الرسم العثمانيالَّذِينَ ءَامَنُوا يُقٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقٰتِلُونَ فِى سَبِيلِ الطّٰغُوتِ فَقٰتِلُوٓا أَوْلِيَآءَ الشَّيْطٰنِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطٰنِ كَانَ ضَعِيفًا
الـرسـم الإمـلائـياَلَّذِيۡنَ اٰمَنُوۡا يُقَاتِلُوۡنَ فِىۡ سَبِيۡلِ اللّٰهِ ۚ وَالَّذِيۡنَ كَفَرُوۡا يُقَاتِلُوۡنَ فِىۡ سَبِيۡلِ الطَّاغُوۡتِ فَقَاتِلُوۡۤا اَوۡلِيَآءَ الشَّيۡطٰنِۚ اِنَّ كَيۡدَ الشَّيۡطٰنِ كَانَ ضَعِيۡفًا
تفسير ميسر:
الذين صدَقُوا في إيمانهم اعتقادًا وعملا يجاهدون في سبيل نصرة الحق وأهله، والذين كفروا يقاتلون في سبيل البغي والفساد في الأرض، فقاتلوا أيها المؤمنون أهل الكفر والشرك الذين يتولَّون الشيطان، ويطيعون أمره، إن تدبير الشيطان لأوليائه كان ضعيفًا.
ثم قال تعالى الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت أى المؤمنون يقاتلون في طاعة الله ورضوانه والكافرون يقاتلون في طاعة الشيطان ثم هيج تعالى المؤمنين على قتال أعدائه بقوله "فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيف.
قوله تعالى ; الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا[ ص; 242 ] قوله تعالى ; الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله أي في طاعته والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت قال أبو عبيدة والكسائي ; الطاغوت يذكر ويؤنث . قال أبو عبيد ; وإنما ذكر وأنث لأنهم كانوا يسمون الكاهن والكاهنة طاغوتا . قال ; حدثنا حجاج عن ابن جريج قال ; حدثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله وسئل عن الطاغوت التي كانوا يتحاكمون إليها فقال ; كانت في جهينة واحدة وفي أسلم واحدة ، وفي كل حي واحدة . قال أبو إسحاق ; الدليل على أنه الشيطان قوله عز وجل ; فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا أي مكره ومكر من اتبعه . ويقال ; أراد به يوم بدر حين قال للمشركين لا غالب لكم اليوم من الناس وإني جار لكم فلما تراءت الفئتان نكص على عقبيه وقال إني بريء منكم على ما يأتي .
القول في تأويل قوله ; الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)قال أبو جعفر; يعني تعالى ذكره; الذين صدقوا الله ورسوله، وأيقنوا بموعود الله لأهل الإيمان به =" يقاتلون في سبيل الله "، يقول; في طاعة الله ومنهاج دينه وشريعته التي شرعها لعباده (9) =" والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت "، يقول; والذين جحدوا وحدانية الله وكذبوا رسوله وما جاءهم به من عند ربهم =" يقاتلون في سبيل الطاغوت "، (10) يعني; في طاعة الشيطان وطريقه ومنهاجه الذي شرعه لأوليائه من أهل الكفر بالله. يقول الله، مقوِّيًا عزم المؤمنين به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومحرِّضهم على أعدائه وأعداء دينه من أهل الشرك به; " فقاتلوا " أيها المؤمنون، =" أولياء الشيطان "، يعني بذلك; الذين يتولَّونه ويطيعون أمره، في خلاف طاعة الله، والتكذيب به، وينصرونه (11) =" إن كيد الشيطان كان ضعيفًا "، يعني بكيده; ما كاد به المؤمنين، (12) من تحزيبه أولياءه من الكفار بالله على رسوله وأوليائه أهل الإيمان به. يقول; فلا تهابوا أولياء الشيطان، فإنما هم حزبه وأنصاره، وحزب الشيطان أهل وَهَن وضعف.* * *وإنما وصفهم جل ثناؤه بالضعف، لأنهم لا يقاتلون رجاء ثواب، ولا يتركون القتال خوف عقاب، وإنما يقاتلون حميّة أو حسدًا للمؤمنين على ما آتاهم الله من فضله. والمؤمنون يقاتل مَن قاتل منهم رجاء العظيم من ثواب الله، ويترك القتال إن تركه على خوف من وعيد الله في تركه، فهو يقاتل على بصيرة بما له عند الله إن قتل، وبما لَه من الغنيمة والظفر إن سلم. والكافر يقاتل على حذر من القتل، وإياس من معاد، فهو ذو ضعف وخوف.---------------------الهوامش ;(9) انظر تفسير"سبيل الله" فيما سلف من فهارس اللغة ، مادة (سبل).(10) انظر تفسير"الطاغوت" فيما سلف 3; 416- 420 / 8; 461- 465 ، 507- 513.(11) انظر تفسير"ولي" فيما سلف من فهارس اللغة.(12) انظر تفسير"الكيد" فيما سلف 7; 156.
