه، ويزعم أن لا بأس عليه!! فسوف يعلم.8044- حدثنا القاسم قال، حدثنا الحسين قال، حدثني حجاج، عن ابن جريج، قوله; " ولقد عفا عنكم "، قال; لم يستأصلكم.8045- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " ولقد عفا عنكم "، ولقد عفا الله عن عظيم ذلك، لم يهلككم بما أتيتم من معصية نبيكم، ولكن عُدْت بفضلي عليكم. (65)* * *وأما قوله; " والله ذو فضل على المؤمنين "، فإنه يعني; والله ذو طَوْل على أهل الإيمان به وبرسوله، (66) بعفوه لهم عن كثير ما يستوجبون به العقوبة عليه من ذنوبهم، فإن عاقبهم على بعض ذلك، فذو إحسان إليهم بجميل أياديه عندهم. كما;-8046- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين "، يقول; وكذلك منَّ الله على المؤمنين، أن عاقبهم ببعض الذنوب في عاجل الدنيا أدبًا وموعظة، فإنه غير مستأصل لكل ما فيهم من الحق له عليهم، لما أصابوا من معصيته، رحمةً لهم وعائدة عليهم، لما فيهم من الإيمان. (67)---------------الهوامش ;(10) في التعليق على الأثر السالف; 7943 ، ذكرت أن المخطوطة هناك ، كان فيها"لر" غير منقوطة ، واستظهرت مرجحًا أنها"كر" ، ولكنه عاد هنا في المخطوطة ، فكتبها"حمل" واضحة ، فأخشى أن يكون هذا هو الصواب الراجح.(11) الأثر; 8004- الأثر السالف رقم; 7943 ، والتاريخ 3; 14 ، 15.(12) الأثران; 8005 ، 8006 - تاريخ الطبري 3; 13 ، 14 وانظر مسند أحمد 4; 293 ، 294.(13) في المطبوعة; "بالجسر" ، وهو خطأ ، "والحسر" جمع حاسر ، وهم الرجالة الذين لا خيل لهم ، يقال; سموا بذلك لأنهم يحسرون عن أيديهم وأرجلهم. ويقال إنه يقال لهم"حسر" ، لأنه لا بيض لهم ولا دروع يلبسونها.(14) الأثر; 8007- تاريخ الطبري 3; 14.(15) في المطبوعة والمخطوطة; "أن محمد بن يحيى. . ." ، والصواب من سيرة ابن هشام 3; 64 وتاريخ الطبري 3; 9.(16) في المطبوعة; "لا تقاتلوا حتى نأمر بالقتال" ، وفي المخطوطة مثله ، إلا أنه كتب; "نأمره" والصواب من سيرة ابن هشام ، ومن تاريخ الطبري.(17) الظهر; الإبل التي يحمل عليها ويركب. والكراع; اسم يجمع الخيل والسلاح ، ويعني هنا الخيل.(18) "الصمغة"; أرض في ناحية أحد. و"قناة" واد يأتي من الطائف ، حتى ينتهي إلى أصل قبور الشهداء بأحد.(19) بنو قيلة; هم الأوس والخزرج ، الأنصار. وقيلة; أم قديمة لهم ينسبون إليها.(20) في المطبوعة; "وصفنا رسول الله. . ." ، وهو خطأ محض ، والصواب من سيرة ابن هشام ، والتاريخ ، والمخطوطة ، وهي فيها غير منقوطة.(21) في المطبوعة; "وتصاف قريش. . ." ، وهو خطأ صرف ، والصواب من التاريخ ، ومن المخطوطة وهي فيها غير منقوطة.(22) جنب الفرس والأسير يجنبه (بضم النون) جنبًا (بالتحريك) فهو مجنوب وجنيب ، وخيل جنائب; إذا قادهما إلى جنبه. ويقال; "خيل مجنبة" بتشديد النون مثلها.(23) نضح عنه; ذب عنه ، ورد عنه ونافح.(24) هذا اختصار مخل جدًا ، فإن أبا جعفر لفق كلام ابن إسحاق ، والذي رواه ابن هشام مخالف في ترتيبه لما جاء في خبر الطبري هنا. وذلك أنه من أول قوله; "وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة. . ." مقدم على قوله; "وتعبأت قريش" ، وذلك في السيرة 3; 69 ، 71. أما قوله; "فلما التقى الناس" فإنه يأتي في السيرة في ص 72 ، وسياق الجملة; "فلما التقى الناس ، ودنا بعضهم من بعض ، قامت هند بنت عتبة في النسوة اللاتي معها ، وأخذن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم" ، وساق ما كان من أمرهن ، ثم قال; "قال ابن إسحاق; فاقتتل الناس حتى حميت الحرب ، وقاتل أبو دجانة حتى أمعن في الناس" ، أما قوله بعد ذلك; "وحمزة بن عبد المطلب. . ." ، فهو عطف علي"وقاتل أبو دجانة" ، استخرجه الطبري من سياق سيرة ابن إسحاق 3; 77 ، لا من نصه. وقد تركت ما في التفسير على حاله ، لأنه خطأ من أبي جعفر نفسه ولا شك. وأما قوله; "ثم أنزل الله نصره. . ." إلى آخر الأثر فهو في السيرة 3; 82.(25) الأثر; 8008- هذا أثر ملفق من نص ابن إسحاق ، وهو فيما رواه ابن هشام في سيرته من مواضع متفرقة كما سترى 3; 69 ، 70 / ثم ص; 72 / ثم ص; 77 / ثم ص 82 ، وانظر التعليق السالف. ثم انظر تاريخ الطبري 3; 13 / ثم ص16. وقوله; "حسوهم" أي قتلوهم واستأصلوهم ، كما سيأتي في تفسير الآية بعد.(26) في المخطوطة; "مسموات هوادن" وضبط الكلمة الأولى بالقلم بفتح الميم وضم السين وميم مشددة مفتوحة !! وهذا أعجب ما رأيت من السهو والغفلة! والكلمتان خطأ محض ، وفي المطبوعة; "هوازم" ، والصواب من سيرة ابن هشام وتاريخ الطبري. و"الخدم" جمع خدمة; وهي الخلخال ، ويجمع أيضًا"خدام" بكسر الخاء."شمر تشميرًا فهو مشمر"; جد في السير أو العمل وأسرع ومضى مضيًا ، وأصله من فعل العادي إذا جد في عدوه وشمر عن ساقه وجمع ثوبه في يده ، ليكون أسرع له.(27) في المخطوطة; "بعد أن رأينا أصحابناب" وضرب على"بنا" من"أصحابنا" ، فاجتهد الناشر قراءة هذا الكلام الفاسد فجعل مكان"أصبنا""هزمنا" ولكني رددته إلى نص ابن إسحاق من رواية ابن هشام في السيرة ، والطبري في التاريخ."انكفأ"; مال ورجع وانقلب ، وهو صورة حركة الراجع ، من انكفاء الإناء إذا أملته ناحية ، و"انكفأوا علينا" ، أي مالوا راجعين عليهم.(28) الأثر; 8009- سيرة ابن هشام 3; 82 ، وهو تابع آخر الأثر السالف رقم; 8008 ، وفي تاريخ الطبري 3; 16 ، 17.(29) الأثر; 8010- سيرة ابن هشام 3; 120 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8002.(30) في المخطوطة; "فلا عرض ما أصبتم" ، وفي المطبوعة; "فلا تأخذوا ما أصبتم" ، تصرف في طلب المعنى ، وهو خطأ ، وستأتي على الصواب في الأثر رقم; 8025 ، في المطبوعة والمخطوطة معًا ، كما كتبتها هنا. وقوله; "فلا أعرفن ما أصبتم. . ." ، يعني; لا يبلغني أنكم أصبتم من غنائمهم شيئًا. وقولهم; "لا أعرفن كذا" و"ولأعرفن كذا" كلمة تقال عند الوعيد والتهديد والزجر الشديد. وانظر مجيئها في الأثرين رقم; 8158 ، 8160 والتعليق عليهما. وانظر الدر المنثور 2; 85.