وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ
وَيَوۡمَ تَقُوۡمُ السَّاعَةُ يُبۡلِسُ الۡمُجۡرِمُوۡنَ
تفسير ميسر:
ويوم تقوم الساعة ييئس المجرمون من النجاة من العذاب، وتصيبهم الحَيْرة فتنقطع حجتهم.
قال تعالى "ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون" قال ابن عباس; ييأس المجرمون وقال مجاهد يفتضح المجرمون وفي رواية يكتب المجرمون.
ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي ( يبلس ) بفتح اللام ؛ والمعروف في اللغة ; أبلس الرجل إذا سكت وانقطعت حجته ، ولم يؤمل أن يكون له حجة . وقريب منه ; تحير ; كما قال العجاج ;يا صاح هل تعرف رسما مكرسا قال نعم أعرفه وأبلساوقد زعم بعض النحويين أن إبليس مشتق من هذا ، وأنه أبلس لأنه انقطعت حجته . النحاس ; ولو كان كما قال لوجب أن ينصرف ، وهو في القرآن غير منصرف . الزجاج ; المبلس الساكت المنقطع في حجته ، اليائس من أن يهتدي إليها .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ (12)يقول تعالى ذكره; ويوم تجيء الساعة التي فيها يفصل الله بين خلقه، وينشر فيها الموتى من قبورهم، فيحشرهم إلى موقف الحساب (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) يقول; ييأس الذين أشركوا بالله، واكتسبوا في الدنيا مساوئ الأعمال من كلّ شرّ، ويكتئبون ويتندمون، كما قال العجاج;يا صَاحِ هلْ تعْرِفُ رَسمًا مُكْرَساقـــالَ نَعَــمْ أعْرِفُــهُ وأبْلَســا (2)وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن عمرو، قال; ثنا أبو عاصم، قال; ثنا عيسى، وحدثني الحارث، قال; ثنا الحسن، قال; ثنا ورقاء، جميعا عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قوله; (يُبْلِسُ). قال; يكتئب.حدثنا بشر، قال; ثنا يزيد، قال; ثنا سعيد، عن قتادة قوله; (يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ) أي في النار.حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قول الله; ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ ) قال; المبلس; الذي قد نـزل به الشرّ، إذا أبلس الرجل، فقد نـزل به بلاء.----------------الهوامش ;(2) البيتان من الرجز للعجاج (ديوانه طبع ليبسج سنة 1903 ص 31) ومعاني القرآن للفراء (الورقة 247) و (مجاز القرآن لأبي عبيدة الورقة 186 - ب) قال أبو عبيدة في تفسير قوله تعالى; (ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون); أي يتندمون، ويكأبون وييأسون قال * "يا صاح ..." البيتان. وفي (اللسان; كرس); ورسم مكرس (اسم مفعول) ومكرس (اسم فاعل) وهو الذي قد بعرت فيه الإبل وبولت، فركب بعضه بعضًا. وقال في (بلس); أبلس الرجل; قطع به، عن ثعلب. وأبلس; سكت؛ وأبلس من رحمة الله; أي يئس وندم.
{ وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ } أي: يقوم الناس لرب العالمين ويردون القيامة عيانا، يومئذ { يُبْلِسُ الْمُجْرِمُونَ } أي: ييأسون من كل خير. وذلك أنهم ما قدموا لذلك اليوم إلا الإجرام وهي الذنوب، من كفر وشرك ومعاصي، فلما قدموا أسباب العقاب ولم يخلطوها بشيء من أسباب الثواب، أيسوا وأبلسوا وأفلسوا وضل عنهم ما كانوا يفترونه، من نفع شركائهم وأنهم يشفعون لهم.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة