الرسم العثمانيوَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَغُلَّ ۚ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيٰمَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفّٰى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ
الـرسـم الإمـلائـيوَمَا كَانَ لِنَبِىٍّ اَنۡ يَّغُلَّؕ وَمَنۡ يَّغۡلُلۡ يَاۡتِ بِمَا غَلَّ يَوۡمَ الۡقِيٰمَةِ ۚ ثُمَّ تُوَفّٰى كُلُّ نَفۡسٍ مَّا كَسَبَتۡ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُوۡنَ
تفسير ميسر:
وما كان لنبيٍّ أن يَخُونَ أصحابه بأن يأخذ شيئًا من الغنيمة غير ما اختصه الله به، ومن يفعل ذلك منكم يأت بما أخذه حاملا له يوم القيامة؛ ليُفضَح به في الموقف المشهود، ثم تُعطى كل نفس جزاءَ ما كسبت وافيًا غير منقوص دون ظلم.
قوله تعالى "وما كان لنبي أن يغل" قال ابن عباس ومجاهد والحسن وغير واحد; ما ينبغي لنبي أن يخون. وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا المسيب بن واضح حدثنا أبو إسحق الفزاري عن سفيان بن خصيف عن عكرمة عن ابن عباس قال; فقدوا قطيفة يوم بدر فقالوا; لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها فأنزل الله "وما كان لنبي أن يغل" أي يخون. وقال ابن جرير حدثنا محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب حدثنا عبدالواحد بن زياد حدثنا خصيف حدثنا مقسم حدثني ابن عباس أن هذه الآية "وما كان لنبي أن يغل" نزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر فقال بعض الناس; لعل رسول الله أخذها فأكثروا في ذلك فأنزل الله "وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" وكذا رواه أبو داود والترمذي جميعا عن قتيبة عن عبدالواحد بن زياد به وقال الترمذي حسن غريب ورواه بعضهم عن خصيف عن مقسم يعني مرسلا ورواه ابن مردويه من طريق أبي عمرو بن العلاء عن مجاهد عن ابن عباس قال; اتهم المنافقون رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فُقد فأنزل الله تعالى "وما كان لنبي أن يغل" وروي من غير وجه عن ابن عباس نحو ما تقدم وهذا تنزيه له صلوات الله وسلامه عليه من جميع وجوه الخيانة في أداء الأمانة وقسم الغنيمة وغير ذلك. وقال العوفي عن ابن عباس "وما كان لنبي أن يغل" أي بأن يقسم لبعض السرايا ويترك بعضا وكذا قال الضحاك. وقال محمد بن إسحق "وما كان لنبي أن يغل" بأن يترك بعض ما أنزل إليه فلا يبلغ أمته وقرأ الحسن البصري وطاووس ومجاهد والضحاك "وما كان لنبي أن يغل" بضم الياء أي يخان. وقال قتادة والربيع بن أنس; نزلت هذه الآية يوم بدر وقد غل بعض أصحابه ورواه ابن جرير عنهما ثم حكى بعضهم أنه فسر هذه القراءة بمعنى يتهم بالخيانة ثم قال تعالى "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد وقد وردت السنة بالنهي عن ذلك أيضا في أحاديث متعددة. قال الإمام أحمد حدثنا عبدالملك حدثنا زهير يعني ابن محمد عن عبدالله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أعظم الغلول عند الله ذراع من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض - أو في الدار- فيقطع أحدهما من حظ صاحبه ذراعا فإذا قطعه طوّقه من سبع أرضين يوم القيامة" " حديث آخر" قال الإمام أحمد حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن نمير حدثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبدالرحمن بن جبير قال سمعت المستورد بن شدّاد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول; "من ولي لنا عملا وليس له منزل فليتخذ منزلا أو ليست له زوجة فليتزوج أو ليس له خادم فليتخذ خادما أو ليس له دابة فليتخذ دابة ومن أصاب شيئا سوى ذلك فهو غال". هكذا رواه الإمام أحمد وقد رواه أبو داود بسند آخر وسياق آخر فقال; حدثنا موسى بن مروان الرقي حدثنا المعافي حدثنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد عن جبير بن نفير عن المستورد بن شدّاد قال; سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا" قال; قال أبو بكر أخبرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من اتخذ غير ذلك فهو غال -أو سارق". قال شيخنا الحافظ المزي رحمه الله; رواه أبو جعفر محمد الفريابي عن موسى بن مروان فقال; عن عبدالرحمن بن جبير بدل جبير بن نفير وهو أشبه بالصواب. " حديث آخر" قال ابن جرير; حدثنا أبو كريب حدثنا حفص بن بشر حدثنا يعقوب القمي حدثنا حفص بن حميد عن عكرمة عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى لله عليه وسلم "لأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء ينادي يا محمد يا محمد فأقول; لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملا له رغاء يقول; يا محمد يا محمد فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك ولأعرفن أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قسما من أدم ينادي يا محمد يا محمد فأقول; لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك". لم يروه أحد من أهل الكتب الستة. " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يقول; حدثنا أبو حميد الساعدي قال; استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية على الصدقة فجاء فقال; هذا لكم وهذا أهدي لي فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال "ما بال العامل نبعثه على عمل فيقول; هذا لكم وهذا أهدي لي; أفلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر أيهدى إليه أم لا؟ والذي نفس محمد بيده لا يأتي أحدكم منها بشيء إلا جاء به يوم القيامة على رقبته إذ كان بعيرا له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة تيعر" ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة إبطيه; ثم قال "اللهم هل بلغت" ثلاثا وزاد هشام بن عروة فقال أبو حميد; بصرته بعيني وسمعته أذني واسألوا زيد بن ثابت أخرجاه من حديث سفيان بن عيينة وعند البخاري واسألوا زيد بن ثابت وغير وجه عن الزهري ومن طرق عن هشام بن عروة كلاهما عن عروة به. " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "هدايا العمال غلول" وهذا الحديث من أفراد أحمد وهو ضعيف الإسناد وكأنه مختصر من الذي قبله والله أعلم " حديث آخر" قال أبو عيسى الترمذي في كتاب الأحكام; حدثنا أبو كريب حدثنا أبو أسامة عن داود بن يزيد الأودي عن المغيرة بن شبل عن قيس بن أبي حازم عن معاذ بن جبل قال; بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فلما سرت أرسل في أثري فرددت فقال "أتدري لم بعثت إليك؟ لا تصيبن شيئا بغير إذني فإنه غلول "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" لهذا دعوتك فامض لعملك" هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفي الباب عن عدي بن عميرة وبريدة والمستورد بن شداد وأبي حميد وابن عمر " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا إسماعيل بن علية حدثنا أبو حيان يحيى بن سعيد التيمي عن أبي زرعة عن ابن عمر وابن جرير عن أبي هريرة قال; قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول; يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس لها حمحمة فيقول; يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك من الله شيئا قد بلغتك" أخرجاه من حديث أبي حيان به " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل بن أبي خالد حدثني قيس عن عدي بن عميرة الكندي قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "يا أيها الناس من عمل لنا منكم عملا فكتمنا منه مخيطا فما فوقه فهو غل يأتي به يوم القيامة" قال; فقام رجل من الأنصار أسود- قال مجاهد; هو سعد بن عبادة كأني أنظر إليه - فقال يا رسول الله اقبل مني عملك قال "وما ذاك؟" قال سمعتك تقول كذا وكذا قال وأنا أقول ذاك الآن من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذه وما نهى عنه انتهى" وكذا رواه مسلم وأبو داود من طرق عن إسماعيل بن أبي خالد به " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا أبو معاوية عن أبي إسحق الفزاري عن ابن جريج حدثني منبوذ رجل من آل أبي رافع عن الفضل بن عبدالله بن أبي رافع عن أبي رافع قال; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبدالأشهل فيتحدّث معهم حتى ينحدر إلى المغرب قال أبو رافع; فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعا إلى المغرب إذ مرّ بالبقيع فقال "أف لك أف لك" فلزق في درعي وتأخرت وظننت أنه يريدني فقال "مالك؟" قلت أحدثت حدثا يا رسول الله! قال "وما ذاك"؟ قال; إنك قلت لي قال; لا ولكن هذا قبر فلان بعثته ساعيا على آل فلان فغل نمرة فدرع الآن مثلها من نار" " حديث آخر" قال عبدالله بن الإمام أحمد; حدثنا عبدالله بن سالم الكوفي المفلوج - وكان ثقة - حدثنا عبيد بن الأسود عن القاسم بن الوليد عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجية عن عبادة بن الصامت قال; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ الوبرة من ظهر البعير من المغنم ثم يقول "مالي فيه إلا مثل ما لأحدكم إياكم والغلول فإن الغلول خزي على صاحبه يوم القيامة أدّوا الخيط والمخيط وما فوق ذلك وجاهدوا في سبيل الله القريب والبعيد في الحضر والسفر فإن الجهاد باب من أبواب الجنة إنه لينجي الله به من الهم والغم وأقيموا حدود الله في القريب والبعيد ولا تأخذكم في الله لومة لائم" وقد روى ابن ماجه بعضه عن المفلوج به. " حديث آخر" عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ردّوا الخياط والمخيط فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة" " حديث آخر" قال أبو داود; حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا جرير عن مطرف عن أبي الجهم عن أبي مسعود الأنصاري قال; بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيا ثم قال انطلق أبا مسعود لا ألفينك يوم القيامة تجيء على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته" قال; إذا لا أنطلق قال "إذا لا أكرهك" تفرد به أبو داود. " حديث آخر" قال أبو بكر بن مردويه; أنبأنا محمد بن أحمد بن إبراهيم أنبأنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة أنبأنا عبدالحميد بن صالح أنبأنا أحمد بن أبان عن علقمة عن مرثد عن أبي بردة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن الحجر يرمى به في جهنم فيهوي سبعين خريفا ما يبلغ قعرها ويؤتى بالغلول فيقذف معه ثم يقال لمن غل به; ائت به فذلك قوله "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" " حديث آخر" قال الإمام أحمد; حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي أبو زميل حدثني عبدالله بن عباس حدثني عمر بن الخطاب قال; لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا; فلان شهيد وفلان شهيد حتى أتوا على رجل فقالوا فلان شهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلا إني رأيته في النار في بردة غلها - أو عباءة" ثم قال رسول الله صلى الله عيه وسلم "اذهب فناد في الناس إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون" قال; فخرجت فناديت إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون وكذا رواه مسلم والترمذي من حديث عكرمة بن عمار به وقال الترمذي; حسن صحيح " حديث آخر عن عمر رضي الله عنه" قال ابن جرير. حدثني أحمد بن عبدالرحمن بن وهب حدثني عبدالله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن موسى بن جبير حدثه أن عبدالله بن عبدالرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه أن عبدالله بن أنيس حدثه أنه تذاكر هو وعمر بن الخطاب يوما الصدقة فقال; ألم تسمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة "من غل منها بعيرا أو شاة فإنه يحمله يوم القيامة"؟ قال عبدالله بن أنيس; بلى ورواه ابن ماجه عن عمرو بن سوار عن عبدالله بن وهب به " حديث آخر" قال ابن جرير; حدثنا يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدقا فقال "يا سعد إياك أن تجيء يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء" قال; لا آخده ولا أجيء به فأعفاه. ثم رواه من طريق عبيد الله عن نافع به نحوه " حديث آخر" قال أحمد; حدثنا أبو سعيد حدثنا عبدالعزيز بن محمد حدثنا صالح بن محمد بن زائدة عن سالم بن عبدالله أنه كان مع مسلمة بن عبدالملك في أرض الروم فوجد في متاع رجل غلولا قال; فسأل سالم بن عبدالله فقال حدثني أبي عبدالله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه - قال. وأحسبه قال واضربه" قال. فأخرج متاعه في السوق فوجد فيه مصحفا فسأل سالما؟ فقال; بعه وتصدق بثمنه. وكذا رواه علي بن المديني وأبو داود والترمذي من حديث عبدالعزيز بن محمد الدراوردي زاد أبو داود وأبو إسحق الفزاري كلاهما عن أبي واقد الليثي الصغير صالح بن محمد بن زائدة به. وقال علي بن المديني والبخاري وغيرهما; هذا حديث منكر من رواية أبي واقد هذا وقال الدارقطني; الصحيح أنه من فتوى سالم فقط وقد ذهب إلى القول بمقتضى هذا الحديث الإمام أحمد بن حنبل ومن تابعه من أصحابه وقد رواه الأموي عن معاوية عن أبي إسحق عن يونس بن عبيد عن الحسن قال; عقوبة الغال أن يخرج رحله فيحرق على ما فيه; ثم روى عن معاوية عن أبي إسحق عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن علي قال; الغال يجمع رحله فيحرق ويجلد دون حد المملوك ويحرم نصيبه وخالفه أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور فقالوا; لا يحرق متاع الغال بل يعزر تعزير مثله; وقد قال البخاري وقد امتنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة على الغال ولم يحرق متاعه والله أعلم - وقد قال الإمام أحمد; حدثنا أسود بن عامر أنبأنا إسرائيل عن أبي إسحق من جبير بن مالك قال; أمر بالمصاحف أن تغير قال; فقال ابن مسعود; من استطاع منكم أن يغل مصحفا فليغله فإنه من غل شيئا جاء به يوم القيامة. ثم قال; قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين مرة أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم - وروى وكيع في تفسير عن شريك عن إبراهيم بن مهاجر عن إبراهيم قال لما أمر بتحريق المصاحف قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه; أيها الناس غلوا المصاحف فإنه من غل يأت بما غل يوم القيامة ونعم الغل المصحف يأتي أحكم يوم القيامة - وقال أبو داود; عن سمرة بن جندب قال; كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غنم غنيمة أمر بلالا فينادي في الناس فيجوز بغنائمهم فيخمسه ويقسمه فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من شعر فقال; يا رسول الله هذا كان مما أصبناه من الغنيمة فقال "أسمعت بلالا ينادي" ثلاثا قال; نعم قال "فما منعك أن تجيء" فاعتذر إليه فقال "كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك.
قوله تعالى ; وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمونفيه إحدى عشرة مسألة ;الأولى ; لما أخل الرماة يوم أحد بمراكزهم - على ما تقدم - خوفا من أن يستولي المسلمون على الغنيمة فلا يصرف إليهم شيء ، بين الله سبحانه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجور في القسمة ; فما كان من حقكم أن تتهموه . وقال الضحاك ; بل السبب أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعث طلائع في بعض غزواته ثم غنم قبل مجيئهم ; فقسم للناس ولم يقسم للطلائع ; فأنزل الله عليه عتابا ; وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل أي يقسم لبعض ويترك بعضا . وروي نحو هذا القول عن ابن عباس . وقال ابن عباس أيضا وعكرمة وابن جبير وغيرهم ; نزلت بسبب قطيفة حمراء فقدت في المغانم يوم بدر ; فقال بعض من كان مع النبي - صلى الله عليه وسلم - ; لعل أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذها ، فنزلت الآية أخرجه أبو داود والترمذي وقال ; هذا حديث حسن غريب . قال ابن عطية ; قيل كانت هذه المقالة من مؤمنين لم يظنوا أن في ذلك حرجا . وقيل ; كانت من المنافقين . وقد روي أن المفقود كان سيفا . وهذه الأقوال تخرج على قراءة يغل بفتح الياء وضم الغين . وروى أبو صخر عن محمد بن كعب وما كان لنبي أن يغل قال ; تقول وما كان لنبي أن يكتم شيئا من كتاب الله . وقيل ; اللام فيه منقولة ، أي وما كان نبي ليغل ; كقوله ; ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه . أي ما كان الله ليتخذ ولدا . وقرئ " يغل " بضم الياء وفتح الغين . وقال ابن السكيت ; لم نسمع في المغنم إلا غل غلولا ، وقرئ وما كان لنبي أن يغل ويغل . قال ; فمعنى " يغل " يخون ، ومعنى " يغل " يخون ، ويحتمل معنيين ; أحدهما يخان أي يؤخذ من غنيمته ، والآخر يخون أن ينسب إلى الغلول ; ثم قيل ; إن كل من غل شيئا في خفاء فقد غل يغل غلولا ; قال ابن عرفة ; سميت غلولا لأن الأيدي مغلولة منها ، أي ممنوعة . وقال أبو عبيد ; الغلول من المغنم خاصة ، ولا نراه من الخيانة ولا من الحقد .[ ص; 241 ] ومما يبين ذلك أنه يقال من الخيانة ; أغل يغل ، ومن الحقد ; غل يغل بالكسر ، ومن الغلول ; غل يغل بالضم . وغل البعير أيضا يغل غلة إذا لم يقض ريه وأغل الرجل خان ، قال النمر ;جزى الله عنا حمزة ابنة نوفل جزاء مغل بالأمانة كاذبوفي الحديث ; ( لا إغلال ولا إسلال ) أي لا خيانة ولا سرقة ، ويقال ; لا رشوة . وقال شريح ; ليس على المستعير غير المغل ضمان . وقال - صلى الله عليه وسلم - ; ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن من رواه بالفتح فهو من الضغن . وغل دخل يتعدى ولا يتعدى ; يقال ; غل فلان المفاوز ، أي دخلها وتوسطها . وغل من المغنم غلولا ، أي خان . وغل الماء بين الأشجار إذا جرى فيها ; يغل بالضم في جميع ذلك . وقيل ; الغلول في اللغة أن يأخذ من المغنم شيئا يستره عن أصحابه ; ومنه تغلغل الماء في الشجر إذا تخللها . والغلل ; الماء الجاري في أصول الشجر ، لأنه مستتر بالأشجار ، كما قال ;لعب السيول به فأصبح ماؤه غللا يقطع في أصول الخروعومنه الغلالة للثوب الذي يلبس تحت الثياب . والغال ; أرض مطمئنة ذات شجر . ومنابت السلم والطلح يقال لها ; غال . والغال أيضا نبت ، والجمع غلان بالضم . وقال بعض الناس ; إن معنى يغل يوجد غالا ; كما تقول ; أحمدت الرجل وجدته محمودا . فهذه القراءة على هذا التأويل ترجع إلى معنى " يغل " بفتح الياء وضم الغين . ومعنى " يغل " عند جمهور أهل العلم أي ليس لأحد أن يغله ، أي يخونه في الغنيمة . فالآية في معنى نهي الناس عن الغلول في الغنائم ، والتوعد عليه . وكما لا يجوز أن يخان النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز أن يخان غيره ، ولكن خصه بالذكر لأن الخيانة معه أشد وقعا وأعظم وزرا ; لأن المعاصي تعظم بحضرته [ ص; 242 ] لتعين توقيره . والولاة إنما هم على أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - فلهم حظهم من التوقير . وقيل ; معنى يغل أي ما غل نبي قط ، وليس الغرض النهي .الثانية ; قوله تعالى ; ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة أي يأتي به حاملا له على ظهره ورقبته ، معذبا بحمله وثقله ، ومرعوبا بصوته ، وموبخا بإظهار خيانته على رءوس الأشهاد ; على ما يأتي . وهذه الفضيحة التي يوقعها الله تعالى بالغال نظير الفضيحة التي توقع بالغادر ، في أن ينصب له لواء عند إسته بقدر غدرته . وجعل الله تعالى هذه المعاقبات حسبما يعهده البشر ويفهمونه ; ألا ترى إلى قول الشاعر ;أسمي ويحك هل سمعت بغدرة رفع اللواء لنا بها في المجمعوكانت العرب ترفع للغادر لواء ، وكذلك يطاف بالجاني مع جنايته . وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال ; قام فينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم قال ; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك وروى أبو داود عن سمرة بن جندب قال ; كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا أصاب غنيمة أمر بلالا فنادى في الناس فيجيئون بغنائمهم فيخمسه ويقسمه ، فجاء رجل يوما بعد النداء بزمام من الشعر فقال ; يا رسول الله هذا كان فيما أصبناه [ ص; 243 ] من الغنيمة . فقال ; ( أسمعت بلالا ينادي ثلاثا ) ؟ قال ; نعم . قال ; ( فما منعك أن تجيء به ) ؟ فاعتذر إليه . فقال ; ( كلا أنت تجيء به يوم القيامة فلن أقبله منك ) . قال بعض العلماء ; أراد يوافي بوزر ذلك يوم القيامة ، كما قال في آية أخرى ; وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم ألا ساء ما يزرون . وقيل ; الخبر محمول على شهرة الأمر ; أي يأتي يوم القيامة قد شهر الله أمره كما يشهر لو حمل بعيرا له رغاء أو فرسا له حمحمة .قلت ; وهذا عدول عن الحقيقة إلى المجاز والتشبيه ، وإذا دار الكلام بين الحقيقة والمجاز فالحقيقة الأصل كما في كتب الأصول . وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - بالحقيقة ، ولا عطر بعد عروس . ويقال ; إن من غل شيئا في الدنيا يمثل له يوم القيامة في النار ، ثم يقال له ; انزل إليه فخذه ، فيهبط إليه ، فإذا انتهى إليه حمله ، حتى إذا انتهى إلى الباب سقط عنه إلى أسفل جهنم ، فيرجع إليه فيأخذه ; لا يزال هكذا إلى ما شاء الله . ويقال يأت بما غل يعني تشهد عليه يوم القيامة تلك الخيانة والغلول .الثالثة ; قال العلماء ; والغلول كبيرة من الكبائر ; بدليل هذه الآية وما ذكرناه من حديث أبي هريرة ; أنه يحمله على عنقه . وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في مدعم ; والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا قال ; فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ; ( شراك أو شراكان من نار ) . أخرجه الموطأ . فقوله عليه السلام ; ( والذي نفسي بيده ) وامتناعه من الصلاة على من غل دليل على تعظيم الغلول وتعظيم الذنب فيه وأنه من الكبائر ، وهو من حقوق الآدميين ولا بد فيه من القصاص بالحسنات والسيئات ، ثم صاحبه في المشيئة . وقوله ; ( شراك أو [ ص; 244 ] شراكان من نار ) مثل قوله ; ( أدوا الخياط والمخيط ) . وهذا يدل على أن القليل والكثير لا يحل أخذه في الغزو قبل المقاسم ، إلا ما أجمعوا عليه من أكل المطاعم في أرض الغزو ومن الاحتطاب والاصطياد . وقد روي عن الزهري أنه قال ; لا يؤخذ الطعام في أرض العدو إلا بإذن الإمام . وهذا لا أصل له ; لأن الآثار تخالفه ، على ما يأتي . قال الحسن ; كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا افتتحوا المدينة أو الحصن أكلوا من السويق والدقيق والسمن والعسل . وقال إبراهيم ; كانوا يأكلون من أرض العدو الطعام في أرض الحرب ويعلفون قبل أن يخمسوا . وقال عطاء ; في الغزاة يكونون في السرية فيصيبون أنحاء السمن والعسل والطعام فيأكلون ، وما بقي ردوه إلى إمامهم ; وعلى هذا جماعة العلماء .الرابعة ; وفي هذا الحديث دليل على أن الغال لا يحرق متاعه ; لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرق متاع الرجل الذي أخذ الشملة ، ولا أحرق متاع صاحب الخرزات الذي ترك الصلاة عليه ، ولو كان حرق متاعه واجبا لفعله - صلى الله عليه وسلم - ولو فعله لنقل ذلك في الحديث . وأما ما روي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; إذا وجدتم الرجل قد غل فأحرقوا متاعه واضربوه . فرواه أبو داود والترمذي من حديث صالح بن محمد بن زائدة ، وهو ضعيف لا يحتج به . قال الترمذي ; سألت محمدا - يعني البخاري - عن هذا الحديث فقال ; إنما روى هذا صالح بن محمد وهو أبو واقد الليثي وهو منكر الحديث . وروى أبو داود أيضا عنه قال ; غزونا مع الوليد بن هشام ومعنا سالم بن عبد الله بن عمر وعمر بن عبد العزيز ، فغل رجل متاعا فأمر الوليد بمتاعه فأحرق ، وطيف به ولم يعطه سهمه . قال أبو داود ; وهذا أصح الحديثين . وروي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه . قال أبو داود ; وزاد فيه علي بن بحر عن الوليد - ولم أسمعه منه - ; ومنعوه سهمه . قال أبو عمر ; قال بعض رواة هذا الحديث ; واضربوا عنقه وأحرقوا متاعه . وهذا الحديث يدور على صالح بن محمد وليس ممن يحتج به . وقد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال ; لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وهو ينفي القتل في الغلول . وروى ابن جريج عن [ ص; 245 ] أبي الزبير عن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; ليس على الخائن ولا على المنتهب ولا على المختلس قطع . وهذا يعارض حديث صالح بن محمد وهو أقوى من جهة الإسناد . والغال خائن في اللغة والشريعة وإذا انتفى عنه القطع فأحرى القتل . وقال الطحاوي ; لو صح حديث صالح المذكور احتمل أن يكون حين كانت العقوبات في الأموال ; كما قال في مانع الزكاة ; إنا آخذوها وشطر ماله ، عزمة من عزمات الله تعالى . وكما قال أبو هريرة في ضالة الإبل المكتومة ; فيها غرامتها ومثلها معها . وكما روى عبد الله بن عمرو بن العاص في الثمر المعلق غرامة مثليه وجلدات نكال وهذا كله منسوخ ، والله أعلم .الخامسة ; فإذا غل الرجل في المغنم ووجد أخذ منه ، وأدب وعوقب بالتعزير . وعند مالك والشافعي وأبي حنيفة وأصحابهم والليث ; لا يحرق متاعه . وقال الشافعي والليث وداود ; إن كان عالما بالنهي عوقب . وقال الأوزاعي ; يحرق متاع الغال كله إلا سلاحه وثيابه التي عليه وسرجه ، ولا تنزع منه دابته ، ولا يحرق الشيء الذي غل . وهذا قول أحمد وإسحاق ، وقاله الحسن ، إلا أن يكون حيوانا أو مصحفا . وقال ابن خويز منداد ; وروي أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما ضربا الغال وأحرقا متاعه . قال ابن عبد البر ; وممن قال يحرق رحل الغال ومتاعه مكحول وسعيد بن عبد العزيز . وحجة من ذهب إلى هذا حديث صالح المذكور . وهو عندنا حديث لا يجب به انتهاك حرمة ، ولا إنفاذ حكم ; لما يعارضه من الآثار التي هي أقوى منه . وما ذهب إليه مالك ومن تابعه من هذه المسألة أصح من جهة النظر وصحيح الأثر ، والله أعلم .[ ص; 246 ] السادسة ; لم يختلف مذهب مالك في العقوبة على البدن ، فأما في المال فقال في الذمي يبيع الخمر من المسلم ; تراق الخمر على المسلم ، وينزع الثمن من الذمي عقوبة له ; لئلا يبيع الخمر من المسلمين . فعلى هذا يجوز أن يقال ; تجوز العقوبة في المال . وقد أراق عمر - رضي الله عنه - لبنا شيب بماء .السابعة ; أجمع العلماء على أن للغال أن يرد جميع ما غل إلى صاحب المقاسم قبل أن يفترق الناس إن وجد السبيل إلى ذلك ، وإنه إذا فعل ذلك فهي توبة له ، وخروج عن ذنبه . واختلفوا فيما يفعل به إذا افترق أهل العسكر ولم يصل إليه ; فقال جماعة من أهل العلم ; يدفع إلى الإمام خمسه ويتصدق بالباقي . هذا مذهب الزهري ومالك والأوزاعي والليث والثوري ; وروي عن عبادة بن الصامت ومعاوية والحسن البصري . وهو يشبه مذهب ابن مسعود وابن عباس ; لأنهما كانا يريان أن يتصدق بالمال الذي لا يعرف صاحبه ; وهو مذهب أحمد بن حنبل . وقال الشافعي ; ليس له الصدقة بمال غيره . قال أبو عمر ; فهذا عندي فيما يمكن وجود صاحبه والوصول إليه أو إلى ورثته ، وأما إن لم يكن شيء من ذلك فإن الشافعي لا يكره الصدقة حينئذ إن شاء الله . وقد أجمعوا في اللقطة على جواز الصدقة بها بعد التعريف لها وانقطاع صاحبها ، وجعلوه إذا جاء - مخيرا بين الأجر والضمان ، وكذلك المغصوب . وبالله التوفيق . وفي تغريم الغلول دليل على اشتراك الغانمين في الغنيمة ، فلا يحل لأحد أن يستأثر بشيء منها دون الآخر ; فمن غصب شيئا منها أدب اتفاقا ، على ما تقدم .الثامنة ; وإن وطئ جارية أو سرق نصابا فاختلف العلماء في إقامة الحد عليه ; فرأى جماعة أنه لا قطع عليه .التاسعة ; ومن الغلول هدايا العمال ، وحكمه في الفضيحة في الآخرة حكم الغال . روى أبو داود في سننه ومسلم في صحيحه عن أبي حميد الساعدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعمل رجلا من الأزد يقال له ابن اللتبية قال ابن السرح ابن الأتبية على الصدقة ، فجاء فقال ; هذا لكم وهذا أهدي لي . فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - على المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال ; ما بال العامل نبعثه فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي لي ألا جلس في بيت أمه أو أبيه فينظر أيهدى إليه أم لا ، لا يأتي أحد منكم بشيء من ذلك إلا جاء به يوم القيامة إن كان بعيرا فله رغاء وإن كانت بقرة فلها خوار أو شاة تيعر ) - ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه ثم قال ; ( اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت ) . وروى أبو داود عن بريدة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; من استعملناه على عمل فرزقناه رزقا [ ص; 247 ] فما أخذ بعد ذلك فهو غلول . وروى أيضا عن أبي مسعود الأنصاري قال ; بعثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعيا ثم قال ; ( انطلق أبا مسعود ولا ألفينك يوم القيامة تأتي على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته ) . قال ; إذا لا أنطلق . قال ; ( إذا لا أكرهك ) . وقد قيد هذه الأحاديث ما رواه أبو داود أيضا عن المستورد بن شداد قال ; سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول ; من كان لنا عاملا فليكتسب زوجة فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادما فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنا . قال فقال أبو بكر ; أخبرت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال ; ( من اتخذ غير ذلك فهو غال سارق ) ، والله أعلم .العاشرة ; ومن الغلول حبس الكتب عن أصحابها ، ويدخل غيرها في معناها . قال الزهري ; إياك وغلول الكتب . فقيل له ; وما غلول الكتب ؟ قال ; حبسها عن أصحابها . وقد قيل في تأويل قوله تعالى ; وما كان لنبي أن يغل أن يكتم شيئا من الوحي رغبة أو رهبة أو مداهنة . وذلك أنهم كانوا يكرهون ما في القرآن من عيب دينهم وسب آلهتهم ، فسألوه أن يطوي ذلك ; فأنزل الله هذه الآية ; قاله محمد بن بشار . وما بدأنا به قول الجمهور .الحادية عشرة ; قوله تعالى ; ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون تقدم القول فيه .
