الرسم العثمانيهُوَ الَّذِى خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا ۚ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفّٰى مِن قَبْلُ ۖ وَلِتَبْلُغُوٓا أَجَلًا مُّسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
الـرسـم الإمـلائـيهُوَ الَّذِىۡ خَلَقَكُمۡ مِّنۡ تُرَابٍ ثُمَّ مِنۡ نُّطۡفَةٍ ثُمَّ مِنۡ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخۡرِجُكُمۡ طِفۡلًا ثُمَّ لِتَبۡلُغُوۡۤا اَشُدَّكُمۡ ثُمَّ لِتَكُوۡنُوۡا شُيُوۡخًا ؕ وَمِنۡكُمۡ مَّنۡ يُّتَوَفّٰى مِنۡ قَبۡلُ وَلِتَبۡلُغُوۡۤا اَجَلًا مُّسَمًّى وَّلَعَلَّكُمۡ تَعۡقِلُوۡنَ
تفسير ميسر:
هو الله الذي خلق أباكم آدم من تراب، ثم أوجدكم من المنيِّ بقدرته، وبعد ذلك تنتقلون إلى طور الدم الغليظ الأحمر، ثم تجري عليكم أطوار متعددة في الأرحام، إلى أن تولدوا أطفالا صغارًا، ثم تقوى بِنْيَتُكم إلى أن تصيروا شيوخًا، ومنكم من يموت قبل ذلك، ولتبلغوا بهذه الأطوار المقدَّرة أجلا مسمى تنتهي عنده أعماركم، ولعلكم تعقلون حجج الله عليكم بذلك، وتتدبرون آياته، فتعرفون أنه لا إله غيره يفعل ذلك، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له.
في قوله جلت عظمته "هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا" أي هو الذي يقلبكم في هذه الأطوار كلها وحده لا شريك له وعن أمره وتدبيره وتقديره يكون ذلك كله" ومنكم من يتوفى من قبل" أي من قبل أن يوجد ويخرج إلى هذا العالم بل تسقطه أمه سقطا ومنهم من يتوفى صغيرا وشابا وكهلا قبل الشيخوخة كقوله تعالى "لنبين لكم ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى" وقال عز وجل ههنا "ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون" قال ابن جريج تتذكرون البعث.
قوله تعالى ; هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا أي أطفالا . وقد تقدم هذا . ثم لتبلغوا أشدكم وهي حالة اجتماع القوة وتمام العقل . وقد مضى في [ الأنعام ] بيانه .ثم لتكونوا شيوخا بضم الشين قراءة نافع وابن محيصن وحفص وهشام ويعقوب وأبي عمرو على الأصل ; لأنه جمع فعل ، نحو ; قلب وقلوب ورأس ورءوس . وقرأ الباقون بكسر الشين لمراعاة الياء ، وكلاهما جمع كثرة ، وفي العدد القليل أشياخ والأصل أشيخ ، مثل فلس وأفلس إلا أن الحركة في الياء ثقيلة . وقرئ " شيخا " على التوحيد ، كقوله ; طفلا والمعنى كل واحد منكم ، واقتصر على الواحد لأن الغرض بيان الجنس . وفي الصحاح ; جمع الشيخ شيوخ وأشياخ وشيخة وشيخان ومشيخة ومشايخ ومشيوخاء ، والمرأة شيخة . قال عبيد [ ابن الأبرص ] ; .كأنها شيخة رقوبوقد شاخ الرجل يشيخ شيخا بالتحريك على أصله وشيخوخة ، وأصل الياء متحركة فسكنت ; لأنه ليس في الكلام فعلول . وشيخ تشييخا أي ; شاخ . وشيخته دعوته شيخا للتبجيل . وتصغير الشيخ شييخ وشييخ أيضا بكسر الشين ولا تقل ; شويخ النحاس ; وإن اضطر شاعر جاز أن يقول أشيخ مثل عين وأعين إلا أنه حسن في عين ; لأنها مؤنثة . والشيخ من جاوز أربعين سنة .ومنكم من يتوفى من قبل قال مجاهد ; أي ; من قبل أن يكون شيخا ، أو من قبل هذه الأحوال إذا خرج سقطا . ولتبلغوا أجلا مسمى قال مجاهد ; الموت للكل . واللام لام العاقبة . ولعلكم تعقلون ذلك فتعلموا أن لا إله غيره .