(31) انظر الأثر الآتي رقم; 8025.(32) انظر تفسير"الحس" فيما سلف 6; 443.(33) الأثر; 8012-"محمد بن عبد الله بن سعيد الواسطى" ، مضى القول فيه برقم; 2867 ، 2868 ، 2888 ، وفي 2868"محمد بن عبيد الله بن سعيد". و"يعقوب بن عيسى" هو; "يعقوب بن محمد بن عيسى الزهري" ، سلف في رقم; 2867. و"عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز. . . الزهري" ، هو الأعرج ، المعروف بابن أبي ثابت ، قيل; "ليس بثقة ، إنما كان صاحب شعر" ، وقال يحيى; "رأيته ببغداد ، كان يشتم الناس ويطعن في أحسابهم. ليس حديثه بشيء". مترجم في التهذيب. و"محمد بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف" قال البخاري; "منكر الحديث" ، وقال أبو حاتم; "هم ثلاثة إخوة; محمد بن عبد العزيز ، وعبد الله بن عبد العزيز ، وعمران بن عبد العزيز ، وهم ضعفاء الحديث ، ليس لهم حديث مستقيم ، وليس لمحمد عن أبي الزناد ، والزهري ، وهشام بن عروة ، حديث صحيح". مترجم في الكبير 1 / 1 / 167 ، وابن أبي حاتم 4 / 1 / 7.(34) الأثر; 8019- سيرة ابن هشام 3; 120 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8010 ، وكان في المخطوطة والمطبوعة; "أي; بالقتل" ، والباء زيادة لا خير فيها ، والصواب من سيرة ابن هشام.(35) انظر تفسير"الإذن" فيما سلف 2; 449 ، 450 / 4 ; 286 ، 371 / 5 ; 352 ، 355 ، 395.(36) الأثر; 8022- سيرة ابن هشام 3; 120 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8019.(37) انظر تفسير"فشل" فيما سلف 7; 168.(38) في المطبوعة; "وجاوزوا" ، وهي ضعيفة المعنى هنا. ولم تذكر كتب اللغة"حاوز" لكنهم قالوا; "انحاز القوم وتحوزوا وتحيزوا; تركوا مركزهم ومعركة قتالهم وتنحوا عنه ، ومالوا إلى موضع آخر". وانظر ما سلف في التعليق على رقم; 7524 ، من قوله; "تحاوز الناس".(39) في المطبوعة; "فانصرف عليهم" ، ولا معنى لها ، ولكنه أخذها من الأثر التالي 8025 ، من رسم المخطوطة هناك. وفي الدر المنثور 2; 85"فانصر عليهم" ، ولا معنى لها أيضًا. وهي في المخطوطة هنا"فصرف" ، فرجحت أن يكون هذا تصحيف"فقذف" ، فأثبتها ، وهي سياق المعنى حين انحطت عليهم خيل المشركين من ورائهم.(40) في المخطوطة والمطبوعة; "من قدمنا" ، والصواب من تاريخ الطبري. وفي الدر المنثور 2; 84"من ند منا" ، يقال"ند البعير" ، إذا نفر وشرد وذهب على وجهه ، ولا بأس بمعناها هنا.(41) في المطبوعة; "اختلف الذين كانوا جعلوا من ورائهم فقال بعضهم لبعض" ، زاد الناشر الأول"اختلف" ، أما المخطوطة ، والدر المنثور 2; 84 ، فليس فيها"اختلف" ، والكلام بعد كما هو ، وهو مضطرب ، ورددته إلى الصواب من تاريخ الطبري ، حذفت"فقال" من وسط الكلام ، ووضعت"قال" في أوله.(42) انظر التعليق على الأثر; 8011 ، ص; 286 ، تعليق; 4.(43) في المخطوطة والمطبوعة; "فانصرف عليهم عدوهم" ، ولا معنى لها ، وفي الدر المنثور 2; 85"فانصر عليهم" ، ولا معنى لها ، وانظر التعليق السالف ص; 290 تعليق; 2.