القول في تأويل قوله ; وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّاختلفت القرأة في قراءة ذلك.فقرأته جماعة من قرأة الحجاز والعراق; ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ )، بمعنى; أن يخون أصحابه فيما أفاء الله عليهم من أموال أعدائهم. واحتجَّ بعض قارئي هذه القراءة; أنّ هذه الآية نـزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في قطيفة فُقدت من مغانم القوم يوم بدر، فقال بعض من كان مع النبي صلى الله عليه وسلم; " لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها!"، ورووا في ذلك روايات، فمنها ما;-8136- حدثنا به محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد بن زياد قال، حدثنا خصيف قال، حدثنا مقسم قال، حدثني ابن عباس; أن هذه الآية; " وما كان لنبيّ أن يغل "، نـزلت في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر، قال; فقال بعض الناس; أخذها! قال; فأكثروا في ذلك، فأنـزل الله عز وجل; " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلُل يأت بما غل يوم القيامة ". (23)8137- حدثنا ابن أبي الشوارب قال، حدثنا عبد الواحد قال، حدثنا &; 7-349 &; خصيف قال، سألت سعيد بن جبير; كيف تقرأ هذه الآية; " وما كان لنبي أن يغُل " أو; " يُغَل "؟ قال; لا بل " يَغُل "، فقد كان النبي والله يُغَل ويقتل.8138- حدثني إسحاق بن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قال، حدثنا عتاب بن بشير، عن خصيف، عن مقسم، عن ابن عباس; " وما كان لنبي أن يغل "، قال; كان ذلك في قطيفة حمراء فقدت في غزوة بدر، فقال أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم; " فلعل النبي أخذها "! فأنـزل الله عز وجل; " وما كان لنبي أن يغُل " = [قال سعيد; بلى والله، إنّ النبي ليُغَلّ ويُقتل]. (24)8139- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خلاد، عن زهير، عن خصيف، عن عكرمة، عن ابن عباس قال; كانت قطيفة فقدت يوم بدر، فقالوا; " أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم!". فأنـزل الله عز وجل; " وما كان لنبيّ أن يغُلّ".8140- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا مالك بن إسماعيل قال، حدثنا زهير قال، حدثنا خصيف، عن سعيد بن جبير وعكرمة في قوله; " وما كان لنبي أن يغل "، قالا يغُل = قال قال عكرمة أو غيره، عن ابن عباس، قال = كانت قطيفة فقدت يوم بدر، فقالوا; أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم! قال; فأنـزل الله هذه الآية; " وما كان لنبي أن يغل ".8141- حدثنا مجاهد بن موسى قال، حدثنا يزيد، قال، حدثنا قزعة بن سويد الباهلي، عن حميد الأعرج، عن سعيد بن جبير قال; نـزلت هذه الآية; " وما كان لنبي أن يغل "، في قطيفة حمراء فقدت يوم بدر من الغنيمة. (25)8142- حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال، حدثنا معتمر، عن أبيه، عن سليمان الأعمش قال; كان ابن مسعود يقرأ; ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ )، فقال ابن عباس; بلى، ويُقْتَل = قال; فذكر ابن عباس أنه إنما كانت في قطيفة قالوا; إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غَلَّها، يوم بدر. فأنـزل الله; " وما كان لنبيّ أن يَغُل ".* * *وقال آخرون ممن قرأ ذلك كذلك، بفتح " الياء " وضم " الغين "; إنما نـزلت هذه الآية في طلائع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجَّههم في وجه، ثم غنم النبي صلى الله عليه وسلم فلم يقسم للطلائع، فأنـزل الله عز وجل هذه الآية على نبيه صلى الله عليه وسلم، يعلمه فيها أن فعله الذي فعله خطأ، وأنّ الواجب عليه في الحكم أن يقسم للطلائع مثل ما قسم لغيرهم، ويعرِّفه الواجبَ عليه من الحكم فيما &; 7-351 &; أفاء الله عليه من الغنائم، وأنه ليس له أن يخصّ بشيء منها أحدًا ممن شهد الوقعة - أو ممن كان رِدْءًا لهم في غزوهم - دون أحد. (26)*ذكر من قال ذلك;8143- حدثني محمد بن سعد قال، حدثني أبي قال، حدثني عمي قال، حدثني أبي، عن أبيه، عن ابن عباس، قوله; " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غلَّ يوم القيامة "، يقول; ما كان للنبي أن يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القَسْم، ولكن يقسم بالعدل، ويأخذ فيه بأمر الله، ويحكم فيه بما أنـزل الله. يقول; ما كان الله ليجعل نبيًّا يغلُّ من أصحابه، فإذا فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم استنُّوا به. (27)8144- حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم، عن جويبر، عن الضحاك; أنه كان يقرأ; " ما كان لنبي أن يغلَّ"، قال; أن يعطي بعضًا، ويترك بعضًا، إذا أصاب مغنمًا.8145- حدثنا ابن وكيع قال، حدثنا أبي، عن سلمة بن نبيط، عن الضحاك قال; بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم طلائع، فغنم النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يقسم للطلائع، فأنـزل الله عز وجل; " وما كان لنبيّ أن يغل ".8146- حدثت عن الحسين قال، سمعت أبا معاذ قال، أخبرنا عبيد بن سليمان، عن الضحاك; " ما كان لنبي أن يغل "، يقول; ما كان لنبيّ أن يقسم لطائفة من أصحابه ويترك طائفة، ولكن يعدل ويأخذ في ذلك بأمر الله عز وجل، ويحكم فيه بما أنـزل الله.8147- حدثني يحيى بن أبي طالب قال، أخبرنا يزيد قال، أخبرنا &; 7-352 &; جويبر، عن الضحاك في قوله; " ما كان لنبي أن يغل "، قال; ما كان له إذا أصاب مغنمًا أن يقسم لبعض أصحابه ويدع بعضًا، ولكن يقسم بينهم بالسوية.* * *وقال آخرون ممن قرأ ذلك بفتح " الياء " وضم " الغين "; إنما أنـزل ذلك تعريفًا للناس أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لا يكتم من وحي الله شيئًا.*ذكر من قال ذلك;8148- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " وما كان لنبيّ أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "، أي; ما كان لنبيّ أن يكتم الناس ما بعثه الله به إليهم عن رهبة من الناس ولا رغبة، ومن يعمل ذلك يأت به يوم القيامة. (28)* * *قال أبو جعفر; فتأويل قراءة من قرأ ذلك كذلك; ما ينبغي لنبي أن يكون غالا - بمعنى أنه ليس من أفعال الأنبياء خيانة أممهم.* * *يقال منه; " غلّ الرجل فهو يغُلُّ"، إذا خان،" غُلولا ". ويقال أيضًا منه; " أغلَّ الرجل فهو يُغِلُّ إغلالا "، كما قال شريح; " ليس على المستعير غير المغِلِّ ضمَان "، يعني; غير الخائن. ويقال منه; " أغلّ الجازر "، إذا سرق من اللحم شيئا مع الجلد. (29)* * *وبما قلنا في ذلك جاء تأويل أهل التأويل.*ذكر من قال ذلك;8149- حدثنا محمد بن الحسين قال، حدثنا أحمد بن المفضل قال، حدثنا &; 7-353 &; أسباط، عن السدي; " ما كان لنبي أن يغل "، يقول; ما كان ينبغي له أن يخون، فكما لا ينبغي له أن يخون فلا تخونوا.8150- حدثني محمد بن عمرو قال، حدثنا أبو عاصم قال، حدثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد في قوله; " ما كان لنبي أن يغل "، قال; أن يخون.* * *وقرأ ذلك آخرون; ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ ) بضم " الياء " وفتح " الغين "، وهي قراءة عُظم قرأة أهل المدينة والكوفة.* * *واختلف قارئو ذلك كذلك في تأويله.فقال بعضهم; معناه; ما كان لنبي أن يَغُلّه أصحابه، ثم أسقط" الأصحاب "، فبقي الفعل غير مسمًّى فاعله. وتأويله; وما كان لنبيّ أن يُخان.*ذكر من قال ذلك;8151- حدثني يعقوب بن إبراهيم قال، حدثنا هشيم قال، أخبرنا عوف، عن الحسن أنه كان يقرأ; " وما كان لنبيّ أن يُغَل " قال عوف، قال الحسن; أن يخان.8152- حدثنا بشر قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد، عن قتادة قوله; " وما كان لنبي أن يغل "، يقول; وما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه من المؤمنين - ذكر لنا أن هذه الآية نـزلت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقد غَلَّ طوائف من أصحابه.8153- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة، في قوله; " وما كان لنبي أن يُغَل "، قال; أن يغله أصحابه.8154- حدثت عن عمار قال، حدثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع، قوله; " وما كان لنبي أن يُغَلَّ"، قال &; 7-354 &; الربيع بن أنس، يقول; ما كان لنبي أن يغله أصحابه الذين معه - قال; ذكر لنا، والله أعلم; أن هذه الآية أنـزلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وقد غَلّ طوائف من أصحابه.