الرسم العثمانيأَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَىْءٍ أَمْ هُمُ الْخٰلِقُونَ
الـرسـم الإمـلائـياَمۡ خُلِقُوۡا مِنۡ غَيۡرِ شَىۡءٍ اَمۡ هُمُ الۡخٰلِقُوۡنَؕ
تفسير ميسر:
أخُلِق هؤلاء المشركون من غير خالق لهم وموجد، أم هم الخالقون لأنفسهم؟ وكلا الأمرين باطل ومستحيل. وبهذا يتعيَّن أن الله سبحانه هو الذي خلقهم، وهو وحده الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له.
هذا المقام في إثبات الربوبية وتوحيد الألوهية فقال تعالى "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون" أي أوجدوا من غير موجد؟ أم هم أوجدوا أنفسهم أي لا هذا ولا هذا بل الله هو الذي خلقهم وأنشأهم بعد أن لم يكونوا شيئا مذكورا. قال البخاري حدثنا الحميدي حدثنا سفيان قال حدثني عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية "أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن ربك أم هم المسيطرون" كاد قلبي أن يطير وهذا الحديث مخرج في الصحيحين من طرق عن الزهري به وجبير بن مطعم كان قد قدم على النبي صلى الله عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسارى وكان إذ ذاك مشركا فكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام بعد ذلك.
قوله تعالى ; أم خلقوا من غير شيء " أم " صلة زائدة والتقدير ; أخلقوا من غير شيء . قال ابن عباس ; من غير رب خلقهم وقدرهم . وقيل ; من غير أم ولا أب ; فهم كالجماد لا يعقلون ولا تقوم لله عليهم حجة ، ليسوا كذلك ، أليس قد خلقوا من نطفة وعلقة ومضغة ؟ قاله ابن عطاء . وقال ابن كيسان ; أم خلقوا عبثا وتركوا سدى من غير شيء أي لغير شيء ف " من " بمعنى اللام .أم هم الخالقون أي ; أيقولون إنهم خلقوا أنفسهم فهم لا يأتمرون لأمر الله وهم لا يقولون ذلك ، وإذا أقروا أن ثم خالقا غيرهم فما الذي يمنعهم من الإقرار له بالعبادة دون الأصنام ، ومن الإقرار بأنه قادر على البعث .
القول في تأويل قوله تعالى ; أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35)يقول تعالى ذكره; أخلق هؤلاء المشركون من غير شيء, أي من غير آباء ولا أمَّهات, فهم كالجماد, لا يعقلون ولا يفهمون لله حجة, ولا يعتبرون له بعبرة, ولا يتعظون بموعظة. وقد قيل; إن معنى ذلك; أم خلقوا لغير شيء, كقول القائل; فعلت كذا وكذا من غير شيء, بمعنى; لغير شيء.وقوله; ( أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ ) يقول; أم هم الخالقون هذا الخلق, فهم لذلك لا يأتمرون لأمر الله, ولا ينتهون عما نهاهم عنه, لأن للخالق الأمر والنهي .
{ أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ } وهذا استدلال عليهم، بأمر لا يمكنهم فيه إلا التسليم للحق، أو الخروج عن موجب العقل والدين، وبيان ذلك: أنهم منكرون لتوحيد الله، مكذبون لرسوله، وذلك مستلزم لإنكار أن الله خلقهم.وقد تقرر في العقل مع الشرع، أن الأمر لا يخلو من أحد ثلاثة أمور:إما أنهم خلقوا من غير شيء أي: لا خالق خلقهم، بل وجدوا من غير إيجاد ولا موجد، وهذا عين المحال.أم هم الخالقون لأنفسهم، وهذا أيضا محال، فإنه لا يتصور أن يوجدوا أنفسهم فإذا بطل [هذان] الأمران، وبان استحالتهما، تعين [القسم الثالث] أن الله الذي خلقهم، وإذا تعين ذلك، علم أن الله تعالى هو المعبود وحده، الذي لا تنبغي العبادة ولا تصلح إلا له تعالى.
(أم خلقوا) مثل أم يقولون ، و (الواو) في(خلقوا) نائب الفاعلـ (من غير) متعلّق بـ (خلقوا) ،
(أم) مثل الأولى جملة: «خلقوا ... » لا محلّ لها استئنافيّة وجملة: «هم الخالقون» لا محلّ لها استئنافيّة
- القرآن الكريم - الطور٥٢ :٣٥
At-Tur52:35