(44) الأثر; 8025- مضى برقم; 8011 مختصرًا.(45) في المطبوعة; "تجادلتم" ، وهو خطأ صرف ، والصواب من سيرة ابن هشام.(46) الأثر; 8028- سيرة ابن هشام 3; 121.(47) في المطبوعة; "أنه من المقدم. . ." بإسقاط الواو ، وهو خطأ ، والصواب من المخطوطة.(48) في المطبوعة"كما قلنا في فلما أسلما. . ." بزيادة"في" وفي المخطوطة; "كما قلنا فلما أسلما" ، بإسقاط"في" ، وأثبت ما في معاني القرآن للفراء 1; 238 ، فهذا نص كلامه.(49) في المطبوعة; "وهذا مقول في (حتى إذا) وفي (لما) ومنه قول الله. . ." ، وفي المخطوطة; "وهذا مقول في (حتى إذا) وفي (فلما أن) ، وفلما ، ومنه قول الله عز وجل". والذي في المطبوعة تغيير لا خير فيه ، والذي في المخطوطة خطأ لا شك فيه ، فآثرت إثبات ما في معاني القرآن للفراء 1; 238 ، فإنه نص مقالته ، وزدت منه ما بين القوسين.(50) انظر معاني القرآن للفراء 1; 238.(51) هو الأسود بن يعفر النهشلي ، وهو في أكثر الكتب غير منسوب.(52) معاني القرآن للفراء 1; 107 ، 238 / اللسان (قمل) والجزء; 20; 381 / تأويل مشكل القرآن; 197 ، 198 / المعاني الكبير; 533 / مجالس ثعلب; 74 / أمالي الشجري 1; 357 ، 358 / الإنصاف لابن الأنباري; 189 / الخزانة 4; 414 / وهو في جميعها غير منسوب ، وهو من شعر لم أجده تامًا ، ذكر أبياتًا منه البكري في معجم ما استعجم; 379 ، فيها البيت الأول وحده ، وبيتان آخران منها في اللسان (وقب) وتهذيب الألفاظ; 196. وهو من شعر يهجو فيه بني نجيح ، من بني عبد الله بن مجاشع بن دارم يقول في هجائهم;أَبَنِــــي نَجِـــيحٍ، إنَّ أُمَّكُـــمُأَمَــــةٌ، وإنَّ أَبَـــاكُمُ وَقْـــبُأَكَــلَتْ خَــبِيثَ الــزَّادِ فَـاتَّخَمَتْعَنْــهُ، وَشَــمَّ خِمَارَهَــا الكَـلْبُوقوله; "قملت بطونكم" ، كثرت قبائلكم. والبطون بطون القبائل.(53) يقال; "قلبت له ظهر المجن" - والمجن; الترس ، لأنه يوارى صاحبه - كلمة تضرب مثلا لمن كان لصاحبه على مودة ورعاية ، ثم حال عن ذلك فعاداه. والخب (بفتح الخاء ، وكسرها) الخداع الخبيث المنكر; وفي الحديث; "المؤمن غر كريم ، والكافر خب لئيم".(54) المسلحة; القوم ذوو السلاح يوكلون بثغر من الثغور يحفظونه مخافة أن يأتي منه العدو. وسميت الثغور"مسالح" من ذلك ، وهي مواضع المخافة.(55) "ما شعرت" ، أي; ما علمت ، يأتي كذلك في الأثر التالي.(56) في المطبوعة; "يحيزون الغنائم" ، وهو خطأ ، والكلمة في المخطوطة غير منقوطة ، والذي أثبته هو صواب قراءتها. واجتر الشيء; جره ، يعني يطلبونها إلى أنفسهم.(57) الأثر 8035-"الحسين بن عمرو بن محمد العنقزي" ، مضى مرارًا ، وسلف ترجمته في رقم; 1625 ، وكان في المطبوعة; "العبقري" ، وهو خطأ ، وفي المخطوطة غير منقوط. وأما "عبد خير" ، فهو"عبد خير بن يزيد الهمداني". أدرك الجاهلية ، وروي عن أبي بكر ، وابن مسعود وعلي ، وزيد بن أرقم ، وعائشة. وهو تابعي ثقة. مترجم في التهذيب.