* * *وقال آخرون منهم; معنى ذلك; وما كان لنبي أن يتهم بالغلول فيخوَّن ويسرَّق. وكأن متأولي ذلك كذلك، وجَّهوا قوله; " وما كان لنبي أن يغل " إلى أنه مراد به; " يغَلَّل "، ثم خففت " العين " من " يفعَّل "، فصارت " يفعل " كما قرأ من قرأ قوله; فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ [سورة الأنعام; 33] بتأوُّل; يُكَذِّبُونَك.* * *قال أبو جعفر; وأولى القراءتين بالصواب في ذلك عندي، قراءة من قرأ; ( وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ) بمعنى; ما الغلول من صفات الأنبياء، ولا يكون نبيًّا من غلَّ.وإنما اخترنا ذلك، لأن الله عز وجل أوعد عقيب قوله; " وما كان لنبي أن يغل " أهلَ الغلول فقال; وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، الآية والتي بعدها. فكان في وعيده عقيب ذلك أهلَ الغلول، الدليلُ الواضح على أنه إنما نهى بذلك عن الغلول، وأخبر عباده أن الغلول ليس من صفات أنبيائه بقوله; " وما كان لنبيّ أن يغلّ". لأنه لو كان إنما نهى بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتهموا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغلول، لعقَّب ذلك بالوعيد على التُّهَمة وسوء الظن برسول الله صلى الله عليه وسلم، لا بالوعيد على الغلول. وفي تعقيبه ذلك بالوعيد على الغلول، بيانٌ بيِّنٌ، أنه إنما عرّف المؤمنين وغيرهم من عباده أن الغلول منتفٍ من صفة الأنبياء وأخلاقهم، لأنّ ذلك جرم عظيم، والأنبياء لا تأتي مثله.* * *فإن قال قائل ممن قرأ ذلك كذلك; فأولى منه (30) " وما كان لنبي أن يخونه أصحابه "، إن كان ذلك كما ذكرت، (31) ولم يعقّب الله قوله; " وما كان لنبي أن يغل " إلا بالوعيد على الغلول، ولكنه إنما وجب الحكمُ بالصحة لقراءة من قرأ; " يغل " بضم " الياء " وفتح " الغين "، لأن معنى ذلك; وما كان للنبي أن يغله أصحابه، فيخونوه في الغنائم؟قيل له; أفكان لهم أن يغلوا غير النبي صلى الله عليه وسلم فيخونوه، حتى خُصوا بالنهي عن خيانة النبي صلى الله عليه وسلم؟فإن قالوا; " نعم "، خرجوا من قول أهل الإسلام. لأن الله لم يبح خيانة أحد في قول أحد من أهل الإسلام قط.وإن قال قائل; لم يكن ذلك لهم في نبيّ ولا غيره.قيل; فما وجه خصوصهم إذًا بالنهي عن خيانة النبي صلى الله عليه وسلم، وغُلوله وغُلول بعض اليهود بمنـزلةٍ فيما حرم الله على الغالِّ من أموالهما، وما يلزم المؤتمن من أداء الأمانة إليهما؟وإذا كان ذلك كذلك، فمعلوم أن معنى ذلك هو ما قلنا، من أن الله عز وجل نفى بذلك أن يكون الغلول والخيانة من صفات أنبيائه، ناهيًا بذلك عبادَه عن الغلول، وآمرًا لهم بالاستنان بمنهاج نبيهم، كما قال ابن عباس في الرواية التي ذكرناها من رواية عطية، (32) ثم عقَّب تعالى ذكره نهيَهم عن الغلول بالوعيد عليه فقال; وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، الآيتين معًا.* * *القول في تأويل قوله تعالى ; وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِقال أبو جعفر; يعني بذلك تعالى ذكره; ومن يخُن من غنائم المسلمين شيئًا وفيئهم وغير ذلك، يأت به يوم القيامة في المحشر. كما;-8155- حدثنا أبو كريب قال; حدثنا ابن فضيل، عن يحيى بن سعيد أبي حيان، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم; أنه قام خطيبًا فوعظ وذكَّر ثم قال; ألا عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثُغاء، (33) يقول; يا رسول الله، أغثني! فأقول; لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرسٌ لها حمحمة، (34) يقول; يا رسول الله، أغثني! فأقول; لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامتٌ، (35) يقول; يا رسول الله، أغثني! فأقول; لا أملك لك شيئًا، قد أبلغتك! ألا هل عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته بقرة لها خوار (36) ، يقول; يا رسول الله، أغثني! فأقول; لا أملك لك شيئا، قد أبلغتك! ألا عسى رجل منكم يجيء يوم القيامة على رقبته رِقاع تخفِق &; 7-357 &; يقول; (37) يا رسول الله، أغثني! فأقول; لا أملك لك شيئًا قد أبلغتك! (38)8156- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحمن، عن أبي حيّان، عن أبى زرعة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، مثل هذا = زاد فيه &; 7-358 &; " لا ألفين أحدكم على رقبته نفسٌ لها صياح ". (39)8157- حدثني يعقوب قال، حدثنا ابن علية قال، حدثنا أبو حيّان، عن أبي زرعة، بن عمرو بن جرير، عن أبي هريرة قال; قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا يومًا، فذكر الغُلول، فعظَّمه وعظَّم أمره فقال; لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول; يا رسول الله أغثني = (40) ثم ذكر نحو حديث أبي كريب، عن عبد الرحمن. (41)8158- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا حفص بن بشر، عن يعقوب القمي قال، حدثنا حفص بن حميد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال; قال رسول الله صلى الله عليه وسلم; " لا أعرفَنّ أحدَكم يأتي يوم القيامة يحمل شاة لها ثغاء، ينادي; يا محمد! يا محمد! (42) فأقول; لا أملك لك من الله شيئًا قد بلغتك! ولا أعرفنّ أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل جملا له رُغاء يقول; يا محمد! يا محمد! فأقول; لا أملك لك من الله شيئًا، قد بلغتك! ولا أعرفنَّ أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل فرسًا له حمحمة ينادي; يا محمد! يا محمد! فأقول; لا أملك لك من الله شيئًا، قد بلغتك! ولا أعرفنّ أحدكم يأتي يوم القيامة يحمل قِشْعًا من أَدَمٍ، (43) &; 7-359 &; ينادي; يا محمد! يا محمد! فأقول; لا أملك لك من الله شيئًا، قد بلغتك ". (44)8159- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أسباط بن محمد قال، حدثنا أبو إسحاق الشيباني، عن عبد الله بن ذكوان، عن عروة بن الزبير، عن أبي حميد قال، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقًا فجاء بسوادٍ كثير، قال; فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم من يقبضه منه. فلما أتوه جعل يقول; هذا لي، وهذا لكم. قال فقالوا; من أين لك هذا؟ قال; أهدي إليّ! فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه بذلك، فخرج فخطب فقال; " أيها الناس، ما بالي أبعث قومًا إلى الصدقة، فيجيء أحدهم بالسواد الكثير، (45) فإذا بعثت من يقبضه قال;هذا لي، وهذا لكم! فإن كان صادقًا أفلا أهدي له وهو في بيت أبيه أو في بيت أمه؟" ثم قال; " أيها الناس، من بعثناه على عمل فغَلَّ شيئًا، جاء به يوم القيامة على عنقه يحمله، فاتقوا الله أن يأتي أحدكم يوم القيامة على عنقه بعير له رغاء، أو بقرة تخور، أو شاة تثغو ". (46)8160- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا أبو معاوية وابن نمير وعبدة بن سليمان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي حميد الساعدي قال; استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من الأزد يقال له " ابن الأتْبِيَّة " على صدقات &; 7-360 &; بني سليم، فلما جاء قال; " هذا لكم، وهذا هدية أهديت لي". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم; أفلا يجلس أحدكم في بيته فتأتيه هديته! ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال; " أما بعد، فإني أستعمل رجالا منكم على أمور مما ولاني الله، فيقول أحدهم; هذا الذي لكم، وهذا هدية أهديت إليّ! أفلا يجلس في بيت أبيه أو في بيت أمه فتأتيه هديته؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحدكم من ذلك شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على عنقه، فلا أعرفنَّ ما جاء رجل يحمل بعيرًا له رغاء، (47) أو بقرة لها خوار، أو شاة تيعر! (48) ثم رفع يده فقال;ألا هل بلغت "؟8161- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا عبد الرحيم، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أبي حميد، حدثه بمثل هذا الحديث = قال; أفلا جلست في بيت أبيك وأمك حتى تأتيك هديتك؟ ثم رفع يده حتى إني لأنظر إلى بياض إبطيه، ثم قال; " اللهم هل بلغت؟"= قال أبو حميد; بَصَرُ عيني وسَمْعُ أذني. (49)8162- حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن وهب وقال، حدثني عمي عبد الله بن وهب قال، أخبرني عمرو بن الحارث; أن موسى بن جبير حدثه; أن عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه; أن عبد الله بن أنيس حدثه; أنه تذاكر هو وعمر يومًا الصدقة فقال; ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر &; 7-361 &; غلول الصدقة; " من غل منها بعيرًا أو شاة، فإنه يحمله يوم القيامة "؟ قال عبد الله بن أنيس; بلى. (50)8163- حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال، حدثنا أبي قال، حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري، عن نافع، عن ابن عمر; أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سعد بن عبادة مصدِّقًا، فقال; إياك، يا سعد، أنْ تجيء يوم القيامة ببعير تحمله رغاء! قال; لا آخذه ولا أجيء به! فأعفاه. (51)8164- حدثنا أحمد بن المغيرة الحمصي أبو حميد قال، حدثنا الربيع بن روح قال، حدثنا ابن عياش قال، حدثني عبيد الله بن عمر بن حفص، عن نافع مولى ابن عمر، عن عبد الله بن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم; أنه استعمل سعد بن عبادة، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم; إياك، يا سعد، أن تجيء يوم القيامة تحمل على عنقك بعيرًا له رغاء! فقال سعد; فإن فعلتُ يا رسول الله، إن ذلك لكائن! قال; نعم! قال سعد; قد علمت يا رسول الله أني أُسأَل فأعْطِى! فأعفنى. فأعفاه. (52)8165- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا زيد بن حبان قال، حدثنا عبد الرحمن بن الحارث قال، حدثني جدي عبيد بن أبي عبيد - وكان أول مولود &; 7-363 &; بالمدينة - قال; استعملت على صدقة دَوْس، فجاءني أبو هريرة في اليوم الذي خرجت فيه، فسلَّم، فخرجت إليه فسلمت عليه فقال; كيف أنت والبعير؟ كيف أنت والبقر؟ كيف أنت والغنم؟ ثم قال; سمعت حبِيِّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال; " من أخذ بعيرًا بغير حقه جاء به يوم القيامة له رغاء، ومن أخذ بقرة بغير حقها جاء بها يوم القيامة لها خوار، ومن أخذ شاة بغير حقها جاء بها يوم القيامة على عنقه لها يعار، (53) فإياك والبقر فإنها أحدُّ قرونًا وأشدُّ أظلافًا ". (54)8166- حدثنا أبو كريب قال، حدثنا خالد بن مخلد قال، حدثني محمد، عن عبد الرحمن بن الحارث، عن جده عبيد بن أبي عبيد قال; استعملت على صدقة دوس، فلما قضيت العمل قدمت، فجاءني أبو هريرة فسلم علي فقال; أخبرني كيف أنت والإبل = ثم ذكر نحو حديثه عن زيد، إلا أنه قال; جاء به يوم القيامة على عنقه له رُغاء. (55)8167- حدثنا الحسن بن يحيى قال، أخبرنا عبد الرزاق قال، أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله; " وما كان لنبي أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم &; 7-364 &; القيامة "، قال قتادة; كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غنم مغنمًا بعث مناديًا; " ألا لا يغلَّن رجلٍ مخْيَطًا فما دونه، (56) ألا لا يغلّنّ رجل بعيرًا فيأتي به على ظهره يوم القيامة له رغاء، ألا لا يغلنّ رجل فرسًا، فيأتي به على ظهره يوم القيامة له حَمْحمة ".* * *القول في تأويل قوله ; ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161)قال أبو جعفر; يعني بذلك جل ثناؤه (57) ; " ثم توفى كل نفس "، ثم تعطى كل نفس جزاء ما كسبت بكسبها، وافيًا غير منقوص ما استحقه واستوجبه من ذلك (58) =" وهم لا يظلمون "، يقول; لا يفعل بهم إلا الذي ينبغي أن يفعل بهم، من غير أن يعتدي عليهم فينقصوا عما استحقوه. كما;-8168- حدثنا ابن حميد قال، حدثنا سلمة، عن ابن إسحاق; " ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون "، ثم يُجزى بكسبه غير مظلوم ولا متعدًّى عليه. (59)------------------الهوامش ;(23) الأثر; 8136-"محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب القرشي الأموي" ، روى عنه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه ، قال النسائي; "لا بأس به" ، وهو ثقة جليل صدوق. و"عبد الواحد بن زياد العبدي" أحد الأعلام سلفت ترجمته في; 2616. و"خصيف بن عبد الرحمن الجزري" ، رأى أنسًا ، وروي عن عطاء ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومقسم وغيرهم. قال أحمد"ضعيف الحديث" ، وقال; "شديد الاضطراب في المسند". وقال ابن عدي; "إذا حدث عن خصيف ثقة ، فلا بأس بحديثه". وقال ابن حبان; "تركه جماعة من أئمتنا واحتج به آخرون ، وكان شيخًا صالحًا فقيهًا عابدًا ، إلا أنه كان يخطئ كثيرًا فيما يروى ، وينفرد عن المشاهير بما لا يتابع عليه ، وهو صدوق في روايته ، إلا أن الإنصاف فيه ، قبول ما وافق الثقات ، وترك ما لم يتابع عليه". مترجم في التهذيب.والحديث رواه الترمذي في باب تفسير القرآن ، من طريق قتيبة ، عن عبد الواحد بن زياد ، بمثله وقال; "هذا حديث حسن غريب" ، وقد روى عبد السلام بن حرب عن خصيف نحو هذا ، وروى بعضهم هذا الحديث عن خصيف عن مقسم ، ولم يذكر فيه ابن عباس" - يعني مرسلا. ونسبه ابن كثير في تفسيره 2; 279 ، إلى أبي داود أيضًا ، ونسبه السيوطى في الدر المنثور 2; 91 إلى أبي داود ، وعبد بن حميد ، وابن أبي حاتم ، والترمذي ، وابن جرير.(24) الأثر; 8138-"عتاب بن بشير الجزري". روي عن خصيف وغيره. قال أحمد; "أرجو أن لا يكون به بأس ، روى بأخرة أحاديث منكرة ، وما أرى إلا أنها من قبل خصيف". مترجم في التهذيب. وكان في المطبوعة; "بل والله" ، والصواب ما أثبت من المخطوطة ، وأما قوله في آخر الأثر; "قال سعيد; . . ." ، فإني تركته مكانه هنا ، ولكني أرجح أنه من تمام الأثر التالي رقم; 8140 ، فوضعته بين القوسين. هذا ، إذا لم يكن قد سقط من الناسخ أثر آخر من رواية سعيد بن جبير.(25) الأثر; 8141-"قزعة بن سويد بن حجير الباهلي" ، روى عن أبيه ، وحميد بن قيس الأعرج ، وابن أبي مليكة ، وابن أبي نجيح وغيرهم. قال أحمد; "مضطرب الحديث ، وهو شبه المتروك". وقال أبو حاتم; "ليس بذاك القوى" ، وقال ابن حبان; "كان كثير الخطأ فاحش الوهم ، فلما كثر ذلك في روايته سقط الاحتجاج بأخباره". وقال البزار; "لم يكن بالقوي ، حدث عنه أهل العلم". مترجم في التهذيب.(26) الردء (بكسر فسكون); الناصر والمعين.(27) الأثر; 8143- هذا إسناد دائر في التفسير ، وانظر الكلام فيه برقم; 305.(28) الأثر; 8148- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8135 ، وفي بعض لفظه اختلاف يسير.(29) يعني عند سلخ الذبيحة ، يسلخها فيترك شيئًا من اللحم ملتزقًا بإهابها.(30) قوله; "فأولى منه" ، أي فأولى من المذهب الذي ذهبت إليه في قراءة الآية وتفسيرها = يقوله هذا القائل ، ردًا على أبي جعفر.(31) في المطبوعة والمخطوطة; "إن ذلك كما ذكرت" سقط من الناسخ"كان" فأثبتها ، لأن هذا هو حق المعنى الذي أراده أبو جعفر في سياق قول من رد عليه قوله.(32) يعني الأثر; 8143 ، "وعطية" المذكور ، هو"عطية بن سعد بن جنادة العوفي" ، الذي روى عن ابن عباس ، وهو المذكور في الإسناد السالف"عن أبيه". وقد أشكل ذلك على بعض من علق على التفسير ، فقال; لم يمض لعطية هذا ذكر!! ولكنه مذكور كما ترى.(33) "الثغاء"; صوت الشاء والمعز والظباء وما شاكلها."