الرسم العثمانيمُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلٰوةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ
الـرسـم الإمـلائـيمُنِيۡبِيۡنَ اِلَيۡهِ وَاتَّقُوۡهُ وَاَقِيۡمُوا الصَّلٰوةَ وَلَا تَكُوۡنُوۡا مِنَ الۡمُشۡرِكِيۡنَۙ
تفسير ميسر:
وكونوا راجعين إلى الله بالتوبة وإخلاص العمل له، واتقوه بفعل الأوامر واجتناب النواهي، وأقيموا الصلاة تامة بأركانها وواجباتها وشروطها، ولا تكونوا من المشركين مع الله غيره في العبادة.
قوله تعالى "منيبين إليه" قال ابن زيد وابن جريج أي راجعين إليه "واتقوه" أي خافوه وراقبوه "وأقيموا الصلاة" وهي الطاعة العظيمة "ولا تكونوا من المشركين" أي بل كونوا من الموحدين المخلصين له العبادة لا يريدون بها سواه. قال ابن جرير حدثني يحيى بن واضح حدثنا يونس عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي مريم قال مر عمر رضي الله عنه بمعاذ بن جبل فقال عمر ما قوام هذه الأمة؟ قال معاذ ثلاث وهن المنجيات; الإخلاص وهي الفطرة فطرة الله التي فطر الناس عليها والصلاة وهي الملة والطاعة وهي العصمة فقال عمر صدقت. حدثني يعقوب أنبأنا ابن علية أنبأنا أيوب عن أبي قلابة أن عمر رضي الله عنه قال لمعاذ ما قوام هذا الأمر؟ فذكر نحوه.
قوله تعالى ; منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركينقوله تعالى ; منيبين إليه اختلف في معناه ، فقيل ; راجعين إليه بالتوبة والإخلاص . وقال يحيى بن سلام والفراء ; مقبلين إليه . وقال عبد الرحمن بن زيد ; مطيعين له . وقيل تائبين إليه من الذنوب ; ومنه قول أبي قيس بن الأسلت ;فإن تابوا فإن بني سليم وقومهم هوازن قد أنابواوالمعنى واحد ; فإن ناب وتاب وثاب وآب معناه الرجوع . قال الماوردي ; وفي أصل الإنابة قولان ; أحدهما ; أن أصله القطع ; ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع ; فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عز وجل بالطاعة . الثاني ; أصله الرجوع ; مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد أخرى ; ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة . الجوهري ; وأناب إلى الله أقبل وتاب . والنوبة واحدة النوب ، تقول ; جاءت نوبتك ونيابتك ، وهم يتناوبون النوبة فيما بينهم في الماء وغيره . وانتصب على الحال . قال محمد بن يزيد ; لأن معنى ; أقم وجهك فأقيموا وجوهكم منيبين . وقال الفراء ; المعنى فأقم وجهك ومن معك منيبين . وقيل ; انتصب على القطع ; أي فأقم وجهك أنت وأمتك المنيبين إليه ; لأن الأمر له ، أمر لأمته ; فحسن أن يقول منيبين إليه ، وقد قال الله تعالى ; يا أيها النبي إذا طلقتم النساء . واتقوه أي خافوه وامتثلوا ما أمركم به . وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين بين أن العبادة لا تنفع إلا مع الإخلاص ; فلذلك قال ; ولا تكونوا من المشركين وقد مضى هذا مبينا في النساء والكهف وغيرهما .
القول في تأويل قوله تعالى ; مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَلا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31)يعني تعالى ذكره بقوله; (مُنِيِبِين إلَيْهِ) تائبين راجعين إلى الله مقبلين.كما حدثني يونس، قال; أخبرنا ابن وهب، قال; قال ابن زيد في قوله; (مُنِيبينَ إلَيْهِ) قال; المنيب إلى الله; المطيع لله، الذي أناب إلى طاعة الله وأمره، ورجع عن الأمور التي كان عليها قبل ذلك، كان القوم كفارا، فنـزعوا ورجعوا إلى الإسلام.وتأويل الكلام; فأقم وجهك يا محمد للدين حنيفا، منيبين إليه، إلى الله، فالمنيبون حال من الكاف التي في وجهك.فإن قال قائل; وكيف يكون حالا منها، والكاف كناية عن واحد، والمنيبون صفة لجماعة؟ قيل; لأن الأمر من الكاف كناية اسمه من الله في هذا الموضع أمر منه له ولأمته، فكأنه قيل له; فأقم وجهك أنت وأمتك للدين حنيفا لله، منيبين إليه.وقوله; (واتَّقُوهُ) يقول جلّ ثناؤه; وخافوا الله وراقبوه، أن تفرّطوا في طاعته، وتركبوا معصيته (وَلا تَكُونَوا مِنَ المُشْرِكِينَ) يقول; ولا تكونوا من أهل الشرك بالله بتضييعكم فرائضه، وركوبكم معاصيه، وخلافكم الدين الذي دعاكم إليه.
{ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ } وهذا تفسير لإقامة الوجه للدين، فإن الإنابة إنابة القلب وانجذاب دواعيه لمراضي اللّه تعالى.ويلزم من ذلك حمل البدن بمقتضى ما في القلب فشمل ذلك العبادات الظاهرة والباطنة، ولا يتم ذلك إلا بترك المعاصي الظاهرة والباطنة فلذلك قال: { وَاتَّقُوهُ } فهذا يشمل فعل المأمورات وترك المنهيات.وخص من المأمورات الصلاة لكونها تدعو إلى الإنابة والتقوى لقوله تعالى: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ } فهذا إعانتها على التقوى.ثم قال: { وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ } فهذا حثها على الإنابة. وخص من المنهيات أصلها والذي لا يقبل معه عمل وهو الشرك فقال: { وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } لكون الشرك مضادا للإنابة التي روحها الإخلاص من كل وجه.
ورد إعراب هذه الآية في آية سابقة
- القرآن الكريم - الروم٣٠ :٣١
Ar-Rum30:31