(58) الأثر; 8038- هو من بقية الأثر السالف; 8024 ، ورواه في تاريخه 3; 14.(59) في المطبوعة; "لم يخالفوا" بإسقاط الواو ، وأثبتها من المخطوطة وابن هشام. وفي المطبوعة والمخطوطة; "لعرض من الدنيا رغبة في رجاء ما عند الله" ، وهو كلام يتلجلج ، والصواب ما في سيرة ابن هشام ، وهو الذي أثبت.(60) الأثر; 8039- سيرة ابن هشام 3; 121 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8028.(61) انظر تفسير"ابتلى" فيما سلف 2; 49 / 3; 7 ، 220 / 5 ; 339.(62) الأثر; 8042- سيرة ابن هشام 3; 121 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8039. وفي سيرة ابن هشام المطبوعة ، سقط بعض الكلام ، فاضطرب لفظه ، ويستفاد تصحيحه من هذا الموضع من التفسير.(63) في المخطوطة; "وصرف وجوهكم عنه" ، والصواب ما في المطبوعة.(64) في المطبوعة; "يتجرأ على كل كبيرة" ، تصرف في نص المخطوطة ، وتجرثم الشيء; أخذ معظمه ، وجرثومة كل شيء; أصله ومجتمعه.(65) الأثر; 8045- سيرة ابن هشام 3; 121 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8042.(66) انظر تفسير"الفضل" فيما سلف 2; 344 / 5 ; 164 ، 571 / 6; 156.(67) الأثر; 8046- سيرة ابن هشام 3; 121 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8045. وفي سيرة ابن هشام المطبوعة فساد قبيح. يستفاد تصحيحه من هذا الموضع من التفسير.
أي: { ولقد صدقكم الله وعده } بالنصر، فنصركم عليهم، حتى ولوكم أكتافهم، وطفقتم فيهم قتلا، حتى صرتم سببا لأنفسكم، وعونا لأعدائكم عليكم، فلما حصل منكم الفشل وهو الضعف والخور { وتنازعتم في الأمر } الذي فيه ترك أمر الله بالائتلاف وعدم الاختلاف، فاختلفتم، فمن قائل نقيم في مركزنا الذي جعلنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم، ومن قائل: ما مقامنا فيه وقد انهزم العدو، ولم يبق محذور، فعصيتم الرسول، وتركتم أمره من بعد ما أراكم الله ما تحبون وهو انخذال أعدائكم؛ لأن الواجب على من أنعم الله عليه بما أحب، أعظم من غيره. فالواجب في هذه الحال خصوصًا، وفي غيرها عموما، امتثال أمر الله ورسوله. { منكم من يريد الدنيا } وهم الذين أوجب لهم ذلك ما أوجب، { ومنكم من يريد الآخرة } وهم الذين لزموا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبتوا حيث أمروا. { ثم صرفكم عنهم } أي: بعدما وجدت هذه الأمور منكم، صرف الله وجوهكم عنهم، فصار الوجه لعدوكم، ابتلاء من الله لكم وامتحانا، ليتبين المؤمن من الكافر، والطائع من العاصي، وليكفر الله عنكم بهذه المصيبة ما صدر منكم، فلهذا قال: { ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين } أي: ذو فضل عظيم عليهم، حيث منَّ عليهم بالإسلام، وهداهم لشرائعه، وعفا عنهم سيئاتهم، وأثابهم على مصيباتهم. ومن فضله على المؤمنين أنه لا يقدر عليهم خيرا ولا مصيبة، إلا كان خيرا لهم. إن أصابتهم سراء فشكروا جازاهم جزاء الشاكرين، وإن أصابتهم ضراء فصبروا، جازاهم جزاء الصابرين.
