وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَءَاتٰىهُمْ تَقْوٰىهُمْ
وَالَّذِيۡنَ اهۡتَدَوۡا زَادَهُمۡ هُدًى وَّاٰتٰٮهُمۡ تَقۡوٰٮهُمۡ
تفسير ميسر:
والذين اهتدوا لاتِّباع الحق زادهم الله هدى، فقوي بذلك هداهم، ووفقهم للتقوى، ويسَّرها لهم.
أي والذين قصدوا الهداية وفقهم الله تعالى لها فهداهم إليها وثبتهم عليها وزادهم منها "وآتاهم تقواهم" أي ألهمهم رشدهم.
والذين اهتدوا أي للإيمان زادهم الله هدى . وقيل ; زادهم النبي - صلى الله عليه وسلم - هدى . وقيل ; ما يستمعونه من القرآن هدى ، أي ; يتضاعف يقينهم . وقال الفراء ; زادهم إعراض المنافقين واستهزاؤهم هدى . وقيل ; زادهم نزول الناسخ هدى . وفي الهدى الذي زادهم أربعة أقاويل ; أحدها ; زادهم علما ، قاله الربيع بن أنس . الثاني ; أنهم علموا ما سمعوا وعملوا بما علموا ، قاله الضحاك . الثالث ; زادهم بصيرة في دينهم وتصديقا لنبيهم ، قاله الكلبي . الرابع ; شرح صدورهم بما هم عليه من الإيمان . وآتاهم تقواهم أي ألهمهم إياها . وقيل ; فيه خمسة أوجه ; أحدها ; آتاهم الخشية ، قاله الربيع . الثاني ; ثواب تقواهم في الآخرة ، قاله السدي . الثالث ; وفقهم للعمل الذي فرض عليهم ، قاله مقاتل . الرابع ; بين لهم ما يتقون ، قاله ابن زياد والسدي أيضا . الخامس ; أنه ترك المنسوخ والعمل بالناسخ ، قاله عطية . الماوردي ; ويحتمل . سادسا ; أنه ترك الرخص والأخذ بالعزائم . وقرئ ( وأعطاهم ) بدل وآتاهم وقال عكرمة ; هذه نزلت فيمن آمن من أهل الكتاب .
القول في تأويل قوله تعالى ; وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ (17)يقول تعالى ذكره; وأما الذين وفَّقهم الله لاتباع الحقّ, وشرح صدورهم للإيمان به وبرسوله من الذين استمعوا إليك يا محمد, فإن ما تلوته عليهم, وسمعوه منك ( زَادَهُمْ هُدًى ) يقول; زادهم الله بذلك إيمانا إلى إيمانهم, وبيانا لحقيقة ما جئتهم به من عند الله إلى البيان الذي كان عندهم. وقد ذُكر أن الذي تلا عليهم رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم من القرآن, فقال أهل النفاق منهم لأهل الإيمان, ماذا قال آنفا, وزاد الله أهل الهدى منهم هدى, كان بعض ما أنـزل الله من القرآن ينسخ بعض ما قد كان الحكم مضى به قبل.* ذكر من قال ذلك;حدثني محمد بن سعد, قال; ثنى أبي, قال; ثني عمي, قال; ثني أبي, عن أبيه, عن ابن عباس, قوله ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) قال; لما أنـزل الله القرآن آمنوا به, فكان هدى, فلما تبين الناسخ والمنسوخ زادهم هدى.وقوله ( وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) يقول تعالى ذكره; وأعطى الله هؤلاء المهتدين تقواهم, وذلك استعماله إياهم تقواهم إياه.
ثم بين حال المهتدين، فقال: { وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا } بالإيمان والانقياد، واتباع ما يرضي الله { زَادَهُمْ هُدًى } شكرا منه تعالى لهم على ذلك، { وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ } أي: وفقهم للخير، وحفظهم من الشر، فذكر للمهتدين جزاءين: العلم النافع، والعمل الصالح.
(الواو) استئنافيّة
(اهتدوا) ماض مبنيّ على الضمّ المقدّر على الألف المحذوفة لالتقاء الساكنين
(هدى) مفعول به ثان جملة: «الذين اهتدوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة.
وجملة: «اهتدوا ... » لا محلّ لها صلة الموصولـ (الذين) .
وجملة: «زادهم ... » في محلّ رفع خبر المبتدأ
(الذين) .
وجملة: «آتاهم ... » في محلّ رفع معطوفة على جملة زادهم.