القول في تأويل قوله تعالى ; هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (67)يقول تعالى ذكره آمرًا نبيه محمدا صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بتنبيه مشركي قومه على حججه عليهم في وحدانيته; قل يا محمد لقومك; أمرت أن أسلم لرب العالمين الذي صفته هذه الصفات. وهي أنه خلق أباكم آدم ( مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ ) خلقكم ( مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ) بعد أن كنتم نطفا( ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلا ) من بطون أمهاتكم صغارا,( ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ) , فتتكامل قواكم, ويتناهى شبابكم, وتمام خلقكم شيوخا( وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ ) أن يبلغ الشيخوخة ( وَلِتَبْلُغُوا أَجَلا مُسَمًّى ) يقول; ولتبلغوا ميقاتا مؤقتا لحياتكم, وأجلا محدودا لا تجاوزونه, ولا تتقدمون قبله ( وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) يقول; وكي تعقلوا حجج الله عليكما بذلك, وتتدبروا آياته فتعرفوا بها أنه لا إله غيره فعل ذلك.
ثم قرر هذا التوحيد، بأنه الخالق لكم والمطور لخلقتكم، فكما خلقكم وحده، فاعبدوه وحده فقال: { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } وذلك بخلقه لأصلكم وأبيكم آدم عليه السلام. { ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ } وهذا ابتداء خلق سائر النوع الإنساني، ما دام في بطن أمه، فنبه بالابتداء، على بقية الأطوار، من العلقة، فالمضغة، فالعظام، فنفخ الروح، { ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا } ثم هكذا تنتقلون في الخلقة الإلهية حتى تبلغوا أشدكم من قوة العقل والبدن، وجميع قواه الظاهرة والباطنة.{ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ } بلوغ الأشد { وَلِتَبْلُغُوا } بهذه الأطوار المقدرة { أَجَلًا مُسَمًّى } تنتهي عنده أعماركم. { وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ } أحوالكم، فتعلمون أن المطور لكم في هذه الأطوار كامل الاقتدار، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأنكم ناقصون من كل وجه.
(من تراب) متعلّق بـ (خلقكم) بحذف مضاف أي خلق أباكم
(ثمّ) حرف عطف في المواضع الخمسة
(من نطفة) متعلّق بما تعلّق به
(من تراب) فهو معطوف عليه، وكذلك
(من علقة) ،
(طفلا) حال من ضمير الخطابـ (اللام) للتعليلـ (تبلغوا) مضارع منصوب بأن مضمرة بعد اللام ومثله
(تكونوا) ...والمصدر المؤوّلـ (أن تبلغوا....) في محلّ جرّ باللام متعلّق بفعل محذوف تقديره يبقيكم.
والمصدر المؤوّلـ (أن تكونوا ... ) في محلّ جرّ باللام متعلّق بالفعل المحذوف فهو معطوف على المصدر الأول.
(الواو) عاطفة
(منكم) متعلّق بخبر مقدّم للمبتدأ المؤخّر
(من) ،
(قبل) اسم ظرفيّ مبنيّ على الضمّ في محلّ جرّ بـ (من) متعلّق بـ (يتوفّى) ،
(الواو) عاطفة
(لتبلغوا) مثل الأولـ (الواو) عاطفة ...والمصدر المؤوّلـ (أن تبلغوا ... ) في محلّ جر معطوف على تعليل مقدّر متعلّق بفعل محذوف تقديره فعل ذلك أي: فعل ذلك لتعيشوا ولتبلغوا ...جملة: «هو الذي ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «خلقكم ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذي) .
وجملة: «يخرجكم ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة الصلة.
وجملة: «تبلغوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر.
وجملة: «تكونوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر الثاني.
وجملة: «منكم من ... » لا محلّ لها معطوفة على جملة خلقكم.
وجملة: «تبلغوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر الثالث.
وجملة: «تبلغوا ... » لا محلّ لها صلة الموصول الحرفيّ
(أن) المضمر الثالث.
وجملة: «لعلّكم تعقلون» لا محلّ لها معطوفة على تعليل مستأنف مقدّر أي لعلّكم تعلمون ذلك ولعلّكم تعقلون.
وجملة: «تعقلون ... » في محلّ رفع خبر لعلّ.
- القرآن الكريم - غافر٤٠ :٦٧
Gafir40:67