(الواو) استئنافيّة
(اللام) واقعة في جواب قسم مقدّر
(قد) حرف تحقيق
(صدق) فعل ماض و (كم) ضمير مفعول به أوّلـ (الله) لفظ الجلالة فاعل مرفوع
(وعد) مفعول به ثان منصوب والهاء) ضمير مضاف إليه
(إذ) ظرف للزمن الماضي مبنيّ في محلّ نصب على الظرفيّة متعلّق بـ (صدقكم) ،
(تحسّون) مضارع مرفوع والواو فاعل و (هم) ضمير مفعول به
(بإذن) جارّ ومجرور متعلّق بـ (تحسّون) ، و (الهاء) ضمير مضاف إليه
(حتّى) حرف ابتداء ،
(إذا) ظرف للزمن للزمن المستقبل متضمّن معنى الشرط متعلّق بالجواب ،
(فشلتم) فعل ماض مبنيّ على السكون.. و (تم) ضمير فاعلـ (الواو) عاطفة
(تنازعتم) مثل فشلتم
(في الأمر جارّ ومجرور متعلّق بـ (تنازعتم) ،
(الواو) عاطفة
(عصيتم) مثل فشلتم
(من بعد) جارّ ومجرور متعلّق بـ (عصيتم)
(ما حرف مصدريّ
(أرى) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر و (كم) ضمير مفعول به أوّل والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به ثان
(تحبّون) مضارع مرفوع.. والواو فاعل.
والمصدر المؤوّلـ (ما أراكم ... ) في محلّ جرّ مضاف إليه.
(من) حرف جرّ و (كم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بمحذوف خبر مقدّم
(من) اسم موصول مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ مؤخّر
(يريد) مضارع مرفوع، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو وهو العائد
(الدنيا) مفعول به منصوب وعلامة النصب الفتحة المقدّرة على الألف
(الواو) عاطفة
(منكم من يريد الآخرة) مثل نظيرتها المتقدّمة،
(ثمّ) حرف عطف
(صرفكم) مثل صدقكم
(عن) حرف جرّ و (هم) ضمير في محلّ جرّ متعلّق بـ (صرفكم) ،
(اللام) للتعليلـ (يبتلي) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام و (كم) ضمير مفعول به، والفاعل هو.
والمصدر المؤوّلـ (أن يبتليكم) في محلّ جرّ باللام متعلّق بـ (صرفكم) .(الواو) استئنافيّة
(لقد) مثل الأولـ (عفا) فعل ماض مبنيّ على الفتح المقدّر على الألف، والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (عنكم) مثل عنهم متعلّق بـ (عفا) ،
(الواو) استئنافيّة
(الله) لفظ الجلالة مبتدأ مرفوع
(ذو) خبر مرفوع وعلامة الرفع الواو (فضل) مضاف إليه مجرور
(على المؤمنين) جارّ ومجرور متعلّق بفضل، وعلامة الجرّ الياء.
جملة: «صدقكم الله ... » لا محلّ لها جواب قسم مقدّر.
وجملة: «تحسّونهم» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «فشلتم..» في محلّ جرّ مضاف إليه.
وجملة: «تنازعتم..» في محلّ جرّ معطوفة على جملة فشلتم.
وجملة: «عصيتم» في محلّ جرّ معطوفة على جملة فشلتم.
وجملة: «أراكم» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(ما) .
وجملة: «تحبّون» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «منكم من يريد..» لا محلّ لها استئناف بيانيّ- أو اعتراضيّة.
وجملة: «يريد الدنيا» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) الأول.
وجملة: «منكم من يريد
(الثانية) » لا محلّ لها معطوفة على الجملة الأولى.
وجملة: «يريد الآخرة» لا محلّ لها صلة الموصولـ (من) الثاني.
وجملة: «صرفكم عنهم» لا محلّ لها معطوفة على جملة جواب الشرط المقدّرة.
وجملة: «عفا عنكم» لا محلّ لها جواب قسم مقدّر، وهذا القسم معطوف على القسم الوارد في مفتتح الآية.. أو مستأنف.
وجملة: الله ذو فضل.. لا محلّ لها استئنافيّة فيها معنى التعليل.
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :١٥٢
Ali 'Imran3:152