هذا إخبار من الله بأن المؤمنين يقاتلون في سبيله { وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ } الذي هو الشيطان. في ضمن ذلك عدة فوائد: منها: أنه بحسب إيمان العبد يكون جهاده في سبيل الله، وإخلاصه ومتابعته. فالجهاد في سبيل الله من آثار الإيمان ومقتضياته ولوازمه، كما أن القتال في سبيل الطاغوت من شعب الكفر ومقتضياته. ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله ينبغي له ويحسن منه من الصبر والجلد ما لا يقوم به غيره، فإذا كان أولياء الشيطان يصبرون ويقاتلون وهم على باطل، فأهل الحق أولى بذلك، كما قال تعالى في هذا المعنى: { إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ } الآية. ومنها: أن الذي يقاتل في سبيل الله معتمد على ركن وثيق، وهو الحق، والتوكل على الله. فصاحب القوة والركن الوثيق يطلب منه من الصبر والثبات والنشاط ما لا يطلب ممن يقاتل عن الباطل، الذي لا حقيقة له ولا عاقبة حميدة. فلهذا قال تعالى: { فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا } والكيد: سلوك الطرق الخفية في ضرر العدو، فالشيطان وإن بلغ مَكْرُهُ مهما بلغ فإنه في غاية الضعف، الذي لا يقوم لأدنى شيء من الحق ولا لكيد الله لعباده المؤمنين.
(الذين) اسم موصول مبني في محل رفع مبتدأ
(آمنوا) فعل ماض مبني على الضم ... والواو فاعلـ (يقاتلون في سبيل الله) مثل تقاتلون في سبيل الله ،
(الواو) عاطفة
(الذين كفروا ... سبيل الطّاغوت) مثل المتقدمة
(الفاء) رابطة لجواب شرط مقدر
(قاتلوا) فعل أمر مبني على حذف النون ... والواو فاعلـ (أولياء) مفعول به منصوبـ (الشيطان) مضاف إليه مجرور
(إنّ) حرف مشبه بالفعلـ (كيد) اسم إنّ منصوبـ (الشيطان) مضاف إليه مجرور
(كان) فعل ماض ناقص، واسمه ضمير مستتر تقديره هو أي الكيد
(ضعيفا) خبر كان منصوب.
جملة «الذين آمنوا ... » لا محل لها استئنافية.
وجملة «آمنوا» لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة «يقاتلون ... » في محل رفع خبر المبتدأ
(الذين) الأول.
وجملة «الذين كفروا ... » لا محل لها معطوفة على الاستئنافية.
وجملة «كفروا ... » لا محل لها صلة الموصولـ (الذين) الثاني.
وجملة «يقاتلون»
(الثانية) في محل خبر المبتدأ
(الذين) الثاني.
وجملة «قاتلوا ... » في محل جزم جواب شرط مقدّر أي: إن كنتم مؤمنين فقاتلوا.
وجملة «إنّ كيد الشيطان ... » لا محل لها تعليلية.
وجملة «كان ضعيفا» في محل رفع خبر إنّ.
- القرآن الكريم - النساء٤ :٧٦
An-Nisa'4:76