ثغت الشاة تثغو"; صاحت. يقال; "ماله ثاغية ولا راغية" ، الثاغية; الشاء; والراغية; الإبل.(34) الحمحمة; صوت الفرس دون الصهيل ، كالذي يكون منه إذا طلب العلف ، أو رأى صاحبه الذي كان ألفه ، فاستأنس إليه.(35) الصامت هو الذهب والفضة ، أو ما لا روح فيه من أصناف المال. يقال; "ما له صامت ولا ناطق". فالناطق; الحيوان ، كالإبل والغنم وغيرها.(36) "الخوار"; صوت الثور ، وما اشتد من صوت البقرة والعجل."خار الثور يخور".(37) "الرقاع" جمع رقعة; وهو الخرقة ، و"تخفق" تضطرب وتلمع إذا حركتها الرياح ، أو إسراع حاملها. يريد الثياب التي يغلها الغال مما يختطفه من الغنائم. وقد فسره كثير من الشراح بأنه أراد الرقاع المكتوبة التي تكون فيها الحقوق والديون ، وخفوقها حركتها ، وأرجح القولين ما قدمت منهما.(38) الحديث; 8155- أبو حيان -بفتح الحاء المهملة وتشديد الياء التحتية- يحيى بن سعيد ابن حيان التيمي; مضت ترجمته; 5382. ووقع في المطبوعة في الإسنادين التاليين لهذا"أبو حبان" بالباء الموحدة ، وهو خطأ.ووقع هنا في المخطوطة; "عن يحيى بن سعيد ، عن أبي حيان". وهو خطأ. فإن"أبا حيان"; اسمه"يحيى بن سعيد" - كما ذكرنا. ومحمد بن فضيل بن غزوان سمع منه ، ويروى عنه مباشرة ، كما هو ثابت في ترجمتهما.نعم; إن"يحيى بن سعيد القطان" روى هذا الحديث عن"أبي حيان يحيى بن سعيد التيمي" ، كما سيأتي في التخريج - ولكن ليس في هذا الإسناد.أبو زرعة - بضم الزاي وسكون الراء; هو ابن عمرو بن جرير بن عبد الله البجلي. وهو تابعي ثقة ، من علماء التابعين. مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 4 / 2 / 243 - 244 ، فيمن اسمه"هرم" ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 265 - 266 ، فيمن اسمه"عبد الرحمن" ، لاختلافهم في اسمه. والظاهر أن اسمه كنيته. ووقع في المطبوعة ، في الرواية الآتية; 8157-"عن أبي زرعة عن عمرو بن جرير" ، وهو تحريف ، صوابه"بن" بدل"عن".والحديث سيأتي عقب هذا بإسنادين; من طريق عبد الرحمن ، عن أبي حيان ، ومن طريق ابن علية ، عن أبي حيان.ورواه أحمد في المسند; 9499 (ج2; ص; 426 حلبي). عن إسماعيل -وهو ابن علية- عن أبي حيان.ورواه مسلم 2; 83 ، عن زهير بن حرب ، عن إسماعيل بن إبراهيم ، وهو ابن علية ، به.ورواه البخاري 6; 129 (فتح) ، عن مسدد ، عن يحيى - وهو ابن سعيد القطان ، عن أبي حيان وهو يحيى بن سعيد التيمي.ورواه مسلم أيضا بأسانيد. وكذلك رواه البيهقي في السنن الكبرى 9; 101 بأسانيد.وروى البخاري قطعة منه ، ضمن حديث ، من وجه آخر 3; 213 (فتح). وذكره ابن كثير 2; 281 ، من رواية المسند ، ثم قال; "أخرجاه من حديث أبي حيان ، به" يريد الشيخين. وذكره السيوطى 2; 92 ، وزاد نسبته لابن أبي شيبة ، والبيهقي في الشعب.(39) الحديث; 8156- هو تكرار للحديث السابق. ولكن"عبد الرحمن" - في هذا الإسناد; لم أستطع أن أجزم فيه بشيء. وأخشى أن يكون محرفًا عن"عبد الرحيم" ، فيكون; "عبد الرحيم بن سليمان الأشل" ، فهو الذي يروى عن أبي حيان ، ويروى عنه"أبو كريب". وهو راوي هذا الحديث - رواه مسلم 2; 83 ، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن عبد الرحمن بن سليمان.قوله; "نفس لها صياح" ، قال الحافظ ابن حجر في الفتح; "وكأنه أراد بالنفس ، ما يغله من الرقيق ، من امرأة أو صبي".(40) "الرغاء"; صوت ذوات الخف كالإبل ، وقد يستعار لغيره; "رغا البعير يرغو".(41) الحديث; 8157- هو تكرار للحديثين قبله. وقوله في آخره"ثم ذكر نحو حديث أبي كريب عن عبد الرحمن" أخشى أن يكون محرفًا ، وأن صوابه"عن عبد الرحيم" ، كما بينا من قبل.(42) قوله; "لا أعرفن" قد سلف أن بينت في التعليق على الأثر; 8011 ، ص; 286 تعليق; 4 ، والأثر; 8025 ، أنها كلمة تقال عند التهديد والوعيد والزجر الشديد ، وستأتي أيضًا في رقم; 8160 بعد.(43) "القشع"; هو النطع الخلق من الجلد ، وهو الفرو الخلق أيضًا. وقال ابن الأثير; أراد القربة البالية. و"الأدم" جمع أديم; وهو الجلد. وفي المطبوعة والمخطوطة وابن كثير"قسما" ، خطأ محض.(44) الحديث; 8158- حفص بن بشر ، ويعقوب بن عبد الله القمي ، مضيا في; 4842. حفص بن حميد القمي أبو عبيد; مترجم في التهذيب ، وعند ابن أبي حاتم 1 / 2 / 171. وهو ثقة ، وثقه النسائي وغيره. وقال ابن معين; "صالح". وجهله ابن المديني ، ولئن جهله لقد عرفه غيره. وهذا إسناد صحيح. والحديث ذكره ابن كثير 2; 280 ، عن هذا الموضع من الطبري. وقال; "لم يروه أحد من أهل الكتب الستة". ولم أجده في موضع آخر مما بين يدي من المراجع ، حتى السيوطي لم يذكره في الدر المنثور.(45) "السواد" العدد الكثير من المال ، سمى بذلك لأن الإبل والغنم وغيرها إذا جاءت كثيرة مجتمعة ، ترى كأنها سواد في خافق الأرض. يقال; "لفلان سواد كثير" ، أي مال كثير من إبل وغنم وغيرها. ويقال للشخص الذي يرى من بعيد"سواد" ، وفي الحديث; "إذا رأى أحدكم سوادًا بليل ، فلا يكن أجبن السوادين ، فإنه يخافك كما تخافه" ، يعني بالسواد الشخص.(46) انظر التعليق على رقم; 8161 .(47) قوله; "فلا أعرفن" ، انظر التعليق السالف ص; 358 تعليق; 4.(48) يعرت العنـز تيعر (مثل فتح يفتح) يعارًا (بضم الياء); صوتت صوتًا شديدًا. وكان في المطبوعة; "تثغو" ، وهو وإن كان صوابًا في المعنى ، فهو خطأ في الرواية ، صوابه من المخطوطة ، ومن رواية الحديث كما ترى في التخريج.(49) الأحاديث; 8159 - 8161 ، هي ثلاثة أسانيد لحديث واحد. وعبد الرحيم - في ثالثها هو ابن سليمان الأشل. والحديث رواه أحمد في المسند 5; 423 - 424 (حلبي) ، عن سفيان ، وهو ابن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن أبي حميد الساعدي ، بنحوه. وكذلك رواه البخاري 13; 144 - 146 ، ومسلم 2; 83 - 84 ، من طريق سفيان بن عيينة. ورواه البخاري أيضًا في مواضع أخر.ورواه مسلم -عقب تلك الرواية- من أوجه أخر ، منها من طريق عبد الرحيم بن سليمان. وذكره ابن كثير; 2; 280 - 281 ، من رواية المسند ، ثم قال; "أخرجاه (يعني الشيخين) ، من حديث سفيان بن عيينة. . . ومن غير وجه عن الزهري ، ومن طرق عن هشام بن عروة - كلاهما عن عروة ، به".قوله; "بصر عيني ، وسمع أذني" اختلفوا في ضبطه ، فروى على أنه فعل"بصر" (بفتح الباء وضم الصاد""وسمع" فعل. وروى"بصر ، وسمع" اسمان. يراد به; "أعلم هذا الكلام يقينًا ، أبصرت عيني النبي صلى الله عليه وسلم حين تكلم به ، وسمعته أذني فلا شك في علمي به" ، كما قال النووي في شرح مسلم 12; 220 ، 221.(50) الحديث; 8162- موسى بن جبير الأنصاري المدني; مضت ترجمته وتوثيقه في; 2941. عبد الله بن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري المدني; تابعي ثقة. ترجمه ابن أبي حاتم 2 / 2 / 96. ونقل الحافظ في التهذيب أن البخاري صرح بأنه"سمع عبد الله بن أنيس". عبد الله بن أنيس -بالتصغير- الجهني المدني ، حليف الأنصار; صحابي معروف ، مترجم في التهذيب ، والإصابة.وهذا الحديث من مسند عمر ، ومن مسند عبد الله بن أنيس ، لتصريح كل منهما بأنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولكن الإمام أحمد لم يذكره في مسند عمر ، وذكره في مسند عبد الله بن أنيس فقط.فرواه أحمد; 16131 (ج 3 ص 498 حلبي) ، عن هارون بن معروف ، عن عمرو بن الحارث - بهذا الإسناد. وكذلك رواه ابنه عبد الله بن أحمد ، عن هارون بن معروف.ورواه ابن ماجه; 1810 ، من طريق عبد الله بن وهب ، عن عمرو بن الحارث ، به. وقال البوصيري في زوائده; "في إسناده مقال ، لأن موسى بن جبير ذكره ابن حبان في الثقات وقال; إنه يخطئ. وقال الذهبي في الكاشف; ثقة ، ولم أر لغيرهما فيه كلامًا وعبد الله بن عبد الرحمن; ذكره ابن حبان في الثقات. وباقي رجاله ثقات". ونقله ابن كثير 2; 283 ، عن هذا الموضع من تفسير الطبري ، ثم نسبه أيضًا لابن ماجه ، ولم يزد! ففاته أن ينسبه للمسند ، وهو أهم.وذكره السيوطي في الجامع الصغير; 8882 ، ونسبه لأحمد ، والضياء المقدسي ، عن عبد الله بن أنيس فقط. وهو عنه وعن عمر ، كما بينا.(51) الحديث; 8163- سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي; مضيا في; 2255 يحيى بن سعيد الأنصاري النجاري; مضى مرارًا ، آخرها; 4809. وهذا إسناد صحيح ، رجاله رجال الصحيح. وسيأتي تخريج الحديث في الذي بعده.(52) الحديث; 8164- أحمد بن المغيرة ، شيخ الطبري; مضى في; 3473 أني لم أعرفه. وقد زادنا أبو جعفر هنا تعريفًا به ، فنسبه"الحمصي" ، وأن كنيته"أبو حميد". ولا يزال مع هذا غير معروف لنا. الربيع بن روح الحمصي ، أبو روح الحضرمي. ثقة ، روى عنه أيضًا أبو حاتم ، وقال; "وكان ثقة خيارًا". مترجم في التهذيب ، والكبير للبخاري 2 / 1 / 255 ، وابن أبي حاتم 1 / 2 / 461. ابن عياش; هو إسماعيل بن عياش الحمصي ، مضى توثيقه في; 5445.وهذا إسناد صحيح أيضًا ، لكن إسماعيل بن عياش لم يخرج له شيء في الصحيحين. والحديث في معنى الذي قبله ، أطول في اللفظ قليلا. وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3; 86 ، من حديث ابن عمر ، بنحو اللفظ السابق. وقال; "رواه البزار ، ورجاله رجال الصحيح".وذكره ابن كثير 2; 283 ، عن الرواية الماضية من الطبري. ثم قال; "ثم رواه من طريق عبيد الله ، عن نافع ، به. نحوه". ولم يروه أحمد في المسند في مسند عبد الله بن عمر ، ولكن رواه في مسند"سعد بن عبادة" ، من حديثه 5; 285 (حلبي) ، بنحوه -بإسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب ، عن سعد بن عبادة. وهو إسناد منقطع بين ابن المسيب وابن عبادة. فإن سعد بن عبادة توفي سنة 15 ، وقيل; سنة 11. وسعيد بن المسيب ولد سنة 15 ، فلم يدركه يقينًا. وكذلك ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد 3; 85 ، من حديث سعد بن عبادة. وقال; "رواه أحمد ، والبزار ، والطبراني في الكبير ، ورجاله ثقات ، إلا أن سعيد بن المسيب لم ير سعد بن عبادة".(53) في المطبوعة; "لها ثغاء" ، وأثبت ما في المخطوطة. قد سلف"اليعار" ص; 360 ، تعليق; 2.(54) الحديث; 8165- أبو كريب; هو محمد بن العلاء ، الحافظ الثقة. زيد بن حبان; هكذا ثبت في الطبري. وأكاد أجزم بأنه محرف. فليس في الرواة -فيما نعلم- إلا زيد بن حبان الرقى ، وهو قديم ، مات سنة 158. فلم يدركه أبو كريب المتوفي سنة 248. والراجح عندي أنه محرف عن"زيد بن الحباب العكلي" ، الذي يروي عنه كريب كثيرًا. وهو ثقة ، مضت ترجمته; 2185.عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد بن أبي عبيد; ثقة. قال أبو زرعة; "لا بأس به". وهو مترجم عند ابن أبي حاتم 2 / 2 / 224 ، باسم"عبد الرحمن بن الحارث بن أبي عبيد". فقصر في نسبه ، إذ حذف اسم جده الأدنى. وقد ثبت نسبه على الصواب في ترجمة جده في التهذيب. ولم أجد لعبد الرحمن هذا ترجمة غيرها. عبيد بن أبي عبيد الغفاري ، مولى بني رهم; تابعي ثقة. مترجم في التهذيب ، وابن أبي حاتم 2 / 2 / 411 ، وثقات ابن حبان ، ص; 269 (مخطوط مصور). وقد خلط ابن أبي حاتم في اسم حفيده"عبد الرحمن بن الحارث" فذكره في ترجمة جده ، في الرواة عنه ، باسم"عبد الرحمن بن عبيد بن الحارث". والحديث سيأتي عقبه بإسناد آخر.(55) الحديث; 8166- خالد بن مخلد; هو القطواني البجلي. مضت ترجمته في; 2206.وقوله"حدثني محمد" - هكذا ثبت في الطبري. وأكاد أجزم أنه خطأ ، زيادة من الناسخين. فإن"خالد بن مخلد" يروي عن"عبد الرحمن بن الحارث بن عبيد" مباشرة ، كما ثبت في ترجمة"عبد الرحمن" عند ابن أبي حاتم. وفيه; "سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن الحارث الذي يحدث عنه خالد بن مخلد القطواني".ولو كان هذا الراوي"محمد" ثابتا في الإسناد ، لبين نسبه أو نحو ذلك ، فإن اسم"محمد" أكثر الأسماء دورانًا ، فلا يذكر هكذا مجهلا ، دون قرينة ترشد عن شخصه. والحديث مكرر ما قبله.وقد مضى معناه من حديث أبي هريرة ، من رواية أبي زرعة بن عمرو بن جرير ، عنه; 8155 - 8157. وأما من هذا الوجه ، من رواية عبيد بن أبي عبيد ، عنه -; فإني لم أجده في موضع آخر.(56) "المخيط" (بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الياء); ما يخاط به ، كالإبرة ونحوها.(57) في المطبوعة والمخطوطة"يعني بذلك جل ثناؤه" ، والصواب يقتضي ما أثبت.(58) انظر تفسير"وفي" فيما سلف 6; 465 - وتفسير"كسب" فيما سلف ص; 327 ، تعليق; 2 ، والمراجع هناك.(59) الأثر; 8168- سيرة ابن هشام 3; 124 ، وهو تتمة الآثار التي آخرها; 8148 ، وفي المطبوعة; "معتدى عليه" ، وأثبت ما في المخطوطة ، وهو موافق لما في السيرة.
الغلول هو: الكتمان من الغنيمة، [والخيانة في كل مال يتولاه الإنسان] وهو محرم إجماعا، بل هو من الكبائر، كما تدل عليه هذه الآية الكريمة وغيرها من النصوص، فأخبر الله تعالى أنه ما ينبغي ولا يليق بنبي أن يغل، لأن الغلول -كما علمت- من أعظم الذنوب وأشر العيوب. وقد صان الله تعالى أنبياءه عن كل ما يدنسهم ويقدح فيهم، وجعلهم أفضل العالمين أخلاقا، وأطهرهم نفوسا، وأزكاهم وأطيبهم، ونزههم عن كل عيب، وجعلهم محل رسالته، ومعدن حكمته { الله أعلم حيث يجعل رسالته }. فبمجرد علم العبد بالواحد منهم، يجزم بسلامتهم من كل أمر يقدح فيهم، ولا يحتاج إلى دليل على ما قيل فيهم من أعدائهم، لأن معرفته بنبوتهم، مستلزم لدفع ذلك، ولذلك أتى بصيغة يمتنع معها وجود الفعل منهم، فقال: { وما كان لنبي أن يغل } أي: يمتنع ذلك ويستحيل على من اختارهم الله لنبوته. ثم ذكر الوعيد على من غل، فقال: { ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة } أي: يأت به حامله على ظهره، حيوانا كان أو متاعا، أو غير ذلك، ليعذب به يوم القيامة، { ثم توفى كل نفس ما كسبت } الغال وغيره، كل يوفى أجره ووزره على مقدار كسبه، { وهم لا يظلمون } أي: لا يزاد في سيئاتهم، ولا يهضمون شيئا من حسناتهم، وتأمل حسن هذا الاحتراز في هذه الآية الكريمة. لما ذكر عقوبة الغال، وأنه يأتي يوم القيامة بما غله، ولما أراد أن يذكر توفيته وجزاءه، وكان الاقتصار على الغال يوهم -بالمفهوم- أن غيره من أنواع العاملين قد لا يوفون -أتى بلفظ عام جامع له ولغيره.
(الواو) استئنافيّة
(ما) نافية
(كان) فعل ماض ناقص
(لنبيّ) جارّ ومجرور متعلّق بمحذوف خبر كان مقدم
(أن) حرف مصدريّ ونصبـ (يغلّ) مضارع منصوب، والفاعل هو.
والمصدر المؤوّلـ (أن يغلّ) في محلّ رفع اسم كان مؤخّر.
(الواو) عاطفة
(من) اسم شرط جازم مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(يغلل) مضارع مجزوم فعل الشرط والفاعل ضمير مستتر تقديره هو (يأت) مضارع مجزوم جواب الشرط وعلامة الجزم حذف حرف العلّة، والفاعل هو (الباء) حرف جرّ
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ جرّ متعلّق بـ (يأت) ،
(غلّ) فعل ماض مبنيّ ... والفاعل هو (يوم) ظرف زمان منصوب متعلّق بفعل يأت،
(القيامة) مضاف إليه مجرور
(ثمّ) حرف عطف
(توفّي) مضارع مبنيّ للمجهول مرفوع وعلامة الرفع الضمّة المقدّرة على الألف
(كلّ) نائب فاعل مرفوع
(نفس) مضاف إليه مجرور
(ما) اسم موصول مبنيّ في محلّ نصب مفعول به
(كسبت) فعل ماض ... والتاء للتأنيث، والفاعل ضمير مستتر تقديره هي
(الواو) حاليّة
(هم) ضمير منفصل مبنيّ في محلّ رفع مبتدأ
(لا) نافية
(يظلمون) مضارع مرفوع مبنيّ للمجهول ... والواو نائب فاعل.
جملة: «ما كان لنبيّ..» لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «يغلّ» لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) .
وجملة: «من يغلل» لا محلّ لها معطوفة على الاستئنافيّة.
وجملة: «يغلل» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(من) » .
وجملة: «يأت ... » لا محلّ لها من الإعراب جواب شرط جازم غير مقترنة بالفاء.
وجملة: «غلّ ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «توفّى كلّ ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة من يغلل » .
وجملة: «كسبت» لا محلّ لها صلة الموصولـ (ما) .
وجملة: «هم» لا يظلمون في محلّ نصب حال.
وجملة: «لا يظلمون» في محلّ رفع خبر المبتدأ
(هم) .
- القرآن الكريم - آل عمران٣ :١٦١
Ali 'Imran3:161